شبه جزيرة الغياب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الشاعر اسامة الخواض(osama elkhawad)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-17-2006, 04:26 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20472

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: شبه جزيرة الغياب (Re: osama elkhawad)


    وهنا مقال يتسمد مقاربته من :
    جماليات المكان لباشلار
    وهو بعنوان:
    الـمـكـان فـي الـعـمـل الـفـنـي*
    قـراءة فـي الـمـصـطـلـح

    بقلم:د. أحـمـد زنـيـبـر


    تعد القصة القصيرة أهم الشواهد الإبداعية على ما عرفه المغرب تاريخيا واجتماعيا وفكريا من تحولات وتفاعلات هزت كيانه وخلخلت موازين قواه، يوم أرغم على الاستظلال بالمظلة الاستعمارية، ولما كان من الطبيعي أن تساوق هذه التحولات المختلفة محطات أدبية تسجل درجات هذا التحول الجديد، كانت القصة القصيرة أسبق هذه

    المحطات الإبداعية، فتم لها التميز والتفرد، واعتبرت بحق مظهرا من مظاهر الوعي الثقافي والفني الجمالي...
    . نجحت القصة القصيرة كجنس أدبي ثري، في توجيه نظر العديد من الدارسين والنقاد، على اختلاف مشاربهم وتباين مناهجهم إلى ما تزخر به من إمكانيات العزف على أوتار الحياة اليومية، وكذا الكشف عما يموج في العالم الخارجي من حقائق مسكوت عنها.
    . فحين أدركت هذه المعزوفة الأدبية عمق المفارقات والصراعات التي عرفها المجال الاجتماعي انبرت لرصد مختلف التحولات السوسيو ثقافية التي شهدها المجتمع المغربي منذ بحثه عن الهوية الاجتماعية بعيد الاستقلال، ولم يتم لها ذلك، إلا استنادا إلى مجموعة من القيم الجمالية جعلت هذا الشكل التعبيري متميزا عن باقي فنون النثر الحكائية.
    . فما هي مكونات هذا البناء؟ وكيف تتجلى داخل هذه الكذبة الفنية الصغيرة بتعبير أنطون تشيكوف؟..
    . من المعلوم جدا أن القصة القصيرة، باعتبارها نوعا من أنواع القول الأدبي، تعتمد تقنيات هامة تلعب الدور الأساسي في بناء عالمها الحكائي، وتتمثل هذه التقنيات -كما لا يخفي- في عناصر لا غنى للعمل الأدبي السردي عنها، وهي حدث،شخوص، زمان، مكان، سرد ووصف ثم حوار فدلالة. وعليه فإن هذه العناصر هي التي تشكل في نهاية المطاف ما أطلق عليه بالمنظور perspective .
    . وهكذا انصب الاهتمام لفترة زمنية، على دراسة المتون القصصية انطلاقا من المنظور، فكانت المعالجة النقدية، تبعا لذلك، تأخذ بجميع المكونات على حد سواء، الشيء الذي كان يضفى على هذه الدراسات والأبحاث سمة الشمولية، وأحيانا تغليب وسيط قصصي على حساب وسيط قصصي آخر.
