|
|
 Re: ملخص ندوة الأستاذ عبدالله الفكى البشير . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
الأستاذ عبدالله الفكى :-
شكراً لهذا المركز العظيم الذى يقدم خدمة تنويرية تمثل غذاء روحى وفكرى فى لحظات جوع شديد للفكر والروح والثقافة , والمركز بحق يقوم بعمل عظيم وتنويرى .
الاستاذ محمود محمد طه فى مذكرات رصفائه , ورصفائه اقصد بهم انداده الذين نالوا التعليم الحديث فى اوائل القرن العشرين بعد انشاء كلية غردون والمعهد العلمى وكلية الخرطوم الحربية , وتدفقت طلائع المتعلمين من هذه المؤسسات ومن الذين درسوا فى (لبنان) و (مصر) وحضروا للشارع السودانى وقادوا النضال ضد الاستعمار والعمل لخدمة شعوب (السودان) الى نال استقلاله .
واقصد بتلاميذ الأستاذ اولئك الشباب فى ذلك الوقت والذين ناصروا الاستاذ بعد عام 1951 , ومعروف ان الاستاذ محمود فى ذلك العام قد انتقل بعمله ونشاطه فى الحزب الجمهورى من مرحلة ملء فراغ الحماس ضد المستعمر الى المرحلة الجديدة القائمة على طرح المشروع التجديدى للإسلام فى 1951 .
وكان الاستاذ (سعيد شايب) اول من كتب فى الصحف السودانية يسأل عن الاستاذ ورد عليه الاستاذ حيث كان فى ذلك الوقت فى الخلوة فى (رفاعة) , وهذه الرسالة اخذتها كتدشين لمرحلة التتلمذ على الاستاذ محمود .
المرحلة السابقة لـ 1951 وهى مرحلة 1945 حتى 1951 الذين كانوا مع الاستاذ محمود فيها كانوا رفقاء وهم ايضاً كانوا من طلائع المتعلمين , والتلاميذ كانوا من 1951 .
كتابة مذكرات تلاميذ الاستاذ (محمود) جاءت متأخرة , والنماذج التى سوف اتناولها من تلاميذ الاستاذ خمسة نماذج .
الجزء الثانى من العنوان لهذه الأمسية هو فى نقد مصادر الدراسات السودانية , وفى واقع الامر فان تناول اى طرف من اطراف مشروع الاستاذ محمود او من تلاميذه هو نقد لمصادر الدراسات السودانية , واى نقد لهذه المصادر هو نقد للعقل الثقافى السائد .
المذكرات تمثل مصدر تاريخى مهم لما يُسمى التاريخ السياسى , بصورة عامة فان موضوع المذكرات قد تمت دراستها فى السودان , على سبيل المثال نجد ان (محمد سعيد القدال) قد كتب دراسة حول بعض كتب السيرة الذاتية فى السودان ومدى قيمتها كمصادر لكتابة التاريخ وقدم هذه الورقة العلمية فى 1988 فى معهد الدراسات الافريقية والأسيوية , وقام بدراسة 11 نموذج من المذكرات السودانية وكان منها كتاب (بابكر بدرى) (حياتى) وهو ثلاثة اجزاء , ومنها كتاب او مذكرات السيد (عبدالرحمن المهدى) (جهاد فى سبيل الاستقلال) , ومذكرات (احمد خير) المحامى (كفاح جيل) , ومذكرات (محمد احمد المحجوب) , و (خضر حمد) , (سليمان كشة) , و (امين التوم) , و (عبدالماجد ابو حسبو) , و (حسن نجيلة) , وخرج منها بنتائج .
وأيضاً هناك دراسة أخرى لـ (مصطفى الصاوى) صدرت فى مجلة (كرامة) العدد الاول 2007 وكانت بعنوان (بانوراما التراجم والمذكرات والسير , مقدمة تعريفية) , وقام فيها بدراسة مذكرات (يوسف ميخائيل) والتى صدرت فى الربع الاخير من القرن التاسع عشر , وكذلك مذكرات (بشير حمد) .
بروفيسور (احمد ابو شوك) كتب مقدمة ضافية فى تحقيقه لكتاب (يوسف ميخائيل) عن التركية والمهدية والحكم الثنائى , (ابو شوك) يعتقد ان هذه اول مذكرات كُتبت فى السودان .
