|
|
 Re: سلطنة عٌمان وداع السفير جمال الشيخ (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
كلمة الاستاذ/ الطاهر البيلي رئيس الجالية لمنطقة شمال الباطنة , في وداع سعادة السفير جمال الشيخ أحمد بمدينة صُحار
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير الانبياء واشرف المرسلين سيدنا محمد عليه افضل الصلاة وازكى التسليم .
ـ سعادة / جمال الشيخ أحمد عثمان سفير جمهورية السودان بسلطنة عمان
ـ السيدات والسادة أعضاء البعثة الدبلوماسية بالسفارة
ـ الأخوة والأخوات أعضاء فرع الجالية السودانية بمحافظة شمال الباطنة / صحار
ـ ضيوفنا الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أما قبل ...
يقولون أن لكل مقام مقال .. هكذا يقولون، وما علموا بأن من المقامات مايعجز عن احتوائه المقال .. ومقام اليوم مقام تتقزم فيه الكلمات وتقصر دونه قامات المعاني ويفتضح فيه عجز القائل وقصور المقال ... فنحن اليوم في مقام استثنائي .. أمام رجل استثنائي بكل المقاييس : جمال الشيخ أحمد عثمان... إبن حواء التي انجبت ... أطل على ربوعنا منذ سنوات أربع إطلالة المزن على القفر اليباب فأخضر به أمل ينبئ باشراق عهد جديد وقد كان ..
فتح المغلق، ووصل المنقطع ، وأعاد البسمة إلي الشفاه ...
مددنا له يدا فمد إلينا اثنتين ... تلتقيك ابتسامته فتحتويك قبل أن تحتويك ذراعاه ... جمال الشيخ أحمد .. كتاب مفتوح وباب مفتوح وقلب مفتوح وسع كل من ضاقت عنه داره الرحبة .
جمال الشيخ نمط فريد للسوداني الأصيل إبن البلد البسيط المتواضع ذلك السوداني القديم الذي كان .. والذي أبحث عنه بين ثيابي فلا أجد !!
أرى من فروض العين علينا أن نسجل له في قلوبنا حقا لايسقطه فرض الكفاية .. فقد منح كلا منا بلا استثناء حقه من الأحترام والتقدير .
تزور السفارة فتشعر بأنك في بيت السودان وتشعر بأن كل من فيها إنما جاءوا لخدمتك ولا تخرج إلا وانت راضيا.
تزوره في مكتبه فيلتقيك قائما عند بابه .. يحييك عناقا ويأخذ بيدك ويدخلك ويدنيك... لايجلس إلى مكتبه ولكنه يأتي ويجلس بجانبك حتي يتساوى المنكب بالمنكب .. من منكما السفير ومن الزائر ؟ لا أحد يدري!!!
يستضيفك ويحدثك حديث القلب للقلب ثم يأخذك للباب مودعا بما أستقبلك به من حفاوة . أي عظمة هذه ؟؟
تستفزه كلمة "السفير" المعلقة على باب مكتبه فيشير إليها ويقول لي بالحرف الواحد " هذه الكلمة انا بدخلا من هنا واطلعا من هنا ما بخليها تستقر جوه ومرات مابدخلا اصلا " ... ويشير إلى كرسي مكتبه ويقول : هذا الكرسي وتلك اللافتة ليست أنا هذه لكل سفير يجلس على هذا الكرسي .. أنا ما أسمي السفير أنا أسمي جمال الشيخ ... أي عظمة هذه ؟؟
إذن فهو جمال الشيخ ... هكذا سماه أبوه وهكذا يحب أن ينادى ومن اسمه ـ لا من منصبه ـ أستمد كينونته ومن تربيته وبيئته أستمد قوته وصلابته ومنهجه وفكره ولذلك فهو يتصرف بعفوية متناهية وتواضع جم ... يقول لي " أنا هنا في ناس درسوني وفي ناس كتيرين اعلم مني وأفهم مني واحسن مني إتكبر فوق كم ؟ " .. أي عظمة هذه ؟؟
تكبله قيود البروتوكول والمراسم كما تضايقه ربطة العنق فيبدأ في فكها وهو في طريقه إلى داره ويرمي بها على أقرب كرسي ليعود كما يريد أن يكون .. ويتنفس الصعداء برئتي جمال الشيخ أحمد لا برئتي السفير...
وفي داره يأتيك بسجادة الصلاة ويقودك إلى حيث تتوضأ ويأتيك بالشبشب يضعه تحت قدميك وعلى مائدته أنت رب المنزل وهو حاتم طائي ... أي عظمة هذه ؟؟
وهو في العيدين، باب مشرع، وقلب مشرع، وقدح مترع ... يكتظ بيته من صباح يوم العيد إلى مسائه بجموع السودانيين وهو بينهم زول سوداني لا تكاد تجزم إن كان ضيفا أم صاحب دار .. أي عظمة هذه ؟؟
لا يمر شهر رمضان الكريم إلا كان بيننا هنا في صحار يفترش معنا الأرض حيثما إتفق ... لا يبحث عن صدر المجلس ولكنه كان صدرا أينما جلس، والصدر صدر أينما جلس ... لم يكن يستأثر بزمام الحديث .. وكان يسمع أكثر مما يتحدث وإذا تحدث كان آخر المتحدثين وإذا تحدث أسمع واشبع وأقنع ...
رأيتموه هنا في إحتفالاتنا بأعياد الأستقلال مشاركا فاعلا، كان أبا وكان أخا، وكان صديقا، وكان سفيرا ... رجل إذا قال فعل، وإذا وعد صدق، وإذا أعطى أغدق ...
رأيتموه وهو يحمل أطفالنا ويداعب صغارنا ويكرم نساءنا ويدعم بسخاء أنشطة الجاليه ماديا ومعنويا .... ولا يفوتني هنا أن انتهز هذه السانحة لأنقل له شكر وعرفان أمانتي الأنشطة الإجتماعية والثقافية والمرأة والطفل بصورة خاصة على بادرة لعلها الأولى في تاريخ السفارة وقد أصبحت تمد يدها لتعطي بعد أن ظلت عقودا متتاليه تمد يدها لتأخذ ...
رأيناه في أكثر من موقف من مواقف الحزم والحسم فكان حازما في لين وحاسما في قوة وصلابة .... وعلى مدار سنوات اربع ظل ممسكا بشعرة معاوية بينه وبين كل السودانيين لم تنقطع يوما ولم توشك ....
وله مواقف أخرى كثيرة لا أريد أن افشي لها سرا أخفته يمناه عن يسراه بما الله به عليم , نسأل الله أن يثبت له أجره ...
وعهدناه يسأل عن غائبنا ويعود مريضنا ويهنئ ويعزي ويواسي ويعتذر ...
أما بعد ...
إخوتي أخواتي الكرام لا أعتقد أن بينكم شخصا" يرى في الرجل غير ما رأيت فلا عجب إذن أن نتفق جميعا على أن جمال الشيخ أحمد نمط إستثنائي يستوجب أن نفسح له في قلوبنا متكأ وثيرا فيه يرتاح من عناء سنواته الأربع .....
أنا شخصيا" وبعد أكثر من اربعين عاما" من الغربة والترحال في بلاد الله الواسعة والتعامل مع السفارات والسفراء ولأول مرة أجد تعريفا" دقيقا" لكلمة "سفير" باللغة العربية ... جمال الشيخ أحمد عثمان .
أخي جمال .. لو كان الأمر بيدنا لجعلنا من وداعك فرض عين على كل سوداني وسودانية بسلطنة عمان ولكن للظروف حكمها فأقبل منا ما أستطعنا من فرض الكفايه .. واعلم أنك في قلب كل غائب وحاضر ...
ولو كان الأمر بيدنا ماتركناك تغادر ولكنها سنة الحياة فأذهب على بركة الله .. تحفك عنايته وتحرسك رعايته.... وليفتح السودان ذراعيه لابنه العائد ... ونحن من ورائك شهود : " نشهد بالله العظيم بأنك قد كنت للسودان ابنا بارا، أديت امانته، وحفظت عهده ورفعــت في المحافل ذكره ...
أخي جمال ستغادرنا إلى السودان بسعادات ثلاث .. سعادة جمال الشيخ أحمد وسعادتك بعودتك إلى أرض الوطن وسعادتنا التي اخذتها معك ...
أما نحن هنا فدعنا نبتهل إلى الله ضارعين بأن يخلف علينا بمن نرى فيه ما رأينا فيك متمثلين بالمقولة السودانية المتفائلة " حوا والده ... !!
أماه رجوناك !! حواه رجوناك !!
رباه دعوناك فأستجب ...
دعوناك فأستجب ...
دعوناك فأستجب ...
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
حيدر امين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست