|
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين (Re: Zomrawi Alweli)
|
هالة تحياتي و تقديري
أرجو أن تقرئي هذا المقال :
***
آلهة المنابر... ماسكو القوارير صلاح بن عيّاد العدد 28 - حزيران 2010 الحكاية وردت في كتب «تفسير الطبري» و«تفسير ابن كثير» والحاتمي، وفي أكثر من مرجع ديني، أن موسى أراد أن يعرف إذا ما كان الإله ينام، فسأل الملائكة عن ذلك، فما كانت الإجابة سوى اختبار يتمثّل في الآتي: على موسى أن يُمسك قارورتَين، واحدة في اليمنى والأخرى في اليسرى ثمّ يحاول أن يبقى مستيقظاً ما استطاع، حاول موسى ذلك لكنه سرعان ما غفا فسقطت القارورتان من يدَيه وكُسرتا، ولذلك عرف الإجابة: لو نام الإله لانكسر كل شيء. القارورتان هما استعارتان للأرض والسماء. أما القارورة المذكورة هنا لغة فهي تلك «الحوجلة» الصغيرة الواسعة الرأس - ربّما - كما ورد ذلك في كتاب «الصحاح في اللغة» للجوهري أو كما يقول الشاعر (بيتان نوردهما لإمتاع القارئ لا غير):
«ومدامة حمراء في قارورة
زرقاء تحملها يدٌ بيضاءُ
والراح شمس والحباب كواكب
والكفّ قطب والإناء سماءُ».
ليست الآلهة وحدها من لا تنام. وليست وحدها من تمسك بالقوارير، هناك نوع آخر من المتألّهين الذين يسهرون على قوارير شخصيّة من على المنابر الثقافية والإعلامية العربية. إنهم لا ينامون يتربّصون الكترونياً بما يُنشر من مواد وتعليقات. لا تنكسر قواريرهم ولا تتساقط إلا بتلك الغفوة الأبديّة... لكنها تنكسر في النهاية. المحرّرون الثقافيون يتشبهون ها هنا بالآلهة. آلهة لها سدنتها والمؤمنون بها، عبدتها والكافرون أيضاً. بعيداً سيشبهون شيوخ القبيلة. معنى ذلك أن موالين يُنشر لهم وصعاليكَ يعيشون وينامون في العراء. ثمّ سيشبه منبرهم قصر الخليفة أين لا ينجو سوى المادح، أما كاتبو الأغراض الأخرى فسوف ينوحون مع الحمامة في الزنازين. وستشبه منابرهم الثقافية المنابر الدينية في إصدارها للفتوى تلو الأخرى وللحكم تلو الآخر، اسألوا كتّابنا العرب ستجد من هو مغضوب عليه في ذاك المنبر أو ذاك، ومعنى هذا أن حـبره قـد أُبيح كما يُباح الدم. لهم في ذاك المنبر مآربهم ومنه «يهشّون على غنمهم» الشخصيّ. سوف تعرف من المنبر (الالكتروني خاصة) سكنات المحرّر - وآه لو يتحرّر - وحركاته، حركات تخصّ أحياناً أسفاره وباراته وفي أيّ بلاد هو وإلى أين سيتوجّه. وستعرف من المنبر ذاك مع من التقى منذ ليلة وبمن يلتقي غداً. الأمر يحتاج إلى نوع من الذكاء ودقّة القراءة لا غير.
في ذاك المنبر لا تُنشر مادّتك الأولى (ولو كنت اسماً محترماً ومعروفاً، ولا أقصد نفسي طبعاً)، تقول قد يكون العيب في المادّة، ولا تُنشر الثانية والثالثة... أنت إذاً مغضوب عليك. لأنك من بين أشياء أخرى كتبتَ ذات مرّة متناغماً مع عدوّ المحرّر! وفي ذاك المنبر لا يُنشر تعليقك، وكلّ التعليقات المنشورة تعليقات متملّقة ومسبّحة باسم المحرّر - ماسك القارورتَين - أنت لا تتملّق ولست تابعاً، أنت موضوعيّ لذلك ستتآكل نيرانك وسترتطم موادّك الحارّة بفيروسات الحاسوب وستذوي أغصانك.
من على ذاك المنبر يطلّ الربّ بقارورتَيه يطلق الحقيقة و«الصحيح» - هذه العبارة نضعها بين مزدوجتَين لأنها وردت في مقالة نشرها صاحب منبر في منبره، وهو يتحدّث عن الصحيح المطلق! - تكاد تصرخ في مكانك وتكاد تأخذك رعدة غياب النبل وتكاد تتهشّم كلمة إثر أخرى. ما للمحرّر الثقافيّ لا يستفيد من كلّ الكتابات الإنسانية التي تصله؟ لماذا هو المكتوب بالخطّ العريض في المكان الأقرب إلى العين؟ لماذا لا ينشر سوى لأسماء دون أخرى من ساحة دون أخرى؟ أنت لا تصدّق طبعاً ما يُحكى... أنت خائف من تصديق ذلك، لأنّ الثقافة رحبة وأجمل من أن تتحمّل ما تسمعه من المحنّكين.
سيبرق كل ما يصدر له من كتب، وسيوفّر لذلك كلّ ما استطاع من الأساليب الجديدة المتوافرة لأن يصل كتابه إلى أصقاع الدنيا. الخبر سيمرّ مكتوباً في تلك السطور التي توهمك بأهمّية الأمر. سيلمع الخبر وسيغطي على الأخبار الأخرى كلّها.