    . لكنه بعد تحقق ما يسمى "بالحداثة القصصية" وتفكك البنية التقليدية للسرد تمت بلورة صيغة جديدة لآلية الحكي، حيث عمد الباحثون وبقصد في دراستهم إلى التركيز على مكون بعينه من بين المكونات المؤسسة للخطاب القصصي، دون إغفالهم الترابط بين هذا المكون المنتقى كبؤرة، وباقي المكونات المصاحبة كحواش. غير أن هذا المسعى لم يكن ليتأتى بلوغه إلا من خلال النبش الدقيق في ثنايا العمل القصصي ذاته. فحين يظهر على سطح الحكاية، نوع من التركيز من لدن المؤلف، /القاص على هذا المكون أو ذاك، تتم عملية التتبع لخطى هذا المكون/المحورaxe داخل العمل الفني. ومن ثمة، يمكن توليد دلالات لا حصر لها، تعكس وتجسد الإحساس بما وراء النص... فهل الانطلاق من عنصر واحد من عناصر الخطاب القصصي كاف وشاف لتقويم عمل أدبي إبداعي ما ؟ وإلى أي مدى باستطاعة هذا المكون أن يعكس رؤية الكاتب وموقفه إزاء مختلف القضايا المطروحة ؟ وقبل هذا وذاك كيف تتبدى علاقة المكان بالكائن البشري عموما ؟ وما هي نوعية هذه العلاقة ؟ وكيف تتمظهر تصورات الإنسان لهذا المكان ككيان مادي، إذا سلمنا جدلا بالارتباط الوثيق والحميمي بينهما؟.. 1 / المكان والكائن البشري
    . شكل المكان ولا يزال، في حياة الإنسان علامة مضيئة تجعله يميز فيما بين الأشياء المادية التي تظهر على مستوى الملاحظة المباشرة، ومن هنا كان للمكان في مسيرة أي إنسان "قيمته الكبرى ورمزيته التي تشده إلى الأرض...فمنذ أن يكون نطفة يتخذ من رحم الأم مكانا يمارس فيه تكوينه البيولوجي والحياتي، حتى إذا حان المخاض وخرج هذا الجنين يشم أول نسمة للوجود الخارجي كان المهد هو المكان الذي تنفتح فيه مداركه وتنمو فيه حواسه،،(و) بعد المهد تتبلور الأبعاد المكانية للإنسان بصور أوضح في البيت والمدرسة والنادي والشارع، بل في البحر والجو أيضا في أحياز مكانية لا حصر لها، قد يكون القبر في الحقيقة هو النهاية أو المحطة الأخيرة لكل منها" .
    . يتبين من خلال هذا الالتصاق الحميمي بين الإنسان والمكان مدى الدور الهام الذي يقدمه هذا الأخير، بمختلف تجلياته في بلورة مفاهيم ومنظومات ذهنية لدى البشر، وتتشكل هذه المفاهيم –حسب يوري لوتمان- نتيجة محاولة الإنسان لتجسيد المجردات إلى ملموسات ومحسوسات وإخضاعه العلاقات الإنسانية والنظم لإحداثيات المكان ثم إضفاؤه، هذه الأخيرة عن طريق اللغة على المنظومات الذهنية، فمن بين هذه المفاهيم نجد: عال/منخفض- قريب/بعيد- سهل/ممتنع- يسار/يمين- مفتوح/مغلق- مفهوم/غامض- ...إلخ.
    . وإذا ما سايرنا هذا العنصر حتى النهاية، بحكم تأثيره في الإنسان، نجده يتخذ أبعادا ودلالات خاصة تتباين بتباين الشخصية البشرية وما تضفيه من قيمة على المساحة المكانية التي تقطنها، ومن ثمة نحصل على تمظهرات مكانية مختلفة تصنف في: أمكنة ضيقة وأخرى متسعة/ أمكنة فردية وأخرى جماعية/ أمكنة مرغوبة وأخرى مرفوضة/ ..إلخ. وهذا التنوع المكاني ما هو إلا إفراز مبدئي لمجموع التصورات التي يحملها الإنسان عن العوالم الفيزيقية والميتافيزيقية على قدم وساق.
    . ويمكن القول، تأسيسا على ما سبق، إن هوية المكان تمثل في النهاية جزءا من هوية الإنسان.
    . فماذا الآن عن المكان داخل العمل الفني؟ كيف تبدو تضاريسه؟ هل هو صورة مماثلة لما في الواقع أم يجاوزه فيتحول إلى رمز ودلالة؟..
