الله في قيلولته الكونية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 09:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر اسامة الخواض(osama elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-03-2008, 04:26 PM

أبوبكر أبوالقاسم
<aأبوبكر أبوالقاسم
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2805

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الله في قيلولته الكونية (Re: osama elkhawad)

    Quote:
    يستحق الملف كثير انتباه



    هذا فعلاً ما نتفق عليه ولهذا جاءت هذه المداخلة مطوّلة . وأرجو أن تكون دافعاً للبعض للنهل من التراث الصوفى.


    لابد من القول أن فهم الكثيرين منّا للفكر الصوفى لا يتعدى ما يذكره خصوم الصوفية عن ضعف العلم الشرعى بين جماهير الصوفية وغلوهم فى

    تقدير شيوخهم وبخاصة من رحل منهم إلى جوار الله ، ومسارعتهم إلى الخلاف وكراهيتهم الشديدة لمن ينتقدهم أو ينصحهم من خارج الدوائر

    الصوفية ، قد يكون ذلك صحيحاً فى بعضه أو لحد كبير من الناحية الواقعية ، ولكنه يُخالف أصول التصوف وأحوال المشايخ الأولين (

    فالتصوف فلسفة حياة تهدف إلى الترقى بالنفس الإنسانية أخلاقياً ، وتتحقق بواسطة رياضات عملية معينة تؤدى إلى الشعور فى بعض الأحيان

    بالفناء فى الحقيقة الأسمى ، والعرفان بها ذوقاً لا عقلاً ، وثمرتها السعادة الروحية ويصعب التعبير عن حقائقها باللغة العادية لأنها

    وجدانية الطباع وذاتية ) .


    لا يختلف إثنان بأن الفهم الصحيح للصوفية يقتضى الإلمام بجانب من العلوم الشرعية .


    سأحاول كسر حاجز الرهبة لدى الكثيرين بسبب قلة معرفتهم بالفكر الصوفى المقتصرة لدى الكثيرين على ما ذكرته أعلاه لأن للمتصوفة لغة

    ومصطلحات خاصة لا يتيسر للكثيرين الإلمام بها مما جعلها حاجزاً يحول بينهم والولوج إلى الفهم الصوفى السليم . سأحاول إنتهاز هذه

    الفرصة فى الرد على ما تم إنتقاؤه بعناية من أقوال وأشعار مخالفة لأصول الفكر الصوفى المتعارف عليها وهذا مما يزيد البعض منّا إرباكاً

    على إرباك ، خاصة إذا وضعنا فى إعتبارنا الغرض الذى تم به إنتقاء هذه الآراء والأشعار المربكة حتى للمتمكنين من الفكر الصوفى ، وفى

    ذات الوقت سأتطرق لبسط موجز للفكر الصوفى.


    نهج الصوفية يسير على الإبهام وإيراد العبارات والتى تحتاج إلى الفهم والترجمة وهم يسيرون على منهجهم المعروف كما قال به الإمام أبو

    العزائم :

    "إنما العبارة لا تفى ببيان المضمون من كـلام العـارفين إنما هي أنوار وإشارات ، والنفس تذوق من المعانى بقدرما وهبها الله . "

    ويقول آخر " الكلمة حجاب *** والحرف حجاب "



    وكما قال الأستاذ مصطفى محـمود في كتابه ( السـر الأعظم ) ( فالله من صفاته أنه العزيز الممتنع الّذى لا يبيح أسراره إلا لمن كان أهلاً

    لتلك الأسرار فهى ليست شرعـة لكل وارد ) ……. ويقول أيضاً ( إن عبارات الصـوفية هـي في حقيقتها تذوق لما لا ينقال … فهى تعبر

    بالاشارة والإيحـاء …فمن وهبه الله الذوق إلتقط الإشارة وترجم العبارة ) .

    فلنورد بعض إشارات الصوفية اللطيفة :

    معلوم أن أصل منهج الصوفية " عدم التنازع " أى لا ينازعون الآخرين الرأى ولا يحاولون قهرهم بالجدل … فالله يدل على نفسه بضرب

    أمثلة فى المظـاهر والتجليات فمن وقف عند المثال إحتجب وضّل ومن تجاوزه الى المرموز الخافى وراءه إهتدى .


    فالله أظهر نفسه بحقائق *** الأكوان فى أعيانها فأعبده بها

    إن كنت تعبده فلست بعابد *** فأنظر إلي قولى لعلك تنتبه


    المقصود بذلك أننا لا يمكن أن نعبد الله إلا بالله …لأنه الدليل على نفسه .. فإن كنت تعبد الله بنفسك فلست بعابد بل مدع..إنما تعبد الله بالله

    ، بآياته وبأدلته على نفسه أى تعبده به .. ولذا كان العلم عند الصوفية هو ما لله تعالى من الوجوه فى كل مخلوق ومعبود والشريعـة

    والحقيقة هما ترجمان الاسم الظاهر والباطن .. وأشــرف العلوم هو العلم بالله لأنه متعلق بأشرف معلوم .. وما العـلم بما سوى الله الا عُلالة

    يتعلل بها المحجوبون وعن هؤلاء يقول القرآن الكريم :

    ( يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) ســورة الروم " 7 " فالله خلق الإنسـان على صورته على مقتضى أسمائه

    وصفاته " سميعاً بصيراً مريداً حياً متكلماً " فأنت تعرف وحدانية الحق من وحدانيتك .. وفردانيته من فردانيتك فكلـها أسـماء الله الحسنى

    وصفاته تنزلت فيك على قدر أهليتك واستحقاقك … فالله هو الظاهر في المظاهر …وفرق بين الظاهر والمظاهر كالفرق بين الخمر والقدح وفى ذلك

    يقول الامام أبو العزائم :

    صارت الأكوان للخمر قداح *** دنها رسمى وقلبى كأسها

    معنى صدر البيت : أى صارت الأكوان مظهراً للخمر الإلهية أى الأنوار الإلهية - أنوار الأسماء والصفات .


    ومعنى عجز البيت : والشرب من هذه الخمر هى رؤية الله فى آياته . لأن الرسم مقصود به الجسد والمعالم المادية للأشياء فالجسد هو دن

    الأنوار والقلب كأسها .


