|
|
 Re: هو عارف نفسه ياجلال عامر (Re: مطر قادم)
|
الحساب على السلّم
الكاتب
جلال عامراطبعأرسل بالبريد
أجمل ما فى يوم الخميس أنه خال من السياسة ونطلع بعده فاصل.. فمن حق الكاتب أن يستريح كما ارتاح أستاذنا الكبير «أنيس منصور»، زميل الفلسفة، فقد أصبحنا فى زمن يحسدون فيه الأموات.. ويا منصف الموتى من الأحياء.. وقد اخترعت نظرية اقتصادية جديدة تقول إن أسعار الذهب هى مقياس العقارات وأسعار اللحمة هى مقياس المنقولات، وأنه لا يوجد شىء فى الشقة باسم الزوج، طبقاً للقائمة، إلا الأولاد.. ولأن الحاجة هى أم الاختراع فإن الحاجة أمى كانت كثيراً ما تقدم لنا الطبيخ خالياً من اللحوم بحجة أن الطفل عدو ما يجهل، وأنه يجب أن يتعرف عليها بعد أن يكبر ويتعرف على الفتيات وعندما كبرت وتعرفت على اللحمة فى أحد مطاعم الإسكندرية أحببتها من أول نظرة، لكن شاء الطبيب أن يفرقنا لأسباب صحية ودواع أمنية وأصبح يأكلها وحده وأحياناً هو والممرضة بثمن الكشف..
وتذكرت أستاذى وتاج رأسى «أنيس منصور»، ذلك العملاق الأدبى والقزم السياسى الذى فضل أن يبتعد عن اللحوم ويقترب من اليهود، والذى كثيراً ما تحدث عن وفاة المبدعين أثناء الأحداث الكبرى فيضيع خبر وفاتهم فى الزحام، فالسيد درويش مات يوم عودة سعد زغلول من المنفى، وطه حسين مات أثناء حرب أكتوبر، ثم مات أنيس منصور نفسه ليلة مصرع القذافى وكأنها نبوءة كبرى من كاتب كبير، والغريب أن أستاذ العقل والمنطق والفلسفة كان أول ما تعلمناه منه تحضير الأرواح بالسلة المربوط فيها قلم تحركه الروح لتكتب لك الإجابة، وأتذكر أننى جلست ليلة كاملة فى الظلام أمام «السلة» وهى ترفض أن تنطق إلا فى حضور المحامى، وحاولت أن أقنعها بأن تتكلم لأننى فى الظلام والمحامى فى اعتصام دون جدوى، فتصرفت كضابط بوليس من قسم العمرانية وانهلت عليها صفعاً (تذكر ما قلته من أن مساحة الحرية هى المسافة بين كف الضابط وقفا المواطن) حتى تكسرت واحترنا فى الصباح أين نضع الخبز...
يقول المغامرون إن الحساب على الكيف، ويقول المقامرون إن الحساب على السلّم، المهم أن للوطن حساباً، إذ نذهب جميعاً ويبقى الوطن محتفظاً بـ«سلة» أعمالنا.
|
|
  
|
|
|
|
|
| |
مطر قادم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست