القاهرة المدينة التي أحببت ...خواطر وانطباعات(خاص لاصحاب الذوق الرفيع)

Quote: قولوا حسناً - محجوب عروة عدت من ألمانيا الى مصر الشقيقة وتابعت ردود الأفعال لأول مناظرة بين مرشحين لرئاسة الجمهورية (د. عبد المنعم أبو الفتوح والسيد عمرو موسى) والتى كانت مثار اهتمام مصري وإقليمي وعالمي فاق كل التصورات، ولم لا ومصر لم تشهد مثل هذا الحدث الفريد بالغ الممارسة الحضارية والديمقراطية، والحقيقة ليست مصر وحدها بل فى معظم أو كل دول العالم الثالث المنكوبة بالديكتاتوريات العسكرية والأنظمة السلطوية والشمولية التى قادت أوطانها نحو الخراب والتخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي بل الفوضى وانقسام الأوطان. لم تعد مصر بحاجة الى زعيم ملهم أو بطل قومي أو مخلّص وطني ولا كل الألقاب التى كان يضفيها المنافقون والانتهازيون و الأقلام المرتجفة على الرؤساء مثل الرئيس القائد أو القائد الرئيس( ألقاب مملكة فى غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد) ولا الى هتيفة حارقي البخور وصحافة ترقص عشرة بلدي ونواب برلمان لا يجيدون غير التصفيق والهتاف وتمرير قرارات وسياسات الزعيم الخالد والبطانة الضيقة الحاكمة، إنها بحاجة الى مؤسسات قوية تشريعية وتنفيذية وقضائية وصحافة حرة ومجتمع مدني فاعل يراقبون تصرفات الرئيس والبطانة من حوله مهما ادعوا من الحنكة والعلم فلا يحولون أموال الشعب الى جيوبهم أو يديرون الصفقات من وراء مؤسسات الشعب الرقابية لا يسألون عما يفعلون. يحتكرون المناشط الاقتصادية الرابحة ويتركون الفتات للآخرين ويحولون العملات الحرة بالمليارات للخارج فى البنوك الأجنبية والتى يحتاجها الفقراء والمرضى وطالبي العلم ورجال الصنائع والأعمال والمنتجين الحقيقيين فإذا حاول صحفي سليط أن يكتب كلمة حرة أطلقوا عليه أجهزة الاستخبارات والأمن والأقلام المأجورة لتخرصه وإذا حاول الناشطون أن يشاركوا ويقولوا رأيهم فمصيرهم السجون والمعتقلات وتشويه صورتهم كذبا وبلطجة رسمية. المناظرة كرست أمرا" هاما لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث وهى أن الرئيس هو الذى يحتاج ويستجدي الشعب ويحاول إقناعه بالمنطق وليس الشعب هو الذى يستجدي الرئيس ويعتبر أنه هبة من السماء. لقد كان الرؤساء والبطانة من حولهم فى الماضي كأنصاف آلهة وكانت الممارسة السياسية زفة لا تنتهي، وطبول ومهرجانات لا تتوقف.. حولوا الشعب الى مجرد هتيفة تسبح باسم الزعيم وسياساته الحكيمة التى لاراد لها!! أما الآن فإن الديمقراطية القادمة فى مصر هي أسئلة واستجوابات ولجان برلمانية للتحري والشعب الى شريك فى صنع القرارات عبر الصحافة الحرة والندوات واللقاءات السياسية والأحزاب القوية والمؤتمرات والسمنارات العلمية وأخيرا عبر صندوق وورقة الانتخابات الحرة النزيهة الصادقة والشفافة حيث الشعب هو الذى يقرر من يحكمه وليس عبر صندوق الذخيرة وفوهات البنادق وأجهزة الأمن والاستخبارات. هنيئا لمصر التى استعادت ديمقراطيتها بعد ستين عاما من الكبت والطغيان والفساد والإفساد والكذب والتضليل عبر الآلة الإعلامية الجبارة التى صارت حكرا للصحفيين والإعلاميين الانتهازيين الذين تنقصهم الجرأة فى قول الحقيقة فصاروا مجرد أذيال للفراعنة حتى صدق فيهم قول المتنبئ واصفا مصر تحت حكم الطاغية كافور الأخشيدى : نامت نواطير مصر عن ثعالبها فقد بشمن وما تفنى العناقيد.