|
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية (Re: هشام المجمر)
|
نهاية الحرية: الدولة البوليسية العالمية
عبر العقود الأربعة الماضية أي منذ السبعينات تقريبا ونحن نمر عبر عملية تغيير للنظام من منظومة عالمية قديمة لمنظومة عالمية جديدة. في المنظومة القديمة كانت شعوب العالم الأول ديمقراطية نسبيا وثرية، في حين عاني العالم الثالث من حكم الدولة البوليسية الطاغية والفقر الجماعي والإمبريالية (الاستغلال من جانب قوى خارجية). وكما سبق وأشرنا إليه فإن عملية التحول كانت علامتها “عبور الحاجز” : إدخال سياسات وممارسات في العالم الأول كانت في السابق تقتصر في الغالب الأعم على العالم الثالث. وكذلك اخترق التكبيل بمديونية صندوق النقد الدولي الحاجز ودخل العالم الأول ومكنه من ذلك عملية الاحتيال المتمثلة في سيناريو الانهيار والإنقاذ. في نفس الوقت فإن الفقر الجماعي هو أيضا اجتاز الحاجز ودخل العالم الأول نتيجة لسياسات التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي، بصلاحيات إمساك السندات المالية الجديدة التي منحت له. الإمبريالية هي أيضا عبرت الحاجز نحو العالم الأول حيث أن العالم الأول يدخل في تحكم المصرفيين والبيروقراطيات التابعة لهم وهي رابطة سلطة خارجة على كل الهويات القومية. لذلك فمن غير المدهش أن الطغيان البوليسي يعبر هو أيضا الحاجز نحو العالم الأول وذلك لأن فرض مستوى فقر مماثل للعالم الثالث يتطلب استخدام نفس طرق قمع العالم الثالث.
إن ظهور الحركة المعادية للعولمة يمكن النظر إليه على أساس أنه بداية مقاومة شعبية لعملية تغيير النظام. وبنفس الكيفية فإن قمع البوليس لمظاهرات سياتل المعادية للعولمة سنة 1999 يمكن اعتباره عبور الحاجز بالنسبة لطغيان الدولة البوليسية. إن رد الفعل العنيف والعشوائي والذي وصل لدرجة فتح أعين الناس بالقوة ورشها برذاذ الشطة هو سابقة لم يكن لها مثيل ضد متظاهرين غير عنيفين في دولة من دول العالم الأول.
ومن العجيب أن رد فعل البوليس ذاك ورغم أنه تم نشره بصورة واسعة عبر الإعلام فإنه في حقيقة الأمر زاد من قوة الحركة المعادية للعولمة وكلما زاد حجم المظاهرات المعادية وقوتها زاد بطش البوليس، ووصل الأمر إلى قمته في جنوا عام 2001 حين وصلت مستويات العنف بين الطرفين مستوى يشبه حرب العصابات.
في تلك الأيام كانت الحركة المضادة للعولمة تهيمن على صفحات الصحف العالمية ووصلت معارضة العولمة لمستويات هائلة. كانت الحركة الظاهرة هي مجرد الجزء الظاهر فوق الماء من جبل الثلج المعادي للنظام. بكل معنى الكلمة كانت الحركة الجماهيرية المعادية للعولمة تسير في اتجاه الراديكالية، وبدأ قادة الحركة يفكرون بمصطلحات معاداة الرأسمالية. كان هناك جوا من التوتر السياسي، كان هناك شعور بأن هناك احتمالا بأن العاطفة الشعبية المستنيرة ربما تنجح في تغيير مسار الأحداث.
لكن كل ذلك تغير بعد 11 سبتمبر 2001 اليوم الذي انهار فيه البرجان. اختفت الحركة المعادية للعولمة واختفت معها العولمة ذاتها، اختفاء يكاد يكون تاما من أمام الوعي الجماهيري، في ذلك اليوم المحتوم. فجأة ظهر سيناريو عالمي جديد شامل، و تهريج إعلامي جديد بصورة كاملة، بعدو جديد ونوع جديد من الحرب، حرب لا تنتهي، حرب ضد أشباح، حرب ضد “الإرهاب”.