    . 2 / المكان والعمل الفني
    . يعتبر المكان أحد العناصر الجوهرية التي تساهم في بناء النص القصصي إذ بدونه تتلاشى العناصر الأخرى وتنمحي ضرورة وتأتيه هذه الأهمية القصوى بحكم وظيفته التأطيرية للمساحة التي تقع فيها الأحداث.
    . إن فضاء المكان بهذا المعنى، يكتسي بعدا تشكيليا يجعل العين القصصية تستجيب له دون كبير عناء، لاكتفائها بالملاحظة والمشاهدة، وهي عملية سهلة ومغرية في آن، لأنها ترتبط أساسا بالإدراك الحسي، إذا ما قورنت بفضاء الزمان الذي يرتبط بالإدراك النفسي "ويشكل عقبة أمام النص ومثارا لحيرته وارتباكه بسبب دبيبه غير المسموع وغير الملموس" .
    . وبهذا المعنى، يتحول المكان إلى بعد جمالي من أبعاد النص السردي، لما يمنحه من إمكانية الغوص في أعماق البنية الخفية والمتخفية في أحشاء النص وأجوائه ورصد تفاعلاته وتناقضاته..
    . فما هي حدود العلاقة إذن بين المكان والزمان؟ متى يبتدئ الأول وأين ينتهي الثاني؟..
    . لا شك أن مسألة ارتباط الفضاءين شيء وارد لا سبيل لإنكاره أو تجاهله. فلا مكان بدون زمانه، لذا فالإحساس بفعالية المكان رهين بالإحساس بفعالية الزمان. هما بعبارة: وجهان لعملة واحدة. ومهما اختلفا أو تقاطعا، فهما يشكلان –مع باقي المكونات الأخرى- بنية قصصية تعكس رؤية المؤلف لعالمه.
    . ومن هنا نجد أنه "إذا كان الزمن يمثل الخط الذي تسير عليه الأحداث؛ فإن المكان يظهر على هذا الخط ويصاحبه ويحتويه" كما أنه في الوقت الذي يعتمد فيه الزمن على تقنية السرد في عرض الأحداث نجد بالمقابل تقنية الوصف تميز المكان في عرضه للأشياء، فالكاتب عندما يشرع في بناء عالمه الخاص يعمل على تأطير الشخصيات داخله ثم يسقط عليه عنصر الزمن، وهو في ذلك، يعتمد بالدرجة الأولى على اللغة، إذ بها يستطيع خلق عالم من الكلمات التي قد تماثل الواقع وقد تخالفه، تبعا لعملية التصوير الفني، ما دام عالم الواقع في الأعراف الأدبية يعد نقطة الانطلاق.
    . ومن هذا المنظار، يكتسب المكان بعدا واقعيا كلما كان أكثر التصاقا بعالم الواقع، وهنا نكون أمام تصوير فوتوغرافي ساذج لما في الواقع/الخارج؛ في حين أنه إذا اعتمد أثناء عملية نقل الواقع على عملية (المكر والاحتيال) كما عبر عنها نجيب محفوظ، فإن هذا المكان يكتسي بعدا رمزيا ودلاليا. بمعنى أن عملية نقل الواقع تقتضي ألا تكون مباشرة، تعتمد المحاكاة الحرفية في وصف الأشياء، وإنما الإشارة إليه فقط، وخلف صور مجازية له.
    . إنه بعبارة جامعة: بناء عالم له كيانه الفني الخاص يميزه عن غيره.
    . ونمضي مع الناقدة سيزا قاسم حين تؤكد أن "ما يهمنا هو التفرقة بين الوصف التصنيفي الذي يحاول تجسيد الشيء بكل حذافيره بعيدا عن المتلقي أو إحساسه بهذا الشيء، والوصف التعبيري الذي يتناول وقع الشيء والإحساس الذي يثيره هذا الشيء في نفس الذي يتلقاه، أما الأول فيلجأ إلى الاستقصاء والاستنفاذ بينما يلجأ الثاني إلى الإيحاء والتلميح" .
    . ننتقل بعد هذا العرض الماكروسكوبي للمكان إلى تقديم بعض الإنجازات النقدية التي تناولت هذا الجانب بدءا من تصورها النظري لهذا المكون، ومرورا بعلاقة هذا الأخير بمصطلح الفضاء وانتهاء بالكشف عن حضوره أو غيابه في العمل الأدبي الإبداعي.
    . 3 / المكان والمفهوم النظري
    . رغم ندرة الإنجازات النقدية المتعلقة بالمكان، فإنها تركز على أهمية هذا العنصر وتعتبره عنصرا شكليا وتشكيليا من عناصر العمل الفني، وليس فقط مجرد خلفية تقع فيها الأحداث المروية...
    . من هذا الإحساس العميق، عالج الكتاب والنقاد مشكلة المكان بطرق فنية مختلفة تنم عن اختلاف في الرؤى والمناهج وبالتالي في خلاصة النتائج، إلا أن هذا الاختلاف الطبيعي، على كل حال لا يمنعنا من تتبع بعض التصورات النظرية التي حددت المكان كمفهوم له كيانه المستقل. فنجد مثلا عند الناقدة سامية أسعد مفهوم المكان يتخذ أهمية خاصة في القصة القصيرة "لأن هذه القصة تعتمد على التركيز في كل شيء لاسيما وصف مسرح الحدث أو الأحداث، ومن تم يتحتم على الكاتب أن يحسن اختياره وأن يصفه بإيجاز بقدر الإمكان، وأن يبرز سماته الأساسية المرتبطة بالقصة ككل" .
    . ما نستنتجه من هذا الكلام أن المكان كيان مادي يشكل طرفا هاما من التاريخ الخاص للعمل الأدبي، وأهمية هذا المكون لا تتأتى إلا إذا روعي في العمل الإبداعي اكتمال الشخوص وإبراز الحدث وتكامل مقومات الأسلوب بشكل عام. فالمكان حسب الناقدة -فقد خصوبته إذا لم يقدم بطريقة فنية تكشف عن عمقه ودلالته ورمزيته، وبالتالي يتحول إلى مجرد قعقعة وفرقعة في الفضاء !
    . ولا غرو في أن الإشكال في تحديد نوعية المكان ناتج عن تداخل عدة مفاهيم تخص تقنين مفهوم هذا العنصر في مجموعة من السمات المحددة.
    . وفي خضم هذا الإشكال النظري، يصادفنا إشكال آخر يتجلى في إشكال العلاقة بين الواقع والمكان. فهناك من يرى أن المكان في الفن يجب أن يعكس بالضرورة ما هو موجود في العالم الخارجي، وهناك من يرى أن ما يجب أن يحتويه المكان هو فقط درجة من المتشابهات مع المكان على الأرض؛ بل ثمة من نحا نحوا آخر حين جعل من حق الفنان أن يبتعد عن المتشابهات وعن كل ما يشير إلى مصدر مكاني خارجي. وانطلاقا من المعنى الأخير، يصبح المكان في القصة القصيرة مكانا خياليا "يتخذ أشكالا عدة وهو على علاقة وثيقة بالشخصيات التي تؤمه وتسكنه والعلامات التي يحملها تدل على الشخصية، سماتها ومهنتها وانتماؤها الاجتماعي وسلوكها" . ولعل هذا ما ينسجم مع الرومانسية الفرنسية حين تميل إلى إضفاء (طابع محلي) على المكان وتميل في الوقت نفسه إلى حذف كل ما يمكن أن يحدد هذا المكان، بحيث يغدو عند توظيفه رمزا خياليا.
    . ونشير في هذا السياق إلى أنه إذا كان المكان، كمفهوم يبتعد عن الواقع؛ فإن المكان في العمل الفني يبتعد هو الآخر عن المكان في الأرض. ولكن برغم هذا الاختلاف الوارد بفعل الشروط الموضوعية التي يوجد فيها كلا المكانين؛ فإن العلاقة تبدو وشيجة بين الاثنين.
    . هذه الإشكالات النظرية المطروحة ليست هي الوحيدة ضمن مجموع ما كتب عن عنصر المكان، فثمة طرح من نوع آخر يتعلق بجدلية المغلق والمنفتح في المكان، وكذا الداخل والخارج خاصة عند غاستون باشلار حين يشير إلي أن "الداخل والخارج يشكلان جدلية التمزيق، كما أن الهندسة الواضحة لهذه الجدلية، تبهرنا لدى توظيفنا لها في الحقول المجازية (أي الاستعارية). إنها تمتلك صرامة جد واضحة بخصوص جدل "النعم" و "اللا" الذي يقرر في كل الحالات" .
    . وهذا الموقف الباشلاري نجد نظيرا له عند سامية أسعد حين ترى هي الأخرى وبصيغة مخالفة فقط، أن "المكان هو ذلك الحد الفاصل بين الشعور واللاشعور، والداخل والخارج والفصل بين المشاهد التي تروي التجربة الذاتية والمشاهد التي تروي تجربة الآخرين" .
    . ونستشف من خلال ما تقدم، أن انغلاق المكان أو انفتاحه يحيل إلى معناه الرمزي المستمد طبعا من تصورات الإنسان ومفاهيمه الذهنية. فضيق المكان مثلا، يرمز إلى القيود والاختلاف؛ في حين أن انفتاحه رمز للحرية والانطلاق. وغالبا ما توجد العلاقة بين المكانين على اختلاف أوضاعهما.
    . وفي نفس الإطار، قد نجد من ربط بين المكان والوطن باعتباره يحيل على حدث تاريخي ما، وعلى تشكيلية اجتماعية تعطي انطباعا وطنيا. وهذا ما ذهب إليه الناقد ياسين النصير ؛ بل نجد من حاول تقسيم المكان إلى موضوعي ومفترض وأحادي البعد، وقد نستبين دلالة هذه الأمكنة من خلال المصطلح نفسه. فالموضوعي ما اكتفى بما يماثله في الحياة اجتماعيا وواقعيا، والمفترض ما استند على المخيلة واتسم بعدم الوضوح. أما ذو البعد الأحادي فهو ما اكتفى بإبراز قيمة واحدة فقط كيفما كان نوعها.
    . وهكذا نصل في النهاية إلى الخلاصة التالية مجسدة في هذه الترسيمة:
    . ضيق
    . انعكاس الواقع
    . سطحي
    . المكان
    . واقعي
    . جزء من البناء الفني
    . رمزي
    . 4 / المكان ومصطلح الفضاء: espace
    . لسنا في حاجة إلى إثبات العلاقة القائمة التي تربط مصطلح المكان بمصطلح الفضاء، كما ورد في النقد الأوروبي الحديث.
    . ومع ذلك فلنتوقف برهة عند هذا المصطلح. فإذا كان الفضاء لغة يعني: المكان الواسع من الأرض؛ فإنه في الاصطلاح "الحيز الزمكاني الذي تتمظهر فيه الشخصيات والأشياء متلبسة بالأحداث تبعا لعوامل عدة تتصل بالرؤيا الفلسفية وبنوعية الجنس الأدبي وبحساسية الكاتب" .
    .
    . من هنا ندرك مدى شمولية الفضاء واتساعه، إن لم نقل قدرته على احتواء عالم مليء بالأسرار الملغزة وبالأشياء المتعددة التي لا حصر لها.
