أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 10:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.منصور خالد
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-19-2004, 00:59 AM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع

    بروتوكولات نيفاشا ... البدايات والمآلات- المقال

    المقال التاسع (1-2)

    د. منصور خالد

    أبيي ... من الذي قطع الخيط؟


    قد يقول قائل بعد توقيع الحركة الشعبية والحكومة في السادس والعشرين من مايو 2004 على البروتوكول المتعلق بمنطقة أبيي فلتطوى الصفحة إذ ''قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان''. ولكن ثمة أسباباً ذاتية وموضوعية تحملني على القول أن لا تطوى الصفحة قبل استعلان الحقائق المقموعة. أقول هذا لأن أُذني لم تتعرض لتلويث سمعي بقدر ذلك الذي تعرضت له مما كان يردد حول هذه القضية خلال مفاوضات نيفاشا. ولئن تجاوز المرء الغلواء التي شابت مواقف عامة الناس من طرفي النزاع فلربما يفعل ذلك لأن القضية بالنسبة لكليهما قضية وجود. الذي لا يغتفر هو اندفاع بعض المعلقين في أجهزة الإعلام، وبعض السياسيين لإصدار أحكام فاصلة حول القضية اعتماداً على المعرفة السماعية، أو البينات الحكائية.anecdotal evidence لا تغتفر أيضاً ولا تجوز الانفعالات الجامحة التي صدرت ممن كان للناس فيهم رَجية، وبخاصة محص الأمور واستداد الأحكام. ولا عذر في الحالتين للخطئ، إذ ليس من بين كل القضايا التي دار حولها النقاش في نيفاشا قضية توفرت حولها الدراسات الأكاديمية، والبحوث العلمية، والوثائق الرسمية مثل قضية أبيي، وكلها في متناول اليد في مراكز التوثيق وعلى رأسها جامعة الخرطوم ودار الوثائق المركزية. لقد صورت الروايات المحكية القضية وكأنها واحدة من تاكتيكات الحركة لإعاقة السلام، أو أحبولة من أحابيلها لمد سلطانها للشمال، أو هي طماعية واشتهاء لبترول المنطقة الذي أخذ يتدفق. ولتأكيد تلك الدعاوى استنجد المعلقون ببروتوكول مشاكوس الذي حسم في ظنهم قضية الجنوب وأقر حدوده فيما كانت عليه حدود المديريات الجنوبية في 1/1/1956، وتلك، في ظنهم أيضاً، لا تشمل أبيي. فما هي حقيقة أبيي؟
    أبيي منطقة يختلف الطرفان في مساحتها، وتحدها شمالاً المناطق التي يسكنها المسيرية والنوبة، وجنوباً بحر العرب الذي يطلق عليه الدينكا اسم كيير. وتقع المنطقة، فيما يقول أهلها على بعد مائة ميل من مناطق استقرار المسيرية، وتفصل بين المنطقتين أرض جرداء. عدد السكان أيضاً فيه خلاف كبير، إذ يرفض الطرفان التقديرات التي بنيت على إحصاء 1955/1956 الذي حدد عدد السكان في ذلك التاريخ على الوجه التالي: 63000 مسيرية حُمر، 59000 مسيرية زرق، 30000 دينكا. ذلك الإحصاء بُني على عينات عشوائية وإن أخذناه معياراً فمن السهل تقدير عدد السكان الحالي على اعتبار أن معدل نمو السكان هو (28%). وعلى أي، لا يعني إحصاء السكان كثيراً اليوم بالنسبة للدينكا إذ أن الغالبية العظمى منهم تعيش بسبب الحرب خارج المنطقة (في الشمال والمناطق المجاورة في بحر الغزال كما في بقية الجنوب والملاجئ). وحسب تقديرات يونيسيف (حملات التطعيم ضد شلل الأطفال) لا يزيد الذين بقوا منهم في المناطق التي تسيطر عليها الحركة عن الخمسين ألفاً. الإحصائيات ليست بذات بال بالنسبة لهذا البحث حيث أن الإحصاء القومي المرتقب الذي سيُجرى بعد عودة أغلب النازحين إلى مناطقهم قد يحسم الأمر.
