|
Re: خاص بالشاعر عبدالله شابو : نصوص وحوار (Re: Alsadig Alraady)
|
الشاعر عبد الله شابو لـ (للخرطوم الجديدة): تبقت من (الستينيات) روح المغامرة والبحث عن طرق جديدة!
الشاعر عبد الله شابو من أبرز الأصوات الشعرية التي برزت في ستينيات القرن المنصرم، بجانب محمد المكي إبراهيم، محمد عبد الحي والنور عثمان أبكر، صدر له (أغنية لإنسان القرن الحادي والعشرين) عام 1968م و(حاطب الليل) عام 1988م، ومؤخراً صدر له (أزمنة الشاعر الثلاث).. من مواليد (الكوة) عام 1938م، تلقى بها تعليمه الأولي والمتوسط بكوستي ثم بعث إلى المعهد الفني بمصر (1957- 1960م) ومنها إلى الولايات المتحدة (1961- 1963م)، عمل معلماً بالكلية المهنية وبالمرحلة الثانوية، كما له مساهمات في الترجمة، حيث تعلم الأسبانية بجهد ذاتي، وترجم عنها للوركا، حول عدة محاور كانت معه هذه المقابلة. حاوره: الصادق الرضي
يعتبر عقد الستينيات من أخصب فترات الإنتاج الشعري في السودان، وقد كنت من فرسان تلك الفترة، كيف ترى تلك المشاريع الشعرية الآن، وماذا تبقى من صخب تلك المرحلة؟! صحيح أن فترة الستينيات كانت خصبة جداً وقد برز فيها شعراء وكُتّاب ممتازون، كانت بحق فترة فوران ابداعي ليس في مجال الأدب فحسب ولكن في شتى مناحي الحياة والثقافة، وليس في السودان فقط ولكن يبدو أن هذا الفوران قد أصاب بلداناً كثيرة في العالم، وقد كتب الشعراء فيها ما قدر لهم أن يكتبوا..والسؤال ماذا تبقى من كل هذا الزخم الجهير الصوت كما أطلق عليه؟! تبقت منه روح المغامرة والبحث اللاهث عن طرق أخرى للكتابة والفكر، تبقت هذه الروح التي تستلهم التراث الحي وتنفتح على كل ما أبدع الإنسان وما يبدع الآن، كانت لدينا قناعة تامة بأن كل ما أبدع الإنسان وما صنع ملك لنا جميعاً على سطح هذا الكون الذي لا يفتأ يدور.
لك مساهمات في حقل الترجمة، ماذا عن مشاريعك الابداعية في هذا السياق، وما هي الآفاق التي يمكن أن يفتحها الحوار المعرفي مع الآخر للأدب عندنا؟! الترجمة في أساسها حالة مثاقفة تنشأ عادة بفعل التماس الحضاري وتسهم اسهاماً عظيماً في التفاعل بين الثقافات وفهم الآخر وفتح نوافذ للتفاهم الودود القائم على تقدير الرؤى المختلفة للناس وطرق عيشهم وفهمهم ولا يستتبع ذلك أن يكون لزاماً عليك أن تأخذ بكل هذه الرؤى، ولكن يكفي أن يتبلور عندك أن هناك طرقاً أخرى للعيش والسلوك تجد تبريرها في تراث وظروف الآخرين، الذين يأخذون بها، هذا الفهم يعطيك الحق في أن تدافع وتستمسك بما لديك من سبل وطرائق ورؤي في السلوك والحياة وليس في الأمر (شوفينية) أو جمود، لا عيب في أن تعدل من ثقافتك إن وجدت في طرق الآخرين ما يثري الحياة ويطورها، وهنالك أمثلة رائعة في الحضارة العربية الإسلامية يكفي أن تتمثلها حتى تجد جدوى التلاقح الحضاري.
كيف تنظر إلى واقع الأدب السوداني الآن، الشعر تحديداً، ما هي ملاحظاتك على مسار الكتابة الشعرية الراهنة؟! تنضوي تحت كلمة الأدب السوداني الأشكال الأدبية المختلفة أو إن شئت الأجناس الأدبية المختلفة من قصة، رواية وشعر ..الخ وعلى الرغم من أن الفكر الحديث يكاد يلغي حدود الأجناس حتى يبرز زمن الكتابة كما رسخ لهذا الصديق الناقد الممتاز محمد الربيع محمد صالح واخوة له آخرون، غير أني أقول إن الأدب السوداني مازال مستمسكاً بالأجناس ويعتبرها طرقاً ذات خصائص مختلفة للكتابة والتعبير ويعتبر الخصيصة الشعرية تنظمها جميعاً بدرجات متفاوتة. والحقيقة أن روح الشعر تستبطن الفنون كلها، وواقع الأدب السوداني كما أعرفه مما تيسر لي قراءته مبشر وفيه اشراقات بازخة جداً غير أني أريد أن أرى لكل كتاباتنا الأدبية أن تمنح من الوضوح النافذ والغموض الشفيف والوجدان الفنان الذي يخترق الحجب، كما أريد أن نتكلم في حديثنا عن الأدب السوداني عن الشعر الغنائي وموروثنا الجميل في الجابودي والشاشاي والمربع والعطوي ونبرز اسهاماتها في اثراء الوجدان السوداني وتمثلها للحياة السودانية، في طريقها الصاعد، هذا وألاحظ أن النقد عندنا يميل إلى التنظير للكتابة وأعتقد أن الوجهة المطلوبة الآن هي أن يكون النقد تطبيقاً يستلهم نصوص الشعراء الجدد والقدامى وينوِّه بكل هذا، ففي السودان شعراء ممتازون وكُتّاب قصة ومسرحيون وروائيون جديرون بنقد انتاجهم وابرازه.
علي ذكر النقد، ما تعليقك على غياب فعاليته شبه الكامل عن الساحة؟! هذا سؤال صعب لأنني في نهاية الأمر شاعر قضيته أساساً مع الشعر، وشعره على وجه التحديد لكن ذلك لا يمنع من أن ألاحظ بكل المحبة أن كثيراً من شباب شعرائنا يكتبون شعراً جميلاً ولكني أريد أن أقول إن الشعر لا يُكتب أو يُقال وفقاً لنظريات مسبقة أو حسب توجيهات البلاغة المعاصرة أو علم الأسلوب. قد يساعد التنظير في فتح آفاق للشعراء لتمثلها ولكن هذا لا يبدع شعراً جميلاً، فالشاعر لا يتوخى توجهات الفلاسفة لأن الشعر كلام من الدرجة الأولى والفلسفة تفكير من الدرجة الثانية بمعنى أن الفلسفة طريقة من طرق النظر في المعرفة التي لدينا فعلاً، وعلى هذا يكون النقد كلاماً على كلام الشعراء ولكني ألاحظ بكل الإعزاز أن الإخوة النقاد في السودان يجتهدون كثيراً وقد امتلأوا فعلاً بالمعرفة النقدية المعاصرة ولا أريد أن أسميهم جميعاً حتى لا أسقط اسما لامعاً.
نشر بـ العدد 25 من مجلة (الخرطوم الجديدة) يونيو 2005م http://www.newkhartoum.com/view.asp?release=21&action=article&id=582
|
|
|
|
|
|
|
|
|