    . والفضاء بهذا المعنى، ليس مجرد إشارة إلى المكان فحسب كما يتمثل في الواقع الخارجي وإنما يجاوزه ليصبح ذا بعد رمزي يعكس مفهوما نظريا أو فلسفيا داخل العمل الفني، إلا أن القضية التي تطرح في هذا السياق- والتي سبق أن لمحنا إليها فيما سلف- تتمثل في إمكانية الحديث عن الفضاء بمعزل عن الزمن كما دعت إلى ذلك نظرية علماء الطبيعية في القرنين الثامن والتاسع عشر؟
    . معالجة لهذه المسألة توصل باختين إلى صياغة مصطلح إجرائي سماه كرونوطوب chronotope اقتناعا منه باستحالة تصور أحدهما دون الآخر، وهذا المصطلح (الزمكان) "يعين الوحدة الفنية للعمل الأدبي في علاقاته مع الحقيقة، كما يتضمن أيضا وباستمرار مكونا أساسيا، بحيث لا يمكن عزله عن مجموعة "الكرونوطوب" الأدبي إلا بتحليل تجريدي...ذلك أن الفن والأدب مشبعان بالقيم الكرونطبية في مختلف الدرجات والأبعاد، وكل باعث أو مكون أساسي في أي عمل فني ينبغي أن يقدم مثلما تقدم أي قيمة من قيمه" .
    . وفي نفس المضمار دائما، نجد أنه إذا كانت الناقدة يمنى العيد حين تنظر في زمن القص التخيلي ترى "أن طبيعة زمن الوقائع (المتعدد الأبعاد) تدعو زمن القص(الأحادي) ليمارس لعبته،،،أي ليمارس فعل الإيهام بعدم أحاديته أي بواقعيته" ؛ فإن رولان بارث يرى أن "الزمنية ليست سوى مستوى بنيوي من مستويات السرد(أي الخطاب) ومثلما هو الشأن في اللغة، فالزمن لا يوجد سوى في شكل نسق، وما نسميه من وجهة نظر السرد بالزمن لا وجود له أولا يوجد على الأقل إلا وظيفيا، أي باعتباره عنصرا من عناصر نظام سيميائي: إن الزمن لا ينتمي إلى الخطاب بمفهومه الضيق، وإنما ينتمي إلى المرجع، فالسرد واللغة لا يعرفان سوى زمن سيميولوجي، أما الزمن "الحقيقي" فهو وهم مرجعي أو "واقعي" .
    . يتأكد لنا من خلال مختلف هذه المواقف، أن الحضور الزمني لا يقل أهمية عن الحضور المكاني في السرد، وإذا ما تم التركيز في العمل القصصي على عنصر المكان؛ فإن هذا لا يعني إطلاقا تجريد هذا العنصر من قيمته المادية والرمزية.
    . فالاقتصار على هذا العنصر أو ذاك ليس بالضرورة إهمالا وإغفالا لباقي المقومات الأخرى، التي ينبني عليها العمل الأدبي في جانبه الكحائي.
    . ولعل إمكانية ملامسة "المكان" كمكون من مكونات العمل السردي والنظر في طريقة انفعال وتفاعل المبدع به ومعه في آن، رهين باختيار عمل قصصي ما قصد استجلاء واستخبار ما تم عرضه من تصورات نظرية ومفاهيم إجرائية حول هذا المكون الجمالي.
    . لعل ذلك مشروع بحث قادم...
