إن اللائحة الحزبية التي تقتطف شيئاً من بحر التصـوف ستكون إسهاما في رفع كفاءة السلوك في الرابطة الحزبية. وبالتالي فإان الدعوة الى تحسين صنعة تلك اللائحة تصبح ضرورة . نحن نجتمع أكثر مما نفكر في الاقتراب من الجماهير . خٌلقت إلفة مع من نجتمع معهم من زملاء من كثرة لقائنا بهم . عندما يبدأ الاجتماع نتحول إلى كائنات أخرى ونلبس لبوساً مختلفاً عن طبيعتنا. أنني معكم .. نتطلع أن يكون فينا جمال يفيض على الآخرين ..لا أن نكون عجولين ..لا أن نتحدث وعيننا على السلطة !.. لا .. ما نريده هو أن يفيض ما عندنا للآخرين .. وهذا التزام عسير .. لا أفكر في أن يشير بند من بنود اللائحة إلى الالتزام بمنهج صوفي محدد .. لكنني أرسم ملامح لائحة داخلية للنفس تنشد تحقيق العدالة في نفس الفرد لأن سياسته تخطط لتحقيق العدالة في المجتمع ، وإذا تحقق هذا التناسب اتسع ميدان العدالة . إن جمال النفس جمال معنوي ، منه تنطلق النفس إلى جمال الفنون وجمال العلوم النظرية ، ثم الارتقاء إلى التأمل في جمال مطلق . ظلت الأبواب الخلفية للائحة تسمي في كثير من الحالات تصرفات منتسب الحزب عندما يٌعتقد أنه مخطئ بأن سلوكه انبنى على التقديرات الذاتية . بينما لو شربنا من حوض أفلاطون لوجدنا أن " المعرفة في درجة التعقل الخالص هي ارتقاء وسمو " . إننا نتعجل ونطلب تقديم النقد الذاتي. لا نمتلك الصبر الكافي لنشهد انبثاق نموذج حقيقي لنقد الذات نابع من دافع ذاتي . لماذا نخلق الحساسيات عندما نقتنع بأن من الضروري أن نراقب بعضنا البعض ، ويعلو صوتنا على بعضنا ، ونوزع الاتهامات ونرفع البلاغات . ( قال أحد الفكهين هل هذا حزب أم نقطة بوليس ) . مدرسة التعليم الحزبي تطل علينا بإسم معمم على الجميع . وتطل بفكرة كب النبيذ على القدح . لماذا لا يعدو أن يكون التعليم تهيئة وإعداد . ولماذا لم نجهد ذهننا لنبتكر درجات مختلفة من الدراسات .. كدراسات عليا للمنتسبين المثقفين خريجي الجامعات . إن الحساسية النابعة من مدرسة التعليم الحزبي عبرت عن نفسها في نماذج معروفة . ولكن لن ينجح أي مسعى لمحاولة تفريخ نسخ متكررة من العضوية ... ستشير لائحتنا إلى أنه : .. لا عقوبة بدون بذل جهد إنساني متدفق الأحاسيس قبل الانتقال إلى خطوة أخرى . .. تشير اللائحة إلى الاقتداء بالفكرة كما تدين تدان . لن نقع في شراك ضيق الأفق ونلزم عضوية الحزب بالتزام التصوف كجزء من منهجيتنا .. لن نقول للعضو كن غزالياً أو كن قادرياً .. سنقول لهم ترافقوا فكرياً ولائحياً بالقواسم المشتركة .. سنقول فقط تأملوا صدق الأمين وعذوبة يسوع ، وتأملوا وجدان بوذا ، وتأملوا وجه الصبح وانسجوا لغة العصر .. تأملوا إبداعات محمد وردي ومحمد عبد الحي ، وجماهيرية الحردلو وشاعرية الفيتوري ودرويش ومحمد المكي والقدال، وصدق محجوب شريف والدوش، وعبقرية الطيب صالح . وتأملوا رحلات العقل البشري في البحث عن الحقوق ، تأملوا ماركس ومارتن لوثر وغاندي ، انظروا إلى الأم تريزا وحنان الأميرة ديانا ونبض الناس معها ، تأملوا لغة الجيلاني وانظروا إلى قسيسي أمريكا اللاتينية . اقضوا وقتاً مع ستيفن آر وعاداته السبعة فإن وثيقة إصلاح الخطأ تلامسها . ابحثوا فإن بسكال كان يبحث وهو يتألم . ثوروا مثل ديكارت على عقم البرامج التعليمية ، ادعوا كما دعا جون لوك للتسامح.. هذه السياحة الفكرية تكون مفيدة إذا سألنا أنفسنا كيف حققت شعوب أوروبا نهضتها . لقد توخى رائد مثل جون لوك أن يستخلص مبادئ لمسيحية صافية نقية ، وبين أن العقيدة تصفو إذا تحررت من شوائب الطقوس المعقدة ونأت عن المناقشات اللفظية العقيمة . نقول لعضو الحزب .. امتلك المشروعية لتخاطب الجماهير . الأرض الصلبة لن يقف عليها من هو غريب عنها . ولكن هل يعين الحزب على الوقوف وسط الجماهير نفر قليل وتمضي الأغلبية ساخرة من عقائد الجماهير …. فيئن المجموع من تهمة الإلحاد … فما أسهل إلصاق التهمة التي خلقت حجاباً بيننا وبين الجماهير ، فكيف الفكاك ؟ هل خطر على البال أن نهدي لهذا الحزب الوسيلة جسراً لوجدان الجماهير ، أم أننا سعداء بالجفوة لأننا صفوة ونخبة !!… إذن لاستطاعت العقائد الجامدة أن تمضي محتكرة لطريقة تفكير الجماهير ، ينفثون سمومهم في الدين ويقولون لهم هذا أحسن شراب لأنه مشروب الله .. فلا ذقنا نحن والجماهير إلا كدراً وطينا . لائحتنا لعضو الحزب تأتيه في شكل تساؤلات ! يجيب عليها بينه وبين نفسه .. مثلاً نسأله : هل تجنب نفسك العادات الإدمانية .. هل توسع من قدراتك أم أنك ساكن .. هل تعتقد أن من المهم أن تنصت للآخرين باهتمام .. ثم نتوقف عن الأسئلة ونقول له طور بنفسك نص الأسئلة ، لا نود أن نتوغل للنقش على لوحك .. طور رسالتك الشخصية بنفسك لأنك فريد ولا نود أن نستنسخك . أبحث بنفسك عن الاعتذار بإخلاص فهذا قد يضيف إلى رصيدك . ربما كان الاعتذار الصادق في حاجة إلى شخصية قوية. هكذا لائحة .. تتميز بأنها غنية للجميع .. ليس فيها حبٌ مشروط .
خاتمــــة :
قد أكون أسير أوهام قبيلتي الفكرية ، ولكن قد يكون قد آن الوقت الذي نعيد فيه إستكشاف دواخلنا . . أن نحرك ساكناً .. الجماهير المنظمة هي التي تستطيع كسر احتكار السلطة السياسية وبديهي أنها تستطيع كسر احتكار التسلط الديني بأن يصبح امتلاك النص المقدس حق للجميع. درويش الصوفي أغسطس 2002م
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة