ارفع راسك انت حزب امة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 11:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2011, 08:17 AM

Abdelrahman Elegeil
<aAbdelrahman Elegeil
تاريخ التسجيل: 01-28-2005
مجموع المشاركات: 2031

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ارفع راسك انت حزب امة (Re: Abdelrahman Elegeil)

    الاشقر الكمل كلام العسكر





    المفاوضات الأولى 17/2/1961م
    ملخص ما دار من حديث بيني وممثلي المجلس الأعلى في مقابلة أول رمضان 1380هـ بمنزل الضيافة بالخرطوم الساعة 9 مساء.

    بدأت المحادثة بعد المجاملات العادية بأن رحبت بالاجتماع على وفق ما هو مذكور في المذكرة المرفقة التي كنت أتلو منها ما هو مكتوب بها مع الوقوف كلما اقتضى الأمر لتعليق أو شرح أو إضافة مؤكداً أنني حريص على أن ألتقي معهم على أساس المبادئ التي جاءت بمذكرتنا والتي أعتقد أن فيها خير البلاد وأن مسئوليتي التاريخية وواجبي تجاه مريدي تحتم علي أن أقوم بهذا الأمر بدون أن أعرض البلاد لأي هزة بل إنني دعوت للتفاهم وأنني على أتم استعداد له ومنذ المذكرة الأولى التي كانت قبل أكثر من سنة عندما طلب السيد إبراهيم عبود أن نتقابل ولا داعي لهذه المذكرات حرصت على ذلك حتى عندما قابلني السيد أحمد عبد الوهاب الذي تطوع بعد أن سمع بأمر المذكرة بأن يقابلني عارضاً أن يتوسط في الأمر والذي حمله رسالة بطلب المقابلة التي لم تتم مما ترتب عليه إرسال المذكرة التي هي عرض لما نراه من حيث نظام الحكم بصرف النظر عن الأشخاص الذين يتولونه ولا نرمي من وراء ذلك للطعن فيهم أو في وطنيتهم أو لتبديلهم بآخرين.

    إننا أيدنا هذا الوضع باعتباره وضعاً مؤقتاً لوضع الأمور في نصابها بعد أن أفسد بعض السودانيين الحكم في البلاد نتيجة لانصياعهم مع أغراض الطامعين في التدخل في شئون البلاد ولضعف الائتلاف مع حزب الشعب ولأول مرة أكشف لكما هذا السر لمعلوميتكما الخاصة ولتعلما مقدار تأييدنا للتغيير نتيجة لما وصلت إليه الحالة من سوء فقد اجتمع بمنزلي بأمد رمان وأكثر من مرة السادة إبراهيم عبود، وأحمد عبد الوهاب وحسن بشير وعوض عبد الرحمن لبحث ما آلت إليه الحالة ولنفكر في الانقلاب لئلا نزج بالجيش في السياسة والحكم، ثم سافرت أنا للخارج بسبب حالتي الصحية وعندما رجعت وجدت أن الانقلاب قد حدث، إنني أسوق هذه الحادثة لأدلل بها علي تأييدي في الماضي على أساس أنه عمل مؤقت تدعو له الحالة أما الآن فإننا نرى كل التصرفات تهدف لإقراره ولاستدامته وهذا ما لا نوافق عليه وما لا نراه من مصلحة البلاد. إن الرجوع للديمقراطية لحكم البلاد أمر لابد منه ونحن على استعداد للتفاهم على الطريقة التي تكفل ذلك. بعد هذه المقدمة وهذا الشرح وبعد أن أتممت تلاوة المذكرة التي بيدي قال السيد مقبول أنه يود أن يعلق فقال: (صحيح أن هذا الوضع مؤقت ولكن لم نحدد زمناً ولم نقل أنه لسنة أو لعشر سنين وفيما العجلة ونحن سائرون في التقدم والمشروعات النافعة، ثم أن الاستقرار الذي حدث في الجنوب والنجاح في نشر الإسلام الأمر الذي بالنسبة لك يا سيد من الأهمية بمكان مما نحمد عليه. وإنني لا أعلم كيف الرجوع للأحزاب السياسية وللحالة الماضية والناس لا يرغبون في ذلك.)

    فقلت له صحيح لم يتحدد وقت لإنهاء هذه الحالة ولكن ليس معنى هذا ألا نفعل، كما أن أعمال الحكومة وكل ما تتخذه من إجراءات تهدف إلى الاستمرار فبقاء حالة الطوارئ وقوانين الحكومات المحلية وتعين الحكام العسكريين على رأس هذا النظام كل يوحي بالرغبة في الاستمرار.

    أما الجنوب فإنني لم أتفق معكم فيه فالهدوء الذي به الآن نشبهه بهدوء العاصفة وهو مقهور بالبندقية وكثير من زعمائه تسرب إلى خارج الحدود وهذه حالة خطيرة لا نعلم مدى ما ستكشف عنه أما الأحزاب السياسية فإنني لا أدعو لرجوعها كما كانت ولكن لدينا من تجارب الماضي ما نتفادى به أخطاءه والمهم أن نكفل للناس حريتهم فيما يريدونه لبلادهم.

    وهنا قال السيد طلعت: أنه يود أن يجعل نقطة بدايته الرجوع للديمقراطية وهذه قد فشلت وقد أعطيت الأحزاب فرصة العمل ولم تنجح، وهم كجيش كانوا يؤيدون الحكم السائد وهم الآن ينتظرون أن يعطوا الفرصة للحكم وأن يجدوا التأييد، ثم أنه شخصياُ كان في الجنوب أيضاً يحكم بالبندقية.

    فقلت له: إنني لا أعترف بأن الديمقراطية فشلت، ولكن يصح أن يكون الحكم قد فشل والديمقراطية مع ما بها من عيوب فهي أسلم وسيلة للحكم، أما كلمة الجنوب كان أيضاً محكوماً بالبندقية فقد كان له ممثلون بالبرلمان ولهم حق الانتقاد وحرية التعبير وهذا ما نطلبه الآن.

    فانتقد البرلمان كما تشكك من جدوى الرجوع لمثله، فقلت له مع كل هذا فهو البرلمان الذي حقق استقلال البلاد ولولاه لما استطعنا أن نقهر قوة الاستعمار المتفوقة، فقال كان للجيش الفضل في ذلك، فقلت له: بدون تحقير لجيش البلاد ماذا تكون مقدرته بالنسبة لجيوش الاحتلال، ولكن كون الجيش كان ممثلاً في البرلمان الذي قهر الاستعمار وحقق الجلاء فهذا صحيح إذ تبين للمستعمرين أنهم لا يستطيعون أن يحكموا هذه البلاد رغم أنفها إلا بالعنف وهذا لا يمكن.

    هنا قال السيد مقبول: إننا نهدف للرجوع إلى الديمقراطية ولكن من القاعدة علي النحو المقترح الآن للحكومات المحلية فقلت له أن هذا المشروع نكسه ويرجع البلاد للوراء لأنه بالتعيين وعلى رأسه الحاكم العسكري مع قيام حالة الطوارئ والواجب أن ينتخب الناس ممثليهم برغبتهم.

    فقال إن جميع الناس يؤيدون هذا الوضع ما عدا هذه القلة في المدن.

    فقلت له إن هذه القلة هي قادة الناس ومع هذا فماذا يضيركم ما دام الناس جميعهم يؤيدون هذا الوضع إذا رفعتم حالة الطوارئ وأعطيتم الناس حق التعبير والصحف حرية النشر والتوجيه.

    فقال: إن الرجوع لمثل ذلك معناه المهاترة التي كنا نشكو منها والتي لم تنج منها سيادتك شخصياً.

    فقلت له: إن عهدكم هذا نفسه لم يحمني من ذلك ولكن لديكم طريق سلطاني فأعطوا الصحف والناس حرية التعبير ومن يسئ تطبيقها فالعدالة والقضاء هي الملجأ وليس الحرمان من الحرية.

    ولقد برهن السودانيون علي نضوجهم وانتخبوا ممثليهم الذين أطلعوا بأكبر مسئولية فبتوا في مصير البلاد وقرروا استقلالها وإنني أعلم أن الفرد من أولئك الناخبين كان حريصاً لانتخاب من يمثله حتى أنه كان يمشي الأيام بالعطش والجوع لإعطاء صوته.

    فقال السيد طلعت: نعم لقد شاهدت ذلك لكن كان يعطي صوته لمن لا يعرفه بل لمن يرشحه المركز العام للأحزاب.

    فقلت له: هذا حقيقة وإذن ديمقراطية القاعدة المطلوبة تكون لأهل أي منطقة باختيارهم وحريتهم لا عن طريق التعيين.

    قال السيد طلعت إنه يعتقد أن هذا المجلس أزال كل شئ وأنه حريص لأن يدافع عن السيد صديق وأن يحقق له ما يريد.

    فقلت له: إنني شاكر ومقدر وإنني مكتف بحالتي ولا أطمع في جاه ولا سلطان ولكن صاحب مبدأ وأريد أن أحققه فقال السيد مقبول: نحن الجميع ذلك الرجل.وإننا نريد أن نتعاون معك وأن يسود التفاهم بيننا، وأن السيد حسن بشير كان مكلفاً من المجلس للاتصال بك، فقلت له: أنه ما كان يتصل بي إلا عندما أطلبه وكل الأمور الهامة لا نعلم بها إلا كسائر الناس.

