حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 06:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل المقيم الطيب صالح
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-23-2009, 08:21 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! (Re: jini)

    Quote:

    الطيب مر من هنا
    مأمون فندي
    الاثنيـن 28 صفـر 1430 هـ 23 فبراير 2009 العدد 11045
    جريدة الشرق الاوسط
    الصفحة: الــــــرأي
    الطيب صالح مر من هنا، خفيفا جاء كالحلم ليقف في منتصف الدنيا وتسلط عليه الأضواء، كما في أحد مشاهد روايته «موسم الهجرة إلى الشمال»، حين يوقف السائقون سياراتهم في الصحراء بشكل دائري ويسلطون أضواءها مشكلين دائرة للرقص، خبا ضوء الطيب وخبا «ضو البيت». في يوم الخميس الفائت، وفي مكالمة هاتفية مع أبي القابع عند جبال الأقصر، قال لي: «لقد حزنت على صاحبك». صمت وهمهمت بشيء من القرآن، فعرف ما في القلب من وجع وغير الموضوع. كنت أقرأ له من روايات الطيب، وهو الرجل الذي لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف معنى الرواية الحديثة، فكان يحبها لما فيها من روح ورائحة مكان وناس يشبهونه. حكايات فيها رائحتنا، وفيها من نفسنا ونفوسنا.
    ذات يوم حكى لنا عجوز من قريتنا في صعيد مصر، أنه رأى سيدنا الخدر (البعض يكتبها الخضر) مارا في القرية، رآه سارحا على حصان أبيض تفوح منه رائحة الطيب والمسك، كان العجوز لتوه قد فرغ من صلاة الفجر، وفي محاولة منه لمعرفة سر هذا الرجل الغريب، اقترب منه وسأله: أين صليت الفجر؟، فأجاب الرجل بأنه قد صلاه للتو في الكوفة، فبان للعجوز أنه أمام رجل من أهل الخطوة ممن تُطْوَى لهم البيد طيا، وكان العجوز يقول لنا بأنه تأكد وقتئذ من أن هذا الرجل القادر على قطع المسافات بسرعة الضوء، يحضر ويغيب برمشة عين، هو سيدنا الخدر عليه السلام.
    هكذا كنت أتخيل الطيب.
    «زرني يوم موتي، حتى أزورك يوم موتك»، قلت له هذه العبارة ونحن في بيت صديقه الفاتح إبراهيم في ولاية فيرجينيا، وهي من قصة طويلة كتبها كارلوس فاونتيس، ذلك المكسيكي «المخربط». لقد افتتح فاونتيس تلك القصة الطويلة، في الحقيقة هي أطول من قصة، وأقصر من رواية، بقصيدة للشاعر الفلسطيني محمود درويش ومقتطفات من أقوال والتر بنجامين، خلط فاونتيس في هذه القصة معاناة اليهود بمعاناة الفلسطينيين، وكذلك معاناة الهاربين من الحروب الأهلية في كوستاريكا، والروس الهاربين من قهر ستالين. وبطلة القصة كنستانزيا إسبانية من سيفيل استقرت في بيت أميركي في مدينة تحمل ذات الاسم الإسباني، في سافانا جورجيا، امرأة هاربة من فاشية فرانكو في إسبانيا.. أزمان مختلفة، فلسطين اليوم، وإسبانيا فرانكو، والحرب العالمية، ونزوح اليهود من أوروبا، أشكال مختلفة من المعاناة، يختلط فيها الواقع بالخيال، والماضي بالحاضر والمستقبل. «زرني يوم موتي، حتى أزورك يوم موتك»، عبارة قالها الكاتب الروسي الهارب على لسان بطلة قصته كنستانزيا، قلتها للطيب؛ ففهم مغزاها وابتسم.
    كان وجوده يومها شفافا، وكأنه يقف على الحد الفاصل بين الحضور والغياب، كان ضيفا عابرا أشبه بذلك الغريب الأبيض أخضر العينين الذي يطلع من النهر في روايته «ضو البيت»، بندر شاه مضى كالحلم وكأنه ما كان.. ضو البيت اختفى، لا خبر ولا أثر، ذهب من حيث أتى، من الماء إلى الماء.. كأن المولى ـ عز وجل ـ أرسله إلينا ليحرك حياتنا ويمضي في حال سبيله. الطيب صالح لم يكن أبيض البشرة ولا أخضر العينين، بل كان روحا عالية تسكن ملامح رجل سوداني أسمر، روح مرت من هنا بعد أن علمتها «فاطمة بنت جبر الدار» آيات من سورة الضحى. كان الطيب صالح كبطل قصته «ضو البيت» يقدر على الحركة في الزمان والمكان، «كأن الطفل ولد عند الشروق، وتم ختانه وقت الضحى، وصار للزواج بعد صلاة العصر».. الطيب ولد روائيا في صباحنا، وغدا قامة كبرى في الضحى، واختفى في المساء.
    عرفت الطيب عن قرب، وعرفت زوجته جولي، تلك السيدة الإسكتلندية الراقية التي كانت تجلس إلى جوار الطيب تستمع إليه بحرص، كشاهد محب يرقب كل كلمة تخرج منه، يتحدث هو، ودائما ما كانت توافقه بحركة من رأسها، كما لو كانت تهتز في حلقة ذكر، ثنائي متكامل ومنسجم رغم اختلاف الأجناس والألوان.
    الطيب صالح كتب عني في مجلة «المجلة»، وكان كريما، واليوم دوري لأكتب عنه، وعن عمد أحاول تجنب الوقوع في فخ العزاء. لم أكتب عن الطيب في حياته، فإن المديح في وجه الحياة ما زال يربكني، فالدنيا عرض زائل، كسوق انتصبت ثم انفضت، سيغادرها الرابحون والخاسرون معا. كان الطيب يتحدث بفخر كبير عن ابنته الدكتورة زينب التي تدرس آداب الإنجليز للإنجليز، ولكنني لم أر الطيب أبدا في سياق رجال عاديين يتزوجون وينجبون، رأيت الطيب وكأنه غزل من الكلام يلتف حولك بيسر وسلاسة، يتحدث وكأنه يتذكر عالما قديما ولغة سرمدية ليست من هذا الزمان. كان واقفا في مركز الفوضى بيننا، شاهرا قلمه الجميل، يختفي ويبين، فكأنه على الحد الفاصل بين الحضور والغياب.
    الطيب صالح لم يكن روائيا مبدعا فحسب، بل كان شاعرا، أو كاد، فهو الذي يختلط عنده الحد الفاصل بين المتنبي وشكسبير، «قالوا الطيب للسودان ساير، وكل البنات البكر حلوة الضفاير»، كنت ستقول عن تلك العبارة إنها شكسبيرية بلهجة السودان، أو توجه حضاري من قبل أهل الصعيد. كان الطيب يضحك من قلبه على من يتحدثون عنه ولا يعرفونه، إذ حكى لي يوما عندما استوقفه ضابط الأمن في مطار القاهرة، يوم كان السودانيون محل شبهه، ولما تململ الطيب من طول الانتظار، قال الضابط «أنت رجل مهم، وسننهي إجراءاتك بسرعة»، وقال «مش انت الكاتب الكبير صالح الطيب مؤلف رواية الطيور المهاجرة؟». هكذا خلط الضابط اسم الكاتب واسم الرواية في الخلاط. كثيرون يتحدثون عن الطيب ويخلطون اسمه باسم الرواية، ولم يكن ذلك يزعجه في شيء.
    كان الطيب ذواقة ذكيا للحياة بكل تفاصيلها وأسرارها. أذكر أن الطيب قرر أن يطبخ لنا قرعا عندما كنا في بيت صديقه الفاتح، وعندما عرضنا عليه المساعدة، رفض وطلب ـ بلكنة إنجليزية ساحرة ـ ألا نتدخل في تلك اللحظة الخاصة جدا التي يعد فيها الطعام.. كان الطعام بالنسبة إليه ذائقة ودربا إلى إرضاء الروح.
    أذكر عندما قلت له إن الباحث الفلاني يريد أن يعد دراسة عن أعمالك بالمقارنة مع أعمال جوزيف كونرد، أجابني «يا زول خليها على الله». كان يؤمن بأن للقراء والباحثين مطلق الحرية في أن يفهموه كما وصل إليهم، ولكن دائما كانت هناك إشارات في حديثه إلى أن قليلا قد عرفوا ما يرمي إليه في أعماله. وكان يمازحني دائما «لماذا لا يكون للصعايدة توجه حضاري في بلاد الإنجليز؟». بلا شك أن الطيب كان عميقا فيما أبدع، وكان يكتب عن أمور تبدو وكأنها قراءات من سرمديات مخطوطة تظهر أمامه، فيقرأها علينا بفصاحة، ونستمع إليه مشدوهين كالأطفال.
    «قال جدي: أشهد أن لا إله إلا الله، وقال حمد ود حليمة: أشهد أن محمدا رسول الله».. وهكذا قلت.
    مضى الطيب كالحلم، وسيبقى عالقا في ذاكرة أجيال عديدة كما لو كان من رائحة الأولياء، وسيبقى حضوره مثل غيابه شفافا، كما لو كان بطل روايته الذي يطلع من الماء ويرجع إلى الماء.. وستبقى حكاية عجوز الصعيد مع الخدر تذكرني دائما بأن الطيب الصالح قد مر من هنا.

                  

العنوان الكاتب Date
حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-23-09, 08:08 PM
  Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-23-09, 08:21 PM
    Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-23-09, 08:31 PM
      Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-23-09, 08:50 PM
        Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! عاطف عمر02-23-09, 09:20 PM
          Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-26-09, 11:04 PM
            Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-26-09, 11:08 PM
              Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! اسعد الريفى02-27-09, 07:14 AM
                Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-27-09, 07:21 AM
                  Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! طارق جبريل02-27-09, 10:47 AM
                    Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini02-28-09, 03:41 PM
                      Re: حتى (الطيب) رحل ما طيب لى خاطر! وداعا ضميرنا الحى الذى أخرس الناطق وأنطق الأخرس!! jini03-01-09, 01:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de