|
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد (Re: تراث)
|
وجه ابن عوف حديثه لي قائلاً (تخيل لو أنني حكيت لك قصتي مع سهايتو في أي وضع بخلاف هذا الوضع الذي نحن فيه الآن ولم تكن سهايتو هذه أمامك كما الآن بلحمها وشحمها ألا أكون قد أفرغت المفاجأة من صدق محتواها وحقيقتها؟.. وقد لا تصدق وقد تعتبرني مبالغاً وقد لا تقف على أن في الدنيا أشياء جميله شكلاً ومضموناً كما تقف عليها الآن). قلت (ربما).. وسرحت بذهني.. أي غرائب يأتي بها ابن عوف؟ هل أستطيع القول أن هذا القروي يعايش حياة مليئة بالمعارك ومليئة بالانتصارات؟ وأي انتصار لذيذ جميل هذا الذي أراه أمام عيني وهو يفوز بهذه الغادة التي لم تعلن سرها إلا له وحده !! تذكرت في التو واللحظة (المومس الفاضلة) لسارتر.. إن هذا الكون إبداع خالق عظيم يتفنن في تشكيل نفوس مخلوقاته التي قد تبهرك بأنبل أفعال لا تتصورها فتذهلك، وتقف حائراً.. أهذا الماخور يمكن أن يتفجر منه ماء لسقاية فضليات القيم؟ أفقت من تأملاتي على صوت (سهايتو) وهي تقول (الجعة يا ابن أكيه) ومدت لي الكأس ملأى وهي ضاحكة القسمات فبادلتها بصفحة وجه يحتضن أريحيتها ويسعد بغنج لثغتها الصبيانية وبفصاحتها في لهجتها الأعجمية التي تبرز الحسن في التضاد.. كذلك فعلت نفس الشيء مع ابن عوف وناولته كأس الجعة الباردة وأخذت لها واحدة وجلست على كرسي الجلوس الوثير ولا تسعها الدنيا نشوة وفرحاً بنا.. مما لا شك فيه أن احترامي لها قد زاد.. وقلت لابن عوف: (لقد حاولت معك مراراً أن تقرأ الأدب الوجودي.. وبعد الذي سمعت فإنني أدعوك بشدة لتقرأ جان بول سارتر بالذات فقد تجد في أدبه ما يتيح لك فرصة الاطلاع على تجربة (سهايتو فرنسية) فتسعد بذلك وتعمق معارفك.. انتبه لكلامي ولكنه لم يعلق عليه وبعد أن أحتسي نصف الكوب واصل حكايته مع وعن (سهايتو) قائلاً: (يا ابن أخي كانت تلك الليلة مفاجأة لم تخطر على بال بشر فأخذت أحتسي الجعة الباردة واستمتع لـ(سهايتو) وهي تقص عليَ قصتها حتى أدركنا الصباح.. لقد جاءت إلى السودان وهي طفلة في السادسة من عمرها مع والدتها عن طريق قرية حدودية أسمها (قيسان) ومنها إلى الكرمك ثم الدمازين فسنار حيث استقر المقام بهما في القضارف فجلست في القضارف فترة حتى بلغت العاشرة ثم أرسلتها أمها لأختها في كسلا.. وصادف أن جاءت شقيقة والدتها الأخرى لزيارة أختها في كسلا بعد أيام من وصولها فأصرت على أخذها معها إلى بورسودان لتعلمها في مدارس كمبوني وتم ذلك بالفعل.. فجلست (سهايتو) مع خالتها الأخرى في بورسودان وتعلمت في مدارس كمبوني حتى بلغت العشرين من عمرها فتخرجت فيها وهي تجيد اللغة الإنجليزية والعربية إلى حد ما ودرست الديانة المسيحية الكاثوليكية أتقنت مهنة مسك الدفاتر (Bookkeeping) والطباعة على الآلة (Typing) والكتابة بالاختزال (Shorthand) هذا إلى جانب الإلمام باللغة الفرنسية إلى حد لا باس به.. ولحسن حظها وجدت وظيفة في إحدى شركات الملاحة في بورسودان أتاحت لها هذه الفرصة معرفة دنيا جديـدة من علاقات رجال الأعمال وكبار موظفي الدولة والشركات ومؤسسات القطاع الخاص.. ساعدها في ذلك هذا الجمال الأخاذ الذي تراه الآن وذكاء لماح وطريقة في التعامل غاية في الرقة والاحترام فنالت استحسان كل من عرفها وتعامل معها.. فاشتهرت حيث سعى الجميع إليها ليخطب ودها.. خلال عملها تعرفت على شاب من بني جلدتها يعمل في إحدى شركات التبغ.. وكان جل عمله مع شركة الملاحة التي تعمل بها (سهايتو) فنشأت بينهما علاقة صداقة.. وشيئاً فشيئاً أخذ هذا الشاب يحدثها عن (ثورة الجياع) وأنه عضو عامل فيها ويتبرع لها بالمال وطلب منها أن تعمل مثله فتتبرع بجزء من دخلها (لثورة الجياع) ففعلت.. وأخذت تقرأ عن الثورة وتطلع على منشوراتها ثم زادت من إطلاعها فقرأت عن الفكر الاشتراكي فتحمست وأصبحت (ثورة الجياع) شغلها الشاغل ولكنها كانت حريصة على سرها حتى لا يفضح أمرها.. تعرفت في بورسودان على مهندس سوداني من أسرة غنية فأحبته بصدق وأصبح عشيقها الذي وهبته كل حياتها.. وكان كريماً معها إلى أبعد الحدود.. وحتى تصبح له وحده طلب منها أن تترك عملها في شركة الملاحة واقسما معاً ألا تعرف هي رجلاً غيره وأقسم هو آلا يعرف امرأة غيرها.. فأحب كل منهما الأخر بصدق.. وقد أتاح لها كرمه بالصرف البذخي عليها أن يزيد تبرعها (لثورة الجياع) أضعاف أضعاف ما كانت تدفعه من دخلها في شركة الملاحة.. شاءت الظروف أن ينقل هذا العشيق المهندس من بورسودان إلى عطبره فأخذها معه وآجر لها هذا المنزل الذي نجلس نحن فيه الآن وعاشت معه زمناً جميلاً, وفعلت بقلوب رجال عطبره ما فعلته في بورسودان ولكنها كانت لعشيقها وحده, فلم يفلح رجل من أن ينالها مهما قدم لها من مغريات.. وظلت هي على وفائها لعشيقها ولمعشوقتها (ثورة الجياع) تتبرع بمال كثير ماوسعها ذلك.. جاء يوم انتهت فيه علاقة العشق مع حبيبها المهندس الذي أجبره أهله على الزواج, فتزوج وأنتقل إلى الخرطوم حزيناً صادقاً في حزنه لفراقها.. أما هي فقد تحملت الصدمة لأن عشقها (لثورة الجياع) علمها كيف تفكر بواقعية فتجاوزت تجربة الفراق بنجاح.. وظلت في عطبره لا تملك فيها إلا أن تبيع جسدها بعقل واتزان لتستمر في رفد (ثورة الجياع) بالمال..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:35 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:37 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:39 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:41 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:43 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:44 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:46 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:48 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:49 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:51 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:53 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:54 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:56 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:57 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 12:59 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:01 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:02 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:03 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:05 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:06 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:09 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:11 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:12 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:13 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:15 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:17 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:19 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:21 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:23 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:24 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:25 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:26 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:28 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-22-05, 01:31 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 02-24-05, 03:09 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 03-18-05, 12:26 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | Amin Elsayed | 02-24-05, 04:23 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | Tumadir | 02-25-05, 06:35 AM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | AlRa7mabi | 02-25-05, 09:16 AM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | adel alsaed | 02-28-05, 02:11 AM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 03-18-05, 01:06 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | تراث | 03-22-05, 03:01 PM |
Re: عطـــــبرة رواية لسعيد | صلاح الدين عبدالله محمد | 03-23-05, 03:20 AM |
|
|
|