    بيد أن الأمر الذي أقلقني حقاً إبان التفاوض بشأن أبيي كان هو الجدل الساخن الذي التهب بين الطرفين حول آيالة المنطقة وملكيتها، وما كان أي منهما هَزَالاً في ذلك الجدل. يبعث على الاستهزاء في هذا النوع من المماحكة أن كلا الجماعتين (الدينكا والمسيرية) حديثو عهد نسبياً في المنطقة، فإلى حين حلول هاتين المجموعتين ـ أياً كان التاريخ الذي حلوا فيه ـ كان أهل المنطقة الأصليون هم النوبة والداجو ومجموعة ثالثة تسمى الشات يقال إن لها نسباً بالنوبة في الجبال وبالجور في بحر الغزال. والداجو أنفسهم وافدون إلى المنطقة هربوا إليها من دارفور بعد أن اجلاهم عنها سلاطين الكيرا، من بعد أن كانوا أهل سلطان في دارفور حتى القرن الخامس عشر. وللإداري البريطاني الباحث ك.د.د هندرسون بحث مستفيض حول تاريخ المسيرية وقصة نزوحهم إلى المنطقة التي يقطنون فيها الآن (السودان مذكرات ومدونات، العدد 23، 1939)، كما للانثربولوجي المعروف بول هاول بحث آخر مستفيض عن الدينكا والمسيرية نشره في نفس المصدر (العدد 32، 1951)، ولهاول خبرة مباشرة بالمنطقة إذ عمل فيها كمفتش مركز.
    على أي، يتكون دينكا أبيي من سبع شياخات من قبيلة الدينكا (يطلق على مجموعها دينكا انقوك œ ccNgok نزحوا إلى المنطقة من الجزء الشمالي في بحر الزراف بعد أن أجلاهم عنها النوير في صراعاتهم العديدة مع الدينكا حول الماشية والمراعي في تاريخ يختلف عليه المؤرخون. فحين يرجعه بعض إلى القرن الثامن عشر (1740) يرده آخرون إلى القرن التاسع عشر (1830). والانقوك فرع من قبيلة الدينكا الكبرى التي تمثل في مجموعها قرابة خمسة وثلاثين بالمائة من سكان الجنوب وتنشطر إلى بطون وأفخاذ مثل الاقار في رمبيك، والمالوال في اويل، والعالياب غرب النيل في بور، والتويج والرييق في بور بأعالي النيل وقوقريال ببحر الغزال. في الجانب الآخر، ينتمي المسيرية إلى جماعة أكبر هي البقارة وينقسمون، هم الآخرون، إلى فرعي الحُمر والزُرق، وينقسم هؤلاء، بدورهم إلى عموديات (الحُمر 7 والزُرق 6). وتقول المصادر التاريخية، بل ورواياتهم أنفسهم، أنهم وفدوا إلى المنطقة من وداي عند بحيرة تشاد التي انتقلوا إليها عبر فزان بعد هجرتهم الطويلة من الجزيرة العربية عبر البحر. ولكنهم سرعان ما تركوا المنطقة هرباً من الاتاوات الباهظة التي كان يفرضها سلاطين وداي وانتهوا إلى دارفور في عهد ملوك التُنجر وما زالت منهم مجموعات تعيش في تشاد ودارفور مثل عرب السلامات. مسيرة العرب النازحين غرباً لم توقفها إلا الجبال التي استنجد النوبة بقممها، كما انتهى الداجو إلى سفوح الجبال كرقيق أرض. والداجو ليسوا محاربين كالنوبة، أو رعاة كالعرب ولهذا لازموا الزراعة حتى أصبحوا القوة العاملة الأولى في مزارع القطن.
    هذا هو التاريخ الذي لا يختلف كثيراً عن تاريخ نزوح أغلب القبائل العربية للسودان واستقرارها حيث استقرت. ولكن الذي كان يقلق في الأمر هو تمادي الطرفين في اللجاجة حول أيهما سبق الآخر إلى المنطقة، حتى يصلا عبر الرد على ذلك السؤال إلى استنتاج يؤكد به كل واحد منهما حقه في الأرض أكثر من الآخر. ولو كانت مصائر الشعوب تقرر بمثل هذا التبسيط للأمور لتغيرت خريطة العالم، بل لو طبقنا نفس المعيار على القضية موضع البحث، وأدخلنا القبائل الأخرى في المعادلة، لاجلى النوبة والداجو كلا الجماعتين عن تلك الأرض. فالشعوب ـ في السودان وغيره ـ تهاجر من مكان إلى مكان وحيثما بقعة من بقاع الله ألقت فيها عصا التسيار ثم استقرت وعَمَرت وتناسلت في رحابها أصبحت تلك البقعة وطناً لها. فالذي وفد في القرن السابع عشر إلى سفوح جبال النوبة، كالذي جاء إليها في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر ليستقر فيها ويقيم يصبح بالتقادم وطول الأمد صاحب حق فيها.
    لم تكن العلاقة بين المجموعتين في بداهة الأمر، خاصة في فترة الحكم التركي، علاقة مريحة، إذ كان العرب يَستَرقون الدينكا إما لحسابهم (كرقيق أرض)، أو لحساب سلاطين الفور الذين كانوا يؤدون للحكم التركي ما عليهم من ضرائب وجبايات باهظة بالعبيد بدلاً عن المال. وكانت مناطق استقرار القبائل العربية في مبدئها نقاط الارتكاز لغزوات الرقيق. ولكن، لما يَمضِ زمان حتى أدرك الطرفان حاجتهما لبعضهما البعض، وبفضل ذلك الإدراك وحكمة قيادتيهما نمت بينهما علائق جديدة أساسها المصالح المشتركة. تلك العلاقة أنشأها في البدء الناظر اروب بيونق، كبير الدينكا مع كبير المسيرية، الناظر عزوزه حيث قررا التساند لإيقاف الحملات ضد بعضهما البعض. ويروي فرانسيس دينق كيف أدمى عزوزه واروب بيونق يديهما ومزجا دمهما تأكيداً للعلاقة التي أضحت، في تقديرهما، علاقة دم. وبعد عزل الإدارة البريطانية لعزوزه وايلاء السلطة لأحد ملازمي الخليفة، الشيخ علي الجلة، استمرت العلاقة. هذا أيضاً جزء من التاريخ.
    بارتحال المسيرية، وهم رعاة إبل، إلى تلك المنطقة تأقلموا على طبيعتها واستجابوا لظروفها فاستبدلوا الإبل بالأبقار لتصبح عماد الثراء ورمز القوة والجاهة. وكان لطبيعة الأرض أثر في تنسيل قطعان الماشية التي اقتنوها، وحسب ما روى ايان كينيسون العالم الاجتماعي وواحد من أهم الباحثين في شأن البقارة تتميز ابقار المسيرية بالقوة والقدرة على السير في أراضي القوز ولكنها لا تتحمل الأراضي الطينية مثل أبقار الدينكا (السودان مذكرات ومدونات فبراير 1954). لهذا أصبحت المنطقة التي تلتقي فيها الأراضي الطينية بالرملية هي المنطقة الطبيعية الفاصلة بين المجموعتين وهي أرض منبسطة رتيبة لا تحد من رتابتها إلا أشجار من الفصيلة السنطية. وكانت الإدارة البريطانية، بسبب ذلك التقسيم الطبيعي تلزم المسيرية بتعبيد الطريق عبر القوز شمالاً حتى مناطق إقامتهم الدائمة، في حين تلزم الدينكا بالعناية بالطريق إلى نهاية الأرض الطينية عند البحر أو الجرف كما يسميه المسيرية .
    في سعيهم وراء المرعى يرتحل المسيرية جنوباً في بداية فترة الجفاف (أكتوبر/نوفمبر) بعد قضاء فترة الخريف في بابنوسة ليلتقوا مع جموع الدينكا في بحر العرب (الكير). وبذلك يتنقل المسيرية في العام الواحد في أربع مناطق مختلفة المناخ والتربة والنبات: بابنوسة، المجلد، القوز. البحر (بحر العرب). من جانبهم يرتحل الدينكا شمالاً بعد موسم الحصاد في يناير ثم يقفلون راجعين جنوباً لينتهوا في مناطق الدينكا تويج وريك في (منطقة قوقريال) حتى شهر مايو. ورغم تنوع ضروب الترحال وتعددها كانت مسارات الرعي معروفة، كما كانت المداخل والمخارج إلى المنطقتين محددة ومتفقاً عليها. ولم يكن التحرك الموسمي في تلك المسارات طولياً بل دائرياً لا يشارك فيه كل السكان، فالنساء والأطفال والمسنون من الرجال يمكثون في تجمعات شبه مستقرة في حين يرتحل الشباب والرجال القادرون مع قطعان الماشية. وفي نهاية كل رحلة كان الزعماء وكبار القبيلتين يعقدون الندوات لمعالجة المشاكل التي تقع خلال الترحال، ما تعلق منها بأذى للحيوان أو اعتداء على البشر. في تلك الندوات تتم مجالس الصلح لتسوية الخلافات وفق أعراف سائدة مثل الدية في القتل، والتعويض عن الخسائر، ورد المسروق.