    فقال: إننا نأخذ على السيد الصديق إنه لم يساعدنا على الجو الصالح للتعاون فاحتضانه للسياسيين القدامى وتحديه للحكومة في استقبال السيد جمال عبد الناصر مثالاً لذلك.

    فقلت له إنني كرجل دين لا يسعني إلا أن أسعى لاتفاق الجميع وإنني أرحب بكل من يسعى إلي، وكنت أحسب أن من أهدافكم جمع كلمة المواطنين. أما استقبال السيد جمال عبد الناصر فإن المناورات التي سبقته عكرت الجو فلم يسمح به في أول الأمر وأخيراً وبعد أن استعمل السيد علي الميرغني نفوذه تمّ ذلك ثم تحدد لي أن أقابله بالخرطوم فاعتذرت عن ذلك ورأيت فيه رغبة من الحكومة لعزلي عن جماهيري، كما أن الإجتماع كان كبيراً ولتكريم ضيف، فما رأينا من الكرامة أن نزج بالحكومة أو برئيسها ولا نعلم مدى ذلك في نفوس تلك الجماهير فقد يجد معارضة تقلب التكريم لإساءة.

    فعلق على ذلك بأنهم يروا أن هذا المسلك جرأ السياسيين على العمل وكتابة المذكرات ومعارضة الوضع الحاضر وأنه ما كان ممكناً لولا أن وجدوا الحماية في التفافهم حولي وهم يعلمون مدى تقدير الحكومة لي ولماضي والدي.

    فأكدت لهم أن مصلحة البلاد رائدنا وأنني على أتم استعداد في مجلس آخر لبحث تفصيلات ما أجملنا فرحبوا بذلك وانصرفنا حوالي الساعة 11 مساء.

    إمضاء

    صديق المهدي








    جلسة المفاوضات الثالثة 12 مع قادة القوات المسلحة/3/1961م
    ..دار الضيافة

    مقابلة السيد الإمام الصديق الثالثة للسـادة طلعت فريد ومقبول الأمين يوم الأحد 12/3/1961م.

