|
Re: مُناقشة كتاب عن التيار القومى وحزب البعث فى السودان . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
د. هشام عمر النور :- نحن فى شهر عظيم , ونتمنى ان يعود الهتاف المحبب لنا هتاف عائد عائد يا أكتوبر فى شوارع الخرطوم من جديد . قد يبدو لاول وهلة اننى غريب عن هذا المناخ فى الندوة ( يضحك) ولكننى لست كذلك , وخلال حديثى سوف يتضح ذلك لكم . فى الكتاب انا لن اهتم بالوقائع , أُريد الوصول الى استنتاجات ومقدمات نظرية ليسار جديد , اعتقد ان حركة اليسار السودانى كلها فى ازمة حقيقية , ومثل هذا الكتاب هام للغاية للوصول لجذور ازمة اليسار فى السودان وبالذات لو تم استكماله بروايات أخرى حول هذا التاريخ لانه يقودنا للوصول لمنهج جديد وطرق تفكير جديدة وحركة يسار جديدة , وحزب البعث هو واحد من تيارات اليسار فى السودان , لكن الازمة شملت كل التيارات اليسارية وتكاد تكون مُطابقة حذو النعل بالنعل وهموم اليسار تشغل كل من كان ينتمى لهذا التيار العريض فى اى تيار من تياراته . الأستاذ محمد على جادين قامة ثقافية رفيعة فى السودان ولديه مُساهمات اعتقد انها حيوية للغاية , وهو من اكثر الناس حرصاً على التوثيق والكتابة فى القضايا الفكرية , وهذه هى المقدمة فعلاً من اجل ولادة يسار جديد , ولو لم نُنجز نحن سيأتى جيل جديد يجد كتابات وتوثيق مثل هذا ويصل لما فشلنا نحن فى الوصول اليه . بعد كل هذا التاريخ وهذا الالق اليسارى العظيم من شعراء وفنانين وادباء , وبعد كل هذا الجهد والشهداء والاختفاء والتعذيب والاعتقال والمعاناة القاسية للغاية ومحاولة الامساك بعوامل التطور فى السودان فى ظروف بالغة القسوة , ينتهى بنا المآل الى ما نحن فيه ! , وهذا موضوع ليس خاضعاً للصدفة , هناك قانونية ما وصلت بحركة اليسار فى السودان الى هذا الوضع . الان ليست هناك حركة يسار مُلهمة فى كل التيارات الموجودة على الساحة , وهذا كلام اقوله بكل وضوح , ليس هناك تيار قادر على التأثير فى الحياة السياسية او الثقافية فى السودان واعادة صياغتها واجبار الأخرين على تبنى مقولاتها حتى على سبيل التبنى اللفظى , وهو ما كان يحدث فى الخمسينات والستينات عندما كان اليسار لديه القدرة فى ان يجعل كل القوى السياسية التقليدية وغيرها على ترديد الشعارات اليسارية حتى ولوعلى سبيل الترديد فقط , حركة اليسار ليس لديها ما تُقدمه الان . الكتاب من خلال السرد يقودنا للوصول للقواعد والقوانين التى تخص الحركة السياسية فى السودان , وهناك ملاحظة فى الكتاب تتحدث حول انه لم يوجود تنظيم سياسى فى السودان لم يتأثر بما يحدث فى مصر بطريقة او بأخرى , وان كل التيارات استطاعت ان تسودن او توطن الافكار التى تأثرت بها من مصر , من الاتحادى وحزب الشعب الديمقراطى والوطنى الاتحادى والاخوان المسلمين والقوميين الخ .. صحيح هذه قانونية , لكن هذه القانونية يجب توسيعها , وهى المؤشر لكيفية استعادة يسار جديد , واى عصر عنده منطق تفكير مُختلف , والذى حدث هو التأثير بالمناخ المتاح فى ذلك الوقت واقرب مناخ بالنسبة لنا كان مصر , الان ما عادت مصر هى المناخ الاقرب بالنسبة لنا ليس بسبب الاختلاف الاجتماعى والسياسى والثقافى فقط , ولكن السبب الاساسى هو تطور الحركة السياسية هنا عندنا ودخول عوامل كثيرة , حيث كانت الحركة السياسية فى الماضى فى اليسار واليمين هى حركة وسط السودان , والان مركز التغيير فى السودان تحول لقوى جديدة وبهذا لا يمكن لنا ان نتأثر بمصر , والنموذج المصرى اصبح بعيد جداً بالنسبة لنا , طيب ماهو القريب منا الان ؟ , العولمة قامت بتقريب العالم واصبح لدينا امكانية التأثر حتى على المستوى النظرى بتيارات يُمكن ان تكون مُلهمة لنا للوصول لقواعد منهج جديد ويُعيد صياغة الحياة السياسية وبالذات لحركة اليسار فى السودان . هناك جهد معرفى ضخم للغاية فى العالم وبالذات فى الحركة النقدية وهناك اسماء ورموز معروفة فى العالم كله , الحركة النقدية فى المعرفة الانسانية اصبحت حركة واسعة للغاية . وثيقة المؤتمر الاول لحركة الاشتراكيين العرب والتى حددت بوضوح قواعد منهجها الخاص بها فى المنهج العلمى والثورية والشعبية , ولننظر للحركة النقدية الان فى العالم او التفكير النقدى كيف تعامل مع هذه المناهج الثلاث . المنهج العلمى فى الوثيقة المقصود به الارتباط بالواقع والامساك بالعوامل المؤثرة فى تطوره والاستفادة من كل تجاربه والتركيز على اهمية الترابط الجدلى بين العامل القومى والعامل الطبقى والدور الايجابى للدين والاهتمام بالعوامل المؤثرة فى الواقع وعدم حصرها فى عامل واحد فقط او عوامل محدودة .. هذه الاشارة الاخيرة هى بسبب النزاع بين الماركسية والقومية , طيب , عندما يقول حزب مُعين ان طريقة تفكيرى قائمة على منهج علمى وهى مختلفة عن الأخرين , اول أشارة هى ان الصح معى انا وهذا فيه اقصاء لكل الاطراف الأخرى , وهى ليست خاصية خاصة بالبعثيين فقط وانما عند كل تيارات اليسار . السؤال الثانى هل المنهج العلمى كافى لتحديد الخطأ من الصواب على هذا النحو ؟ , نتكلم عن النهج العلمى والمنهج اصبح يخضع للتداول وقائم على البراجماتية الفلسفية / وليس كما نفهمها / , بمعنى التداول وليس المنفعة , ومفهوم المنهج العلمى تغير تماماً منذ كتاب توماس كون (بنية الثورات العلمية) فى 1962 , وان اى قانون علمى اول ما يظهر يُصحبه مباشرةً واقائع لا يستطيع اثباتها , ويدخل فى توصيف المنهج العلمى ماهو صدفوى وماهو عرضى , وفكرة الحقيقة العلمية ليست هى المطابقة مع الواقع باى حال من الاحوال . نُريد يسار جديد ديمقراطى منذ مرحلة منهجه العلمى , وليس بمعنى ان يكون ديمقراطياً على مستوى الممارسة السياسية ويتبنى منهج علمى يقوم فيه بادعاء ان الحقيقة الوحيدة معه . عن فكرة الثورية , هى تقتضى الانفصال عن الواقع الفاسد بين قوسين , وهذه هى بذرة الانقلاب , لان من ينفصل عن الواقع لا يستطيع تغيير هذا الواقع الا بواسطة الانقلاب , بينما الانخراط فى الواقع هو الذى يقودك للتغيير الحقيقى , وهى نفس فكرة ان النضال البرلمانى ليس هو الشكل الوحيد للنضال الثورى وهذا ما يتسق ويتجه فى المسار الصحيح للانفصال عن الواقع الفاسد لاصحاب هذه المقولة . اتحدث فى هذه النقطة عن الشعبية , واقول ان كل التنظير الذى تم فى السلطة السياسية عند ميشيل فوكو وغيره , تقول ان الشعبية هى مقدمة للغرق فى كولونيالية موهُمة وهى المقدمة للسلطة الشمولية , واى سلطة شمولية فى العالم تتحدث عن انها تقوم بالتعبير عن الشعب وتفعل بعد ذلك ما تشاء باسم الشعب . فى الحديث عن المنهج العلمى , فى الوثيقة هناك اشارة صحيحة بان عوامل التغيير متعددة ولا تعتمد على عامل واحد ويقصدون بالعامل الواحد التناقض الاقتصادى , لكن المشكلة ان هذا الكلام وعندما نربطه مع مفهوم الثورية سنجده مجرد غطاء لفظى لتمييز موقف القوميين من الماركسية لكنه لا يعنى ما يقوله .
|
|
|
|
|
|