    من الجلي، إذن، أن المجموعتين ظلتا تتعايشان في وئام لم تكدره التجارب الأليمة في عهود غزوات الرق، وهي غزوات تعرضت لها كل القبائل غير العربية من القبائل المحادة لها في الشمال، فمن أين إذن جاء المشكل؟ أجاد الأكاديمي محمد عبد الرحيم محمد صالح، وهو أحد أبناء المنطقة، عندما كتب يقول ''الصراعات بين دينكا انقوك والمسيرية ليست حالة منعزلة لصراع إثني ولكنها ذات علاقة أوسع بطبيعة الدولة السودانية، وهياكل السلطة القومية، والتفاوت بين الأقاليم، وهيمنة مستعربة الشمال على القوميات الأخرى غير العربية. كما أن الصراع بين الانقوك والحُمر هو جزء من صراع الجنوبيين من أجل البقاء كمواطنين ذوي حقوق متساوية. لا يمكن أيضاً عزل الصراعات عن الذكريات القبيحة لحملات الخيالة الحُمر ضد قرى الدينكا ومعسكرات ماشيتهم في عهود الاسترقاق، أو عن سياسات الاستعمار في الثلاثينات حينما قُسم القطر إلى شمال وجنوب، أو فقدان الأنظمة الحاكمة في الخرطوم للحساسية'' (فصل عن الصراع بين دينكا أنقوك والحُمر في كتاب الصراع والانهيار: الرعوية في القرن الأفريقي، تحرير جون ماراكاكيس). هذا تلخيص جيد للمشكل، ويعنينا منه في هذا المقال الجانب المعاصر: الصراع بين الفريقين كرد فعل على التفاوت الإقليمي، وكنتيجة للضغوط على الموارد الطبيعية، ثم كمُحصل للسياسات القومية نحو المنطقة، بل ربما لفقدان أنظمة الحكم المتعاقبة في الخرطوم لأية حساسية سياسية تجاهها، إن لم يكن إسهامها في تعميق الأزمة. من جانب آخر نمكث قليلاً عند السياسات الاستعمارية تجاه المنطقة، خاصة تلك التي تتعلق بتبعيتها الإدارية. ومن الطريف أن المتفاوضين من الجانبين لم يجدوا مراجع يلجأون إليها أو يستدلون بها لإفحام الطرف الآخر غير تقارير الإدارة الاستعمارية.
    تقول تقارير الإدارة الاستعمارية أن منطقة أبيي وكل منطقة بحر العرب كانتا حتى عام 1905 جزءاً من بحر الغزال رغم أن المنطقة كانت منطقة رعي مشترك بين الدينكا والقبائل العربية. والمعروف أن الحكم الاستعماري بدأ الهجوم على بحر الغزال فور استيلائه على فاشودة حين تحركت الكتيبة (الفوج) الرابع عشر بقيادة الكولونيل سباركس باشا من مشرع الرق في يوم 12/12/1900 وانتهى بالسيطرة عليها بعد أربع سنوات بإقامة مركز كافيا كنجي والتمكن من ''دار فرتيت''.
    أياً كان الأمر، في عام 1905 ضُمت المنطقة التي يسكنها دينكا انقوك ومنطقة قوقريال (دينكا تويج وروينق) إلى كردفان وظل ذلك هو الحال حتى عام 1931 حين أجرى تعديل إداري أبقى أبيي (دينكا انقوك) في كردفان، وأعاد قوقريال (دينكا تويج) إلى بحر الغزال، كما ضم دينكا روينق إلى أعالي النيل. ما هي الدوافع لتلك الإجراءات؟ الأسباب إدارية بحتة حسبما أوردت التقارير الرسمية، فمثلاً، جاء في واحد من التقارير إن رحلة سلاطين الدينكا في منطقة أبيي أو قوقريال لاقرب مركز في بحر الغزال للشكاة ضد جيرانهم العرب كانت تستغرق ثلاثة وعشرين يوماً ولهذا رؤى ضمهم إلى كردفان (تقرير المخابرات رقم 127، فبراير 1905). وفي تقرير آخر جاء أن السلطان اروب الذي تقع منطقته على نهر كير (سلطان الانقوك) والسلطان ريحان (سلطان التويج) اشتكيا من غزوات عرب جنوب كردفان على منطقتيهما ولذلك أصبح من الحكمة وضع المنطقتين تحت سلطة نفس مدير المديرية الذي يمتد إشرافه على هؤلاء العرب (تقرير المخابرات 128، مارس 1905).
