الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 07:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عمرعبد السلام(omer abdelsalam)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-04-2008, 11:11 AM

omer abdelsalam
<aomer abdelsalam
تاريخ التسجيل: 04-07-2006
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى (Re: omer abdelsalam)

    المقال الثالث للكاتب المغربي / عمر حيمري : ونسيت نفسي عدوتي
    ********************************************************************
    Quote:
    كثير ما نطلق مصطح الروح, أو القلب ،أو الفؤاد، او ا
    لعقل،أو الضمير،أو النفس أو الروح ،على الجانب الغامض منا، والغير محسوس فينا .محاولين بذلك تقريب هذه المفاهيم وتوضيحها إلى الذهن . خصوصا وأنها تمثل الجانب الخفي، في الإنسان، والمسؤول عن كل تصرفاته، سواء منها الإرادية :كالتفكير، والتذكر، والفهم ،والتحليل، والتعميم، والتركيب ... أو الغير إرادية كالأمور العاطفية: من كره، وحب، وخوف، وهواجس، ووساوس... هذا الجانب الغير محسوس في الإنسان، هو الجانب المهم ، والمحدد لمصير الإنسان في الدنيا والآخر .الإنسان ذو طبيعة مزدوجة فهو طين، ونفخة روح { وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } (سورة ص آية 71-72) فطبيعة تكونه إذن، تفرض أن تكون له استعدادات خيرة، وأخرى شريرة ،وقدرة فطرية ،غريزية كامنة في ذاته, بواسطتها يميز الهدي من الضلال، والقبيح من الحسن.وهي تلك القوى الواعية المدركة التي تملك زمام الإنسان،والمتمثلة فيما يمكن أن نصطلح على تسميته بالشعور، أو الوعي والتي بإمكانها توجيه النفس البشرية نحو الطهارة والنقاوة، إن هي تشبعت بالإيمان، بخالقها، واتبعت رسالاته. وإلا هبطت بها إلى دركات جهنم ،واقتادتها إلى الويل والثبور، والظلم والظلام ، {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها }(سورة الشمس 7-10 ) {و هديناه النجدين إما شاكرا وإما كفورا } سورة البلد آية 10 ) {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }( سورة الإنسان آية 2)
    لكن ما هي حقيقة النفس؟ وهل هي واحدة أم متعددة؟ أي هل لكل مخلوق نفسا خاصة به ،لا تصلح لغيره ؟ أم هناك نفس واحدة منتشرة في الكون على غرار النور والهواء، تحل في كل الذوات والأجساد في نفس الوقت.
    كثيرا ما يقع الخلط بين النفس، والروح.ويبدو لي أنهما مختلفان تماما:فحقيقة الروح غير معروفة، ولا يمكن للإنسان أن يعرف ماهيتها على الإطلاق،ولا سبيل له إلى معرفتها . لأنه لا يملك أصلا الأدوات اللازمة لمعرفتها.وما يملكه من أدوات معرفية، كالعقل والقلب، والحس، والتجربة، والحدس...قد تكون صالحة لإدراك الجانب المادي في الإنسان, وربما حتى الآثار التي تتركها الروح على الجسد. أما معرفة الروح في ذاتها، وكنهها , وعلى حقيقتها , فذاك أمر مستبعد ومستحيل { يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .}. الروح نفحة، أو نفخة ربانية, تعمل على ربط جزيئات قبضة الطين، وتجعلها تتفاعل مع بعضها البعض، باعثة فيها الحرارة,و الحياة ،والقدرة على الحركة ،والفعل . وهي أقدم من الجسد، بدليل قوله تعالى :{ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون .} (سورة الأعراف 172) وهي جوهر قائم بذاته ، قد تستغني عن الجسد ،كما هو الشأن في حالة النوم .{ وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم... }( الأنعام 6) أو في حالة الموت .{ الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها...(الزمر 42) ولكن الجسد لا يستغني عنها بل يفسد ويتحلل بمجرد ما تفارقه الروح بصفة نهائية. أما النفس في تقديري فهي تلك العلاقة الناتجة، عن تفاعل الروح مع الجسد. فهي شبيهة بالدلالة التي هي عبارة عن علاقة الدال بالمدلول. أي العلاقة التي تربط بين الكلمة، ومعناها، وهي علاقة حتمية وضرورية. بحيث لا يمكن أن نتصور الكلمة، بدون معنى، ولا المعنى يمكنه أن يستقيم بدون كلمة.وكذلك النفس، لا تستغني عن الجسد ،ولا الجسد بإمكانه الاستغناء عن النفس . فبينهما علاقة جدلية حتمية.
