|
Re: حكاوى القاهرة ! (Re: عواطف ادريس اسماعيل)
|
Quote: تذكرون ، بالطبع ، أن (النيشن) الكينية كانت قد كشفت ، في نوفمبر 2005م ، أن حكومة السودان ، وفي وجه من وجوه تناقضاتها القانونية والسياسية والاخلاقية العصية على الحصر بشأن المحكمة الجنائية الدولية ، كانت قد أبرمت اتفاقاً مع حكومة يوغندا لتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة من نفس هذه المحكمة بحق زعيم جيش الرب جوزيف كونى وثلاثة من كبار قادته (الرأى العام ، 22/11/2005م). لكن حكومة جنوب السودان عمدت ، بحسابات مغايرة على ما يبدو ، إلى تعطيل هذا الاتفاق ، بإطلاق مبادرتها المعروفة للوساطة ، خلال العامين الماضيين ، بين حكومة يوغندا وجيش الرب ، مِما يسر حركة الأخير في المدن الجنوبية!
وبدلاً من أن يحمد جيش الرب هذا الصنيع ، من بعد الرب ، لحكومة الجنوب ، واصل عَيْثه عدواناً على المدنيين! وربما ليس آخر ذلك اختطافه لأربعة منهم من قرية ديمو إلى الشمال من ياي. لكن حكومة الجنوب لم تجابه هذه التجاوزات بطرد هذه القوات من الاقليم الذي فيه ما يكفيه ، تمهيداً للقبض على كوني ورهطه ، بل توجه فريق ، بقيادة وزير إعلام الجنوب ، إلى المنطقة ، برفقة عميد في جيش الرب نفسه ، (للتفاوض!) حول إطلاق سراح المختطفين (الأيام ، 22/5/07).
وورد في بعض الاحصائيات أن 10000 يوغندي قتلوا في المعارك بشمال يوغندا ، وأن 1000000 (لجأوا!) إلى (جنوب السودان!) ، علماً بأن نحواً من 4000000 من (الجنوبيين!) أنفسهم فروا من جحيم الجنوب ، واستقروا في الشمال ، أو (لجأوا!) لبلدان مجاورة ، من بينها يوغندا!
عندها سجلت في رزنامتي أنني لن أستغرب إذا علمت ، غداً ، أن آلاف التشاديين (التجأو!) ، بالمثل ، إلى غرب (دارفور!) هرباً من المعارك في شرق تشاد ، علماً ، أيضاً ، بأن الآلاف من مدنيي دارفور نفسها (لجأوا!) إلى شرق تشاد ، هرباً من جحيم إقليمهم!
ولم يكد يجف الحبر الذي سجلت به هذه الخاطرة حتى قالت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن السودان طلب فريقاً من المنظمة الدولية لتفقد احتياجات 45000 تشادي عبروا الحدود من شرق تشاد ليتجمعوا قرب فورو بارانجا في غرب دارفور (الرأي العام ، 12/5/2007م).
لن تكتمل هذه (الكوميديا السوداء) إلا بذكر يعقوب! وهو شاب دارفوري ثلاثيني التقينا به أثناء تجوالنا ، الصديقان مرتضى الغالي وفيصل محمد صالح وآخرون وشخصي ، في مخيم شاتيلا الفلسطيني الشهير ببيروت في مارس 2006م! كنا نشارك ، وقتها ، في سمنار حول (دارفور والاعلام العربي) ، حين لبينا دعوة منظمة فلسطينية ناشطة في حقوق الانسان لزيارة شاتيلا. شاهدنا المدرسة التي اتخذها شارون ، مطلع الثمانينات ، مقراً لقيادته ، بعد أن خرج ، ذات ليلة ، من البحر ، كقرصان من العصور الغابرة يقود بوارج مكتظة بالشياطين وأسلحة الدمار ، ليصلي المدنيين الفلسطينيين وابلاً من النابالم الحارق ومطر القنابل العنقودية الهطال ، وليعجن أشلاء الرجال والنساء والأطفال ، وفيهم المرضى والعجزة والرُضع ، بتراب المخيم ، وأسفلته ، وحوائطه ، وسقوفه ، ودكاناته ، ومدارسه ، ومستوصفاته ، وشبكات مائه ، وأعمدة كهربائه ، ودور عبادته ، ومقرات منظماته ، فضلاً عن فساتين العرائس ، ولعب الصغار ، وكراسات الدراسة ، وأدوات العمل ، وأواني الطعام ، وصور الأحباء ، وذكريات الغائبين ، وأحلام العودة ، محولاً كل شئ ، خلال أيام ، إلى كرة ضخمة من الدم والصديد والطين والحديد واللحم المحترق والعظم الهشيم! وزرنا ضريح الشهداء (المحظوظين!) مِمن قضوا بزخات الرصاص خارج تلك الخلاطة البشرية ، فتولى دفنهم في مقابر جماعية ، ببسالة نادرة ، ناجون متطوعون ، تحت القصف الجنوني الغاشم ، بلا غسل ، حيث عز الماء ، ولا أكفان ، حيث مجرد التفكير في ذلك ترف لا يُستطاع إليه سبيلا!
وواصلنا سيرنا الصعب وراء بعضنا البعض ، كما على الصراط المستقيم ، نجوس عبر أزقة المخيم بالغة الضيق والبؤس ، وبين جدران متهالكة لبنايات تتكئ على بعضها البعض ، حتى ليُتوقع أن تتقوض بين اللحظة والأخرى ، ونجهد ، أثناء ذلك ، كي نتفادى بالوعات الصرف الصحي الطافحة هنا وهناك ، تحتوشنا الروائح الزنخة من كل حدب ، ويصم آذاننا ، من كل صوب ، صخب الأطفال برئات تنشع نكهة البارود ، وضجيج الباعة الفقراء يتشبثون بحياة لا حياة فيها ، بينما تكاد تقرأ على جباه الجميع وعد الشهادة الحق ، القادم يهدر في كرنفالات المجازر ، والمحارق ، وحمامات الدم الموسمية!
فجأة .. لمحناه ، مسترخياً على دكة اسمنتية أمام دكانة صغيرة ، يرتشف الشاي وهو يضع رجلاً على رجل! حسبناه ، أول أمره ، فلسطينياً ، ففي الفلسطينيين ، أيضاً ، من سُمرته كسُمرتنا! لكن ، ولأن من تقديرات المولى عز وجل في خلقه أن السوداني يفرز السوداني ''على ألف ميل'' ، فقد توقفنا نحدق فيه ، مثلما اندفع هو يعانقنا بحماس ، فرداً فرداً ، بطيبة أعدتنا بحرارتها في ذلك الطقس الصقيعي ، بينما التف حولنا ، باندهاش ، جمع غفير من الفلسطينيين وبقية الوفود العربية المُشاركة!
ـ ''يا سلاااام يا أخوانا إزيكم .. إزيكم .. ما شاء الله .. أنا إسمي أخوكم يعقوب .. تبارك الله .. إزيكم بالله كده .. كيف حالكم .. و .. جيتو هنا تسووا شنو''؟!
ـ ''إنت الجابك هنا شنو؟! وجيت من وين''؟!
ـ ''لا قوة إلا بالله .. أسكتوا ساكت .. جيت والله ترا من دارفور .. لا قوة إلا بالله .. قعاد هناك بقى جهنم ذاتو والله .. حياة بقى صعب خلاص''!
لحظات قصار ، تركناه ، بعدها ، ولسانه يلهج: ''تبارك الله .. ما شاء الله .. لا قوة إلا بالله'' ، بينما الخجل يرسب في دواخلنا ككتلة ثلج: كيف دفعنا يعقوب هذا ليلتمس (وطناً آمِناً) ، ولو في شاتيلا ، بعد أن أفقدناه (أمان المواطنة) في دارفور؟!
من روزنامة كمال الجزولي بالرأي العام
ست البنات
الله لا وراك العتبة وأزقتها. وفندق أبو سمبل (على ما أظن) الذي يقع في الطابق التاسع من عمارة متهالكة. هذا الفندق كما سمعت عنه كل نزلائه من السودانيين الذين يسكنون فيه بنظام المرتبة. لكن الجميل فيهو إنك بعد تصل الطابق التاسع كداري (مافي اسانسير)بتكون داير تنوم في أي حاجة. إن شاء الله في صفيحة. ولن يصحيك الجوع ولا البعوض.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-29-07, 05:09 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | Faisal Taha | 05-29-07, 06:01 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | معاوية كرفس | 05-30-07, 00:17 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | abubakr | 05-30-07, 03:47 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | هاشم أحمد خلف الله | 05-30-07, 05:31 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | يحي ابن عوف | 05-30-07, 08:39 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | Ishraga Mustafa | 05-30-07, 08:43 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | عواطف ادريس اسماعيل | 05-30-07, 09:25 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | shammashi | 05-30-07, 10:23 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | Solafa Alagib | 05-30-07, 10:09 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 06:03 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 06:10 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | حسن النور محمد | 05-30-07, 06:33 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 06:52 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 07:21 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 07:26 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 07:30 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 07:36 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 08:10 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 05-30-07, 08:17 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | محمد حسن العمدة | 05-30-07, 08:58 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | AmroKamal | 05-30-07, 11:04 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | سلمى الشيخ سلامة | 05-31-07, 02:49 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | احمد الامين احمد | 05-31-07, 08:43 AM |
Re: حكاوى القاهرة ! | عبد المنعم سيد احمد | 05-31-07, 02:50 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | سلمى الشيخ سلامة | 05-31-07, 08:54 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | احمد الامين احمد | 05-31-07, 09:24 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 06-01-07, 03:28 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 06-01-07, 03:33 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 06-01-07, 03:43 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | ست البنات | 06-01-07, 04:29 PM |
Re: حكاوى القاهرة ! | abubakr | 06-01-07, 05:19 PM |
|
|