عطـــــبرة رواية لسعيد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 07:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عثمان تراث(تراث)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-22-2005, 01:24 PM

تراث
<aتراث
تاريخ التسجيل: 11-03-2002
مجموع المشاركات: 1588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد (Re: تراث)

    توقف ابن عوف ثم تنهد وقال (وكنت أنا في قلب (سهايتو) وضمن رحلة عمرها التي يختلط فيها الخيال بالواقع) وصمت قليلاً يداعب كأسه ثم أردف قائلاً (ومن تاريخ تلك الليلة الليلاء أصبحت (سهايتو) كل حياتي) فعانقته هي بمودة حين ضمها وقبلها وضوء (الأبجورة) الخافت يضفي على هذا العناق شاعرية لم تفارق خيالي قط..
    عجبت لما سمعت فتضاعف احترامي لهذه المومس التي جعلت من حياتها المسحوقة معنى للعطاء والتضحية، وهو أمر قد لا يعرفه أكثر الناس إدعاءً بالشرف والفضيلة.. أسرفنا جميعاً في الشرب في تلك الليلة كما أسرفنا في الحديث عن الثورة وأسبابها ومقومات نجاحها ثم أنتهي بنا الحال لنغني معاً (عازه في هواك).. فتجسد الوجود نغماً موحداً في هذه اللحظات البالغة الكثافة مع كل رشفة من الجعة.. وصارت (سهايتو) مركز اهتمامنا وإعجابنا ومتعتنا.. نتابعها في غدوها ورواحها ونغازلها بالعبارات الموحية الرامزة, فترد علينا بما هو أبلغ وأعمق فتزداد ملاحة وإشراقا..
    منذ تلك الليلة زاد حرصي على مصاحبة ابن عوف لا أفارقه حتى أستدرجه إلى منزل (سهايتو) في ليالٍ كثيرة.. وكان هو في هذا الجانب ليناً طيعاً كأنه كان ينتظر مني كلمة، فنقضي عندها بعضاً من الليل.. لاحظت فرحها الطفولي التلقائي الذي لا تداريه عندما ترانا, كما لمست سعادتها البادية في أعماقها المزغردة بلا تحفظ لوجودنا.. وكم أسعدني هذا اللقاء الذي يحيطنا بحفاوتها الدافئة فلا نملك إلا أن نبادلها بمشاعر لها دفئها وصدق إخلاصها فنتعانق في مودة وآلفة وعطرها الباريسي (سوار دي بارييه) ينعش أعماقي.. نجلس معها في ذات المكان وكؤوس الجعة تدور ويدور معها حديثنا فتشاركنا فيه حتى في جانبه الجاد عن السياسة..
    لقد تركت (سهايتو) شيئاً ما في أعماقي أكثر من مشاعر الصداقة لعل ميولي تحولت إلى ما هو أبعد.. كنت أفكر فيها وأحن للقائها عندما أغيب عنها.. وقد زاد هذا الإحساس عندي عندما انتهت إجازتي وعدت راجعاً إلى الخرطوم.. طوال رحلة القطار من عطبره إلى الخرطوم وهي ما تزيد عن سبع ساعات لم تفارق مخيلتي.. سألت نفسي: إذا كان هذا هو حالي فما هو حال ابن عوف الذي يعشقها عشقاً لا مراء فيه.. وأنا أعرف ابن عوف ومشاعره الجياشة وتفكيره الذي لا يزال تغلب عليه العاطفة أكثر من العقل.. لمست هيامه بها.. وخفت عليه أن يشتد ولهه بها فيذهب أبعد من علاقة عشيقة إلى علاقة زوجة.. وابن عوف قد يفعلها أن وصل إلى قناعة تقوده إلى هذه النهاية.. وستصبح الطامة الكبرى في ذلك المجتمع المتزمت المتخلف ولن يرحمه أحد ولن ينال احترام أحد..
    تصوري كان في مكانه.. كنت أتبادل الرسائل مع ابن عوف بعد عودتي من عطبره وكان طبيعي أن تكون (سهايتو) وقصتها ولياليها وجعة قواريرها الباردة هي موضوع تلك الرسائل.. وذات مرة جاءتني رسالة منه يقول فيها بصريح العبارة أنه طلبها أن تتزوجه فكانت المفاجأة أنها رفضت طلبه تماماً وطلبت أن تستمر علاقتهما كما هي دون حاجة إلى ورقة من رجل دين وقالت أن هذه الورقة ستحول حياته إلى جحيم.. وهذا الجحيم سيطالها بلا شك فلماذا يذهبا إلى جهنم بأرجلهما.. ثم أخذت تناقشه بمنطق أخر فيه الكثير من العقل والرؤى الواقعية. ذكرت له أنه يعرف أن لها قضية وأنها مجندة لهذه القضية ومن أجلها تتبرع بنصف دخلها فأن أراد أن تكون له وحده فهل يستطيع أن يغطي تلك النفقات؟! إن قضيتها أعظم في نظرها من حياتها الخاصة.. أنها ترفض أن تعيش الحياة من غير هدف تعمل من أجله.. أسقط في يد ابن عوف أمام هذا المنطق القوي فتراجع وعاد إلى صوابه وكتب لي يقول أنه شعر بالخذي لأنه كان صبيانياً في تفكيره.. بل أنها لقنته درساً في الوطنية والنضال ونكران الذات..
    كتبت له قائلاً: كل مجال تطرقه تجد فيه هذه (المومس الفاضلة) عظيمة.. وأعظم ما فيها تفكيرها الواقعي المتزن الذي وعى بعمق ظروفها المحيطة فتعاملت معها بعقلانية فزانها هذا الوعي جمالاً على جمال..
    شغلتني الحياة في الخرطوم وأخذت عطبره بما تعج به تتواري خلف حجب المشاغل اليومية وأخذت رسائل ابن عوف تتباعد رغم شغفه بكتابة الجوابات, إلى أن توقفت تماماً فلم أعد أعرف عنه أو عن (سهايتو) شيئاً, إلى أن جاءتني الأخبار من عطبره أن ابن عوف قبض عليه مع مجموعة رفقاء الحزب في حالة اجتماع.. وهي جريمة في حالة تلبس.. وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر.. وقع عليَّ الخبر كالصاعقة وحزنت عليه كثيراً.. وانتابني شعور بأن هذه بداية سيئة ربما تقود إلى تدمير حياته.. لعلها هذه المرة أقسى من سابقات الحبس إذ حكم عليه بالسجن.. وواضح أن علاقاته (الكروية) لم تعد مؤثره ولم تقدم نفعاً.. فعليه أن يعيد ترتيب حياته وفق معطيات وضع جديد..
    قضى ابن عوف فترة سجنه وعند خروجه في تاريخه المحدد قررت الحضور من الخرطوم لاستقباله.. وفي اليوم المحدد ذهبت مع أبي وبعض الأهل والأصدقاء لاستقباله.. فخرج إلينا من باب السجن في معنويات عالية فعانقناه الواحد تلو الآخر.. وكان أبي قد ذبح في ذلك اليوم وأقام (كرامة) لخروجه..
    وفي المساء أخذني إلى بيت (سهايتو) وكانت المفاجأة المذهلة حينما قابلتنا صديقتها (زنبيش). أخذت تسلم علينا بحرارة لأنها تعرف العلاقة بين (سهايتو) وابن عوف ومن خلال سلامها رمت الخبر كالشرر المشتعل وقالت: (سهايتو سافرت روما) وتركت لك هذا الجواب.. وناولته ظرفاً مغلقاً بإحكام..
    ارتعد ابن عوف لسماع الخبر وأخذ الجواب بيد مرتعشة وهو غير مصدق لما قالته (زنبيش) أو لا يريد أن يصدق.. وكنت أنا في حيرة من أمري.. هل هكذا تجف الحياة فجأة فتتحول الواحة الظليلة إلى صحراء قاحلة؟! كان كل منا يحتاج إلى وقت لاستيعاب الموقف والتصرف على ضوئه بما يتجاوز صعقة الخبر المذهل.. جلس ابن عوف وجلست إلى جانبه وفتح المظروف ليجد خطاباً باللغة الإنجليزية فشرع في قراءته بصمت وكنت أقرأ معه عبارات (سهايتو) الحزينة والظروف الصعبة التي أجبرتها على الهجرة إلى روما لتعيش هناك.. لقد تبدلت الحياة هنا وأصبح كل شيء يهرول إلى الوراء فلم تعد الظروف هي الظروف, ولا الناس هم الناس, الفقر يرمي بظلاله على كل شيء.. عطبره لم تعد عطبره.. وبعد سجنك يا ابن عوف اسودت الحياة في وجهي وفقدت الأمل في كل شيء ولم يكن أمامي مخرج غير الرحيل إلى روما.. أتمنى أن ألقاك لك حبي ومودتي..
    حين رفع ابن عوف رأسه كانت الدموع تبلل وجهه فقام صامتاً وأعاد الجواب إلى ظرفه وأدخله في جيبه وأخذني من يدي وخرجنا في حركات أشبه بمشهد جنائزي يسير موكبه وئيداً حزيناً فتهنا فيه يضمنا ظلام ليل بهيم..
    جلست في عطبره عدة أيام، فلم يكن ابن عوف هو ذلك القروي المقبل على الحياة بكل ما فيها من طاقة وتوهج وإنما أنزوي واحترقت طاقته وخَفتَ وهيجه فصار قليل الكلام, بلا رغبة في أي شيء كأنما رحيل (سهايتو) إلى روما أخذ معه ماء الحياة من جسده..
    لم تكن تلك ملاحظتي وحدي وإنما لاحظ ذلك أبي ووالدتي وأخوتي وزملاؤه وأصدقاؤه, ولعلي كنت الوحيد الذي يعرف سر ذبوله.. فقلت له (ما هكذا يجب أن تنهار, المفروض تكون أقوى من ذلك بكثير) قلت له ذلك وفي قرارة نفسي إحساس عميق بأن رحيل (سهايتو) زلزال لن يقوى عليه ابن عوف الذي عرفها في لحظة محنة فآوته وحمته وحفظت سره وأعطته سرها فناغته وسقته خمرها وحبها. وزادت من ذلك حين عرفت أنها تجربته الأولى.. فقال لي وهو يزرع بصره في الأرض (هل قدر لك أن تعرف الخل الوفي الذي قالت فيه العرب أنه أحد الثلاثة المستحيلات؟ أنا عرفته وعشت تجربته فكذبت العرب فيما قالت). جاءت كلماته رغم وهن صوته قوية عميقة تحكي صدق تجربته وعظيم معاناته.. فقلت في نفسي هذا أمر يجب آلا يسكت عليه وإلا ضاع ابن عوف.. فأخذته في حنان أحاول تهدئة فورانه الداخلي وعدم استقرار نفسه.. كان كالتائه في لج لا منجاة منه, ولكن لا بد من فعل شيء..
                  

العنوان الكاتب Date
عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:35 PM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:37 PM
    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:39 PM
      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:41 PM
        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:43 PM
          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:44 PM
            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:46 PM
              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:48 PM
                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:49 PM
                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:51 PM
                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:53 PM
                      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:54 PM
                        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:56 PM
                          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:57 PM
                            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 12:59 PM
                              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:01 PM
                                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:02 PM
                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:03 PM
                                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:05 PM
                                      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:06 PM
                                        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:09 PM
                                          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:11 PM
                                            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:12 PM
                                              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:13 PM
                                                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:15 PM
                                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:17 PM
                                                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:19 PM
                                                      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:21 PM
                                                        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:23 PM
                                                          Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:24 PM
                                                            Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:25 PM
                                                              Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:26 PM
                                                                Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:28 PM
                                                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-22-05, 01:31 PM
                                                                    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث02-24-05, 03:09 PM
                                                                  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث03-18-05, 12:26 PM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد Amin Elsayed02-24-05, 04:23 PM
    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد Tumadir02-25-05, 06:35 AM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد AlRa7mabi02-25-05, 09:16 AM
  Re: عطـــــبرة رواية لسعيد adel alsaed02-28-05, 02:11 AM
    Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث03-18-05, 01:06 PM
      Re: عطـــــبرة رواية لسعيد تراث03-22-05, 03:01 PM
        Re: عطـــــبرة رواية لسعيد صلاح الدين عبدالله محمد03-23-05, 03:20 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de