|
Re: الراحل المقيم (Re: منى على الحسن)
|
غياب الطيب صالح يلتحق بأبطال رواياته آخر تحديث:السبت ,28/02/2009 شوقي بزيع قليلون جداً هم الروائيون الذين يتركون في نفوس قرائهم الأثر الذي تركه الطيب صالح. فمنذ روايته الأولى “عرس
الزين” وحتى أعماله اللاحقة مثل “مريود” و”دومة ود حامد” بدا الكاتب السوداني وكأنه ينجو بالرواية العربية
باتجاه أرضها الجديدة المعفرة بروائح التراب المحلي والمفتوحة في الوقت ذاته على أسئلة العصر المقلقة
والصعبة. صحيح أن صاحب “موسم الهجرة إلى الشمال” لم يستهل الكتابة الروائية العربية التي سبقه إليها أعلام
كبار من وزن نجيب محفوظ ويحيى حقي وسهيل إدريس إلا أنه من خلال موهبته المتوقدة والفريدة عرف كيف يتخلص من
وطأة النجز السابق من جهة وكيف يهضمه ويفيد منه من جهة أخرى.
في حين يقتبس عن نجيب محفوظ واقعيته وتصويره الحسي الدقيق يقتبس عن يحيى حقي غوصه في عوالم السحر والطقوس
الشعبية الدينية، وعن سهيل ادريس اشكالية العلاقة بين الشرق والغرب التي ظهرت بجلاء في رواية “الحي
اللاتيني”. ومع ذلك فقد امتلك الطيب صالح بصمته الخاصة ومفاتيحه السردية المتميزة وغير المسبوقة في كل ما
كتب.
لم يكن من قبيل المصادفة المحضة بالطبع أن تجد كتابة الطيب صالح ذلك الصدى الكبير الذي لم تكف ترجيعاته عن
هز الوجدان العربي منذ خمسة عقود وحتى اليوم. وأعتقد ان ما أعطى أعماله ذلك القدر من الأهمية لا ينحصر في
اطار واحد أو نقطة بعينها بل هو خليط مركب من العناصر الأسلوبية والفكرية والوجدانية. فنحن ما أن نشرع
بقراءة أي من أعماله حتى يتم استدراجنا بسهولة الى الفخ الغوي لعوالمه المتخنة بالشغف والمتصلة بروح
الجماعة والبعيدة عن التكلف الأسلوبي والتأليف المتعسف. والرواية هنا هي الابنة الشرعية للحياة في دورانها
الدائم وفي ترنحها المستمر بين المقدس والمدنس، بين الخير والشر، وبين الجذور والمنافي.
قد تكون “موسم الهجرة إلى الشمال” هي الاسم الروائي الحركي للطيب صالح إلى حد أن البعض قد اعتبرها ضربة
العمر ودرته اليتيمة التي لم تتكرر بعد ذلك، والحقيقة أن عظمة هذه الرواية كامنة في بعدها الحدسي وفي
قوتها الاستشرافية التي لم يبهت حضورها مع الزمن. فالتمزق الذي يعيشه مصطفى سعيد بين الانتماء للجذور
السودانية الأم التي يقسمها النيل إلى قسمين وبين الالتحاق بحضارة الغرب الممثلة في العاصمة البريطانية
لندن هو التمزق ذاته الذي يحكم مئات الملايين من أبناء العالم الثالث المسحوقين تحت نير الاستعمار الغربي
من جهة والاستبداد المحلي من جهة أخرى. وهو ما انعكس على المستوى الروائي لا عبر الروايات العربية وحدها، بل
بدت تجلياته واضحة في كتابات سلمان رشدي الذي انحاز كلياً لقيم الغرب في نهاية الأمر، أو في كتابات أورهان
باموق الذي عكس المأزق التركي والهوية المنفصمة في غير رواية من رواياته. أما بطل الطيب صالح، فلم يجد ما
يرد به على الغرب سوى فحولته الذكورية الملفوحة بنيران إفريقيا وشمسها اللاهبة. وكان لا بد له تبعاً لذلك من
حشر الغرب في خانة التأنيث تمهيداً لعصر “الفتوحات” الجديد الذي يقوده مصطفى سعيد بوصفه ممثلاً لذكورة الشرق
الغازية. بدا الموت في هذه الحالة وكأنه النتيجة الطبيعية الوحيدة لعلاقة الشرق بالغرب. على أن البطل الفحل
الذي دفع بثلاث من عشيقاته الى الانتحار بتأثير من سحر شهريار العربي ما لبث أن اصطدم بكبرياء جين مورس
التي رفضت الانصياع له دافعة إياه الى قتلها في النهاية ليدخل السجن بعد ذلك ويعود مرة أخرى إلى كنف الوطن
الأم، حيث يتزوج من امرأة سودانية عادية ومن ثم يقضي غرقاً في أحد فيضانات النيل.
على أن القيمة الفنية والرؤيوية العالية لموسم الهجرة لا يمكن أن تنسينا القيمة الموازية لرائعة الطيب صالح
الأخرى “عرس الزين”، لا بل إن الرواية الثانية تتفوق على الأولى في بعض مناحيها المتصلة ب(.........)اجة اللغة
وحراكها الداخلي وتعبيرها عن الروح السودانية المحلية بكل ما يكتنفها من مجاهل وطقوس وأسرار. والزين بطل
الرواية هو الشخصية الغريبة والساحرة التي تلتف بغموضها المحير، وتتوزع بين البلاهة التامة والذكاء الخارق
وبين الديني والدنيوي. فهو من جهة يضج بالحياة ويبتهج بالأعراس ويقبل على الشهوات. ومن جهة أخرى يقيم
مع “الحنين”، الولي المتعبد ذي الكرامات، علاقة انسانية خاصة لم يستطع أهل القرية فهمها ومعرفة أسبابها،
وإذ يبدو للبعض أن الكاتب يتماهى مع معتقدات شعبه الدينية، والخرافية في بعض الأحيان، إلا أنه يظهر موقفاً
نقدياً صلباً من بعض المتسترين بالدين لتحقيق مصالحهم ومطامعهم الخاصة مثل شخصية الإمام في “عرس الزين”.