رأينا سباقا كيف أن الانهيار الاقتصادي المخطط الذي حدث في سبتمبر 2008 عجل بسير بعض المشاريع القائمة مثل مشروع تفكيك استقلال الدول، وفرض التقشف. وبنفس الكيفية فأحداث سبتمبر 2001 سرعت من بعض المشاريع القائمة مثل التخلي عن الحقوق المدنية والقانون الدولي.
حتى قبل أن يسقط البرجان كان القانون الوطني قد صيغ، معلنا بكلمات لا لبس فيها أن الدولة البوليسية قد وصلت إلى هنا (الولايات المتحدة) بقوة وأنها ستبقى، وأصبحت وثيقة الحقوق لاغية وباطلة. وتم تبني قوانين مكافحة إرهاب مماثلة في مختلف دول العالم الأول. وهكذا فإذا رفعت أي حركة معادية للنظام رأسها مرة أخرى في العالم الأول (مثلما حدث على سبيل المثال مؤخرا في اليونان) فإنه يمكن استجلاب صلاحيات الشرطة العشوائية بالقدر الذي يتطلبه قمع المعارضة. لن يسمح لأي قوة بأن تخرج قطار مخططات المصرفيين عن سكته الحديدية. كانت الحركة المعادية للعولمة تصرخ: “هكذا تبدو الديمقراطية الحقيقية” وبعد الحادي عشر من سبتمبر رد عليها المصرفيون :”هكذا يكون القمع الحقيقي”.
أحداث الحادي عشر من سبتمبر أدت للغزو المباشر للعراق وأفغانستان، وساعدت بصورة عامة في خلق جو يمكن فيه تبرير غزو دول مستقلة، بهذا العذر أو ذاك، وبدأ الشروع في هجر القانون الدولي بصورة كاملة مثله مثل الحقوق المدنية، ومثلما تم رفع القيود عن التدخلات البوليسية المحلية كذلك تم رفع القيود عن التدخلات السياسية العسكرية الجيوبوليتكية، فلا شئ يجب أن يقف في وجه أجندة المصرفيين الخاصة بتغيير النظام.
يقول زبغنيو برزنسكي في كتابه: ما بين عصرين: دور أمريكا في العصر التكنوتروني: “ الحقبة التكتنوترونية تتضمن ظهور مجتمع متحكم فيه بدرجة أكبر، تهيمن عليه نخبة لا تقيدها القيم الأخلاقية التقليدية. هذه النخبة سوف لن تتردد في تحقيق أهدافها السياسية باستخدام أحدث التقنيات في التأثير على سلوك الجماهير، أزمة اجتماعية ملحة وظهور شخص محبوب جماهيريا، واستغلال الإعلام للحصول على ثقة الجماهير سيكون العتبة الأولى في اتجاه تحويل أمريكا لمجتمع متحكم فيه بدرجة كبيرة. من ناحية أخرى سيكون من الممكن ـ وسيكون ذلك مغريا بدرجة كبيرة ـ استغلال ثمار البحث العلمي الخاص بالمخ البشري والسلوك البشري لأغراض استراتيجية سياسية.”
يتبع
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-11-11, 11:59 PM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | بدر الدين اسحاق احمد | 12-12-11, 05:30 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد على طه الملك | 12-12-11, 07:28 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | هشام المجمر | 12-12-11, 07:44 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-12-11, 08:02 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-12-11, 08:03 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد على طه الملك | 12-12-11, 08:05 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-12-11, 07:54 PM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-15-11, 01:10 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-15-11, 01:22 AM |
Re: نهاية تاريخ الإسلام ونهاية تاريخ الرأسمالية | محمد عثمان الحاج | 12-16-11, 04:56 PM |
|
|
|