كتبت فى صحيفة (الاحداث) سابقاً عن الاستاذ (محمود) فى مذكرات معاصريه , وقمت باستبدالها بمذكرات رصفائه , ولفت انتباهى الباحث (ياسر عبيدى) انه قبل مذكرات (يوسف ميخائيل) كانت هناك مذكرات (يوسف اغا) وكانت فى منتصف القرن التاسع عشر , وهو بصدد ترجمة هذه المذكرات .
عندما نزلت طلائع المتعلمين الى الشارع , استهل عمل كتابة المذكرات (احمد خير) المحامى فى 1947 , وانا مهتم باللذين نالوا التعليم فى فترة الحكم البريطانى حيث ان استاذ (محمود) كان ميلاده فى 1909 على وجه التقريب , والنماذج التى قمت بدراستها هى لأشخاص ولدوا فى نفس الفترة ونالوا تعليمهم فى نفس الوقت , وهم (احمد خير) المحامى و(محمد احمد المحجوب) و(خضر حمد) و (عبدالماجد ابو حسبو) و (الأمين التوم) و (يحيى محمد عبد القادر) .
وهناك نماذج لبعض المذكرات لم تكن نماذج لدراستى لكنها كانت مُساعدة مثل مذكرات (محمد خير بدوى) وهو ليس من رصفاء الاستاذ , حيث وجدت عندهم اشياء استطعت بها تفكيك رموز بعض الاشياء .
قام الاستاذ (محمود) 1945 بانشأ الحزب الجمهورى , وقاد نضال وتم سجنه 50 يوم , وقاد نضال وتم سجنه لمدة عامين , وقد وجدت فى الدوريات مثل (الرأى العام) وفى (السودان الجديد) ان الاشارة للاستاذ (محمود) ولنضاله ضد الاستعمار ر وكفاحه , ونداءات الجماهير من الابيض وكسلا وعطبرة وسنار برقيات وأسئلة عن الاستاذ بشكل مدهش , وعندما وقفت على مذكرات القادة وجدت انه ليس هناك ذكر للأستاذ (محمود) وهو امر ازعجنى للغاية و وبدأت فى ربطه بواقع السودان فهل الساسة فى السودان هم الذين يسيرون بالسودان كل يوم من سيء الى اسوء ام ان الامر اكبر من هذا ؟ , فى واقع الحال ان المسألة اكبر من هذا , الاستاذ (محمود) وبنضاله وقد كان فى عام 1946 عضو فى الجبهة الاستقلالية وهى جبهة كان فيها عدد من الاحزاب السودانية والمثقفين , والجبهة الاستقلالية الثانية كانت فى 1955 وكان الاستاذ ايضاً عضو فيها , وكان للجبهتين دور قوى للغاية فى الاستقلال , وكذلك كان الاستاذ عضواً فى لجنة الدستور القومية 1956 مع من القادة والساسة والذين قمت بدراسة سيرهم او مذكراتهم , وأيضا الاستاذ محمود فى 1965 – 1968 كان عضواً فعالاً فى المؤتمر الوطنى للدفاع عن الديمقراطية , وكان هذا المؤتمر ينادى بحق الحزب الشيوعى فى ممارسة حقه الديمقراطى بعد طرده من الجمعية التأسيسية والأستاذ كان فاعل جداً فى هذا العمل .
ومن المحطات المهمة , 1968 كانت هناك محكمة الردة للأستاذ , وهى محكمة جديرة بالذكر وان يتم الكتابة عنها , (حسن مكى) فى جرده لسيرة الحركة الاسلامية قال انه قد قام بدراسة المثقفين الاسلاميين او الكُتاب بصورة عامة , وتحدث عن (منصور خالد) و (عون الشريف) وبعض المثقفين الآخرين وقال انهم لم يكتبوا مثل ما كتب الاستاذ (محمود) , وقال ان (محمود محمد طه) هو القلم المتميز الوحيد .