    إن موضوع النفس، شغل الإنسان منذ أن تحداه الكون بأسراره، وظواهره، وأعجزه لغز أصل العالم، ونشأة الحياة الأولى،و مسألة الموت ،والبعث ...ففكر في محاولة إدراك نفسه أولا, باعتبارها أقرب إليه من الوجود, وظواهره.علها تكون مفتاحا لمعرفة الكون، وخالقه، والإنسان ومصيره.وهذا ما جعل سقراط يدعوا إلى معرفة النفس قائلا أيها الإنسان أعرف نفسك بنفسك.) محاولا تعريفها بكونها جوهر الإنسان الحقيقي وروحه، وهي قائمة بذاتها، في موتها خلاصها وحريتها، وما الجسم إلا آلة لها ).أما أفلاطون فكان يرى: أن النفس خالدة غير قابلة للفناء.لأنها لو لم تكن كذلك، لما نال الظالم جزاءه،و لكان الظلم أمرا عاديا . وفي رأي فلاسفة الإسلام أن النفسجوهر روحي لا يفنى بفناء البدن).فهذا ابن رشد( اعتبر أن النفس جوهر عاقل ،أو عقل فعال ،وأن وظائفها الأخرى، لم تنشأ إلا بسبب اتصالها بالبدن. ) .وهي خاضعة لمدبر أسمى منها هو صاحبها وسيدها.والمسئول عنها، وهو في تقديري العقل المشار إليه في (قد أفلح من زكاها ،وقد خاب من دساها ). إن النفس الفاسدة، الأمارة بالسوء تأمر صاحبها بالمنكر، والمعاصي، والقبائح، وتنهاه عن الطاعات،والمكرمات،وتميل به إلى الضلال، وتخرجه من النور إلى الظلمات ، وتستجيب لنزغات الشيطان وإغراءاته، وللهوى وإملاءاته ، ولقرناء السوء و فسادهم وضلالهم ،وللجهل ،والكبر ،والظلم ، والكفر ،والعلو في الأرض بغير حق ، والتسلط على الآخرين ،والتحكم في رقابهم، ولكل العوامل التي من شأنها أن تزين للنفس الأعمال الشريرة ، وتبغض لها الأعمال الخيرة، وتكره لها الإيمان، وتحبب لها الكفر، والفسوق ،والعصيان...فتجدها تتفانى في طلب الشهوات ،والملذات الدنيوية، خاضعة لإغراءات الشيطان، مستمعة لوسوسته ،عاملة بنصائحه ،مصدقة لوعوده ... {يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}( سورة النساء آية120) غير آبهة، لا بحلال ولا بحرام .همها هو إرضاء طلبات الهو الغريزية ، والرغبات الحسية و محاولة إشباعها.فتجر صاحبها إلى الخزي والعار،والويل والثبور في الدنيا ،والندم والحسرة في الآخرة، وتقذف به في نار جهنم. إن معظم الذنوب التي يقع فيها الإنسان، إذا نحن تفحصناها نجدها من النفس الأمارة بالسوء ،لا من الشيطان، باعتبارها عاملا داخليا، أساسيا. أما الشيطان، والعوامل الأخرى، التي سبق ذكرها، ما هي إلا عوامل مساعدة، ثانوية، خارجية، تحفز على فعل الشر عن طريق تزيينه، وتدعوا إليه بواسطة الوسوسة، والإيحاء، وزخرفة القول.... { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } ( الأنعام آية 112) .لأن كيد الشيطان كان ضعيفا كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم . { الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا } (سورة النساء آية76) . وضعفه بالأساس يكمن في أن الله سبحانه وتعالى جرده، من أي سلطة على الذين آمنوا وهذا باعتراف إبليس لعنه الله ،كما يبدو ذلك جليا و، واضحا في خطبته المسجلة في قوله تعالى { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم }(سورة إبراهيم آية22){ قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين .قال هذا صراط علي مستقيم . إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين.وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب جزء مقسوم } (سورة الحجر آية 28- 44). إن أكبر سلطة يمكن أن تؤثر في بني آدم في تصوري على الأقل. هي السلطة المادية ، والحجة العقلية. وهذه بحمد الله، ولطفه بنا، ومنته علينا. لا يملكها الشيطان اللعين، فهو مجرد من أي سلاح مادي، أو برهان عقلي، أو سلطان حجة. يمكن استعماله لإخضاع الإنسان لوسوسته، وإجباره على طاعته.ولو كان له ذلك لما عبد الله في هذه الدنيا على الإطلاق ،ولدعى ا لعين الندية لله سبحانه وتعالى . فالشيطان لا يملك موتا، ولا حياة،ولا بعثا, ولا نشورا. ولا يملك أن يرزق الإنسان المال، ولا البنين ،ولا الطعام ،ولا الشراب ،ولا المرض، ولا الشفاء...كما لا يملك أن يمنعه من ذلك .-- بل لا يملك حتى رزقه الخاص به –{ إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه } سورة فاطر 2) . فالله سبحانه وتعالى هو الذي تكفل بتدبير حياة الإنسان المادية ،وقدر في الأرض أقواتها .{وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون }(الذاريات آية 22 -23 ). { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} (هود آية6) .{ والذي هو يطعمني ويسقيني وإذا مرضت فهو يشفيني والذي يميتني ثم يحيين }( الشعراء 79-81) .
    بالإضافة إلى افتقاد الشيطان للقوة المادية، والحجة الدامغة، والبرهان القوي، فعلاجه سهل، والقضاء عليه بسيط، ومحاربته مضمونة النصر. لأن الله سبحانه وتعالى مكننا من السلاح الذي يفتك به في زمن قياسي ، والمتمثل في قوله تعالى { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } (الأعراف 200) وقوله إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } ( الأعراف 201) وقوله { وقل ربي أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك أن يحضرون } (المؤمنون 97) ... إن عمل الشيطان محدود في الزمان ،فهو يعمل على أن ينسي الإنسان، ذكر ربه ،وعبادته ، كما ينسيه الأوامر، والنواهي الإلهية ،ويستغفله , حتى إذا استأنس بالدنيا، وغرق في شهواتها .أصبح قرينا له يأمره بالفحشاء ، والعري ،ويمنيه، ويعده غرورا، ويزين له الشر، والقبيح،والباطل ... {ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهوله قرين }(الزخرف 36). إن النسيان، سلاح الشيطان الفتاك .وهو نتاج الغفلة عن ذكر الله بالدرجة الأولى. وصدق الله العظيم إذ يقول:{فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين } (يوسف لآية 42 ) { قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره } (الكهف 63) و عمل الشيطان ،محدود كذلك في المكان، وهو الصدر {قل أعوذ برب الناس ملك الناس إلاه الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس } (سورة الناس آية 1-6 ) .