|
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) (Re: حمور زيادة)
|
خاضت رحاب المجتبى في تفاصيل حياته و دقائقها . لم يترك حجرة أسرار لم يفتحها لها و يدعوها لدخولها . ما ترك حجراً في حياته لم يقلبه ليريها ما تحته . عاشت معه ماضيه فشاركته ذكرياته و شهدت ما فاتها فكأنها تلمسه و تسمعه و تشمه . كان يحدثها باندفاع كأنما انتظرها العمر كله ليبوح لها . كأنه ما عاش حياته الا ليدخرها للحظة السرد التي تحتضنهما . حزنت لأحزانه التي مرت عليها سنوات . فرحت لافراحه التي مضت منذ زمن . شجعته على عثرات تجاوزها قبل أن يلتقيا.
و حدثته هي عن والدها الطبيب و شقيقاتها الأربعة – اللائي يصغرنها – و شقيقها المدلل هنودي حبوب البيت كله . أهدته تفاصيلها و باحت له بأحلامها.
و سوياً تشاركا بناء غد يضمهما معاً . اتفقا على تفاصيل الزواج . اختلفا على عدد الأبناء . حلما بدخل مادي طيب يجنيانه سوياً من عملهما ، و ادخرا فكرة الاغتراب كمخزون احتياطي ان احبطتهما البلد .
أمرته بالصلاة و الصيام و قويم الأخلاق . و أولاها طاعة مستلذة ، و ان لم يعن بالحرص على التنفيذ . فنافقها غير خادش لحبه لها ، مؤمناً أن حبها أفضل ما حدث له في حياته . و كان كلما أوغل في درب الغزل و ذكر الهوى تشكمه رحاب بلطف بذكر الزواج و الحياة المشتركة.
ما أغضبها سوى مرتين . كانت الأولى حين تخبطا في زحام السوق العربي في وسط الخرطوم فابتلعهما طوفان المارة و الباعة و المتحرشين ، أمسك يدها ليجتازا فوضى البشر . و حين حاول الاحتفاظ بكفها الدافئ في يده بعد عبور المحيط البشري انتهرته . حاول أن يبرر فعله كأمر عادي لا غبار عليه ، لكنها كانت غاضبة بحق . قالت له : - لا أحب مثل هذه الأفعال . - لم أقصد ما يشين حبيبتي . رغبت فقط أن احتفظ بكفك لديّ فترة أطول. اني احب قربك . - هذا في حد ذاته مشين بما يكفي . أتراني أحسنت بك ظناً في غير موضعه ؟ جزع لقولها فهرع يقسم لها أنه ما قصد عيباً أو سوءاً . لكنها عادت تقول مؤكدة : - لا أحب مثل هذه الأفعال . أما المرة الثانية فكانت طامة لا يدري كيف أقدم عليها و لا كيف تجاوز زلزالها. كانا يجلسان في ركن قصي في الجامعة مع اقتراب المساء . ينزف عشقاً و لسانه لا يفتر عن ترديد هواه ، حين استفزه الشوق بوجعه فصارح رحاب بما في نفسه : - أشتهي أن أقبلك . لم تجب فظن منها القبول ، فمال نحوها و ألصق شفتيه بشفتيها منتظراً تجاوباً . لكنه ألفاها باردة ميتة . و حين أبعد وجهه لينظر اليها متعجباً دهمته نظرة الغضب في عينيها . مد كفه ليمسك بخدها مهدئاً لكنها صاحت في شراسة : - لا تلمسني . انتفضت قائمة و نظرت نحوه في توحش : - أنت ككل الرجال . لا فرق بينكم . و قبل أن تذهب حذرته قائلة : - هذا الفراق بيننا . حذار أن تحاول الاتصال بي أو محادثتي بعد اللحظة . هجرته لأيام تبدا فيها كالمجنون . صار هائماً محتاراً فاقداً اتزانه . بث مصابه الى صاحبيه فلامه راشد سعد ، على حين تحفظ عثمان سليمان على موقفها الذي وصفه بالمتعنت دون ان يصرح بلومها أو لومه . حاول محادثتها مراراً في الجامعة لكنها صدته على مرأى من الطلاب حتى نصحه راشد سعد أن يراعي سمعته. و تراكمت مكالماته في هاتفها ضمن قائمة المكالمات التي لم يرد عليها حتى جاوزت الألفين . و كاد يدركه اليأس و هو يتصل بها كما اعتاد و هاتفها يرن دون مجيب حين فوجئ بصوتها يأتيه بارداً خشناً . كانت أيام الهجر قد استكملت العشر. دهمته المفاجأة فتحدث بلا تفكير او ترتيب . لم يدر ما قال و لم يهتم بسماع اجاباتها . كان يفجر حمم اشتياقه و أسفه و حبه كيفما اتفق. بركان يشق طرقه بلا ضابط أو رقيب. استمرت المكالمة لأكثر من ساعتين صمتت هي فيهما بعد الدقائق الخمس الأولى اذ ايقنت أنه لا يسمعها . شرّق بحبه و غرّب بشوقه . حمله الندم الى عوالم بعيدة فتقطر حديثة ندى كدموع الزهر تعتذر للفراش . و حين أفرغ كل ما بداخله لم يكن قد تبقت في قواميسه سوى كلمة واحدة . نطقها بصوت متهدج و جسده يرتعش : - أحبك . ثم أغلق الخط قبل أن تغرق دموعه شبكة الاتصالات.
في الصباح التقيا في الجامعة . كان مهدماً فارغاً اذ بذل كل ما لديه في محادثة البارحة . لكنها ابتدرته قائلة : - لن تعود الى فعل ذلك مرة أخرى ؟! أقسم لها بحبه و جمال عينيها ، لكنها قالت : - اقسم لي بالله . أرضاها بقسم حار لم يضمر له حنث . غفرت له و جرى حبهما في قديم مجاريه كأنما ما توقف لحظة . و حين لحق بصاحبيه لمحا في أعطافه سرور طفل بصباحات العيد ، فعرفا أنه نال مغفرة معبودته .
.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 03:43 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 03:47 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 03:52 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 03:57 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 04:00 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 04:05 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 04:09 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 04:10 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | محمد الطيب يوسف | 03-15-09, 04:16 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 05:41 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 05:43 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 05:46 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 05:48 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 05:54 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 05:58 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-15-09, 06:01 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | عبدالرحمن فضل الكريم | 03-15-09, 08:00 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 01:55 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 01:57 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 01:59 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 02:02 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 02:03 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 02:05 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 02:07 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 02:10 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 08:19 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 03-16-09, 08:22 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 04-13-09, 10:16 PM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حامد محمد حامد | 04-14-09, 00:28 AM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حامد محمد حامد | 04-14-09, 03:11 PM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | حمور زيادة | 04-15-09, 07:38 PM |
Re: قال الهوى .. (فصول متفرقة من رواية) | lana mahdi | 04-15-09, 08:02 PM |
|
|
|