    وعندما قررت الإدارة الاستعمارية إعادة دينكا قوقريال في عام 1930 إلى بحر الغزال كان من رأي مدير كردفان، المستر بروك، أن يعود معهم اخوتهم دينكا انقوك (تقرير المخابرات 1927) إلا أن شيخهم السلطان كوال اروب آثر البقاء في كردفان. نتيجة لهذا الإصرار أصدر السكرتير الإداري، السير هارولد ماكما يكل قراراً بوضع حد إداري فاصل بين القبيلتين (من الشرق إلى الغرب) يتمثل في طريق نيامليل/سفاهة. ويدعي خصوم السلطان كوال من أهله الدينكا أنه لم يوثر البقاء في الشمال إلا ليصبح كبيراً للسلاطين paramount chief في منطقة يسيطر عليها بمفرده بدلاً من أن يذوب في مجموعات الدينكا الأخرى فيذوى سلطانه. خلال هذه الفترة منح ناظر الدينكا سلطة واسعة ولم يكن يخضع لكبير نظار المنطقة (ناظر عموم المسيرية عندما أنشئ ذلك المنصب). كما كانت المنطقة كلها تدار بواسطة مفتش غرب كردفان (النهود) وكان له مساعدان في دار مسيرية أحدهما في لقاوة والثاني في رجل الفولة في حين ظل ناظر الدينكا خاضعاً للإشراف المباشر لمفتش المركز، لا لهذين المساعدين. استمرت تلك الترتيبات حتى قبيل خروج الاستعمار حين تقرر انشاء مجلس ريفي للمنطقة (باعتبارها منطقة قبائل رحل تدار عن طريق مجلس ريفي لا مفتش مركز مثل المراكز الحضرية). أول مجلس ريفي للمنطقة أنشئ في مطلع العام 1954، وافتتحه الحاكم العام، السير روبرت هاو في يوم 14/1/1971، خطاب الحاكم العام الافتتاحي احتشد بالرموز إذ جاء فيه: ''أن هذا المجلس، في وجه ما، يشبه السودان بأعراقه المختلفة التي تتعايش جنباً إلى جنب: العرب، الدينكا، النوبة، الداجو. وحتى عهد قريب كان كل جزء يسير على طريقته أما الآن فعلى اختلاف أصواتكم وأعراقكم وأديانكم وتقاليدكم يضمكم مجلس واحد يعمل لأجل خيركم المشترك''. ''إن التسامح والصبر واحترام وجهة نظر الآخرين صفات مهمة وأنني لكبير الثقة إنكم ستحرصون على هذه الصفات''.
    افتتاح المجلس توفي السلطان كوال اروب وتولى الحكم بعده ابنه دينق ماجوك (والد فرانسيس دينق)، وكان له فضل كبير في تطوير المنطقة خاصة في ميدان التعليم وإدخال المنطقة في الاقتصادي النقدي. وقبيل الاستقلال (1952) عرض عليه مدير كردفان إعادة منطقته إلى بحر الغزال فرفض الرجل ظاناً أن بقاءه في الشمال سيوفر فرصاً أفضل لأبناء المنطقة من أجل التعليم والترقي الاجتماعي. ولكنه قبل اتخاذ القرار قام بجولة في بحر الغزال للتشاور مع إخوته السلاطين، وحسبما روى فرانسيس دينق كان هناك شبه إجماع من سلاطين بحر الغزال على أن يعود أهل أبيي إلى إخوتهم في بحر الغزال، ، بل أن بعضهم حذر من الاطمئنان المفرط في ''الجلابة''. رغم ذلك عقد الرجل العزم على البقاء في الشمال، ولعل للعلاقات الحميمة التي نشأت بينه وبين الناظر بابو نمر أثراً في ذلك. وكان البابو رجلاً عميق الغور، كثيف الحضور، حاضر البديهة. قرار الناظر لم يقابل بالرضا من شباب أبيي فأرسلوا وفداً منهم يضم اثنين من المتعلمين هما جستن دينق بيونق وعثمان كوج لينقلا نيابة عنهم عريضة إلى مركز رجل الفولة تطالب بعودة ابيي لبحر الغزال فالقي القبض على الشابين. قضية الشابين أصبحت مثار اهتمام الرأي العام الكردفاني لدرجة أنها شغلت جريدة كردفان لبضعة أيام إذ حسبوا العريضة بداية لـ ''تمرد انفصالي''. ولم يتم الإفراج عن الشابين إلا بعد توسط الناظر دينق ماجوك.
    ترى ما الذي صنعناه بعد الاستقلال لنولي الرعاية لهذه المنطقة التي كان من الممكن أن تصبح نموذجاً بديعاً للتفاعل بين الشمال والجنوب. فأبيي هي المنطقة الوحيدة في الشمال التي قررت مجموعة مقدرة من أهل الجنوب، بل ومن أكبر قبائله، البقاء فيها طوعاً والانصهار وسط أهلها. هي أيضاً منطقة حبى الله قياداتها الطبيعية بقدر كبير من الحكمة وظفتها للحد من التناشز وتكثيف التعاون. نعم، ما الذي فعلناه بعد الاستقلال في تطوير ما أسماه السير روبرت هاو عند افتتاح مجلس ريفي المسيرية ''العمل من أجل الخير المشترك'' بين العرب والدينكا والنوبة والداجو؟ هنا كانت بدايات المأساة والتي لا أجد وصفاً لها أدق مما قاله، مرة أخرى، الدكتور محمد عبد الرحيم. قال في الكتاب الذي سلفت الإشارة إليه: ''لو كان مسلك الأحزاب السياسية مسلكاً مسئولاً ووجد دينكا انقوك طريقهم إلى مسرح السياسة القومية لهلل الناس للناظر دينق ماجوك باعتباره أب التكامل القومي بين الشمال والجنوب. فبفلسفته السياسية كزعيم جنوبي آثر البقاء في الشمال كان أبعد نظراً من كل قيادات الشمال والجنوب في ذلك الوقت''. كان الناظر دينق يقول: ''أبيي هي الخيط الذي يربط بين الشمال والجنوب''. هل انقطع الخيط؟ وإن حدث هذا فمن الذي قطعه؟
    منذ الاستقلال توالت الأخطاء، فبالرغم من أن دينكا أبيي كانوا يمثلون مجموعة متجانسة وكان من الممكن أن يصبحوا دائرة انتخابية واحدة وزعت جموعهم على دائرتين بالشكل الذي حرمهم من التمثيل في البرلمان. ومنذ أول برلمان (مثل فيه الدائرة المشتركة السيد الفاضل محمود) وحتى آخر انتخابات عام 1986 لم يمثل المنطقة أي واحد من أبنائها، علماً أن اغلب الرعيل الأول من مثقفي الدينكا كانوا إما من بور أو أبيي. هذا الإقصاء (حتى وإن جاء بصورة غير مقصودة) كان له أثره النفسي على أبناء المنطقة، خاصة بعد أن رأوا من هم دونهم تعليماً من دينكا الجنوب يشقون طريقهم إلى مسرح السياسة القومية. المرة الأولى التي أصبح فيها للمنطقة نائب من أبنائها كانت في العام 1968 عندما استقال احمد دينق ماجوك، ابن الناظر، من وظيفته كضابط مجلس ليترشح في الدائرة نائباً عن حزب الأمة.
    في عهد عبود بدأت الأمور تأخذ منحنى آخر، خاصة بعد أن بدأ ذلك العهد حملات الإكراه الديني في الجنوب. فمن بين القرارات التي أصدرها النظام قراره بإغلاق مركز التبشير المسيحي (مركز مادينق) وإغلاق الكنيسة الوحيدة في المنطقة. ومن الغريب أن الدين لم يكن يشكل أية عقبة في التعامل بين العرب المسلمين والدينكا، ولا حتى بين الدينكا أنفسهم إذ كانت جموعهم تضم المسلم وغير المسلم، ويشمل هذا حتى أبناء الناظر دينق ماجوك إذ كان فيهم المسلم، وفيهم المسيحي، وفيهم من بقى على دياناته التقليدية. ومن المفارقات أن احمد دينق ماجوك، ابن الناظر لم يجد بين التنظيمات الشبابية تنظيماً يتجه طوعاً إليه غير الأخوان المسلمين. أو ترى ما تقود إليه رعونات السياسة؟ فما الذي كسبه الإسلام من إغلاق كنيسة في أبيي في الوقت الذي ما انفكت فيه نواقيس الكنائس تدق في العاصمة؟ منذ تلك اللحظة لم تعد النظرة لدينكا أبيي هي نظرة لمواطنين سودانيين ذوي أصل جنوبي وديانات مختلفة أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لمنطقة سودانية تقع في الشمال، وإنما كجنوبيين غير مسلمين ينبغي أن يتمسلموا، ومن لم يقبل الإكراه منهم ينظر إليه بعين الشك في ''دولة الشمال المسـلمة''، ثم امـتـدت الريـب حتــى للمسلم منهم.
    الأمر تجاوز الريب إلى الاستحقار عندما رفضت حكومة عبود اعتماد ناظر الدينكا كعضو في مجلس المديرية ممثلاً عن المنطقة. جاء هذا بعد واقعة غريبة هي انتخاب دينق ماجوك رئيساً لمجلس ريفي المسيرية، ربما لأسباب تتعلق بصراعات المسيرية الداخلية التي دفعت بعض شيوخها لاختيار ناظر الدينكا رئيساً للمجلس بدلاً من ناظر عموم المسيرية، الشيخ بابو. ورغم أن موقعه كرئيس للمجلس يؤهله لعضوية مجلس المديرية إلا أن الحاكم العسكري في الأبيض رفض اعتماد دينق ماجوك وأصر على أن لا يمثل المنطقة غير الشيخ بابو. موقف الحاكم العسكري دفع دينق ماجوك للانتقال بشكاته إلى الخرطوم يطالب بالنصفة. تلك الأزمة لم يعالجها إلا إداري قديم عمل دينق ماجوك تحت إمرته هو المرحوم احمد حسن الضو الذي أفلح، من موقعه كرئيس لديوان الرئاسة، في إقناع عبود باعتماد دينق ماجوك ممثلاً للمنطقة، وتعيين بابو نمر عضواً في المجلس بموجب السلطات التي تخول له ذلك التعيين.