لأن الصدر هو المجال الطبيعي ، للجانب العاطفي، الغريزي ،والشهواني في الإنسان، وهو المنفذ الوحيد، الذي يمكن للشيطان أن يستغله، ليأتي ضحيته عن طريق الوسوسة، والإيحاء. وقد يستعين اللعين، في ذلك بجنوده، من الإنس والجن والنفس الأمارة بالسوء... على خلاف العقل، الذي يملك من الآليات والقدرات المختلفة ، كالتفكير، والإدراك ، والذكاء ، وا لفهم، والاستيعاب ،والتعلم، والنظر، والتأمل ، والتحليل ،والتصنيف، والتجزيء ،والتعميم ، والتجريد، والتركيب، والتجريب ، والقياس، والاستدلال، والاستقراء ،والبرهنة ... ما يجعله قادرا على التمييز بين الخير والشر، وبين الحق والباطل، و ما يبعده عن الشيطان،وما يقربه إليه . بالإضافة إلى السلاح الإلهي ،الذي مد الله به الإنسان، لينحر به الشيطان اللعين ، والمتمثل في الاستعاذة بالله . { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون } (النحل 99). لكننا نلاحظ، أن شهر رمضان، كغيره من الشهور. لا يخلوا ،هو الآخر من الموبقات والشرور. كالعري، والعهر، وسفك الدماء، والربا، والقمار، والاعتداء على حرمة رمضان بالليل والنهار... فما هو مصدر هذه الشرور؟ إن لم تكن الشياطين ؟ التي تكون مصفدة، ومسلسلة ومسجونة في شهر رمضان المبارك.كما أخبر بذلك الرسول الكريم، الصادق الأمين، وهوا لنبي لا كذب. في قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث للبخاري ومسلم ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين ) (الخاري 1899 ومسلم 1079) .إن مصدرها، وبكل تأكيد، هوا لنفس الأمارة بالسوء.بدليل قوله تعالى : { وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي } (سورة يوسف آية 53). و قوله :{ قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي } (سورة طه آية 96 ) وقوله { فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } (المائدة 30) . لقد بين القرآن الكريم، أن النفس تمر بثلاثة مراحل: أولا ها الأمر بارتكاب المعاصي والمنكرات، وكل القبائح، والنهي عن الطاعات ،وكل المروءات. - كما سبقت الإشارة إلى ذلك -. لكن كيف يمكن لنا أن نميز بين الشر الصادر منا، والذي نكتسبه بفعل إيحاءات، ووسوسة الشيطان؟ وبين الأعمال الشريرة التي تصدر منا، بفعل هوى النفس، وميلها للغرائز الحيوانية المشبعة بالملذات ،المعنوية والحسية .؟
    إن عمل الشيطان مقيدا بالوسوسة أثناء الغفلة والنسيان، للخطيئة وعقابها.فهو يزين ،يوحي ، يوسوس، يغري، يفتن،يعد ، يكذب يغوي، ينزغ... ولكن تنفع معه الاستعاذة بالله. أما النفس فهي تنفر من التكاليف ، وإتيان الطاعات ، وتحب الاشتغال بالباطل ،ولا تشبع من الملذات . تأتي الشر،وتعصي الله ،مستهينة ومستصغرة لذنوبها ، دون نسيان، ولا غفلة، من صاحبها ، وبإسرار منها . مع التقدير الكامل لعظمة الذنب، وللعقاب المترتب عنه، وبعلم وفهم، لشرع الله وشريعته، ولأوامره ونواهيه ...ولا تنفع معها الاستعاذة بالله .وإنما ينفع معها شغلها بطاعة الله، والخوف منه، ونهيها عن الهوى، ومخالفتها وعصيانها. { ..فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } (سورة النازعات آية 50-51) .ويقول الإمام البصيري : ( وخالف النفس والشيطان واعصهما // وإن هما محضاك النصح فاتهم )
    إن النفس تأمر بالفساد ،ولها من آليات الضغط والإكراه ، ما يمكنها من إرغام صاحبها على تنفيذ أوامرها .أما الشيطان فليس له أي سلطة على قرينه، خارج الوسوسة والإيحاء وما هو في حكمهما .
    إن التعاون المتين بين النفس الأمارة بالسوء ، والشيطان على الفساد والإفساد ،محدود بحدود الحياة الدنيا، أما في الآخرة ، فيكفر كل منهما بالآخر ، ويلعنه. بل ويومئذ يخطب الشيطان في أتباعه متبرئا منهم جميعا قائلا لهم:- كما ذكر ربنا على لسانه -
    : { إني كفرت بما أشركتموني من قبل}( سورة إبراهيم آية 22) { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين } .(الحشر آية 16)
    إن النفس الأمارة ، في تصوري ليست شريرة بذاتها، و طبيعتها. بل هي مزدوجة الطبع، خيرة وشريرة في نفس الوقت . تملك من القدرات والإمكانيات، ما يجعلها تميل إلى الفضائل أو إلى الرذائل بنفس النسب. فالنفس تملك قوة غريزية بهيمية، حيوانية يحكمها منطق اللذة أو اللبيدو . كما تملك أيضا قوة العقل والفكر، الذي به تتم معرفة الخير والشر، ويميز بين والحق والباطل. يقول الدكتور محمد فاروق النبهان : [...ولهذا فإن النفوس تقبل التغيير عن طريق التربية.والنفس التي تملك قوة الغريزة المسيطرة، تملك في نفس الوقت، قوة الفكر والتمييز.وبفضل هذه القوة تنصرف النفوس ،إلى السيطرة على قوة الغرائز، معتمدة في ذلك على القوة العقلية المدركة التي تصارع، قوة الغريزة البهيمية وتسيطر عليها بالإرادة. (أثر التربية الإسلامية في السلوك الاجتماعي- كتاب دعوة الحق العدد 4 ص 38-39-السنة 1999 ) ومن ثم فهي قابلة بكل تأكيد للتوبة والإصلاح . يقول الدكتور محمد فاروق النبهان :[النفس الإنسانية في نظر بن مسكويه جوهر بسيط ،غير محسوس بشيء من الحواس ، وتختلف النفس عن الجسم في قابلية النفس تصور الأشياء المتناقضة والمتعارضة ،ولا تقبل الأجسام ذلك ،إلا بعد زوال صورتها الأولى ، ولهذا فإن النفوس تقبل التربية والتغيير والتبديل والإصلاح والتكوين ، ولا تقبل الأجسام أي تغيير في شكلها. إلا بعد زوال الصورة الأولى لها .] ( مرجع سابق ص 79) . وقد تنتبه هذه النفس إلى غفلتها، وسوء تصرفها، وتتوب إلى ربها، فتعود باللوم على صاحبها لشدة ندمها ، فتحاسبه على عدم فعل الخير، والإكثار منه، وعلى فعل الشر، وعدم الإقلاع عنه .{ولا أقسم بالنفس اللوامة ..{القيامة 2) .يتبع وهذه النفس ذات طبيعة مزدوجة خيرة وشريرة في نفس الوقت فهي تفعل الحسن والقبيح في نفس الوقت، تحب الأول ،وتكره الثاني ، فهي واقعية ، تعرف في قاموس علم النفس بالأنا .
    يرى سيجموند فرويد ، أن الأنا تمثل الجاني الشعوري في الإنسان، وتتكون مما هو واقعي ، وسائد في المجتمع ،كالقوانين ،والتقاليد، والأعراف ، والدين، وكل الإكراهات السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية، والأخلاقية ... وهي المسؤولة عن كل تصرفاتنا، وسلوكاتنا القولية والفعلية .من وظائفها التوفيق التوفيق بين ثلاثة جوانب فينا (1) الجانب الغريزي أو الفطري أي الجانب الحيواني فينا ،(2) الجانب المثالي أو النير فينا، والذي يتكون من الإيمان ،والقيم الدينية والروحية ،والأخلاق الكريمة الفاضلة ، والقيم العليا ...وهو ما يسمى عند فرويد بالأنا العلى(3) الواقع المعيش . الأنا الأعلى وقد ترتقي هذه النفس ويقودها صاحبها إلى درجة الكمال فتؤمن بخالقها ورازقها وبرسالاته ، وتستسلم لأمر ربها وقضائه وقدره .فيحصل لها الاطمئنان، والراحة الأبدية، ويرضى عنها ربها، ويسعد صاحبها، سعادة الدنيا والآخرة. { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي .} (الفجر 27-30)
    وهذه يمكن أن نطلق عليها مصطلح الأنا الأعلى
    إني أخاف الله رب العالمين – الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم (النفس الأمارة بالسوء
    ولا هي خيرة بطبعها وإنما تصير كذلك بالإكتساب .
    *****
    عمر حيمري
    وجدة - المغرب
                  

العنوان الكاتب Date
الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-01-08, 07:09 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-02-08, 06:06 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-04-08, 11:11 AM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-11-08, 10:57 AM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-12-08, 09:28 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-13-08, 06:30 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-17-08, 12:50 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-17-08, 12:54 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-19-08, 06:44 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-21-08, 09:47 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam05-26-08, 08:58 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam06-04-08, 08:22 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam06-06-08, 07:38 PM
  Re: الكاتب المغربي / عمر حميري ..يكتب للمنبر : ويبكي الرجال ..وأشياء اخرى omer abdelsalam06-15-08, 05:59 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de