|
نص الورقة (الرؤية) .. سبب إعتقال إبراهيم السنوسي
|
بسم الله الرحمن الرحيم
رؤية في تطور أحوال السودان
(لمدي عام)
إن إزمة البلاد التى أثـرت على شئــون بَنى الوطــن الأساسية، قد قادت إلى أنفصال الجنوب واقعاً. وقد تداعت الأزمات الإقليمية الأخرى مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق والشمال، وأزمة المشروعات الوطنية الكبرى كمشروع الجزيرة وسائر المشروعات الزراعية الحكومية، وقد يتفاقم الأمر لسوء سياسـات الســدود وبيــع الأراضـى للقـوى الأجنبية. وتلك عوامل قد تؤدى إلى زلزلة بنية السلطان أو إلى تهور كيان الوطن
.
ذلك فضلاً عن تدهور الأوضاع الاقتصادية، وشدة وقع الضراء على السواد الأعظم من جمهور الوطن فى عسر الخدمات الاجتماعية وعلوّ تكاليفها وغلاء المعاش. ثم إن الظلم لبعض الأقاليم ومشاعر وقعه مما فجر أزمات سياسية تطاولت ودعا إلى حمل السلاح والحرابة الأهلية فى أطراف السودان المختلفة يأساً من أمل الوصول إلى حلول مرضية عن طريق مفاوضات سلمية تؤدى إلى سلام وطنى عادل وشامل
.
وكل ذلك عرّض البلاد إلى مخاطر كبيرة، إذ أخذت تتضاءل عزتها ووحدة صفها فأصبحت تهون على قوى العالم عبر مكائد من الجيرة وحملات من الضغوط والتدخلات الواقعة برؤاها واغراضها المختلفة. وكل ذلك يتهدد سلطان هذا الوطن ومصائر سيرته قطراً واحداً. وهو يستوجب النظر المتبصر في كــل المحتمـلات التى يتعرض لها السودان لتقدير ما هو بعيد الاحتمال أو متوسطه أو غالبه واقعاً فى المستقبل. وينبغى ترتيب التقدير لكل تلك المنظورات وبيان ما هو كريه نحَاول أن نصده وما هو مأثور نجتهد في سبيل إيقاعه. إنا لا نعلم الغيب ولا نتحكم فىأقدار الابتلاء التى قد يوقعها الله على هذا الوطن، لكن من ثم علينا الاستعداد لكل وجوه الاحتمال لنَنقذ الوطن مهما يجرى له لئلا يتفاقم فيه سؤء التأزم فيهلك كيانه.
الإحتمالات الواردة:
أولاً:
إحتمال بقاء النظام الحالي وإستمراره متمكناً من السلطة:
قد يطرق النظر في مدى أمكانية قيام هذا النظام السياسى بإجراءات تصالح أو تراض مع قوى سياسية مؤثّرة فى المعارضة السياسية أو مع تلك التى تحمل السلاح. وقد تظهر منه محاولات إنشاء مشروعات من المعالجات الضرورية تلطيفاً للأزمة السياسية، والاقتصادية. وقد يقوم بترتيبات أمنية حازمة وحملات إعلامية ذات وقع ويتخذ تدابير إعداد قوى الأمن وحصر الثغور التى قــــد تستغلهــا المعــارضــة ترهيبــاً وترغيــبــاً لهــا، فيستطيــع النظــام بـــذلك أن َبــطّـّــئ أو يوقـف عمليــة التغييـر. إن النظر المتبصّريرجح ضَعـف هـذا الاحتمال لقلّة جدوى المصالحة الجزئية وعجز النظام. لكن إذا قدر الله ان يستمر هكذا النظام قائماً للعام القادم كله بأيما أسلوب من الاعتصام بالسلطة - فإنه لامجال لنا إلا اتخاذ الترتيبات اللازمــة لمواجهتــه وتعبئـة المعارضة الفاعلة والصبر منا على ابتلاء حملته علينا، طــوال مــدى بقائـه.
ثانياً:
إحتمال قيام إنقلاب عسكري:
يَستبعد بقدر مّا هذا الاحتمال، إذ كانت العبرة فى سوابق السودان من حركة الجيش فى تغيير النظام وفى سائر أمثلة الحركات العسكرية الحاضرة فى بلاد عربية أن كل حركة من العسكر أنما مهد لها دفع ثائر من قوى سياسية أو تحريفى قد يكون خفيّاً ثم يظهر من تجاوب وتأييد فورى لاحق. وقد ذاقت كل القوى السياسية السودانية ويلات عاقبـــة الانقـــلابات العسكريـة التــى مهدت لها هى أو دعمتهـا أو أبدّتها
.
لذلك يكاد يَتفق على كره هذا الخيار مستقبلاً. ويضعف الظن به محتملاً لضعف روح الوطنية والإنضباط والتوحد النظامى ونشؤ الظواهر الجديدة فى الجيش الحاضر المَبتلى بفشؤ العصبيات والفساد مثل سائر المجتمع، مضافاً إلى ذلك ضعف ثقة عناصر الجيش فى القيادات السياسية وإمكانية الاعتماد عليها فى دعم الانقلاب سياسياً. لكن - مهمــا يضعف الاحتمــال - ربما تطرأ رغم ذلك مبادرة إنقلابية من الجيش لا سيما أن خطابها الأول للشعب سيجد مادة متاحه ومقبولة من الحملة على سوء النظام القائم وسياساته وبالغ خطئها فى أيما شأن من ظلمه وفساده. وقد تضعف ثقة الجيش فى القيادات السياسية إن أخذ السلطة ليَردها إليها ويتضاعف انفتان قادته ان تمكنوا فى الحكم بالسلطة فيمضون فى تولّيها ويصرون على الأخلاد فيها ولو وعدوا - على سبيل الدعاية - بّرد السلطة إلى الشعب أو أتخذوا بعض إجراءات شكلية تشبه الديمقراطية ولكنها زائفة مثل ما هو اليوم مشهود من هذا النظام العسكرى القائم
|
|
|
|
|
|
|
|
|