ماذا عندما تفتح جريدة في ورقها، أو على النت، فتجد كلمة «لا صدور» للركن الثقافيّ؟ ماذا حلّ بماسك القارورتَين؟ هل نام؟ وهل انكسرت قارورتاه؟ أمّا في المغرب من الوطن العربي (ولست متأكّداً من وجودها في الشق الآخر) فستجد سنَّة اسمها «عطلة الملحق الثقافي»، لن تقرأ مقالة ما وأنت على مشارف البحر الأبيض المتوسّط. هناك تعارض ما بين الموجة المقبلة على قدمَيك وبين مقالة أو قصيدة تصف تلك الموجة. ربّما لأن المحرّر الثقافي اختار عطلة الصيف واعتقدَ أن الكتّاب لا يكتبون في الصيف. الكتابة عناء. والمحرّر الثقافي بلا نائب ذلك أنه لا يستطيع تسليم قارورتَيه إلى غيره.
من على ذاك المنبر يقود خيطاً دقيقاً، ضجّة إن شاء أو خصومة، عداوة دعنا نقول ذلك. من على المنبر ذاك يصوغ اللعبة وقوانينها، وهي لعبة لم تكن يوماً عادلة ولا في مستوى الفضاء الرحب الذي تمنحه الثقافة للمشتغل عليها وفيها. ومن ذاك المنبر يتربّص بالمنابر الجديدة، كأن قارورتَيه لا تكفيانه فيطمح إلى مسك أكثر من ذلك. يطمح إلى مسك القارورة في معناها المطلق.
بين تلك المنابر تناغُم. ذاك يخدم ذاك. وذاك يذكر ذاك. الأمر يشبه الشيء المحلّق الذي يتجاوزك ويتجاوز ساحتك الثقافية الصعبة.
بين تلك المنابر خصومة ستُورَّث، سينقلها الجيل إلى الجيل كالخرافة الطفوليّة. أرباب يملكون كلّ الملائكة المعروفة، لهم من ينفخ في الصُّور ومن يقبض الأرواح ومن ينقل الوحي... إلخ. لا ندري إن كنّا هنا مبالغين قليلاً، لكن ما الذي يدفعنا إلى كتابة مثل هذا الكلام؟ إنها الحرقة، إنه التمزّق الذي ننعم به كل صباح ما إن فتحنا صفحاتنا المبجّلة (favoris) التي تحتوي على كل الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية الورقية أو الالكترونية. الأمر يزداد وضوحاً إذا كانت صفحاتنا المبجّلة تحتوي على الصحف العربية والأجنبية سنسقط لا محالة في نوع من المقارنة لا مجال للحديث فيه الآن. ليس لديك الحق في مناقشة أولئك، فهم على منابرهم وأنت في ركنك الضائع. هم أب وأنت ابن، ولم يسمح لك الجوّ العام ولا النسق أن تغادر العائلة في سن الثامنة عشرة. إنهم يحشرونك في سجن الجيل والزمن والبلد. إنهم لا ينتبهون سوى إلى الجعجعة المحيطة بهم.
هذا مشهدنا الثقافي ونحن من نكوّن نقاطه المتحرّكة وتفصيلاته، نحن المسؤولون عنه. تبّاً... كأني أكتب خطبة وداع رغم نعومة أظفاري، ورغم ألا علاقة لي بالخُطَب، لذلك أوقف هذه المادّة هنا.
سأعود
مع تحياتي
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-02-11, 11:29 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | محمد الجيلى | 01-02-11, 11:35 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-03-11, 05:58 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-02-11, 11:35 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | Zomrawi Alweli | 01-03-11, 06:57 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-03-11, 05:21 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-03-11, 06:32 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | almulaomar | 01-03-11, 07:28 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-03-11, 05:36 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-03-11, 05:40 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-03-11, 06:06 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | الطيب شيقوق | 01-03-11, 06:17 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 08:54 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | رانيه محمد الشيخ | 01-03-11, 06:22 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | أيمن التوم حسن | 01-03-11, 06:53 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | الطيب شيقوق | 01-03-11, 07:11 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:05 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:04 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | أبوبكر عبد القادر العاقب | 01-03-11, 07:12 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | عبدالعزيز الفاضلابى | 01-03-11, 09:07 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | يوسف السماني يوسف | 01-04-11, 08:27 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | محمد عبد الماجد الصايم | 01-04-11, 08:30 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:18 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | محمد عبد الماجد الصايم | 01-04-11, 09:28 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:40 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | tmbis | 01-04-11, 09:36 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-06-11, 03:54 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | يوسف السماني يوسف | 01-04-11, 10:34 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:16 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:09 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:06 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-04-11, 09:21 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | Zomrawi Alweli | 01-04-11, 09:54 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | ابو جهينة | 01-04-11, 12:59 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | الطيب شيقوق | 01-04-11, 02:56 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | عبدالعزيز الفاضلابى | 01-04-11, 10:44 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | munswor almophtah | 01-04-11, 11:19 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 01-07-11, 01:35 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | الامام الكيمني | 01-05-11, 09:19 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | آدم صيام | 04-01-11, 07:06 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | haroon diyab | 04-01-11, 09:52 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 04-02-11, 05:33 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | نوفل عبد الرحيم حسن | 04-02-11, 06:08 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | Sabri Elshareef | 08-27-11, 04:59 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | عبدالدين سلامه | 08-27-11, 05:29 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | هالة الأقرع | 03-27-12, 11:26 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | تبارك شيخ الدين جبريل | 03-28-12, 00:37 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | عزالدين عباس الفحل | 03-28-12, 09:59 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | بله محمد الفاضل | 03-28-12, 10:09 AM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | محمد قسم الله محمد | 06-19-12, 10:11 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | طارق جبريل | 06-19-12, 10:39 PM |
Re: مخاوف الكِتابة في سودانيــز أون لاين | اسعاد محمدانى | 06-19-12, 11:11 PM |
|
|
|