فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 11:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة احداث امدرمان 10 مايو 2008
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-21-2008, 05:10 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! (Re: الكيك)

    العدد 189 - السبت 12 أبريل 2008


    د. التجاني عبد القادر في حوار متجدد (3) تجربة الحزب القابض غير مجدية

    الحوار المعلن حيناً والمسكوت عنه أحياناً بين شطري الحركة الإسلامية الرئيسيين ، جعل العديد من المهتمين يتساءلون عن المنهج الذي يقوم عليه ، وأي القضايا

    يخاطب ذلك الحوار، ويفتح ذات الحوار أسئلة من شاكلة هل خاض الناشطون على رتق شق الإسلاميين القضايا التي أدت إلى العاصفة التي ضربت التنظيم ؟! الأحداث من خلال بحثها وتنقيبها في هذه المسألة وتنشيط الذاكرة بشكل عام ، وذاكرة المتحاورين ، تعيد نص المقابلة التي أجرتها صحيفة (الصحافي الدولي) في العام 2000م مع د. التجاني عبد القادر، فإلى الجزء الأول منه...
    في موضوع الحل هذا, بعض الناس يرون أنه لولا حلّ الحركة لما حدث ما حدث, هل تتفق مع هذا الرأي أم لا؟ وهل تعتقد أن المسألة كان سيكون شكلها مختلفاً لو لم تحلّ الحركة؟
    حتى بعد حل الحركة إذا استطاعت الأجهزة التي قامت على أنقاضها أن تهتدي بمنهج الحركة ورؤيتها كان ممكناً أن يكون الأداء أحسن مما تم, ولكن الإشكال أن كثيراً من الناس لا يعرفون هل هم محلولون أم باقون, وفي بعض الأحيان رغماً عن أنك محلول ولكن تكلف بتكاليف الذي هو باق وقائم, وينسون أنه ليس هناك تنظيم وهذه البلبلة لم يكن هناك أي داع لها.. وإننا عندما قررنا تدريجياً أن نقلص بعض جوانب الحركة كان من المفترض أن نكون جريئين وواضحين مع أنفسنا ونقيم إحلالاً مؤسسياً واضحاً وموضوعياً وسريعاً حتى نملأ الفراغ ونباشر العمل, الاحلال التنظيمي المؤسسي هذا إما أنه تأجل أو حدث فيه تباطؤ وعدم وضوح وهذا يرجع ايضاً لمسألة الموازنات والتقديرات السياسية والنسب، رؤي أنه يجب ادخال بعض عناصر المجتمع التقليدي القبلي الطائفي حتى نحفظ الموازنة السياسية وهل إذا أدخلنا هذا العنصر بنسبة 60% هل هذه الموازنة تكون مناسبة أم نجعلها بنسبة 50% ونسينا طبعاً أن العنصر الذي يستوعب ليس خالياً من أجندته الخاصة, وأي إنسان تريد أن تستوعبه له أجندة خاصة إلى جانب أجندتك, خاصة إذا كان هذا الإستيعاب هو إستيعاب سياسي لشريحة ذكية أصلاً كانوا قيادات ونسينا أن هؤلاء الذين يأتون بأجندتهم ويؤثرون على التنظيم ويؤثرون على القيادة.
    إن العناصر التي دخلت إما أنها لم تنسجم بصورة كاملة لأننا لم نولها الثقة الكافية أو أنها دخلت وعندها أجندة مختلفة، أصبحت العناصر الإسلامية والتي كان من الممكن أن تقود إما هي نفسها في موضع أقلية أو هي بعيدة عن موضع اتخاذ القرار, وأن بعض العناصر التي دخلت واستوعبت أصبحت تحاول استخدام السلطة نفسها, كحركة إسلامية ودولة إسلامية لتحقيق مآربها أو هي أيضاً في حالة التباس لم تستطع أن تستوعب ماذا تريد الدولة الاسلامية حتى يتسنى لها أن تشارك فيها وبالتالي حدث نوع من الفراغ, وهذه خلفية الحديث عن الإنفراج في السلطة ومركز القوة.
    هل تعتقد أن الطريقة الضبابية التي اكتنفت موضوع الحل انطوت على نوع من الانتهازية إذا جاز التعبير بحكم أن التنظيم ربما كان يمثل قيداً على قيادته؟
    ..أوافقك...
    من خلال كتاباتك السابقة يستشف أنك مع فكرة العودة الى التنظيم الشبكي للحركة الاسلامية ،الآن ومن خلال الحوار شعرنا وكأنك قد نسخت هذه الفكرة أو تراجعت عنها، وكذلك أشرت لاشكالية العلاقة بين الدولة والتنظيم, فأين تكمن المشكلة في علاقة الدولة بالتنظيم خاصة وأن هذه النقطة تحتاج الى فحص بعد الأزمة الأخيرة؟
    إن تجربة الحزب المركزي القابض من خلال لجنة مركزية على الدولة تجربة سياسية طبقت في المعسكر الاشتراكي وهذه التجربة عليها ملاحظات من حيث النظرية والتطبيق وقد أثبت التاريخ عدم جدواها ولا أظن أن احداً في اطار الفكر الاسلامي التقليدي أو المعاصر يقول إنه إذا نشأت دولة إسلامية تكون القبضة فيها للحزب الاسلامي بالطريقة ذاتها التي طبقت في الاتحاد السوفيتي, بل إن أدنى قراءة للتاريخ السياسي الاسلامي تشير الى أن تجربة المسلمين قائمة على مؤسسات المجتمع, إذ أن مؤسسات المجتمع الاقتصادية والتعليمية لها نصيب وافر في إدارة وتنظيم الحياة العامة, وإن الدولة الاسلامية لها دور ولكنه ليس الدور الأوحد وإن الحزب السياسي له دور ولكنه ليس الدور المركزي القابض مطلقاً وإن هناك تداخلاً وتلاقياً وتلاقحاً في بعض الدوائر ولكن لا الدولة تهيمن وتقبض على المجتمع بصورة كاملة ولا المجتمع الاسلامي هو المجتمع الخامل بالصورة التي يخطط لها في كل صغيرة وكبيرة وإنما هو مجتمع حي ورائد يتولى كافة شؤون حياته.
    هذا طبعاً مقروءاً مع نظام العبادات الاسلامية ونظام الشعائر الاسلامية, فدور الدولة الاسلامية إذن هو شبيه بدور الدولة الليبرالية منه بدور الدولة الشمولية, فالدولة في النظرية الليبرالية هي بمثابة وسيط وحكم بين مجتمعات اجتماعية وثقافية عديدة تتنافس وتتعاون ولكن الدولة تقوم بدور الوسيط وترعى الحقوق فهي "دولة الحد الأدنى".
    أما الدولة في الاسلام فهي ايضاً تتوسط بين مجموعات اجتماعية وثقافية فاعلة لكي تحفظ بينها ميزان الحقوق والحدود حتى لا يترك الأمر للفوضى المطلقة, فالفرق بين النظام الليبرالي والنظام الاسلامي هو أن النظام الليبرالي يترك دوراً للسوق أكبر حتى من الدور الذي يتركه للدولة نفسها.. فالدولة وهي تقوم بعملية التنظيم هذه يجب عليها أن تناغم مع قوى السوق, فالسوق هو الذي يخفض ويرفع وهو الذي ينظم المجتمع والدولة واحدة من أدوات السوق نفسه, لكن النظام الاسلامي لا يذهب الى هذا المدى, يمكن للدولة في بعض الأحيان بما لها من ارتكاز على منظومة قيمية أن تعدل بعض الاتجاهات في السوق, وتتوسط بين قوى السوق وقوى المجتمع, حتى لا تنسف العدالة جملة واحدة والسوق في النظام الاسلامي قد يفرز قيماً فرعية ولكنه لا يفرز القيم الاساسية التي يرتكز عليها المجتمع, فالمهمة الأساسية للدولة هي حماية ورعاية هذه القيم الاسلامية العلوية وحفظ التوازن في تطبيقها بين افراد المجتمع وقوى السوق, وفيما عدا ذلك فالدولة محدودة السلطات وليست لها هيمنة مطلقة على المجتمع..
    وفي هذا الاطار إذا سعينا لتكوين حزب اسلامي ينبغي أن نراعي أن هذا الحزب يجب أن يكون حزباً مجتمعياً بمعنى أنه ينبغي أن ينظم ويستوعب الفعاليات الاجتماعية والثقافية والخصوصيات الموجودة في داخل المجتمع, وينبغي أن يعبر عنها, فهو حزب يجمع الارادة الشعبية في بعض الأحيان.. ويعبر عن هذه الارادات احياناً أخرى.. ويحدث نوعاً من التقارب في بعض الأحيان, حتى يتفادى الاحتكاكات العرقية الطبقية ويمتص المظالم فنشاط الحزب الاسلامي في تقديري أقرب الى مجالات التنسيق والتخطيط وبالتالي تكون العلاقة بينه وبين الدولة هي علاقة في هذه المجالات ولذلك لا أرى اي مناسبة للحديث عن ارتباط عضوي بين الحركة الاسلامية كتنظيم وبين الدولة. يمكن أن تكون هناك دولة, ويمكن أن تكون هناك حركة اسلامية والعمل بينهما يتباين، الوظيفة والنشاط والدولة نفسها ينظر اليها كمجموعة فاعلة في داخل المجتمع في اطار معين تحدده بالطبع دساتير وقوانين ومواثيق, فإذا كانت الحركة غالبة اجتماعياً يكون نصيبها في تحديد هذه القوانين كبير, وأما إذا فشلت في أن تحظى بقبول واسع من الجمهور فإن دورها سيتقلص.
    طرحت من قبل عند بداية الأزمة دعوة لاقامة تنظيم شبكي.. هل مازالت عند دعوتك تلك أم تراجعت عنها؟
    أنا لم أتراجع, وما أتحدث عنه ليس تراجعاً وإنما محاولة تطوير العمل الاسلامي, كثير من الناس يرون أن التنظيم الاسلامي إما أنه تنظيم مركزي قابض "بهياكله وقوانينه ولوائحه" على الدولة والمجتمع, أو أنه تنظيم فضفاض قائم على تحالفات فضفاضة وليس له مركز وليس له مقدرة على المحاسبة والتخطيط والخياران مرفوضان عندي.
    أنا أتحدث عن خيار تنظيمي يجمع بين الأثنين اسمية التنظيم الشبكي وهو تنظيم يحيط بالنشاط العام في المجتمع من خلال منظومات متنوعة ومتعددة بحيث يكون لكل منظومة سلطة وهامش للابداع وللاجتهاد والتطوير في المكان أو القطاع أو النشاط الذي توجد فيه "عملية تسيير ذاتي" والذي يجمع بين هذه المنظومات المتعددة خطة استراتيجية واحدة للحركة الاسلامية وللسودان, وكل منظومة وشريحة تؤدي فيها الدور الذي تكون قادرة على ادائه ويتم التنسيق بين هذه المجموعات المتداخلة من خلال ادارة تقوم على الخطة الاستراتيجية الموجودة وهذا يعني أن مهمة القيادة أن تساعد في بلورة الأفكار الرئيسية وفي وضع الاستراتيجية ولكن هذا لا يعني أن لهذه القيادة صلاحية مطلقة. بل إن صلاحياتها تتضاءل, كلما تقوى القطاعات والمنظومات وتثبت كفاءة فتتحول القيادة تدريجياً الى ساحة الترشيد والتخطيط الاستراتيجي حتى لا يقع تضارب في الأدوار أو تصادم في الرؤى, وهذا نمط من التفكير عرف في تاريخ المسلمين الأوائل فتجد الامام الشافعي مثلاً يصف المجموعة القيادية في المجتمع بـ(نظار المسلمين) وهم القيادات المجتمعية صاحبة المقدرة على التخطيط للمجتمع الاسلامي, فتستشرق المستقبل وتقرأ التاريخ الماضي ولكن لديها وضعية قابضة على تنفيذ النشاط نفسه, لأنه يفترض في الاطار الاسلامي أن هناك حداً من التدين يقوم به كل فرد أياً كان موقعه دون تدخل الدولة والقيادة. هناك مستوى من التكاليف الدينية تقوم به المجموعة الدنيا في المجتمع مثل الاسرة أولو القربى وغيرها, وهناك مستوى تقوم به دولة المسلمين, ويوجد نظار المسلمين في القطاع العام سواء في الدولة أو في المنظومات والقطاعات المتنوعة وفي بعض الأحيان تكون هناك أزمات وقد يتعرض المجتمع الى انهيار أو محاصرة مما يدعو الى تجميع هذه الطاقات أو مركزتها لكنه تمركز مؤقت رهين بزوال الأزمة, وأنا اعتقد أن واحدة من مشاكلنا في التنظيم الاسلامي أننا لم نفرق بين التمركز المؤقت والتمركز المستمر فنحن عندما نشأنا كحركة اسلامية نشأنا في ظروف عصيبة وظروف حصار لم يكن هناك اي مجال للحديث عن تنظيم مفتوح فكانت المركزية التنظيمية ضرورة حياتية حتى يتم تجميع الطاقات وتتكبل الارادة فإذا فتح الله بالحريات والامكانات فينبغي أن ترتخي هذه القبضة التنظيمية المركزية.
    أنا لا أتصور أن تكون للتنظيم الاسلامي قيادة مستدامة من نوع القيادة التي تسمى الأدبيات الحديثة بالقيادة التاريخية. قد توجد قيادة تتمركز لديها السلطة في ظروف طارئة فإذا زالت هذه الظروف يتغير نمط القيادة وتتجدد بصورة طبيعية أما إذا ظل التنظيم الاسلامي يعمل بقيادة مركزية قابضة غير قابلة للتجدد فهذا يعني أن التنظيم الاسلامي صار يعاني أزمة باعتبار أنه فقد المقدرة على الحركة والنمو بفقده المقدرة على البسط بعد القبض, واعتقد أن دولة الإنقاذ كانت في أولها مبنية على فكرة القبض والبسط, وكان الفهم أن السلطة السياسية حصرت في أيادي حزبية غير أمينة وفيها كثير من الفساد الذي يهدد المصالح القومية والأمن القومي مما برر فكرة القبض على السلطة حتى يعاد ترتيب الوضع المرتبط بالأمن القومي والمصالح القومية والسلام الاجتماعي ومنع الأجنبي من التدخل, لكنه قبض مؤقت, وكان مفهوم لدينا تماماً أن يحدث بسط بصورة تدريجية فيعود المجتمع الى وضعه الطبيعي وتعود الحركة والدولة الى الوضع الطبيعي وهذا جزء من نظرية متكاملة ولها مسوغات في الفقه الاسلامي وفي أدبيات الحركة الاسلامية.

    خلال فترة الأربعة سنوات التي قضيتها خارج السودان اتيحت لك فرصة للتقييم, ما هي أبرز السلبيات والايجابيات من وجهة نظرك؟
    هناك العديد من الايجابيات في تقديري أولها أن السودانيين عموماً استطاعوا أن يحافظوا على الوطن دون أن نصل مرحلة الإنهيار الكامل والتمزق الذي كان من الممكن أن يحدث, اقصد بالسودانيين الحاكمين والمحكومين والمعارضين. ثانياً إن المسألة الاقتصادية أخذت حيزاً مقدراً من الاهتمام والجدية, وغني عن الذكر أن الإنجازات التي تمت في مجال التعدين والاتصالات والطرق واستخراج الطاقة وما يتبعها من نشاط تؤدي الى بعض الإنفراج في الأمور المعيشية اليومية بالنسبة للمواطن السوداني.. وهذا شئ إيجابي واضح.
    الشئ الايجابي الثالث هو أن الدولة بدأت تطور حساسية ايجابية نحو مسائل الحرية وحقوق الإنسان والحوار السلمي واقتسام السلطة والثروة بين قطاعات الشعب المختلفة, وهي حساسية ايجابية كانت مفقودة. شئ حسن أن يحدث اصلاح في جانب حقوق الإنسان وفي التعامل مع دول الجوار وهذه مسألة منهج وأسلوب في ادارة الأزمات والتعامل معها أرى تحسناً قد وقع في هذا الجانب.
    في فترة سابقة كانت السمة الغالبة هي الإنكار المطلق, الاقتصاد ليس فيه مشكلة, ليس لدينا مشكلة مع دول الجوار, لكن الآن أصبحت هناك عقلانية وحساسية ايجابية في التعامل مع هذه الأمور وكان لابد أن تحدث هذه الاستجابة لتكون لديك قدرة على المراجعة والتصحيح, وكل كائن يفقد المقدرة على المواءمة مع البيئة التي يعيش بها محكوم عليه بالموت, أنا أشعر أن الدولة أصبحت لديها القدرة على المواءمة وهذا قد يكون مثار نقد واعتراض من بعض الجهات لكنني اعتقد أنه عامل حيوية وعامل حياة.
    أما السلبيات والتي كنت أتمني أن تزول فواحدة منها أنني لم استطع حتى الآن أن ألمس ملامح نظرية كلية لقضية التنمية, نلاحظ سياسات واسعافات ومعالجات لكنا لا نلاحظ ملامح نظرية تنموية متكاملة تنظم في داخلها كل هذه المعالجات توجد إنجازات هنا وهناك ولكن هذه الإنجازات ستذهب أدراج الرياح مهما كبرت إذا لم تتعزز مكانتها الحرجة من تاريخ السودان في داخل رؤية تنموية متكاملة, وغريب ألا تأخذ التنمية موقع الصدارة في الأجندة السياسية.. فمازال لدينا من يعتقد أن السياسة هي كلام "وطق حنك" وهذا عيب كبير.. اعتقد أن أي برنامج سياسي أو أي نشاط عام لا يرتبط في هذه اللحظة بقضية التنمية ارتباطاً واضحاً ومحدداً يكون مضيعة لوقت الناس وتبديد لمجهوداتهم وطاقاتهم ولا ينبغي أن يقوم علينا سياسي لا يستوعب ميكانيزمات التنمية أو مخطط تربوي غير واعي بتحديات التنمية ولا ينبغي أن يقوم علينا اقتصادي ليس لديه وعي متكامل بقضية التنمية, ولا ينبغي أن يكون لدينا كل هؤلاء دون أن يربطوا هذه المسائل برؤية الاسلام, فما يميزنا ويميز رؤيتنا هو المحتوى الاسلامي فإذا فشلنا في أن نربط نشاطنا بالرؤية الاسلامية بصورة علمية فلن يبقي الا الشعار, أن قدرتنا على تحويل الأفكار والمفاهيم الاسلامية الحقيقية الى برامج تنموية هي التي تخرجنا من حالة التخلف, ولكن عملية الربط والتحويل هذه هي مهمة التنظيم لأنه عامل ربط وتحويل للأفكار من اطار النظر الي الواقع ومن يفقده المقدرة على الربط والتحويل يفقد قيمته ويتجاوزه المجتمع تماماً ومن يقوم بعملية الربط في داخل التنظيم من العلماء والفنانين والتربويين والمبدعين, ودور هؤلاء بكل أسف ضئيل الآن لأن الاسلام قد طرح اطاراً دستورياً, ولم يطرح كمشروع تنموي وإذا طرح بهذه الصورة فسوف يتقلص التهريج السياسي, ويتمدد العلم. السلبية الثانية أن صورة المجتمع السوداني أصابها ضرر وأذى شديد, وكنت أتمنى أن يبذل المجهود والمال في سبيل اصلاح هذه الصورة لأن الآخرين يتعاملون معه ومعك من خلال الصورة التي قد يكونها عنك اعداؤك ومنافسوك، لكن على أي حال فإن الصورة تشكل مدخلاً اساسياً للتعامل معك دبلوماسياً وتجارياً وسياسياً فإذا كانت الصورة مشوهة فالتعامل معك لا يتم بالصورة التي تتوقعها والذي يحزنني أنه لا توجد محاولات جادة لاصلاح هذه الصورة بطريقة فعالة وهذا ليس عتب على الاعلام فقط ولا على العمل الديبلوماسي فقط وإنما عتب على السودانيين كلهم, بغض النظر عن توجهاتنا ومواقعنا الفكرية فنحن في حاجة أن نعيد صورة الوطن الى أجمل ما يمكن أن نعيد صورة الإنسان السوداني إلى ما كان عليه واستمرار هذا الحال خطر علينا سواء في المعارضة أو الحكومة لأن الآخرين ينظرون إلى حكومتنا أو الى معارضتنا ويضحكون وهذا غير جيد, ونحن أذكى من ذلك واقدر وأقوى من ذلك والشعب السوداني ليس شعباً طارئاً ولا ساذجاً وإنما هو شعب عريق وله تاريخ وحضارة فلماذا لا تكون لدينا القدرة لنعرض تاريخنا وحضارتنا ونحسن صورتنا أمام العالم.. لأن هذا سوف يؤثر على التنمية والاقتصاد والعلاقات الاجتماعية.
    ألا ترى أن مأزق الاسلاميين يأتي من طرحهم للمشروع الاسلامي من منظور ايدولوجي دوغماتي؟
    هناك نوعان من الايدولوجيات, ايدولوجيا مغلقة تعتمد على وضوح الفكرة وتمسكها الداخلي وتنطلق منها لتنفيذ هذه الفكرة.. هذه الأيدولوجيا يمتلئ اصحابها بالزهو لمجرد شعورهم بتماسك الفكرة واتساقها داخلياً وينطلقون في التنفيذ بغض النظر عن المعطيات الواقعية.. وهناك نوع آخر من الايدولوجيات يمكن أن نسميه أيدولوجيا منفتحة تشترك مع الأيدولوجية الأولى وأن هناك قيماً وأفكاراً أو مفاهيمَ مركزية واضحة ومتماسكة داخلياً ولكنها في نفس الوقت منفتحة وتستجيب وتتعامل مع معطيات الحس والتجربة والعلم وتحاول أن تعيد ترتيب المفاهيم والأفكار الأساسية بصورة جديدة كلما تجددت المعطيات وبهذه الطريقة تستطيع الايدولوجيا أن تصحح نفسها بنفسها وإذا تكلمت عن الإسلام كأيدولوجيا يمكن أن أقول إنه أيدولوجيا منفتحة, وطبعاً هناك فرق بين الإسلام كعقيدة والإسلام كأيدولوجيا. والأيدولوجيا الإسلامية المنفتحة مستمدة من مفاهيم العقيدة الإسلامية ولكنها ليست هي العقيدة وهذه نقطة دقيقة وهناك الكثير من الناس يعتقدون أن الأيدولوجيا الإسلامية تعني العقيدة الإسلامية الخالدة والثابتة في مبادئها لكننا نقصد بالأيدولوجيا الأفكار والمفاهيم التي يستمدها المسلم الفاعل مع الحياة من العقيدة والمبادئ الثابتة وبالتالي تكون قابلة للتطوير والإنفتاح, وهذا مهم لأن هذه الأيدولوجيا متصلة بالعلم الطبيعي والإنساني والبشري وبهذه الطريقة يمكن للإنسان المسلم المتفتح أن يبني برنامجاً ذا شقين أحدهما أيدولوجي والآخر علمي, وهذا البرنامج أيضاً منفتح ومتطور وأنا أعتقد أن هذه الفكرة كانت موجودة في بداية الإنقاذ وهي أيدولوجيا مفتوحة وتقبل المستجدات وتستجيب للمستحدثات, لكن لا تفلت جملة واحدة من نسق المفاهيم الأساسية, أخشى أن يكون هناك أشخاص في داخل الحركة وفي داخل الإنقاذ لا يكون هذا الفهم واضحاً بالنسبة لهم, ويعتقدون أن لديهم أيديولوجيا صماء ينبغي أن يبلغوا بها بنهاياتها ويعتقدون أن أي استجابة لشروط ومعطيات جديدة هو تنازل عن الأيدولوجيا وبالتالي يصاب بالإحباط والإستياء وتنشأ عملية الإتهامات المتبادلة والتخوين, لكن لو فهمنا أن أيدولوجيتنا نفسها أيديولوجيا قابلة للتطور والإنفتاح فسنكون مستيقنين من عقيدتنا, صادقين مع أنفسنا ونكون في نفس الوقت تطوريين نقبل أن نعطي ونأخذ ومن المهم أن يطرح الإسلام بهذا الفهم ويجب أن يفهمه الآخرون كذلك دون أن تكون الإستجابة للواقع كأنما هي خصم من الأيديولوجيا, وأيديولوجيا الإسلام تختلف عن الماركسية, حتى الماركسيون الجدد الذين قالوا إن المفاهيم المركزية والمقولات الأساسية التي تحدث عنها ماركس إذا ما اتبعناها ستنتهي بنا الى أيديولوجيا مغلقة ولابد أن نفتح كي نستجيب لحركة التطور العلمي والتي دعى لها ماركس نفسه، لكن لا نعمي أبصارنا عن هذه التطورات العلمية والواقعية كي نحافظ على الأيديولوجيا ونتمسك بها لأنها بهذه الطريقة سوف تكون صفة سالبة وسلبية والإنسان الأيديولوجي بهذا المعنى يكون إنساناً أعمى يتبع الأيديولوجية فقط ويغمض عن التطور وتصير الأيديولوجيا هنا شريطاً دغماوياً يمنع عن رؤية الأشياء والواقع كما هو, ولذلك فإن خصوم الحركة الإسلامية يحبون أن يروها حركة أيديولوجيا مغلقة فيصفونها بالتنظيمات العقائدية أو المغلقة وهذا نوع من المصادرة والترهيب الفكري, وهذا لأنك لم تطرح نفسك كأيدولوجيا منفتحة, أنا أعتقد أن الإنقاذ عموماً والحركة الإسلامية على وجه الخصوص تحتاج أن تبين وجهها الأيدلوجي بصورة أذكى مما هو عليه وتحاول أن تطرحه للناس حتى يكونوا على بينة, لكن الغموض والضبابية في هذا المجال قد أضرت كثيراً, كان يجب أن تكون برامجنا في إطار أيدلوجي واحد تسهل رؤيته ويسهل الدفاع عنه وانتقاده وإصلاحه.