    الله الله الله من هذه المعانى السامية .


    ومع كل هذه المعانى نجد من المتداخلين من يدعونا إلى ترك التذوق!!!!!



    نسأل الله بحق أن نعرف أنفسـنا ونعـرف حقيقتنا لأننا كلما عرفنا الكون أكثر وتعرفّنا على ما فيه تزداد قناعتنا أنه لا شيىء الا الله وما

    نراه من حولنا من أشياء ما هى إلا عموم التجّلى وبذلك نرى الله سـبحانه وتعالى في كل مخلوقاته … فلنسأل الله سـبحانه وتعالى أن يجعلنا

    نذكره دوماً فى كل وقت وفى كل ساعة وفى أنفسنا ( وفى أنفسكم أفلا تبصرون )

    ______________________


    كان للتصوف الإسلامى تجليات متعددة على اصعدة مختلفة:[/B]


    1- التجلى الفنى: حيث عبّر عشاق الصوفية وشعراؤهم عن مواجيدهم ومشاعرهم الحارة وحاولوا أن يعيشوا حقائق القرآن

    ويغوصوا فى عالمه الملئ بالأسرار وخرجوا على الناس بأدب رفيع المستوى فى عديد من اللغات الإسلامية وكان حظ اللغة العربية منها وافراً

    فهذا مجلى ومظهر ونتيجة وأثر .

    من ذلك إنتقال الأدب الصوفى إلى مرحلة جديدة سادت فيها قيم أساسية ثلاثة هى : التربية ، المحبة والمعرفة وأمثلة ذلك:


    - عبدالله بن المبارك المتوفى (181 هـ) الذى بعث برسالة لصاحب له كفيف فى البيت الحرام:

    يا عابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك بالعبادة تلعب

    من كان يخضب خده بدموعه *** فصدورنا بدمائنا تتخضب



    - ذو النون المصرى (ذو النون ثوبان بن ابراهيم وكان نوبياً ثم أقام بأخميم وساح فى البلاد) :

    أموت وما ماتت إليك صبابتى *** ولا رويت من صدق حبك أوطارى


    فبين المنى كل المنى أنت لى منى *** وأنت الغنى كل الغنى عند افتقارى


    وأنت مدى سؤلى وغاية رغبتى *** وموضع آمالى ومكنون إضمارى


    وبين ضلوعى منك ما لا أبينه *** ولم أرَ باديهِ لأهل ولا جار



    - ومن شعر رابعة العدوية فى ( الحب الإلهى ):


    أحبك حبين حب الهوى *** وحبَّاً لأنك أهل لذاكا


    فأما الذى هو حب الهوى *** فشُغلى بذكرك عمّن سواكا


    وأما الذى أنت أهل له *** فكشفك لى الحجب حتى أراكا


    فلا الحمد فى ذا ولا ذاك لى *** ولكن لك الحمد فى ذا وذاكا




    وتقول أيضاً:


    يا سرورى ومنيتى وعمادى *** وأنيسى وعدتى ومرادى


    أنت روح الفؤاد أنت رجائى *** أنت لى مؤنس وشوقك زادى


    أنت لولاك يا إله البرايا *** ما تشتت فى فسيح البلاد


    كم بدت منة وكم لك عندى *** من عطاء ونعمة وأياد


    ليس لى عنك ما حييت براح *** أنت منى ممكن فى السواد



    - عمر بن على المعروف بإبن الفارض (" سلطان العاشقين والمحبين" . توفى بالقاهرة فى جمادى الأولى عام 632 هـ/ 1235م ودُفن فى

    سفح جبل المقطم ):


    يضم ديوان إبن الفارض عدة مدائح نبوية جاء فى إحداها:


    دعْ عنك تعنيفى وذُقْ طعم الهوى *** فإذا عشقْتَ فبعد ذلك عنفِ

    بَرَحَ الخفاءُ بحب مَنْ لو ، فى الدُجى *** سَفَرَ اللثَام ، لقلْتُ: للبدر اختفَ

    وإن اكتفى غيري بطيفِ خيالَهَ *** فأنا الذى بوصاله لا أكتفَ

    وقْفاً عليه محبتى ولمحنتى *** فأنا الذى بوصاله لا أشتفى

    وهواهُ وهو أليتى وكفى به *** قسماً أكاد أجله كالمصحف

    لو قال تيهاً: قَفْ على جَمرَ الغَضَا *** لوقفتُ ممتثلاً ولم أتوقفِ

    أو كان من يرضَى بخدى موطئاً *** لوضعنه أرضاً ولم أستنكفَ

    لا تنكروا شغفى بما يرضَى وإنْ *** هو بالوصال على لم يتعطفَ

    لو أسمعوا يعقوبَ ذكر ملاحةٍ *** فى وجهه نسىَ الجمال اليوسفى

    أولو رآه عائداً أيوب فى *** سِنة الكَرىَ قِدماً من البلوى شُفى

    كَمُلَتْ محاسنهُ فلو أهدى السنا *** للبدرَ عند تمامه لم يُخْسَفِ

    ولقد صرفْتُ لحبِهِ كلُى على *** يد حسنِهِ فحمِدْتُ حُسن تَصَرٌفى

    فالعينُ تهوى صورة الحُسن التى *** روحى بها تصبو إلى معنىً خفِى

    أسْعِد أُخَى وغَننى بحديثِه *** وانثُر على سَمعى حِلاَهُ وشنفِ

    لأرى بعين السمع شاهد حُسنهِ *** معنىً فأتحفْنى بذاك وشرفِ

    وعلى تفنن واصفيه بحُسنِهِ *** يفنى الزمان وفيه ما لم يُوصفِ


    2- التجلى الفكرى : فى ميدان النفس الإنسانية وظواهرها وقواها المختلفة ، واساليب التربية الروحية والخلقية ، وكيفية

    رياضة النفس وإحكام الشخصية وهو أرفع وأنفع ألوان الفكر الصوفى.

    كما أن له تجليات فى ميدان الفكر الميتافيزيقى أو الثيوصوفى فقد حاول بعضهم تقديم نظريات ومذاهب تأخذ شكل الفكر الفلسفى.