أما زواج الزين من “نعمة” أجمل نساء القرية وأكثرهن احتشاماً ونبلاً فهو الزواج الرمزي والشرعي بين ذكورة
السودان وأنوثتها، بين النيل الخالد والأرض السرمدية التي لا تؤول إلى اضمحلال.
لا يمكن إنهاء الحديث أخيراً عن الطيب صالح من دون الاشارة الى تواضعه ودماثته الفائقة كما الى شغفه الكبير
بالسفر والمرأة والحياة. كأنه كان مزيجاً بالغ الرهافة من الزين ومصطفى سعيد، ومن “الحنين” وزوربا، حيث
الافتتان بالحياة لا يمنع الروح من بحثها عن الجوهر الذي يلمع في قرارة الأشياء. كما لا بد من الاشارة الى
تعلق الطيب صالح المفرط بالشعر، وبالشعر العربي على وجه الخصوص، وبشعر المتنبي على الأخص. وخلافاً للذين
ذهبوا إلى القول إن الرواية العربية باتت ديوان العرب المعاصر، فقد ظل صالح يحل الشعر في المقام الأول
ويتذوقه ويطرب له كما لا يفعل أحد من أترابه.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عـنـدمـا بـكـت السمـاء لـوداعـك .. وزغــرد الثـرى لحضـورك .... | منى على الحسن | 02-19-09, 04:31 PM |
عندما بكت السماء لوداعك ... وزغرد الثرى لحضورك .... | منى على الحسن | 02-19-09, 06:36 PM |
Re: عندما بكت السماء لوداعك ... وزغرد الثرى لحضورك .... | منى على الحسن | 02-19-09, 06:39 PM |
عندما بـكـت السمـاء لـوداعـك ... وزغـرد الثرى لـحضورك | منى على الحسن | 02-19-09, 07:47 PM |
Re: عندما بـكـت السمـاء لـوداعـك ... وزغـرد الثرى لـحضورك | saif massad ali | 02-19-09, 07:49 PM |
في هيبة الصالح تتهذب الروح | منى على الحسن | 02-19-09, 08:12 PM |
Re: في هيبة الصالح تتهذب الروح | فاروق أبوحوه | 02-19-09, 08:53 PM |
Re: في هيبة الصالح تتهذب الروح | Abdlaziz Eisa | 02-20-09, 03:45 AM |
0000000 | منى على الحسن | 02-20-09, 03:45 AM |
Re: 0000000 | Abdlaziz Eisa | 02-20-09, 03:51 AM |
Re: 0000000 | خالد العبيد | 02-20-09, 03:54 AM |
000000 | منى على الحسن | 02-20-09, 03:52 AM |
0000 | منى على الحسن | 02-20-09, 04:04 AM |
Re: 0000 | khaleel | 02-20-09, 04:30 AM |
يا طيب يا صالح | منى على الحسن | 02-21-09, 11:22 AM |
يا طيب يا صالح | منى على الحسن | 02-21-09, 11:24 AM |
من يأتي كل هذا الحزن .... | منى على الحسن | 02-21-09, 11:33 AM |
حروف الدكتور حسن مدن في رحيل الصالح | منى على الحسن | 02-21-09, 11:49 AM |
القلب مفطور لرحيلك ايها الطيب ... | sanaa gaffer | 02-21-09, 05:09 PM |
حزنك يا الصالح ادمى الدواخل | منى على الحسن | 02-21-09, 05:51 PM |
ماذا قالوا عن الراحل المقيم الطيب صالح ...طيب الله ثراه | منى على الحسن | 02-21-09, 07:12 PM |
Re: من أقوال الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 07:59 AM |
Re: قالوا فيه ...جريدة الخليج | منى على الحسن | 02-22-09, 08:43 AM |
Re: قالوا فيه ...جريدة الخليج | كمال علي الزين | 02-22-09, 08:48 AM |
Re: موريتانيا تنعى الراحل الكبير ... جريدة الخليج | منى على الحسن | 02-22-09, 11:30 AM |
Re: موريتانيا تنعى الراحل الكبير ... جريدة الخليج | خالد ماسا | 02-22-09, 11:40 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 11:43 AM |
Re: الراحل المقيم | أحمد الشايقي | 02-22-09, 11:48 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 11:53 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 12:03 PM |
Re: الراحل المقيم | أحمد الشايقي | 02-22-09, 12:14 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 01:13 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 01:43 PM |
Re: الراحل المقيم | محمَّد زين الشفيع أحمد | 02-24-09, 07:00 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 07:59 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 08:50 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 09:21 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 09:29 AM |
Re: الراحل المقيم | محمد فضل الله المكى | 02-28-09, 04:04 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 06:10 PM |
Re: الراحل المقيم | Muna Khugali | 02-28-09, 06:22 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 06:25 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 06:41 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 07:04 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 03-01-09, 10:06 AM |
|
|
|