    هل هذا التطور استجابة فقط لدواعي الضغوط التي يجب أن نتعامل معها أم أنه تطور نظري مماثل أصبح جزءا من قناعات راسخة بحيث لوزالت الضغوط نرجع للقديم, هل ما حدث للإنقاذ هو استجابة لضغوط أم قد صاحبه فهم وقناعة في الايديولوجيا؟
    أنا طبعاً أتمنى أن يكون هذا الانفتاح انبثاقاً عن فهم للأيديولوجيا نفسها ولضرورتها وتطوراتها لكن إذا كان هذا التطور والإنفتاح الذي تم هو مجرد إنفتاح سياسي واقتصادي استجابة لضغوط خارجية مباشرة بدون ربط محكم للنسق الأيديولوجي فسوف يكون حده قريب لأن الضغوط ستسير بك الى اتجاهات لا ساحل لها وفي كل مرة ستواجه بأنواع من الضغوط, وميزة الأيديولوجيا المنفتحة أنها تضع إطاراً ضابطاً تتعامل في داخله مع أي نوع من الضغوط وتكون الأيديولوجيا مثل الإطار أو المصفاة التي تمكنك من استيعاب الظرف واستيعاب الآخر ومحاولة فهمه بل محاولة قراءة ذهنيته وفي غياب الأيدولوجيا من الصعب أن نقرأ الآخرين. الأيديولوجيا تساعدك في قراءة الآخر والواقع بصورة موضوعية وتحاول أن تناغم ايديولوجيتك مع هذه الوقائع لكنك إذا ذهبت فقط تستجيب للضغوط بدون هذا الاطار الايدولوجي فسوف تتبدد بين الايديولوجيات المختلفة وهي مسألة تحتاج الى تنظير عميق.

    في بداية حكم الإنقاذ أطلقت شعارات (أممية) تتجاوز حدود السودان وتحمل نفس تصدير الثورة والآن هناك ميل أكثر للإنكفاء على الداخل لمعالجة المشاكل القطرية, هل ترى تناقض بين الشعارات الاسلامية والدولة القطرية؟ والى أيهما تميل أنت؟
    أي دولة لها نطاق ثقافي وتجتهد لتعبرعنه بأي صورة من الصور, لكن في نفس الوقت للدولة حدود قانونية واقليمية ودولية تتعامل معها وهذا واقع موجود لم تفرضه التجربة الاسلامية, وعلي الدولة المسلمة وعلى المجتمع المسلم أن يراعي هذا الواقع وأن يحاول بقدر الامكان الا يبرز شيئاً من تناقض أبدي أو توتر حاد بين النطاق الثقافي والاطار القانوني للدولة, بمعنى أن على من يسير أمور الدولة ألا يكون ساهياً عن الإطار الثقافي والحضاري كما ينبغي الا يصل بها الى تصادم مستمر وإنما نحفظ الميزان, لماذا أقول هذا؟ لأن النطاق الحضاري والثقافي الذي يسندك يتداخل مع دول أخرى ومناطق وأقاليم والدين الذي تدعو اليه يمتد في فضاءات بعيدة وأنت لا تستطيع نسيانه واغفاله ولا ينبغي أن تغفل الدولة عن هذه الحدود, أنت تبحث عن صيغة وسطى تسمح لك أن تراعي الى درجة ما نطاقك الحضاري والثقافي ولكن دون أن تصادم العرف الدولي والاقليمي الذي تعمل فيه تصادماً يؤدي بك الى حافة الحرب وهذه ايضا تعالج في اطار الايدولوجيا المنفتحة فلو كان لك اطار ايدولوجي واضح تستطيع أن تقدم وتؤخر ولن تنداح وتسرع الخطى بغير هدى وهذا الواقع نحن لم نصنعه, فلو كنا نعمل في فراغ وجئنا للعالم ووحدناه بدون قوانين ولا دول لاستطعنا أن نفعل ما نشاء لكنك جئت الى عالم منظم وفيه موازين للقوى ويجب ايضاً أن ترتب نفسك وفقا لموازين القوى المتاحة لك فلو كانت لديك قوة غير محدودة فمن الممكن أن تفعل ما تشاء, لكن طالما أن قوتك محدودة بشرياً ومادياً وبالتالي دينياً أنت مطالب بهذا النوع من التوفيق ناهيك عن السياسة الرشيدة، أن تراعي ذلك ومن حسن السياسة وحسن التدبير أن توفق. والآن هناك دولة قومية وقطرية مفروضة لم تصنعها وهذا قدر أن تضطر للعمل في داخل الدولة القطرية لكن إذا كانت ايديولوجيتنا واضحة وقائمة على فعاليات المجتمع وعلى الإندياح الثقافي والحضاري فنستطيع عندها أن نفهم كيف نصنع سياستنا الخارجية.. وسنفهم كيف نتعامل مع الناس وهذا هو تاريخنا الذي لا نستطيع أن ننسلخ عنه وهو تاريخ اسلامي عربي افريقي, وهو فضاء نتحرك في داخله شئنا أم أبينا, نؤثر فيه ويؤثر فينا فلابد أن نعي بهذه المسائل, فلا نحن دولة قطرية مطلقة عمياء عن العوامل الثقافية والحضارية ولا نحن دولة أممية شمولية مطلقة عمياء عن الحدود والخصوصيات العربية والأفريقية.
    أشرت الى أن واحدا من الإنجازات في فترة الإنقاذ الحفاظ على وحدة السودان من التمزق ولكن البعض يعتقد أن الإنقاذ جذرت النزاع ،أعطته خلفيات عنصرية وجهوية ألم تلاحظ ذلك؟
    هناك بالطبع مشاريع تعتمد على الجهات وعلى الخصوصيات العرقية وهذه المشاريع لم تصل الى نهاياتها بعد وبعض هذه المشاريع ليس بجديد, فالمشاريع الجهوية والعرقية قديمة منذ الستينيات, حيث تكونت تنظيمات جهوية في الغرب والشرق والجنوب, ولكن شيئا فشيئا بدأت هذه التنظيمات تفقد قدرتها وصحيح أنها لم توصلنا الى مرحلة الصراع العنيف, ولكنها لم تصل بنا الى السلام الاجتماعي وهي دائماً تظهر في فترة ضعف الايدولوجيات والأحزاب فعندما تكون الايديولوجيا هشة, تبرز البرامج الجزئية, ففي التجارة مثلاً تنشط التجارة الجهوية التي ترتكز على الجماعة ذات اللغة المشتركة حيث يلتقي افراده في اطار تجاري واحد.. والسبب في ذلك يرجع لانعدام المؤسسات الاقتصادية ذات الشفافية فالتاجر يخشى أن يدخل في شركة تضيع فيها الحقوق ويفضل أن يبحث عن أهله وأبناء عمومته, ويستغني بذلك عن المجتمع العريض على أن هذه الظواهر محدودة وإني أعتقد أن الشعب السوداني فيه مقومات ومؤهلات تجعله يدير الصراع والتنافس على مستوى أرفع من مستوى العرق والجهة.
    ألا تعتقد أن الإنقاذ عمقت النزاع الجهوي والعرقي والذي برز فيما عرف بالكتاب الأسود؟
    كنت أقدر أن ما أبرز مسألة الجهوية والقبلية وعمقها هو النظام الفيدرالي في السودان. وهو نظام يقصد به أشياء كثيرة, من ضمنها أحداث قدر من التراضي الاجتماعي لأن مجموعات متباينة ثقافياً واقتصادياً تريد نظام حكم مرضي للجميع, وبالتالي فالفيدرالية بما فيها من مراعاة للخصوصيات قد تنعش بعض النوازع السالبة دون أن تكون للنظام الفيدرالي وسائل كافية لاستيعاب تلك السلبيات فيما هو قومي وفيما هو عام مثل أن يكون منهج تربوي تعليمي قوي يمتص هذه المسائل ويرشدها. أو أن يكون له نظام اتصال قوي وفاعل, وقاعدة اقتصادية قوية تمتص هذه النوازع, فبدون ذلك سيعمل النظام الفيدرالي على إنعاش النوازع والتوترات.
    فالإنقاذ ولجت الفيدرالية بنية حسنة, ولكنها خرجت منها بمتاعب ومشاكل يبدو أنها لم تحسب حسابها وهذا شئ مؤسف لأن البرنامج ينبغي أن يكون متكاملاً وقائماَ على معرفة كل نتوءاته وإفرازاته السالبة فإذا كنت لا تستطيع أن تتراجع عن الفيدرالية فعليك أن تحتوي الآثار السلبية التي افرزتها, وإلا فإن القوى المحلية ستتفجر خاصة مع ضعف الاحزاب والايدولوجيات وازدياد الشعور بالغبن الاقتصادي, لأن السودان تولدت فيه شرائح اقتصادية يمكن أن تكون مثار غبن, فإذا فهم المغبون والفقير أن أسباب فقره تعود الى الجهة التي ولد فيها فسوف يستنتج استنتاجات تقود الى التطرف والعنف واعتقد أن هذه مسألة تحتاج الي معالجة عميقة وسريعة لأنها ربما تؤدي الى مضاعفات لن تعاني منها حكومة الإنقاذ وحدها وإنما سيعاني منها كل السودان.
    خلال لقاءاتك العديدة بالخرطوم كيف تنظر لمجمل ما حدث بين الإسلاميين وما هو تقييمك للمصير الذي آلوا له بانقسامهم لحزبين؟
    العارفون يقولون إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون, نحن نريد للمسلمين أن يتحدوا على إقامة الحق والعدل, وإذا اختلفوا في إقامة الحد الأدني من العدل والحق وتفرقوا فيجب عليهم وهم متفرقون أن يلتزموا بإقامة الحق والعدل في أنفسهم بمعنى أن تكون هناك مبادئ أصلية وثابتة تحكم حركة الإنسان المسلم في الحياة العامة, حتى ولو لم يكن عضواً في جماعة سياسية المهم إن اتفقنا أو اختلفنا أن نراعي القيم الأساسية الحاكمة التي نلتزمها وهي السعي نحو الحق ونحو إقامة العدل, وأن يكون الواحد منا عادلاً "لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى".
    والعدل ليس نسبياً ومثلماً تعدل في تنظيمك الخاص وفي علاقاتك التنظيمية تعدل ايضاً مع الآخرين وهذه قيم أساسية نحتاجها.. أصبح الآن ظاهراً أن عدداً كبيراً من أعضاء الحركة الإسلامية يتقبلون فكرة أن يكون هناك أكثر من تنظيم إسلامي, ولا بأس لديهم في أن يطرح كل تنظيم برنامجه الذي يتوخى فيه الحق والموضوعية, ويتنافس به على السلطة بصورة صحية وطبيعية, وأنا لا أرى بأساً في ذلك, بل بالعكس ربما اخرجنا هذا من كثير من التشنجات التي صاحبتنا لفترات طويلة, وهي تشنجات كانت بسبب القلة والحصار والاستضعاف, فكنا نخاف أن يتخطفنا الآخرون إذا نحن اختلفنا, فكنا نتماسك عاطفياً خوفاً من الآخر, ولم يكن تماسكنا بالضرورة تماسكاً صحياً.. الآن وقد زالت اسباب التماسك الوهمي, القائم على التخوف من الآخرين فأصبح واضحاً أن لدينا رؤى مختلفة ولا يمكن أن نتماسك بهذه الطريقة, المهم أن يتخذ كل منا مواقفه على قدر كبير من وضوح الرؤية وأن ننفتح على المجتمع السوداني الذي كنا نتخوف منه وأن ننفتح ايضاً على المجموعات السياسية التي كنا نخاف في يوم من الايام أن تتخطفنا فيستطيع كل منا أن يتخطى حاجز الخوف ويتعامل مع الواقع السياسي بصورة طبيعية, وهذه فائدة لم نخطط لها.. نحن لم نخطط للإنقسام لكن طالما أنه قد وقع فيجب أن ننظر الى الجانب الايجابي ونطور الى شئ صحي ومفيد ونتعامل مع السياسة بصورة واقعية وعلى الاسلاميين أن يعترفوا أن السياسة فعل يدور حول السلطة وحول تخصيص هذه السلطة وتوزيعها في المجتمع وحول توزيع السلطة في داخل التنظيم الاسلامي نفسه فنحن سابقاً كنا نتوارى من هذه المسألة , ولا نسأل عن كيف توزع القوة داخل التنظيم سواء كانت قوة اقتصادية أو قوة سياسية, فتوزع القوة داخل التنظيم كيفما توزع ونعتبر أن على الفرد السمع والطاعة, لكن الناس الآن يتساءلون دون خجل ومن حقهم أن يتساءلوا عن كيف توزع الموارد وكيف توزع القوة داخل التنظيم الاسلامي ومن الذي يقوم بعملية التوزيع هذه؟ ونحن نعبر عن ذلك بمصطلح الامارة ولكن كيف يتم التأمير نفسه, والتأمير إذا فحص بدقة فما هو الا عملية توزيع للسلطة والقوة.. المهم أن يكون لدينا في كل الأحوال والمراحل منهج وأجهزة توزع السلطة بصورة طبيعية وتجعل تبادلها يتم ايضاً بصورة طبيعية.
    هل تم الإقرار بهذه الحقيقة؟
    لست متيقناً تماماً أي مرحلة قطعنا في هذا, لكن هذا الجانب مهم وضروري ومن بعد هذه الأزمة لو كانت هناك عبرة نخرج بها فهي ضرورة أن تتفطن القيادة الى طريقة توزيع السلطة والثروة داخل التنظيم الاسلامي لتقييمها على منهج سليم وواضح مثلما تفعل المجموعات السياسية العادية.. وهي مسألة لا تحتمل اللف والدوران..
    ولكن هذا الإنقلاب كبير يا دكتور والاسلاميون كلهم عاشوا على غير هذا, الناس أصيبوا بخيبة أمل وصدمة ليكتشفوا أن هذا ما عابوه على الناس, هل هذه عودة الوعي؟
    لحسن الحظ إن القوة ليست هي القيمة الوحيدة في النظام الإسلامي, وهي قيمة إلى جانب قيم أخرى, نحن نقول أنه ينبغي أن يضبط هذا المجال بصورة جيدة لكن هذا لا يعني أنه لا توجد قيم ضابطه أخرى.. إن التوزيع العادل للقوة داخل التنظيم الاسلامي لا يتم إلا إذا عزز النظام الاخلاقي الاسلام. ولعلك تلاحظ أن بعض الناس إذا تحدثوا عن الاخلاق في الاسلام يعتبرونها من النوافل والآداب ويضعونها في مرتبة أدنى من الأحكام فنشأ فهم مخلوط في الذهن المسلم أن الاحكام القانونية أهم من الموجهات والقيم الاخلاقية, اعتبروا أن الاحكام القانونية هي الأصل وأن القيم والموجهات الاخلاقية هي نافلة فقيم الصدق والكذب والبر والترحم لا يعتبرون أن لديها وزناً مثل الأحكام القانونية الصريحة, فهذا النوع من النظر خلق مشكلة في ضعف الاحساس بالنفوذ الاخلاقي في النظام الاسلامي, فنجد بعضهم يظن أنه لو نفذ الأشياء ذات الصفة القانونية في داخل التنظيم أو في داخل الدولة, هذا يقترن بمسألة أخرى هي أن الذين توزع بينهم هذه السلطة يكون لديهم التزام اخلاقي ولديهم وعي بالقيم الاخلاقية الاسلامية الاساسية بحيث يتكامل ذلك مع النشاط السياسي التنافسي, وإلا سيصبح تنافسياً سياسياً مكشوفاً حول السلطة مثل التنافس في كل الأطر الايدولوجية الأخرى, فنحن نتوقع أن يتوازن الاخلاقي مع السياسي, ولا يكون تنافسنا حول القوة منقطعاً تماما عن النسق القيمي الاخلاقي الاسلامي الذي نعرفه وتربينا عليه, وقد لا يعي الإنسان في كل الأحوال بهذا النسق القيمي خاصة الإنسان الذي يباشر العمل العام ويحتك بالمنافسين الآخرين فهذا الجانب التنافسي الصراعي يكون فيه أظهر أوضح وأقوى مثل الذي يستخدم عضلة معينة ويهمل أخرى فإن هذا يؤدي الى ترهل العضلة المهملة, فنحن لن نستخدم العضلة الاخلاقية بصورة كافية في الاطار السياسي الآن ونحتاج لتنشيطها وهذه عملية شاقة طويلة ولكن لابد منها.

    وكيف ينظر الناس خارج السودان لما دار بين الاسلاميين؟
    الناس في الخارج إما مشفق وهو من الصف الاسلامي وإما شامت وهو من الصف غير الاسلامي, والشامت يعتقد أن ما حدث نتيجة طبيعية للممارسة والفكر فلتذهب كل الحركة غير مأسوف عليها, والمشفق من الاسلاميين سبب اشفاقه أن اشواقه قد تعلقت لفترة طويلة بنموذج لدولة اسلامية وحركة اسلامية يتجسد فيها الطهر والتجرد والتفاني, لأنه وقعت احباطات كثيرة في جوانب متعددة من العالم الاسلامي, اخفاقات وفشل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أو قبل ذلك فكلما تسمع خبراً.. هو خبر عن فشل فكأن الناس يتشوقون باستمرار الى قصة نجاح تعيد الأمل الى نفوسهم وعندما جاء النموذج الإنقاذي الاسلامي اعتقدوا أنه الخبر السعيد, وظلوا يراقبونه من هذه الزاوية وكثير منهم لم تتح له الفرصة ليتعرف على السودان وعلى الحركة الاسلامية ولم يتعرف على الاشكالات الحقيقية, لا هم شامتون ولا هم مشفقون, يعتقدون أن هذه التجربة اياً كانت النتائج التي وصلت اليها فهي تجربة جديرة بالتأمل والدراسة لأنها المرة الأولى التي يتاح فيها للحركة الاسلامية أن تمارس فيه أفكارها وتجتهد وتبتكر وتخطئ وتصيب, فهذا النوع من الدارسين وفيهم المسلمون وغير المسلمين, يعتقدون أنه لو درست هذه التجربة بعيداً عن التهريج والمزايدات يمكن أن تكون فيها دروس مفيدة تثري العمل الاسلامي ايضاً, وأنا أعتقد أن هذا اتجاه سليم بلا شك وكان الواحد منا يتمنى أن ينمو مثل هذا الاتجاه داخل الحركة الاسلامية, لأنه طالما أن الواقعة قد وقعت فينبغي ألا تأخذنا المفاجأة والعواطف عن المغازي والمقاصد الأساسية فندرس الظاهرة دراسة حقيقية وموضوعية, ونفحص المعلومات بصورة موضوعية ايضاً ونتمكن على الأقل أن نجيب على سؤال لماذا حدث هذا؟ ونقطع شوطاً في اتجاه : كيف نخرج من هذا؟.. وبالتأكيد فإن هذا ما لا يتوقع أن يفعله السياسيون الذين صنعوا الهزيمة ولكن آمل ألا يقطعوا الطريق على الآخرين الذين يمكن أن يفعلوا.