غير كتابة الكتب , كتب الاستاذ (محمود) فى الصحف فى الاربعينات والخمسينات , وكاد ان يكون له مقال يومى , وبهذا المنطق فهو شخص لا يُنسى لرصفائه , (محمد احمد المحجوب) رئيس وزراء السودان ومن الداعين للديمقراطية وهو قانونى وقاضى وهو شاعر , عند كتابة مذكراته لم يقوم بالإشارة للأستاذ (محمود) ولا حتى فى محطة واحدة من المحطات التى ذكرتها , علماً بان (المحجوب) قد تحدث عن نشأة الاحزاب والحزب الجمهورى من الاحزاب الباكرة ومع ذلك لم يذكره , (المحجوب) رجل قانونى وقاضى وفى 1968 كان رئيساً للوزراء ويعرف ما معنى محكمة الردة ومع ذلك لم ترد اشارة لهذه المحكمة فى مذكراته , والأستاذ (محمود) كان عضواً معه فى اللجنة الاستقلالية الاولى وكانت برئاسة (المحجوب) واستقال وتولى من بعده الرئاسة (محمد يوسف هاشم) , واللجنة الاستقلالية الثانية نشأت فى دار الجبهة المعادية للاستعمار 1955 بعد خطبة عصماء من (المحجوب) واقترح فيها تكوين الجبهة الاستقلالية ومن الاعضاء كان الاستاذ , فى تلك المحطات كان (المحجوب) على اجتماع دائم مع الاستاذ ولم ترد اشارة لذلك فى مذكراته .
انا لا اطلب من هؤلاء ان يذكروا الاستاذ , لا , ليس بالضرورة , لكن عندما يتقاطعوا معه فى الاحداث ويذكروا التفاصيل ويذكروا الآخرين , فمن حقنا ان نجده موجود ويتم ذكر اسمه .
عندما تم سجن الاستاذ فى الاربعينات كان (المحجوب) قاضى وانتقل من القضاء للمحاماة 1947 , وقد اقترح على اعضاء الحزب الجمهورى بعض من حولهم ان ياتوا بمحامى وذهبوا للمحجوب , وكان المحجوب هو المحامى للأستاذ محمود , وهو امر تمت الاشارة له فى مذكرات الاخرين وقام بزيارته فى سجن كوبر , ولم ترد اشارة لهذه الواقعة عند المحجوب .
(امين التوم) كذلك تحدث عن نشأة الاحزاب وذكر كل الاحزاب التى نشأت فى 1945 وكان من بينها احزاب صغيرة جداً عاشت لفترات قصيرة للغاية ولم يتم ذكر الحزب الجمهورى , و (التوم) فى نهاية الكتاب يتحدث عن ثناء ووفاء وذكر كل من نضال من اجل من الاستقلال ولك يكن من بينهم الاستاذ (محمود) .
(خضر حمد) بنفس المستوى تحدث عن نشأة كل الاحزاب ولم يرد ذكر الحزب الجمهورى , وفى محكمة الردة (خضر حمد) كان عضو مجلس السيادة ومع ذلك لم يذكر هذه المحكمة .
هذه ثلاثة نماذج اغفلت ذكر الاستاذ فى محطات كان واجب فيها الذكر , وكان بالضرورة ان تتم فيها الاشارة للأستاذ , وان يتم ذكر كل الاحزاب ولا يتم ذكر الحزب الجمهورى فان هذا عمل خطير .
ونجد نفس الامر فى مذكرات (عبدالماجد ابو حسبو) حيث لا يذكر الحزب الجمهورى كذلك , بل ان (ابو حسبو) فى عهد مايو كان وزيراً للاعلام والشئون الاجتماعية والعدل , وعلى الرغم من انه كان وزيراً للعدل لم ترد اشارة لمحكمة الردة فى مذكراته رغم انها سابقة خطيرة .
ايضاً نجد شيخ (على عبدالرحمن الامين) فى مذكراته ذكر نشأة الاحزاب الا الحزب الجمهورى ولم ترد الاشارة لمحكمة الردة 1968 , علماً انه كان وزيراً للعدل لأول حكومة وطنية .
الغريب ان يجتمع كل هؤلاء على عدم ذكر الاستاذ , ان يتفقوا ويتحالفوا دون اتفاق مكتوب بينهم , هذا الامر يجعلنا نتوقف عند مصادر الدراسات السودانية , وان نتوقف عند مسار السودان , وفى التهميش والظلم .
|
|
 
|
|
|
|
مركز الخاتم عدلان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست