السلطة تبدأ اجراءات تدمير المناطق النوبية بالشروع فى بناء خزان كجبار

Quote: Bruce Williams( (من شيكاغو) و Tim Kendell ( بوسطن/روما) يتحدثون عن أخطاء جسيمة صاحبت تجربة سد مروي وال (كلفتة) التي كانت سمة بارزة في هذه التجربة ....خبراء آخرين (ألمان) لهم تجاربهم وأبحاثهم عن سد مروي تحدثوا إلينا أيضا – خارج أروقة الاجتماع- مشيرين الى أن دراسة الجدوى التي اعتمد عليها قرار بناء سد مروي أجرتها شركة المقاولات المنفذة للمشروع وهذا يتعارض تماما مع القوانين السارية التي تحكم تنفيذ مثل هذه المشاريع ( الرأي هنا للخبراء وليس لمعد التقرير).لعل مثل هذه الآراء يتم التعبير عنها في سياق الدعوة لتفادي وقوع ذات الأخطاء والتجاوزات لدى بناء سدود المستقبل ومنها كجبار. إحدى السيدات أشارت في تعقيب لها الى أنه فيما اذا فكرنا في المشاركة في عمليات الانقاذ فكيف لنا أن نتوقع نجاح مهمتنا اذا لم يتعاون معنا سكان المناطق المتأثرة...لعل هذا حديث آخر بشأن التساؤل عن رفض السكان لإقامة السدود وتأثير ذلك على حظوظ شركات الإنقاذ في انجاز مهامها. مدير متحف برلين (.........) قال لنا إن معظم بعثات الآثار العالمية أوقفت نشاطها في مصر واتجهت نحو السودان وكذلك أشار أحد المتداخلين في المناقشة أن الكثيرين منهم لا يمكنهم الآن العمل في دول مثل ايران والعراق وسوريا ومن الطبيعي أن يتجهوا نحو السودان فلماذا يا أصحاب القرار في السودان تحرموا بلادنا من اسهام كل هذه البعثات التنقيبية في اكتشاف تاريخ بلادنا والاستفادة من خبراتها المتراكمة ولم اللجوء الى بناء السدود التي من شأنها اغراق الآثار التاريخية التي تمثل مصدر كل هذا النشاط؟ هناك تساؤلات أخرى طرحها البعض حول: من يتحمل تكاليف عمليات الانقاذ وعما اذا كانت الصين التى تشارك في بناء بعض هذه السدود ستقوم بتحمل بعض هذه التكاليف....وماذا عن دور هيئة اليونسكو ؟...حول ذلك يقول الدكتور عبدالرحمن علي أنهم بصدد تبني حملة ( Appeal ) لحماية التراث الثقافي علما بأن اليونسكو قد وعدتهم بدراسة امكانية توفير التمويل اللازم لمواجهة ا لآثار البيئية. كذلك كرر الدكتور عبدالرحمن الحديث عن حرص الدولة على التوصل لتسوية( أسماها هكذا - Compromise ) مع المواطنين قبل الشروع العملي في بناء السدود. أما السيد صلاح محمد أحمد فقد قال: نحن هنا اليوم لأن الحكومة شرعت في تنفيذ المشاريع ولكنه استدرك قائلا: أما بالنسبة لكجبار فأنا شخصيا لا أريد لهذا السد أن يقوم ولكنهم سيقومون بالتنفيذ اذا كان ذلك هو القرار الاستراتيجي الذي ستتخذه الدولة بعد وضع كل العوامل الأخرى في الاعتبار...ومع ذلك لن يقوم السد اذا لم يوافق المواطنون على ذلك. ذات الحديث ردده أيضا السيد معاوية صالح من وحدة تنفيذ السدود!!! آخر، لعله ألماني ويبدو أنه ممثل لإحدى بعثات التنقيب تساءل عن امكانية الاستفادة من انشاء هيئة استشارية علمية " Scientific Advisory Board " مهمته تزويدنا بالمعلومات الفنية المطلوبة حيث أشار الى انهم يحتاجون الى خدمات معلوماتية دون اللجوء الى بحث مضني ومرهق في مواقع الانترنيت وغيرها وبتعبير آخر فهو يرى أن عبء العمل الفني الخاص بالحصول على المعلومات الفنية وغيرها يجب أن يطلع به الجانب السوداني بدلا من البعثات نفسها التي يجب عليها أن تعفى من بذل جهد كبير في الحصول على المعلومات أما بروفيسور سنكلير (النرويج) فقد أعلن أنهم سينقلون تفاصيل ما دار في هذا الاجتماع لزملائهم لاتخاذ ما يرونه من قرار على ضوء ذلك. خاتمة أكتفي بهذا القدر وقد تفاديت قدر المستطاع ابداء وجهة نظري الشخصية مفضلا التركيز على سرد وقائع ما دار من مداولات في الاجتماع المذكور غير أن ذلك يجب ألا يمنعني من القول بل والتأكيد على أنني شخصيا قد خرجت بانطباع عام لا يساوره الشك بأن كل مجتمع الآثار الدولي يقف متعاطفا كل التعاطف ضد فكرة بناء سد كجبار تحديدا لاسيما وأن المعلومات المتعلقة بآثار المنطقة وأهميتها التاريخية والثقافية التي تكتسبها من حقيقة ارتباطها بالحضارة النوبية ذات الألق والصيت متوفرة لديهم بالقدر الكافي وذلك خلافا لمواقع السدود الأخرى خارج المنطقة النوبية والتي لا تتوفر للمجتمع الدولي الكثير من المعلومات الخاصة بما يتوفر فيها من آثار تاريخية. لقد جاء التعبير عن ذلك بصورة مباشرة على النحو الذي تضمنته وعكسته التساؤلات والتعقيبات العديدة التي لم تجد في تقديري اجابات شافية من شأنها دفع الرأي العام العالمي للاقتناع بجدوى اللجوء لهذه السدود كخيارات مثلى لتوليد الطاقة. إن كثرة الأسئلة المتعلقة بأسباب عدم اللجوء الى الطاقات البديلة وغياب التشاور مع المتأثرين والقناعة المطلقة بأن التحديات والصعوبات الناجمة من تشييد هذه السدود إنما هي أكبر بما لا يقارن بالمردود منها...كل هذه العوامل كانت في تقديري كافية لصرف أنظار خبراء الآثار من المهمة الأساسية التي تمت دعوتهم لإنجازها وهي الاتفاق على استراتيجية محددة لإنقاذ الآثار المهددة من جراء السدود المقترحة. ومع ذلك يمكننا القول إن هدف السلطات في الخرطوم من تنظيم مثل هذه اللقاءات لا يخرج عن كونه من قبيل ممارسة العلاقات العامة فهل كان من الممكن عمليا اتخاذ قرارات من واقع مناقشات لم تستغرق أكثر من ساعة واحدة؟؟ ثم هناك أيضا تساؤل آخر ربما لم يجد الحضور وقتا كافيا لإثارته وهو: ماذا تم بشأن انقاذ آثار المناطق التي غرقت في منطقة مروي بسبب السد وقد عملت لجان الإنقاذ طيلة الفترة 2003-2009؟ الإجابة حسب مصادري الخاصة تقول"لاشيء"!!الهدف إذن لا يمكن أن يكون اتخاذ قرارات استراتيجية بقدر ما هو محاولة لإبراء الذمة وكأن لسان حال وحدة تنفيذ السدود يقول: نحن قمنا بواجبنا تجاه اخطار العالم وطلبنا مساعدتهم ولكن أحدا لم يتقدم لنا... الجدير بالذكر أن عمليات انقاذ الآثار ليست مجرد نزهة قصيرة فتلك مهمة يتطلب انجازها على النحو المثالي المطلوب امكانيات مالية وتكنولوجية ضخمة هي بكل تأكيد فوق طاقة وصلاحيات مجموعة من خبراء الآثار تقتصر مهمتهم على ابداء المشورة الفنية والعلمية فقط. أين إذن هي صناديق التمويل الدولية وأين أصحاب المال و التكنولوجيا؟ يبقى بعد ذلك السؤال المشروع الذي يفرض نفسه دون اجابة والسؤال هو: ماذا يعني تعبير( لقد تم التعاقد، أو تم توقيع العقد الخاص ببناء سد كجبار)؟؟ أما الصيغة الإنجليزية فتقول: (Contract has been awarded) )...اذا تم التعاقد حقا فماذا يعني المسئولون بتكرار عبارة: (القرار النهائي لإقامة السد لم يتم بعد وسوف يتحدد على ضوء موافقة المتأثرين) وهو حديث تكرر على ألسنة المتحدثين الثلاثة بما فيهم ممثل وحدة تنفيذ السدود أكثر من مرة وبصيغ مختلفة وبصورة أعطتني شخصيا الانطباع بأن توجيهات محددة قد صدرت لهم من رؤسائهم لمخاطبة الخبراء بهذه اللغة...هل هو من باب ذر الرماد في العيون؟؟ بطبيعة الحال يتعين علينا استبعاد أن تكون صيغة التعاقد الموقع عليه تشير الى أنه ( تم التعاقد بين الطرفين على بناء السد في حالة موافقة المتأثرين)!!! وحيث أنني الآن بصدد تسطير خاتمة لهذا التقرير ، اسمحوا لي أن تتخذ الخاتمة شكل السؤال المباشر لكم وهو" بما أنني عجزت تماما عن الإجابة على التساؤل المطروح أعلاه يرجي التكرم بالمساعدة...أمامكم الحيثيات فاصدروا حكمكم يا معشر القضاة." الجيلي فرح لندن 16/5/2012