    3- الدور الإجتماعى:

    لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذى تقوم به الطرق الصوفية فى ميدان الخدمة الإجتماعية التى تمثل أحد آثار الطرق الصوفية وتجليات

    حقيقتها الروحية :

    الطريقة: علم المعاملة أو السلوك( السيرة المختصة بالسالكين إلى الله من قطع المنازل والترقى فى المقامات).( المقامات

    بدايتها : التوبة وتتدرج وتتوالى بحسب اختلافه من صوفى لآخر بإختلاف تجاربهم واستعداداتهم ، فمنهم من يقول سبعة وآخرون تسعة ( المكى

    فى القوت/ الغزالى فى إحياء علوم الدين/ أبى نعيم فى الحلية وإبن القيم والهروى).


    الحقيقة:علم المكاشفة " المعرفة" ( هى الأذواق والمواجيد والمعارف والإشراقات والرؤى الروحية التى تبدو للسالك وتنفث فى

    روعه.

    ــــــــــــــــــــــــــــــ


    ماذا عن محاولة الرد الذى سبقنا به آخرون على ما أورده أبى يزيد والحلاج ؟


    فى كل الأحوال نحمد لكاتب البوست محاولة الإبحار من خلال جهلنا بحقيقة التصوف وإغفاله للتطرق لأهم مراحله – إبن عربى- و لقد نحا كاتب

    البوست لجانب التصوف واختصره فى اثنين:

    1- أبى يزيد البسطامى (260هـ/ 784م) الذى اعتمدت طريقته على منهج اعتماد الملامة أو نقد الذات / السكر / الخوف / الإلهام /

    العزلة / التوحد و والإهتداء.وهو خير ممثل للإتجاه الذى خضع أصحابه للوجد والفناء ، ولكنه فى الوقت ذاته نسبت إليه أقوال تُوصف فى

    مصادمة مشاعر المسلمين فى عقيدتهم ، فقد دافع عنه البعض من حيث أن أقواله الموهمة و الشنعية فى ظاهرها قد صدرت عنه فى حال جذب

    ووجد ، وهى وإن كان أنقص من حال الصحو فإن صاحبها يُعذَر لأنه غاب عن وعيه بغالب شوق فوق طاقته ، وهو هنا ليس مكلّفاً لذلك فكلامه يُطوى

    ولا يُروى وبخاصة إذا كان سبب السكر هذا بعيداً عن مخالفة الشرع.وقد فرّق الجنيد – وهو أقدم من أعذر أبا يزيد- بين مكانته الصوفية فى

    غلبة السكر عليه وبين الحكم على ما قال ، فبالنسبة لأقواله الموهمة يعتبرها شطحاً لا ينطق عن ذاته ، وإنما عمّا يشاهد وهو الله ، وقال

    فيما رُوى عنه : الرجل مستهلك فى شهود الجلال ، فينطق بما استهلكه ، أذهله الحق عن رؤيته اياه ، فلم يشهد إلا الحق فنعته.


    وقد قال الشيخ ( عبدالقادر الجيلانى ) الفقيه الحنبلى مقرراً لقاعدة فى الشطحيات: لا يُحكم إلا على ما يلفظ به الصوفى فى حالة

    الصحو ، وأما الغيبة فلا يُقام عليها حكم .وهو نفس ما قرره إبن تيمية فى حديثه عن الفناء عن شهود السوى ، وقد يقع لبعض المصطلمين من

    أهل الفناء فى المحبة أن يغيب بمحبوبه عن نفسه وحبه ويغيب بمذكوره عن ذكره ... حتى لا يشهد إلا بمحبوبه فيظن فى زوال تمييزه ونقص

    عقله وسكره أنه هو محبوبه ، لكن إن كان هذا لقوة المحبة ، والذكر من غير أن يحصل من سبب محظور زال به عقله كان معذوراً فى زوال عقله

    ، فلا يكون مؤاخذاً بما يصدر عنه من الكلام فى هذه الحالة ( الفتاوى 10/ 59 ، 60).



    ولكنا نجد فى الطرف الآخر من لا يقبل أن يعذر أبا يزيد وجماعته فى أقوالهم مركزاً على مصادمتها لعقيدة المسلم ، ومعزياً ذلك إلى الأثر

    المجوسى الذى يمكن أن يكون قد بقى فى أبى يزيد من جده ( إسمه الحقيقى طيفور بن عيسى بن سروشان من بسطام ومنها أخذ نسبته /

    البسطامى / وكان جده مجوسياً ثم أسلم).

    رغم كل ذلك فإن ما قال به أبى يزيد فى الحديث عن الفناء والوجد لم يزل فى دائرة التصوف وأكثر وضوحاً فى الخروج عن المشهد الذوقى

    والدخول فى باب فلسفة الوجود.


    2- أبو مفيد الحسين بن منصور الحلاج ( قُتل فى 309هـ) والذى سار على نفس نهج فلسفة الوجود وأدى به الفناء إلى القول بالحلول ،

    ولذا اعتبره البعض صاحب أكثر الأفكار الغالية ( من الغلو) المتطرفة التى خرجت من بغداد ودفع حياته ثمناً لها لأن من تسامح مع

    البسطامى فى شطحته لم يتسامح مع الحلاج لأنهم رأوا خروجه السافر على عقيدة المسلمين وجرأته فى التصريح بذلك بعبارات وأبيات فى فنائه

    تُظهر قوله بالحلول ، والحلول عند فناء الإرادة الإنسانية تماماً فى الإرادة الإلهية ، بحيث يكون الفعل الصادر عن الإنسان صادراً عن الله ،

    فالإنسان عنده كما لا يملك أصل فعله لا يملك فعله . ومن عباراته " أنا الحق ":

    أنا الحق والحق للحق حق **** لابس ذاته فما ثم فرق


    وأيضاً :


    أنا من أهوى ومن أهوى أنا ***** نحن روحان حللنا بدنا


    فإذا أبصرتنى أبصرته ****** وإذا أبصرته أبصرتنا




    وواضح من كلام الحلاج التصريح بالحلول ويعنى به حلول الطبيعة الإلهية فى الطبيعة البشرية ، أو بتعبير آخر اصطلاحى عنده – استعاره كاتب

    البوست- " حلول اللاهوت فى الناسوت". وهذا الذى عبّر عنه فى أبياته:


    سبحان من أظهر ناسوته**** سر سنا لاهوته الثاقب


    ثم بدا لخلقه ظاهراً **** فى صورة الآكل والشارب


    حتى لقد عاينه خلقه **** كلحظة الحاجب بالحاجب


    ( أنظر ابن الجوزى/ تبليس إبليس/ 182).



    فى هذه الأقوال يقول الشيخ ابن تيمية: وليس أحد من مشايخ الطرق الصوفية- لا أولهم لا آخرهم- يُصوِّب الحلاج فى جميع مقاله ، بل اتفقت

    الأمة على أنه إما مُخطئ ، وإما عاص ، وإما فاسق ، وإما كافر ، ومن قال إنه مصيب فى جميع هذه الأقوال المأثورة عنه فهو ضال ، بل كافر

    بإجماع المسلمين .



    - اتهمه المعتزلة بالشعوذة.


    - قال عنه المستشرق ماسينون أن الحلاج كجدلى وصوفى حاول أن يوفق فى أنٍ معاً بين العقيدة الإسلامية والفلسفة اليونانية.


    - قال عبدالقادر البغدادى أن غرض الحلولية القصد إلى افساد القول بالتوحيد وقرن بينه وبالرافضة.


    - المقدسى اتهمه بالقول بتناسخ الأرواح.



    فى الدراسات المعاصر نجد من يقول إن الحلول عند الحلاج هو مجازى وليس حقيقياً ، لأنه نُسب إليه أقوالاً تصرح بالمخلوق والخالق مثل " من

    قال بأن الإلهية تمتزج بالبشرية والبشرية بالإلهية فقد كفر ، فإن الله سبحانه وتعالى تفرد بذاته وصفاته عن ذوات الخلق وصفاتهم ، ولا

    يشبههم بوجه من الوجوه ولا " يشبهونه".


    وقوله : " ما انفصلت البشرية عنه ولا اتصلت به" .


    فليس قوله بالحلول إذاً حقيقاً ، وإنما هو مجرد شعور نفسى يتم فى حال الفناء فى الله ، أو على حد تعبيره : مجرد استهلاك الناسوت فى

    اللاهوت ( السلمى ، طبقات: (31) مدخل (128).



    وقال السلمى أيضاً : لأن الحلاج يثبت الثنائية - الإثنينية بتعبير إبن عربى – فى الوجود فهو بعيد عن القول بوحدة الوجود لهذا السبب

    وحده ، ولأنه كان حلولياً يطلب محو صفاته وحلول صفات الله كلها ، وأما الفناء عند أصحاب وحدة الوجود – إبن عربى مثالاً- فهو حال تحقق


    فيها الصوفى من اتحاد موجود بالفعل ، كان قد حجبه عنه اشتغاله بأنانيته.


    - قال عنه أيضاً المستشرق ( نيكلسون ) أن حلول الحلاج مجازى .



    بإختصار إن ما أورده ( البسطامى) وبرز بصورة أوضح عند ( الحلاج) لم يكن موضع قبول ورضا من العامة ولا العلماء الصوفية وغيرهم ، وهو

    دليل على ما تسرّب إلى التصوف السنى من أفكار أجنبية وغربية على الإسلام وتُخالف طبيعة الصلة بين فهم الصوفى ( للتوحيد ) وبين نظرته

    أو فكرته عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم .



    وبإختصار أيضاً فإن ما قاله ( البسطامى) أو ( الحلاج) يقران فيه بوجود الخالق المقتدر عزّ وجلّ وليس عن إلحاد.



    إبن عربى نقل الفهم الصوفى إلى مراقى أخرى وعبّر عن ذلك شعراً:



    فإن قلت بالتنزيه كنت مقيداً *** وإن قلت بالتشبيه كنت محدداً


    وإن قلت بالأمرين كنت مسدداً *** وكنت إماماً فى المعارف سيداً


    فإياك والتشبيه إن كنت ثانياً *** وإياك والتنزيه إن كنت مفرداً


    فما أنت هو: بل أنت هو وتراه فى *** عين الأمور مسرَّحاً ومقيداً



    يشرح معنى ذلك بقوله : قال الله تعالى " ليس كمثله شئ " فنزّه ، " وهو السميع البصير " فشبّه.


    وقال الله تعالى " ليس كمثله شئ" فشبّه وثنَّى ، " وهو السميع البصير" فنزَّه وأفرد.



    يعتبر إبن عربى الشارح الأعظم للفكر الصوفى وقد قدّم مذهبه المتكامل لفلسفته الصوفية:


    الصوفى العارف لايرى حيثما توجه إلا الله " فأ ينما تولوا فثم وجه الله " ( سورة البقرة – الأية 115 ) لأن كل ما في الدنيا تجلياته

    وتنزلات أسمائه الحسنى وصفاته ... فالله خلق الإنسان على صورته " على مقتضى أسمائه وصفائه سميعاً بصيراً مريداَ حياً متكلماً " ليدل

    عليه ... " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " ( الذاريات – 21 ) ... وكلها أسماء الله الحسنى وصفاته تنزلت فيك على قدر أهليتك واستحقاقك مع

    الفارق أن صفات الله تعالي حق الله مستعارة للإنسان وقد سرى حكمها فينا حسب استعداد قوابل نفوسنا لها بحكم الخلق على الصورة ... فالله

    ظاهر من حيث المظاهر, باطن من حيث الهوية " هو " ولكنه لايتغير ولايتكثر مع تلك المظاهر ، فلم يزل الحق تعالي غيباً فيما ظهر من الصور

    في الوجود ، فنسبتنا منه نسبة الصفات والأسماء ، أما الذات فخفاء مطلق ...وإذا إستعرنا التشبيه العصرى فسوف نقول الظاهر والمظاهر

    كالنور في أنابيب النيون وأنابيب النيون ذاتها ... فأنابيب النيون هى المظاهر في تشكيلاتها المختلفة وهندساتها المتفاوته ... وفي

    كل أنبوبه تجلى صفه خاصة للنور حسب هندسة الأنبوبة وتركيبها ... فأنبوبة تظهر النور الأحمر وأنبوبة تظهر النور الأزرق وأنبوبة النور

    البنفسج وكل هذه الألوان من النور الأبيض الواحد ... فهى تفصيل ما أجمل في النور الأبيض وهو الظاهر فيها جميعاً على إختلاف مظاهرها ...

