|
Re: الراحل المقيم (Re: منى على الحسن)
|
الخليج الثقافي ------------------------------------------- حل وترحال
الروائي الشاعر آخر تحديث:السبت ,28/02/2009 جودت فخرالدين
برحيل الطيّب صالح، نفقدُ روائياً من نوعٍ نادر، وبالأخصّ من ناحية علاقته بالشعر. فمن أبرز المزايا التي تحلّى
بِها هذا الطيّب صالح، الذي غادرَنا قبلَ أيام عن عمرٍ ناهزَ الثمانين، إلمامُهُ بالشعر العربي إلماماً تجلّى في
أحاديثه وكتاباته حبّاً ورهافةً وذوْقاً. ومن الطريف جدّاً، والغريب جدّاً، أن تكون الميزةُ المذكورة قد باتت نادرةً
لدى الكتّاب العرب في هذه الأيام.
لم يكن الطيّب صالح يتركُ مناسبةً من دون أنْ يُعْرِبَ فيها عن حبه للشعر، وعن إيمانه بأهمية هذا الفنّ، خصوصاً عند
العرب. لقد سمعتُهُ مراراً يتكلّمُ في ذلك. لفتَتْني أولاً طريقتُهُ في الكلام، طريقتُهُ الهادئةُ الرصينةُ المقرونةُ بحرْصٍ
على الدقّة والإيجاز. فمن خصاله أنه مقتصدٌ في الكلام، لا يُحب أنْ يقولَ كلاماً نافلاً،لا يثرثرُ ولا يُسْهِب، وإنما يُعبرُ
عن فكرته بأقل ما يمكن.
لقد تضمّنتْ أحاديثُ الطيّب صالح تقديراً للشعر جعلهُ فوق غيره من فنون اللغة. ولطالما أعْرَبَ في هذه الأحاديث عن
إعجابٍ شديدٍ بالمتنبي، الذي كان يحفظُ الكثيرَ من شعره. وفي مقالاته الصحافية، كان الطيّب صالح يُكْثِرُ من الكلام
على الشعر، ومن الاستشهاد بأبيات الشعر. وقد صَدرَ لهُ، قبلَ سنوات عدّة، كتابٌ عن دار رياض نجيب الريّس للنشر،
تحدّث فيه عن المتنبي وعن علاقته بشعر المتنبي. ألا يكشفُ هذا كلهُ عن عُمْقٍ ورهافةٍ لدى كاتبٍ روائي هو في طليعة
كُتّاب الرواية عندنا؟ أليست العلاقةُ القويةُ بالشعر ضروريةً لكل كاتبٍ عربيّ، في أيّ حقلٍ من حقول الكتابة؟
لم تقتصر العلاقةُ بين الطيّب صالح والشعر على ما كان يقولُهُ في أحاديثه ومقابلاته ومقالاته، وإنّما تجلّتْ على نحْ
وٍ أكثر رقّةً وأكثر خفاءً في رواياته، وبالأخصّ في روايته الأولى، أو بالأحرى في رائعته “موسم الهجرة إلى
الشمال”. واليوم، بعد أنْ مضى على صدور هذه الرواية أكثر من أربعين عاماً، لا تزال تتبوّأ مكانةً متقدمةً جدّاً في
المشهد الروائيّ العربيّ بأكمله.
الشعر في هذه الرواية مبثوثٌ في مختلف نواحيها ومقوّماتها، في المشاهد، وفي الرؤى، وفي لغة السرْد. وهذه
الروايةُ رائدةٌ في موضوعها الذي شاع على نحْوٍ ما في خلال العقْديْن السادس والسابع من القرن الماضي. موضوع
العلاقة بين الشرق والغرب، أو بالأحرى بين الثقافة الشرقية والثقافة الغربية، هو ما نشير إليه، وهو الذي كان
لدى الطيّب صالح في “موسم الهجرة إلى الشمال” جنوباً يسعى إلى الشمال. البطل مصطفى سعيد في الرواية هو
سوداني، أي جنوبي (شرقيّ) يتّجهُ نحو الشمال (الغرب)، يذهب إلى لندن للتعلم، وهناك يجدُ نفسه (أعزلَ) في
مواجهة الثقافة الغربية التي تسعى إلى محْوه من جهة، وتُثيرُ لديه رغبةً في المقاومة أو عدم الاستسلام من جهةٍ
ثانية.
يعودُ مصطفى سعيد إلى بلده السودان، بعد تجربةٍ حافلةٍ في لندن، حافلةٍ بالمغامرات وبالمرارة وبالعنف. يعودُ
إلى بلده بحْثاً عن الأمان وعن وسائلَ للمقاومة ضدّ الأنماط الثقافية الغازية على أنواعها. هكذا يرسم الطيّب صالح
على نحْوٍ شاعري صورةَ بطله الذي ينهلُ من الثقافة الغربية وينقمُ عليها في آنٍ واحد. يصورُ لنا الطيّب صالح علاقةً
تناحريةً بين بطله وبين حضارة الغرب، فهذه الأخيرة هي ضرورةٌ لهذا البطل، وهي عدُو له في الوقت نفسه. وفي
أثناء هذا التصوير الذي يمتد على طول الرواية، يقدمُ لنا الطيّب صالح أحياناً لوحاتٍ وصفيةً مفعمةً بالنفَس
الشعري، وبالأخصّ عندما ينقلُ لنا لوحاتٍ من السودان، شهدَها أو تخيلَها على نحْوٍ شفيفٍ رائع.
لقد تناول الطيّب صالح موضوعاً شائعاً، تناوله قبْلَهُ العديدون من الأدباء والمفكرين، إلا أنه تناوله على نحْوٍ
شعري حقّقَ لروايته التميز والفرادة. وقد تجلّى ذلك في جعله الأحداث تتسلسلُ على نحْوٍ مؤثرٍ دفّاق، يخلو من أي
افتعالٍ أو ابتذال. كما تجلّى ذلك في لغة السرد، التي هي لغةٌ رشيقةٌ جذّابة، تخلو من كلّ لغْوٍ أو نافل. إنّ
الطابع “الشعريّ” ل “موسم الهجرة إلى الشمال” هو الذي هيّأ لها خصوصيةً نادرة. وليس غريباً أن يكون حب الشعر
لدى الطيّب صالح وإلمامُهُ بصُوَرٍ من تراثنا الشعري هما اللذان حقّقا لأسلوبه الروائي شخصيته الفذّة.
بعد “موسم الهجرة إلى الشمال”، روايته الأولى، كتب الطيّب صالح رواياتٍ لم تُحْرِزْ من الشهرة والتأثير ما أحرزَتْهُ
الروايةُ الأولى. أقول ذلك إثباتاً لِما هو حاصلٌ في الواقع، وليس نتيجةً لأي حكْمٍ نقديّ. لقد ألقى الطيّب صالح
بسببٍ من “موسم الهجرة إلى الشمال” ظلاً وارفاً على الكثيرين من كُتّاب الرواية العرب الذين عاصروه. وليس هيناً
أنْ يكون كاتبٌ معينٌ ذا تأثيرٍ ملحوظٍ من خلال كتابٍ واحد.
[email protected]
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عـنـدمـا بـكـت السمـاء لـوداعـك .. وزغــرد الثـرى لحضـورك .... | منى على الحسن | 02-19-09, 04:31 PM |
عندما بكت السماء لوداعك ... وزغرد الثرى لحضورك .... | منى على الحسن | 02-19-09, 06:36 PM |
Re: عندما بكت السماء لوداعك ... وزغرد الثرى لحضورك .... | منى على الحسن | 02-19-09, 06:39 PM |
عندما بـكـت السمـاء لـوداعـك ... وزغـرد الثرى لـحضورك | منى على الحسن | 02-19-09, 07:47 PM |
Re: عندما بـكـت السمـاء لـوداعـك ... وزغـرد الثرى لـحضورك | saif massad ali | 02-19-09, 07:49 PM |
في هيبة الصالح تتهذب الروح | منى على الحسن | 02-19-09, 08:12 PM |
Re: في هيبة الصالح تتهذب الروح | فاروق أبوحوه | 02-19-09, 08:53 PM |
Re: في هيبة الصالح تتهذب الروح | Abdlaziz Eisa | 02-20-09, 03:45 AM |
0000000 | منى على الحسن | 02-20-09, 03:45 AM |
Re: 0000000 | Abdlaziz Eisa | 02-20-09, 03:51 AM |
Re: 0000000 | خالد العبيد | 02-20-09, 03:54 AM |
000000 | منى على الحسن | 02-20-09, 03:52 AM |
0000 | منى على الحسن | 02-20-09, 04:04 AM |
Re: 0000 | khaleel | 02-20-09, 04:30 AM |
يا طيب يا صالح | منى على الحسن | 02-21-09, 11:22 AM |
يا طيب يا صالح | منى على الحسن | 02-21-09, 11:24 AM |
من يأتي كل هذا الحزن .... | منى على الحسن | 02-21-09, 11:33 AM |
حروف الدكتور حسن مدن في رحيل الصالح | منى على الحسن | 02-21-09, 11:49 AM |
القلب مفطور لرحيلك ايها الطيب ... | sanaa gaffer | 02-21-09, 05:09 PM |
حزنك يا الصالح ادمى الدواخل | منى على الحسن | 02-21-09, 05:51 PM |
ماذا قالوا عن الراحل المقيم الطيب صالح ...طيب الله ثراه | منى على الحسن | 02-21-09, 07:12 PM |
Re: من أقوال الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 07:59 AM |
Re: قالوا فيه ...جريدة الخليج | منى على الحسن | 02-22-09, 08:43 AM |
Re: قالوا فيه ...جريدة الخليج | كمال علي الزين | 02-22-09, 08:48 AM |
Re: موريتانيا تنعى الراحل الكبير ... جريدة الخليج | منى على الحسن | 02-22-09, 11:30 AM |
Re: موريتانيا تنعى الراحل الكبير ... جريدة الخليج | خالد ماسا | 02-22-09, 11:40 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 11:43 AM |
Re: الراحل المقيم | أحمد الشايقي | 02-22-09, 11:48 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 11:53 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 12:03 PM |
Re: الراحل المقيم | أحمد الشايقي | 02-22-09, 12:14 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 01:13 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-22-09, 01:43 PM |
Re: الراحل المقيم | محمَّد زين الشفيع أحمد | 02-24-09, 07:00 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 07:59 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 08:50 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 09:21 AM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 09:29 AM |
Re: الراحل المقيم | محمد فضل الله المكى | 02-28-09, 04:04 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 06:10 PM |
Re: الراحل المقيم | Muna Khugali | 02-28-09, 06:22 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 06:25 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 06:41 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 02-28-09, 07:04 PM |
Re: الراحل المقيم | منى على الحسن | 03-01-09, 10:06 AM |
|
|
|