    أين موقعك مما حدث؟
    دخولي في السياسة هو دخول اضطراري فأنا لم أخطط لأن أكون سياسياً, ولكن ظروفاً معينة جعلتني أعمل اعمالا سياسية في فترة الثانوي والجامعة, ولكن كلما تزول هذه الأسباب الاضطرارية تجدني أنسحب لأنني أعتقد أن العمل السياسي هو أحد الجبهات التي يكثر فيها الجنود, فهناك من يعمل في السياسة بالفطرة, ولكن هناك جبهات أخرى للعمل الاسلامي, علينا فيها متأخرات وديون كثيرة, أظن أن الحقل العلمي والفكري هو أحد هذه الجبهات الفارغة والتي ليس لنا فيها إنتاج تراكمي, فآليت على نفسي أن اعمل في هذه المجالات التي يقل فيها الزحام ونفعها على المسلمين عموماً سيكون كثيراً, لأنه لو حدث فيها تقدم فإنه يفيد الجبهة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, فأنا منذ الفترة الأخيرة في الجامعة ربطت نفسي بمشاريع بحثية أتمنى ألا اضطر للإنصراف عنها.
    لماذا هاجر د. التجاني لخارج السودان في وقت شهد الدعوة لمن بالخارج للعودة للبلاد؟
    السبب المباشر لخروجي من السودان أنني شعرت بأن مشاركتي في العمل السياسي المباشر غير مفيدة أو غير مرغوب فيها ولا أريد أن أضخم نفسي بأن كان لي إسهام يغير الموازين ولكن أرجح فعلا أن اسهاماتي في العمل السياسي ليست ذات أهمية كبرى ولذلك فالقابضون على أزمة الأمر السياسي لم يستشعروا بأنني يمكن أن أؤدي دوراً سياسياً مباشراً بصورة كبيرة ولذلك أول ما طلبت الإذن بالإنسحاب أذن لي فصدق ظني وتحليلي وفضلت بالفعل أن أرجع الى المجال الذي يمكن أساهم فيه بصورة مفيدة من غير أي حساسية أو غضب.
    ففي مرحلة الفتح كان الرأي أن تنسحب الوجوه القديمة وتفسح المجال لوجوه جيدة وأنا من المقتنعين بذلك, أنا أعتقد أن أي إنسان عامل في الحركة الاسلامية عليه ألا يصر على عمل بعينه أو موقع بعينه فإذا وجد شخص يستطيع أن يقوم بالعمل مثله وافضل منه فمن الأفضل أن ينسحب الى موقع آخر يبدع فيه ايضاً ويسلك طرقا أخر وأنا بعد قليل إذا وجدت أن الناس يتقدمون بصورة طيبة نحو المجال العلمي فليس لدي مانع في أن أنسحب الى مواقع أخرى "وكل مهيأ لما خلق له"
    وإلى متى هذا الإنسحاب؟
    إلى أن يأذن الله بغير ذلك, فطالما أنت مرتبط بالإطار الإسلامي وتخدم في هذا الإطار بصورة طيبة فالموقع الجغرافي في رأيي ليس ذو أهمية وأنا كنت أقول لبعض الأخوان, أصبح لدي قناعة قوية جداً أنه ليس مهماً أين يوجد الإنسان؟ وأين يعمل الإنسان؟ ولكن المهم هو ماذا يعمل الإنسان؟ فإذا أنا أعمل عملاً صالحاً يفيد المسلمين ويقويهم ويرفعهم, فالموقع الجغرافي الذي أوجد فيه أنا اليوم ليس مهماً, يمكن الموقع الجغرافي اليوم يكون أمريكا وغدا السودان وممكن آسيا وأي مكان آخر, ولكن لا أحب أن أحشر نفسي في موقع لا أستطيع أن أعمل فيه بصدق وقناعة فهذا العمل وإن كان علمياً وأيضاً أنا شعرت بأنني محشور فيه حشراً ومفروض على أن أتركه أيضاً, والموقع الجغرافي نفسه إذا شعرت أنني لا أستطيع أن أعمل فيه أيضاً أغيره, فهناك هامش في هذا المجال وأنا أتحرك فيه ومقتنع به تماماً والله أعلم.
    وما الذي تراه الآن من ذلك الموقع؟
    طبعاً مسألة ماذا ترى هذه مرتبطة بسؤال If then وطبعاً إذا حدث هذا وهذا وهذا فإني أتوقع هذا وهذا وهذا وإذا لم يحدث هذا وهذا وهذا فإني لا أتوقع هذا وهذا وهذا, فرؤيتي للمستقبل وما عساه أن يقع مرتبطة ببعض العوامل وبعض المعطيات والمتغيرات في داخل السودان وحوله وأنا ذكرت في معرض حديثي جزئية في باب السلبيات, والإيجابيات, وتأسيسنا على هذا فإن الإيجابيات التي ذكرتها إذا بقيت إيجابيات كما هي ثم عززت وطورت فأنا أتوقع للحركة الإسلامية والسودان أن يخرجا من هذا المأزق بصورة جيدة, والعكس صحيح طبعاً, فإذا السلبيات التي ذكرتها لم يتم فيها عمل دؤوب ولم يحدث فيها تطور فإن الذي أتوقعه أن الأزمة ستطول وتتفاقم ولكن لا يعرف الغيب إلا الله ونحن نحاول أن نقرأ على ضوء المعطيات المتاحة لنا, وأنا أقر وأعترف بأنه ليس متاحاً لي كل معطيات السياسة السودانية بصورة كاملة كمعلومات دقيقة ولا إحصاءات متكاملة, أؤسس هذا على رؤية إنسان عابر وعلى رؤية إنسان دارس ومهتم يراقب من بعيد ولو كنت في غير هذه الحالة لكان من الممكن أن أرتب نتائج غير هذه النتائج التي ذكرتها.

    الاحداث
                  

العنوان الكاتب Date
فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-07-08, 05:10 AM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-07-08, 05:36 AM
    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-10-08, 07:19 AM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-10-08, 11:02 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-15-08, 08:01 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-20-08, 07:38 AM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-21-08, 05:10 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-21-08, 10:37 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-23-08, 05:39 AM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك04-27-08, 09:27 AM
  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-08-08, 04:11 AM
    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-13-08, 06:43 AM
      Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-14-08, 04:31 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-15-08, 04:17 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-15-08, 04:54 AM
        Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-15-08, 05:00 AM
          Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-15-08, 10:22 AM
            Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-20-08, 06:51 AM
              Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك05-29-08, 06:21 AM
                Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك06-04-08, 09:42 AM
                  Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك06-12-08, 04:57 AM
                    Re: فتنة السلطة والجاه ...الهمز واللمز بين الاخوان فى السودان !! الكيك06-19-08, 06:19 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de