    . الـــــــــهـــــــــوامــــــش
    . * نشرت هذه الدراسة بمجلة عمان. عدد 129 مارس 2006
    . - أحمد طاهر حسنين/ المكان في النحو العربي/ مجلة عيون المقالات/ عدد8 السنة1987/ ص:5
    . - نجيب العوفي/ مقاربة الواقع في القصة القصيرة المغربية/ المركز الثقافي العربي/1987/ ص:149-150
    . - سيزا قاسم/ بناء الرواية/ دار التنوير للطباعة والنشر/ 1985/ ص: 102
    . - م.س/ ص: 109
    . - سامية أسعد/ القصة القصيرة وقضية المكان/ مجلة فصول/ المجلد2 العدد4 السنة1982
    . - م.س/ ص: 109
    . - غاشتون باشلار/ جماليات المكان/ ترجمة غالب هلسا/ المؤسسة الجامعية للدراسات والتوزيع/ ص: 191 - سامية أسعد/ م.س/ ص: 191
    . - ياسين النصر/ الرواية والمكان/ الموسوعة الصغيرة/ العدد57/ ص: 125
    . - منيب البوريمي/ الفضاء الروائي في الغربة في الغربة/ سلسلة دراسات تحليلية/ دار النشر المغربية 1984/ ص: 21
    . - ميخائيل باختين/ Esthétique du Roman / ص: 384
    . - يمنى العيد/ القصة القصيرة والأسئلة الأولى/ مجلة آفاق المغربية/ العدد12 السنة 1983/ ص: 12
    . - رولان بارث/ التحليل البنيوي للسرد/ ترجمة بحراوي-قمري-عقار/ مجلة آفاق المغربية/ العدد8 السنة1988/ ص:16

    .

    http://www.thkafa.com/modules.php?name=News&file=articl...d&order=0&thold=0[/B]
                  

العنوان الكاتب Date
شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-08-06, 00:34 AM
  Re: شبه جزيرة الغياب حاتم الياس07-08-06, 03:09 AM
    Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-08-06, 04:15 PM
      Re: شبه جزيرة الغياب Emad Abdulla07-08-06, 05:10 PM
        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-08-06, 06:20 PM
  Re: شبه جزيرة الغياب أبوذر بابكر07-09-06, 02:45 AM
    Re: شبه جزيرة الغياب newbie07-09-06, 02:51 AM
      Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-09-06, 05:17 PM
        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-09-06, 06:43 PM
          Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-09-06, 09:05 PM
            Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-09-06, 09:23 PM
              Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-09-06, 09:50 PM
                Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-09-06, 10:42 PM
                  Re: شبه جزيرة الغياب أبوذر بابكر07-11-06, 04:34 AM
                    Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-11-06, 01:34 PM
                      Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-11-06, 10:57 PM
                        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-14-06, 01:13 AM
                          Re: شبه جزيرة الغياب أبوذر بابكر07-15-06, 01:26 AM
  Re: شبه جزيرة الغياب Adil Osman07-14-06, 03:21 AM
  Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-14-06, 01:01 PM
  Re: شبه جزيرة الغياب خضر الطيب07-14-06, 01:15 PM
    Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-14-06, 03:58 PM
      Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-14-06, 11:33 PM
        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-15-06, 01:39 AM
          Re: شبه جزيرة الغياب AnwarKing07-15-06, 01:46 AM
            Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-15-06, 02:47 AM
  Re: شبه جزيرة الغياب عبدالله الشقليني07-15-06, 10:03 AM
    Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-15-06, 01:00 PM
      Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-16-06, 01:40 AM
  Re: شبه جزيرة الغياب أبوذر بابكر07-16-06, 04:28 AM
    Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-16-06, 06:33 PM
      Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-16-06, 07:53 PM
        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-16-06, 09:49 PM
          Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-16-06, 10:23 PM
            Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-16-06, 10:47 PM
      Re: شبه جزيرة الغياب أبوذر بابكر07-17-06, 00:08 AM
        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 00:16 AM
          Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 01:16 PM
            Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 01:35 PM
              Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 01:41 PM
                Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 01:47 PM
                  Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 01:58 PM
                    Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 04:14 PM
                      Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-17-06, 04:26 PM
                        Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-18-06, 01:22 AM
                          Re: شبه جزيرة الغياب Amin Mahmoud Zorba07-18-06, 11:00 AM
                            Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-18-06, 11:02 PM
                              Re: شبه جزيرة الغياب osama elkhawad07-20-06, 01:52 AM
                                جماليات المكان "السنّاري" من خلال مفهوم العودة عند محمد عبدالحي osama elkhawad07-20-06, 10:58 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de