    اتفاقية أديس أبابا 1972 كانت إيذاناً ببداية مرحلة جديدة لأبيي، وإن كان هناك من يظن أن الاتفاق على حدود جنوب السودان في ذلك الاتفاق قد أنهى المشكلة فعليه أن يعيد قراءة الاتفاق. وكما ذكرنا في مقال سابق فإن النص على حدود الإقليم الجنوبي يشير إلى الحدود التي كانت عليها المديريات الثلاث (أعالي النيل، بحر الغزال، الاستوائية) في يناير 1956 ويضيف إلى ذلك ''وأية مناطق أخرى تُعتبر ثقافياً أو جغرافياً جزءاً من الجنوب بموجب استفتاء عام. وإن كانت هناك مناطق ينطبق عليها ذلك الوصف فأبيي على رأسها. ولكن، دون إخلال بما جاء به الاتفاق، حرصنا منذ الوهلة الأولى على أن نجعل من أبيي مثالاً للتمازج بين الشمال والجنوب، وليس فقط منطقة تماس كما درجنا على القول. وهنا يجئ ما أسميته الدوافع الذاتية للاهتمام بقضية أبيي.
    لتحقيق الهدف الذي كنا نرمي إليه ابتدع الدكتور جعفر بخيت صيغاً ومؤسسات لتطوير المنطقة فكَوَن في البدء لجنة لإعداد برنامج لتطوير المنطقة ضمت كل الوزراء ذوي الشأن وانتدب لعضويتها الدكتور فرانسيس دينق، وكان وقتها سفيراً للسودان بالسويد. وكان من بين القرارات الأولى التي أصدرها تعيين تسعة إداريين تم انتدابهم من الجنوب للعمل في منطقة أبيي بموافقة ابيل الير، كما قام بتسمية أحد أبناء المنطقة، جستن دينق، نائباً للمحافظ، تلك القرارات لم تُرضِ الإداريين الشماليين فأطلقوا عليها وصف جنوبة أبيي، كما أثار الاهتمام الكبير بالمنطقة غيرة القبائل العربية، خاصة وقد تزامن ذلك الاهتمام مع برنامج تحديث مشروعات زراعة القطن في جبال النوبة والذي تمثل في إنشاء جمعيات زراعية تعاونية، وتوفير البذور المجانية للمزارعين، وإعادة تأهيل المحالج، وكان النوبة والداجو هم وحدهم المنتفعون.
    وفي إطار تحديث منطقة أبيي تبنى الدكتور فرانسيس دينق عقب اتفاق أديس أبابا مشروعاً للتنمية الشاملة للمنطقة بالتعاون مع معهد هارفرد للتنمية الدولية بدأ بإرسال بعثة استكشافية تضم مدير المعهد بروفيسور ليستر قوردون، ورئيس قسم الصحة بالمعهد، الدكتور ستيفن جوزيف. الخبيران الزائران قاما برحلة للمنطقة تبعها إرسال فريق متكامل ضم خبراء في الصحة العامة، التعليم، الزراعة، الانثروبولوجي، كما تأسست لجنة وزارية لمتابعة المشروع تحت اشراف وزير الدولة للزراعة، الدكتور حسين إدريس. ذلك المشروع الرائد لم يُكتب له النجاح بصورة رئيسة للأسباب السياسية التي سنورد. ولكن ثمة أسباباً أخرى أعاقت المشروع مثل غياب المعلومات، صعوبة الاتصالات، اختناقات النقل، تضارب الاختصاصات في نظام للسلطة المركزية فيه رأي، وللحكم الشعبي المحلي رأي، وللاتحاد الاشتراكي آراء، وقلما تتطابق تلك الآراء مع ما يريده أهل المنطقة. ثم هناك أهل المنطقة أنفسهم (العنصر الثقافي)، فقد كان من أكبر المصاعب التي قاسى منها فريق هارفرد إقناع الدينكا باستخدام الأبقار في جر المحاريث، فما لمثل هذا خلق الله البقر في عُرف الدينكا. وحول تضارب الاختصاصات أذكر اتفاقي مع د. فرانسيس دينق (وكنت وقتها برئاسة الجمهورية) على إضافة فقرة إلى خطاب الرئيس نميري في عيد الاستقلال بمدينة كادقلي يوجه فيها الأجهزة بالتنسيق فيما بينها في تنفيذ مشروعات التنمية بجنوب كردفان حتى تصبح التنمية في تلك المنطقة نموذجاً للتكامل القطاعي والإداري والإنساني والثقافي. وما يجعلني استعيد تلك الفقرة الإشارة الخاصة فيها لأبيي على هذا النحو: ''أبيي للسودان كالسودان لأفريقيا'' هذه العبارة تلخص نظرتنا للموضوع كله. أياً كان الأمر، انهار المشروع وصار أثراً بعد عين لهذا لم يجانب رتشارد كول مدير معهد هارفرد، وزميله رتشارد هنتنقتون الحقيقة عندما قالا إن مشكلة أبيي ''ليست مشكلة محلية ذات تداعيات قومية بل مشكلة قومية تُركت لتتقيح على المستوى المحلي''. وقد ألف الأستاذان كتاباً ضخماً حول تلك التجربة أصدره معهد هارفرد للتنمية الدولية في عام 1985 بالعنوان التالي: African Rural Development: Lessons from Abyei, 1985.