    لآن الواحد مدرج في الأعداد إدراج سريان دونما حلول أو إتحاد وهذا مثال لسريان الأحدية الإلهية في كثرة المظاهر التى نراها دونما حلول

    أو إتحاد لأن الله لا يعطى من ذاته في هذه التجليات شيئاً كما أن الشمس لاتعطى من ذاتها شيئاً للقمر حينما تتجلى بنورها فيه ( ليس في


    القمر من الشمس شئ ) .



    إبن الفارض شرح هذا المعنى فى شعر فصيح حمل كل هذه المعانى الشفيفة فى قصيدته ( التائية الكبرى المسماة بنظم السلوك ):


    فَلاَ تَكُ مَفْتُونَاً بحُسنْك مُعجِباً **** بِنَفْسِكَ مَوقُوفَاً على لَبْسِ غِرَّةِ

    وفَرِق ضَلاَلَ الفَرْقِ فَالجَمْعُ مُنْتِجٌ *** هُدَى فِرْقَةٍ بالإتّحادِ تَحَدَّتِ

    وصَرِّح بإطلاقِ الجَمَالِ ولاَ تَقُلْ **** بتَقْيِيِدِه مَيْلاً لزُخْرُف زِيْنَةِ

    فَكُلُّ مَلِيحٍ حُسْنُهُ مِنْ جَماَلِها ***** مُعَرٌ لَهُ بَلْ حُسْنُ كُلِّ مَليِحةِ

    بِها قَيْسُ لْبنَى هَامَ بَلْ كُلُّ عاشِقٍ *** كمَجْنُونِ لَيْلَى أوْ كُثَيِّرِ عَزَّةِ

    فَكُلٌّ صَبَا مِنْهُم إلى وَصْفِ لَبْسِها *** بِصُورةِ حُسْنٍ لاحَ فى حُسْنِ صورةِ

    ومَاَ ذاكَ إلاَّ أنْ بَدَتْ بِمَظَاهِرٍ **** فَظَنُّوا سِواها وَهْى فِيها تَجَلَّتِ

    بَدَتْ بإحتِجَابٍ واخْتَفَتْ بِمَظَاهِرٍ *** على صبغ التَّلْوِينِ فى كُلّ بَرْزَةِ

    فَفِى النَّشأةِ الأولى تراءتْ لآدَمٍ *** بِمَظْهَرِ حَوَّاء قَبْلَ حُكْمِ الأُمُومةِ

    فَهَامَ بِهَا كَيْمَا يَكُونَ بِهَا أباً **** ويَظْهَرَ بِالزَّوْجَيْنِ حُكْمِ الْبُنُوَّةِ

    وكَان ابْتِدَا حُبِّ المَظَاهِرِ بَعْضَها *** لِبَعْضٍ ولا ضدٌّ يُصَدُّ بِبِغْضَهِ

    ومَاَ برِحتْ تَبْدُو وتَخْفَى لِعِلّةٍ **** على حَسَبِ الأوْقاتِ فى كُلِّ حِقْبَةٍ

    وتَظْهَرُ للعُشَّاقِ فى كُلِّ مَظْهَرٍ *** مِنْ اللَّبْس فى أشْكالِ حُسْنٍ بَدِيعَةِ

    فَفى مَرَّةٍ ( لُبْنَى) وأُخْرَى ( بُثَيْنَةً) ** وَآوِنَةً تُدْعَى ( بِعَزَّةَ ) عَزَّتِ

    وَلَسْنَ سِواهَا لا ولا كُنَّ غيْرَها *** وَمَا إنْ لَهَا فى حُسْنِها مِنْ شَريكةِ


    ويمضى قائلاً :

    ففى مَرَّةٍ قَيْساً وَأُخْرَى كُثَيّرِاً **** وآونَةً أبْدُو جَميِلَ بُثيْنَةِ

    تَجَلَّيت فيهِم ظاهِراً واحْتَجَبْتُ *** بأطنابِهِمِ فاعْجَبْ لِكَشْفٍ بسُتْرَةِ



    ــــــــــــــــــ


    تلاحظون سادتى جرأة البعض فى وصم من يقومون بالرد على كاتب البوست :



    Quote:
    Quote: حاجه عجيبه
    اول مره الواحد يكتشف أن الحديث عن أو الشكوى من أو الى الله حصريامحتكره ومسجله لجماعة ما
    ربما تكون (حزب الله السودانى)




    إلا أننا فى مقابل ذلك لن نوصمهم بعكس ما وصفونا به ، حتى لا نتشاغل عن غرض البوست



    ــــــــــــــــــــــ



    فى تقديرى أن كاتب البوست قد تأرجح بين فكرتين:


    - وجود الخالق من خلال ما أورده عن بعض الكتاب ممن تجرأوا على المولى عزّ وجل .



    - التساؤل عن " سر القدر " أو " حكمة القدر" التى إكتأث فيها على المولى ووصفه أنه فى قيلولته الكونية التى سمحت بوقوع

    الحروب والكوارث.



    كل ما جاء فى ما دعانا للنظر إليه بالرؤية الشعرية اقتصر على :


    Quote:
    الحديقة متقاعدة منذ الحرب العالمية الثانية،
    الازهار تكتب مذكراتها ،
    والعصافير تشكو من ارق الشيخوخة،
    الشواطئ مضاءة لثرثرة فوارة،
    لكن الالسن تقضي عطلتها مع البطاريق،
    في الأساس ،
    ليس هنالك من يعرف ماذا يحدث ،
    لان الله مستغرق في قيلولته الكونية




    وهى جميعها حدثت بفعل مسببات محسوسة ( أشخاص / مواقف ) ولم تكن كما يقولون حدثت كنتيجة حتمية أو لظروف قاهرة وهى التى اُصطلح على

    تسميتها:

    إما

    Acts of Gods (Nature)


    أو بلغة القانون :

    Force Majure

    ـــــــــــــــــــــــــــــــ



    الشيخ ( إبن عربى ) أورد فى كتابه ( فصوص الحكم ) شرحاً لطيفاً للتفرقة بين ( المشيئة) و ( الإرادة ) فقد فرّق بينهما عبر تفرقة

    تتفق مع جانبى الفعل ، فالله يريد كل ما يقع فى الكون من حيث كونه أفعالاً ، ولكنه لا يشاء وقوع المعاصى من حيث هى أحكام فى الفعل

    أعطتها أعيان الممكنات ، وينفى ( ابن عربى) عن الله إرادة المعصية ( الفتوحات المكية الجزء 2-ص 66)، ويربط من جانب آخر بين المشيئة

    الإلهية والعلم ويرى استحالة تعلق المشيئة إلا بما عليه العلم ، مستنداً إلى فهمه للنص القرآنى: ( لو شاء الله لهداكم أجمعين ) ، فمطلق

    الفعل الحسن من حيث نسبته إلى الله ، كما أن دلالة الأسماء كلها على الله دلالة مطلقة ، والفعل من حيث نسبته إلى العبد مقيد بالحكم ، كما

    أن الأسماء الإلهية من حيث علاقتها بالعالم ليست سوى أحكام أعيان الممكنات.




    جاء شرح " سر القدر " مأخوذاً من فص حكمة روحية فى كلمة يعقوبية:[/B]

    فالدين كله لله وكله منك لا منه إلا بحكم الأصالة. قال الله تعالى ( ورهبانية ابتدعوها) وهى النواميس الحكمية التى لم يجئ الرسول

    المعلوم بها فى العامة منعند الله بالطريقة الخاصة المعلومة فى العرف. فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهى فى

    المقصود بالوضع المشروع الإلهى ، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى ، ( وما كتبها الله عليهم). ولما فتح الله بينه وبين

    قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل فى قلوبهم تعظيم ما شرعوه – يطلبون بذلك رضوان الله – على غير الطريقة النبوية

    المعروفة بالتعريف الإلهى فقال ( فما رعوها ) : هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم : ( حق رعايتها ) ، إلا ابتغاء رضوان

    الله )
    وكذلك اعتقدوا ، ( فآتينا الذين آمنوا ) بها ( منهم أجرهم ) ، و ( كثير منهم ): أى من هؤلاء الذين

    شرع فيهم هذه العبادة ( فاسقون ) أى خارجون عن الإنقياد إليها والقيام بحقها. ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرّعه بما يرضيه .

    لكن الأمر يقتضى الإنقياد: وبيانه أن المكلّف إما منقاد بالموافقة وإما مخالف ، فالموافق المطيع لا كلام فيه لبيانه ، وأما المخالف فإنه

    يطلب بخلافه الحاكم عليه من الله أحد أمرين: إما التجاوز والعفو ، وإما الأخذ على ذلك ، ولا بد من أحدهما لأن الأمر حق فى نفسه. فعلى كل

    حال قد صحّ انقياد الحق إلى عبده لأفعاله وما هو عليه من الحال. فالحال هو المؤثر . فمن هنا كان الدين جزاء أى معاوضة بما يسرُّ ولا

    يسر.


    ( رضى الله عنهم ورضوا عنه ) هذا جزاء " بما يسرُّ " ، ( ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً ) هذا جزاء بما لا يسر. و

    ( نتجاوز عن سيئاتهم ) هذا جزاء. فصحّ أن الدين هو الجزاء ، فكما أن الدين هو الإسلام والإسلام عين الإنقياد فقد إلى ما يسر وإلى

    ما لا يسر وهو الجزاء. هذا لسان الظاهر فى هذا الباب.


    أما سره وباطنه فإنه تجل فى مرآة وجود الحق : فلا يعود على الممكنات من الحق إلا ما تعطيه ذواتهم فى أحوالها ، فإن لهم فى كل

    حالة صورة ، فتختلف صورهم لإختلاف أحوالهم ، فيختلف التجلى لإختلاف الحال ، فيقع الأثر فى العبد بحسب ما يكون . فما أعطاه الخير سواه

    ولا أعطاه ضد الخير غيره ، بل هو مُنعم ذاته ومعذبها. فلا يذمَّنَّ إلا نفسه ولا يحمدنَّ إلا نفسه . ( فلله الحجة البالغة ) فى علمه بهم

    إذ العلم يتبع المعلوم . ثم السر الذى فوق هذا فى مثل هذه المسألة أن الممكنات على أصلها من العدم ، وليس وجود إلا وجود الحق بصور

    أحوال ما هى عليه الممكنات فى أنفسها وأعيانها. فقد علمت من يلتذ ومن يتألم وما يعقب كل حال من الأحوال وبه سمى عقوبة وعقاباً وهو

    سائغ فى الخير والشر غير أن العرف سمّاه فى الخير ثواباً وفى الشر عقاباً ، وبهذا سُمى أو شرح الدين بالعادة ، لأنه عاد عليه ما يقتضيه

    ويطلبه حاله: فالدين العادة: قال الشاعر:

    كدينك من أم الحويرث قلبها

    أى عادتك. ومعقول العادة أن يعود الأمر بعينه إلى حاله : وهذا ليس ثم فإن العادة تكرار. لكن العادة حقيقة معقولة ، والتشابه فى

    الصور موجود: فنحن نعلم أن زيداً عين عمرو فى الإنسانية وما عادت بالإنسانية ، إذ لو عادت تكثرت وهى حقيقة واحدة والواحد لا يتكثر فى

    نفسه. ونعلم أن زيداً ليس عين عمرو فى الشخصية: فشخص زيد ليس شخص عمرو مع تحقيق وجود الشخصية بما هى شخصية فى الإثنين. فنقول فى الحس

    عادت لهذا الشبه ، ونقول فى الحكم الصحيح لم تعد. فما ثم عادة بوجه وثم عادة بوجه ، كما أن ثم جزاء بوجه وما ثم جزاء بوجه فإن

    الجزاء أيضاً حال فى الممكن من أحوال الممكن . وهذه مسألة أغفلها علماء هذا الشأن ، أى أغفلوا ايضاحها على ما ينبغى لهم لا أنهم

    جهلوها فإنها من سر القدر المتحكم فى الخلائق.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــ


    ويقول أيضاً فى " حكمة القدر " مأخوذ من فص حكمة قدرية فى كلمة غُرَيْرية :


    اعلم أن القضاء حكم الله فى الأشياء ، وحكم الله فى الأشياء على حد علمه بها وفيها. وعلم الله فى الأشياء على ما اعطته المعلومات مما هى

    عليه فى نفسها. والقدر توقيت ما هى عليه الأشياء فى عينها من غير مزيد. فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها. وهذا هو عين سر القدر

    ( لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ). ( فلله الحجة البالغة ) . فالحاكم فى التحقيق تابع لعين المسألة التى

    يحكُمُ فيها بما تقتضيه ذاتها. فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك. فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه:

    كان الحاكم من كان. فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جُهِل إلا لشدة ظهوره ، فلم يُعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح. واعلم أن الرسل صلوات

    الله عليهم – من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون- على مراتب ما هى عليهم أممهم. فما عندهم من العلم الذى اُرِسُلوا به إلا قدر ما

    تحتاج إليه أمة ذلك الرسول: لا زائد ولا ناقص . والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض . فتتفاضل الرسل فى علم الإرسال بتفاضل أممها ، وهو

    قوله تعالى ( تلك الرسل فضّلنا بعضهم على بعض ) كما هم أيضاً فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام من العلوم والأحكام متفاضلون

    بحسب استعداداتهم ، وهو قوله ( ولقد فضّلنا بعض النبيين على بعض ) . وقال الله تعالى فى حق الخلق ( والله فضّل بعضكم على بعض

    فى الرزق
    ) . والرزق منه ما هو روحانى كالعلوم ، وحسى كالأغذية ، وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم ، وهو الإستحقاق الذى يطلبه

    الحق : فإن الله ( أعطى كل شئ خلقه ) فينزِّل بقدر ما يشاء ، وما يشاء إلا ما عَلِم فحكم به وما علم – كما قلناه – إلا بما أعطاه

    المعلوم . فالتوقيت فى الأصل للمعلوم ، والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر . فسِرُّ القدر من أجْلِّ العلوم ، وما يُفهِّمه الله تعالى

    إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة. فالعلم به يعطى الراحة الكلية للعالم به ، ويعطى العذاب الأليم للعالم به أيضاً. فهو يعطى النقبضين.

    وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا ، وبه تقابلت الأسماء الإلهية . فحقيقتة تحكم فى الوجود المطلق والوجود المقيّد ، لا يمكن أن يكون شئ

    أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدى وغير المتعدى . ولما كانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لا تأخذ علومها إلا من الوحى

    الخاص الإلهى ، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلى لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكرى عن إدراك الأمور على ما هى عليه . والإخبار أيضاً

    يقصر عن إدراك ما لايُنال إلا بالذوق . فلم يبق العلم الكامل إلا فى التجلى الإلهى وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية

    فتدرك الأمور قديمها وحديثها ، وعدمها ووجودها ، ومحالها وواجبها وجائزها على ما هى عليه فى حقائقها وأعيانه. فلما كان مطلب العزيز

    على الطريقة الخاصة ، لذلك وقع العتب عليه كما ورد فى الخبر . فلو طلب الكشف الذى ذكرناه ربما كان لا يقع عليه عتب فى ذلك .

    والدليل على سذاجة قلبه قوله فى بعض الوجوه ( أنَّى يُحيى هذه الله بعد موتها ) . وأما عندنا فصورته عليه السلام فى قوله هذا كصورة

    إبراهيم عليه السلام فى قوله ( ربِ أرنى كيف تُحيى الموتى ) . ويقتضى ذلك الجواب بالفعل الذى أظهره الحق فيه فى قوله تعالى

    ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه ) فقال له ( وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما) فعاين كيف تنبت الأجسام


    معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية. فسأل عن القدر الذى لا يُدرك إلا بالكشف للأشياء فى حال ثبوتها فى عدمها ، فما أعطى ذلك فإن ذلك من

    خصائص الإطلاع الإلهى، فمن المحال أن يعلمه إلا هو فإنها المفاتح الأول ، أعنى مفاتح الغيب التى لا يعلمها إلا هو. وقد يطلع الله من شاء من

    عباده على بعض الأمور من ذلك.


    ________ من كتاب فصوص الحكم لإبن عربى ___________




    نختم بمتعة المناجاة للشيخ عبدالقادر الجيلانى:


    متعة المناجاة للشيخ عبدالقادر الجيلانى:

    جميل من الإنسان أن يفتخر بعبوديته لخالقه ورازقه وناصره ومجيره ، وسامع أنّاته وزفراته ومجيبه ..... إنه سبحانه وتعالى يسمع دعاء

    المظلومين والمتوسلين .... اللهم ارزق عبادك بركة عطاء دعائك.

    إذا ضاق حالى اشتكيت لخالقى **** قديرٌ على تيسير كل عسير

    فما بين إطباق الجفون وحلها ***** إنجبار كسير وانفكاك أسير

    أيظلمنى دهرى وأنت وسيلتى **** وأشكو من الأسواء وأنت مُجيرى

    وأظمأ وأنت العذب فى كل مورد *** واُظْلَم فى الدنيا وأنت نصيرى

    وعار على راعى الحمى وهو قادرٌ *** إذا ضاع فى البيداءعقال بعير

    ولا حامى الملوك إلا أميره **** فها أنا مملوك وأنت أميرى



    اللهم إنا نسألك أن توفقنا لأداء أحب الأعمال إليك ، وأقربها من الزلفى لديك ، وبلِّغنا من ذلك الغاية القصوى والذروة المتناهية

    العليا ، ونسألك اللهم أن تعلمنا ما ينفعنا وأن ترزقنا العمل به ، ونحمد الله الذى أنعمنا بمعرفته وبمعرفة كل شئ ، ونشكره شكراً

    نافعاً لنبينا وسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة ، صلاة بها تُعظم جزاءه عنا وتوافيه ، ونسألك اللهم أن ترزقنا سعة البركة وبركة الحركة

    والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين.