    من بين المشاكل ذات الطابع الإداري التي لم يكن يستحيل علاجها لو توفرت الإرادة السياسية الصادقة، تلك المتعلقة بإدارة النزاعات حول الموارد. هذه الصراعات زادت حدة في أواخر السبعينات لأسباب عدة منها تقلص المراعي بسبب الجفاف، مضاعفة قطعان الماشية نتيجة لتحسن الخدمات البيطرية إذ ارتفع عدد الماشية من مليون في نهاية الخمسينات إلى اثنين مليون ونصف المليون في نهاية السبعينيات، زحف الزراعة الآلية مما أدى إلى انتزاع بعض المراعي لتصبح مناطق زراعة، خاصة في المناطق شمال أبيي (لقاوة مثلاً). وكما أبنا في أكثر من موقع فإن الدولة، لا القبائل وزعاماتها، تتحمل النصيب الأكبر من المسئولية عن النزاعات لأنها إما شجعت التوسع الزراعي بأسلوب غير مخطط، أو عجزت عن إدارة الأزمة عند وقوعها لضعف آليات الإدارة التي استحدثتها كبديل لآليات التوسط التقليدية traditional mediation mechanisms. الآليات التقليدية هي الحكم الأهلي الذي ألغى بصدور قانون الحكم المحلي 1971 واستبدل بمجالس الحكم الشعبي المحلي. وفي الوقت الذي انتهت فيه الإدارة المحلية في الشمال بما في ذلك جنوب كردفان، ظلت باقية في جنوب السودان مما خلق حالة من عدم التوازي الإداري ليس فقط في المؤسسات، بل أيضاً في لغة التخاطب. وإن كان بين كل أقاليم السودان إقليماً واحداً لعبت فيه الإدارة المحلية الدور المركزي في الحفاظ على النسيج الاجتماعي والوئام بين القبائل لكان هو إقليم كردفان. صحيح أن الاستعمار جَهِد في الحفاظ على الهويات القبلية في ذلك الإقليم كأداة للتحكم الإداري فيها وذهب في ذلك مذهباً بعيداً (احمد إبراهيم أبو شوك: كردفان من القبائل للنظارات في كتاب Kordofan Invaded, Brill, 1990. إلا أن ذلك الإقليم بتنوع قبائله، وتضارب مصالح أهلها، واختلاف تضاريسه الجغرافية ما كان ليبقى متماسكاً لولا دور قياداته الطبيعية. وفي بحث الدكتور أبو شوك المشار إليه أعلاه تفصيل دقيق لما لحق بأداء الدولة نتيجة لإلغاء النخب الحاكمة في الخرطوم للإدارة الأهلية منذ أول قرار اتخذته حكومة أكتوبر بإلغاء الإدارة الأهلية، ثم تردد حكومة الديمقراطية الثانية في هذا الموضوع حيث كانت بين الكفر والإيمان، هي مع الإدارة الأهلية في الاجتماعات المغلقة مع زعماء القبائل، وضدها في الليالي السياسية، ثم جاءت قوانين نظام مايو التي أجهزت على المؤسسة تماماً. ففي كردفان، مثلاً، أبان كيف انخفض حجم الضرائب المُحَصلة (العشور والقطعان) عن طريق الإدارة الأهلية من 240000 و 338000 جنيهاً في سنتي 1963، 1964 على التوالي إلى 104251 في العام 1965 بعد إلغائها. ولا يقل أهميةً عن التدهور الذي لحق بتحصيل الضرائب موضوعُ إدارة النزاعات، ففي تقرير لحاكم كردفان، الفاتح بشارة (1984) زادت تلك النزاعات بعشرة أضعاف في الفترة 1971 - 1981 عما كانت عليه في الفترة التي سبقت منذ الاستقلال، مما حمل الحاكم على المطالبة كل بإعادة الإدارة الأهلية.
                  

العنوان الكاتب Date
أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع ahmed haneen08-19-04, 00:59 AM
  Re: أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع Yasir Elsharif08-19-04, 01:24 AM
  Re: أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع ahmed haneen08-19-04, 01:55 AM
    Re: أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع محمود الدقم08-19-04, 10:24 AM
  Re: أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع Yasir Elsharif08-19-04, 02:33 AM
  Re: أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع محمود الدقم08-19-04, 10:22 AM
  Re: أبيي ... من الذي قطع الخيط؟ ؟/ د منصور خالد_ المقال التاسع محمود الدقم08-19-04, 10:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de