    وسنواصل بمشيئة الله تعالى

    تم التعديل لتصحيح خمسة أخطاء لغوية عقلناها

    (عدل بواسطة أبوبكر أبوالقاسم on 08-03-2008, 05:09 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-22-08, 10:03 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية humida07-22-08, 10:06 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية حيدر حسن ميرغني07-22-08, 10:36 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية صلاح الفكي07-22-08, 10:34 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-22-08, 10:49 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية esam gabralla07-22-08, 11:10 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-23-08, 04:08 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية عبدالعزيز الفاضلابى07-23-08, 09:54 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية على عمر على07-23-08, 04:32 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية خالد عويس07-23-08, 05:10 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-23-08, 06:50 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية تولوس07-23-08, 08:17 PM
        Re: الله في قيلولته الكونية شقرور07-23-08, 09:30 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني07-23-08, 09:44 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-23-08, 10:00 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية Abuelgassim Gor08-02-08, 03:09 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية Ishraga Mustafa07-23-08, 10:04 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-23-08, 10:22 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية محجوب البيلي07-24-08, 07:59 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية صلاح أبودية07-24-08, 08:20 AM
      Re: الله في قيلولته الكونية عصام دهب07-24-08, 09:54 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية أشرف البنا07-24-08, 10:21 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية عبدالغني كرم الله بشير07-24-08, 10:46 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية سجيمان07-24-08, 10:33 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية إيمان أحمد07-24-08, 12:03 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية وليد محمد المبارك07-24-08, 01:18 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية humida07-24-08, 01:53 PM
        Re: الله في قيلولته الكونية humida07-24-08, 01:55 PM
          Re: الله في قيلولته الكونية نزار محمد عثمان07-25-08, 08:54 AM
            Re: الله في قيلولته الكونية ابراهيم قناوي07-25-08, 11:37 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية Osama Siddig07-24-08, 02:05 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية سيف النصر محي الدين محمد أحمد07-24-08, 05:58 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية الرفاعي عبدالعاطي حجر07-24-08, 07:25 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-24-08, 11:36 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-24-08, 11:50 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية Saber Abdelhadi07-25-08, 04:19 AM
        Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-25-08, 08:53 PM
          Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-25-08, 10:48 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني07-25-08, 05:35 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-25-08, 09:16 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية Osama Mohammed07-25-08, 07:15 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية Emad Abdulla07-25-08, 09:21 AM
      Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-25-08, 10:23 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية awad hassan07-25-08, 10:39 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية awad hassan07-25-08, 10:39 AM
      Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-25-08, 08:22 PM
        Re: الله في قيلولته الكونية حسين محي الدين07-25-08, 10:18 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية Hani Abuelgasim07-25-08, 10:09 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية زهير الزناتي07-25-08, 11:02 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-26-08, 00:43 AM
      Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-26-08, 01:17 AM
        Re: الله في قيلولته الكونية Emad Abdulla07-26-08, 01:34 AM
          Re: الله في قيلولته الكونية أسامة الفضل07-26-08, 01:44 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية mustafa mudathir07-26-08, 03:44 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية حمزاوي07-26-08, 06:27 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية اساسي07-26-08, 07:35 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية أبوبكر أبوالقاسم07-26-08, 02:30 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالفتاح أبوشيمة07-26-08, 07:39 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية عبدالفتاح أبوشيمة07-26-08, 08:42 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني07-26-08, 09:59 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية الجيلى أحمد07-26-08, 11:05 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية singawi07-27-08, 10:35 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية عثمان عبدالقادر07-27-08, 01:05 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية صلاح أبودية07-27-08, 01:41 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية Sabri Elshareef07-27-08, 01:55 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية عصام دهب07-27-08, 02:10 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية صلاح أبودية07-27-08, 04:30 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية مصطفى احمد مختار07-27-08, 02:26 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية Osama Mohammed07-27-08, 03:59 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالفتاح أبوشيمة07-27-08, 03:45 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية newbie07-27-08, 05:12 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-28-08, 05:29 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني07-28-08, 06:04 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية Abuelgassim Gor07-28-08, 09:25 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-28-08, 10:24 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad07-28-08, 10:39 PM
        Re: الله في قيلولته الكونية newbie07-29-08, 00:06 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية Abuelgassim Gor07-29-08, 06:43 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية Faisal Elrasheed07-29-08, 06:57 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية أحمد أمين07-29-08, 11:30 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني07-30-08, 11:13 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية معتز القريش07-30-08, 11:40 AM
    Re: الله في قيلولته الكونية Ishraga Mustafa07-30-08, 05:50 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية Marouf Sanad07-30-08, 06:27 PM
  RE Waeil Elsayid Awad08-01-08, 01:31 AM
    Re: RE osama elkhawad08-01-08, 11:54 PM
      Re: RE Osman Musa08-02-08, 00:18 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية Abuelgassim Gor08-02-08, 03:04 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني08-03-08, 03:40 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية عبدالفتاح أبوشيمة08-03-08, 03:56 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية أبوبكر أبوالقاسم08-03-08, 04:26 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية newbie08-03-08, 04:47 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني08-06-08, 12:20 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية أبوبكر أبوالقاسم08-13-08, 11:53 PM
        Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad08-14-08, 11:57 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني08-06-08, 12:23 PM
      Re: الله في قيلولته الكونية عبدالله الشقليني08-06-08, 07:28 PM
        Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad08-07-08, 00:04 AM
  Re: الله في قيلولته الكونية مجاهد عيسى ادم08-03-08, 05:27 PM
    Re: الله في قيلولته الكونية osama elkhawad08-05-08, 11:28 PM
  Re: الله في قيلولته الكونية singawi08-06-08, 00:16 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de