    استهل الإمام الحديث مشيداً بالروح الطيبة التي اتسمت بها هذه المقابلات ومقدراً ما اتسمت به من صراحة، ومؤيداً أن رائد الجميع فيها المصلحة العامة والوطنية الصحيحة، بعيدة عن الشخصيات صارفين النظر عمن يتولون الحكم، وصحيحاً أن المقابلتين السابقتين لم تتعرضا للتفاصيل وكانتا ذواتي طابع عام، إلا أن البحث فيهما كان مجدياً وقد ساعد كثيراً في توضيح أوجه النظر، وأنه قد تفاءل من المقابلة الأولى التي أزالت كثيراً من سوء الفهم ومهدت الطريق نحو تفاهم أكبر. وفي المقابلة الثانية سرد ملخص ما دار بيننا في المقابلة الأولى وعقب السيد مقبول على حديثه: نعم إن ذاكرة سيادتك جيدة ولكن لي ملاحظتين أودّ إضافتهما إلى ما جاء في حديثنا الأول ولم تتعرض لهما سيادتك في تلاوتك لما دار في حديثنا، أولهما أن الجيش قد جاء إلى الحكم بالقوة ولا يمكن أن يرجع إلا بالقوة (حرفية كلام المقبول في المقابلة الثانية أن الجيش قد جاء بالقوة ولا يمكن أن يرجع بالمذكرات) وثانيهما أن الحكومة قد وضعت مشروع للحكومات المحلية وهي سائرة فيه بعد أن عزمت على تنفيذه، واستمر الإمام في الحديث قائلاً أنني قد رددت على هاتين الملاحظتين في المرة الأخيرة وذكرت فيما يخص مجئ الجيش بالقوة أنني لم أترك تدوين ذلك لنسياني له وإنما الحقيقة تقال أن الجيش لم يتولى الحكم بالقوة بل سعى لتأييد المواطنين بعد أن اتضح ضعف الائتلاف القائم آنذاك بين الحزبين الحاكمين بل إننا في بحثنا للحلول الممكنة اللازمة في ذلك الوقت قد تعرضنا إلى احتمال تولية الجيش الحكم، وعندما جاء هذا الحكم وأيده المواطنون كان من الواضح في البيانات التي تلت أنه وضع مؤقت ولفترة انتقالية ريثما تجتاز البلاد الأزمة وتتمكن من إرساء قواعد الحكم الصحيحة، بل وقد جاء في جميع تصريحات رجال الجيش سواء أن كان ذلك على لسان رئيسه أو سيادتكما إنهم جاءوا بصفة مؤقتة وليعملوا على إعادة النظم الديمقراطية ، واستطرد الإمام أنه قد ردّ على النقطة الثانية بأنه: نعم قد أعلنت الحكومة مشروعها للحكومات المحلية ولكنها لم تستأنس الرأي العام فيه ولكان من الأصوب ونحن في صدد هذه المقابلات أن يؤجل الشروع في هذا النظام إلى حين أن يسفر حديثنا عن نتيجة ما. والآن يتضح أن الحكومة سائرة في هذا المشروع واستمر الإمام قائلاً: نعم إن تلك المقابلة كانت قصيرة ولكنها قد أوضحت هذه الآراء ولأن نجتمع للمرة الثالثة التي أرى أنها يجب ان تضع النقط على الحروف وتكون الختامية لتصل بنا إلى نتيجة واضحة ولبحث التفاصيل التي تعرضنا لها ولا يعني هذا أن هذه آخر مقابلة لكما، وإني آمل أن نتقابل كثيراً وإنني عندما أتقدم لمشروع محدد يدور البحث حوله أنه رأي كمواطن له الحق أن يبدي رأيه وبالطبع لكم أن ترفضوا هذا الرأي أو تعدلوا فيه أو تستجيبوا له فقد أصبح من الضروري تحديد مدى فترة الانتقال اللازمة وإني أرى أن يستمر المجلس الأعلى الحالي في رئاسة الحكم على أن يطعم بالمدنيين وأن تتولى الحكومة التنفيذية هيئة تمثل مختلف ذوي الرأي وتسند لها مهمة تكوين جمعية تأسيسية ووضع قانون الانتخابات وصياغة الدستور للبلاد وذلك في ظل نظام يكفل حرية الرأي، ويمكن الاستفادة بتجارب الأخرى وخبرة الفنيين في قانون الدستور، ونعم أن الدستور يجب أن يستمد من واقع البلاد ولكن بالإضافة إلى ذلك لنا أن نستفيد بتجارب الغير والخبرة الفنية التي تتوفر عند الاختصاصيين في هذه المادة وإنني أطرح هذه المقترحات للبحث وكما قلت لكم أن تأخذوا بها أو تعدلوا فيها أو ترفضوها وليكن طابع هذا البحث الشورى بين الجميع عسى أن نصل إلى النتيجة المنشودة. ضمن الإمام استهلاله للحديث بأنه قد طرح ما لديه ووضح رأيه والتفت للسيدين مستنيراً برأيهما. وهنا طلب السيد طلعت من السيد مقبول تلخيص الموقف بعد أن اتضحت الآراء في الموقف الراهن وقال السيد مقبول أن الإمام قد لخص ما دار في مقابلاتنا وسرد بإيجاز تلخيص الإمام للمفاوضات، واستطرد أن الإمام قد تقدم الآن بمشروع لتحديد الفترة الإنتقالية وتطعيم المجلس الأعلى بالمدنيين وتكوين هيئة تنفيذية لوضع قانون للانتخابات وللجمعية التأسيسية مع رفع حالة الطوارئ، وقال إن الإمام يقدم رأيه لنا لنأخذ به أو نعدله أو نرفضه وربما كان لي أنا رأي في هذا الأمر أو لمواطنين آخرين أيضاً آراء ونحن هنا لا نملك حق البت في هذا الأمر ولكن هناك نقطتين أتساءل عنهما أولهما أن وضع مدة محددة تجعل الجميع يعملون بهدف ما بعد هذه الفترة مما يعطي فكرة أننا ذاهبون دون أن نحقق ما جئنا من أجله، ثم ثانياً من أين لنا أن نطمئن أن إعادة النظام الديمقراطي لا يرجع بنا إلى ما كنا عليه من حزبية ومهاترات وسباب للأشخاص ذوي المكانة كما كان الحال، ويعمل كل حزب لزيادة عدد مؤيديه في مجلس النواب. وعقب السيد طلعت على هاتين الملاحظتين بأنه حتى الآن يتلقى عدة رسالات ربما وصلت الثلاثين في اليوم الواحد بالإضافة للمقابلات تناشدهم بألا يتركوا مقاليد الحكم لما ترامى للناس مما يدور حول هذا الأمر.

    فأجاب الإمام قائلاً إننا لا نريد أن نضيق الخناق عليكم ولا نقصد بأن تجري الأمور في عجلة بل وإن لكم وأنتم باقون في الوضع المقترح أن تعملوا لتجنب أخطاء الماضي فيمكنكم أن تتخذوا الضمانات اللازمة في ظل دستور صحيح يكفل عدم تكرار أخطاء الماضي وهناك بحوث وآراء مختلفة في هذا الصدد يمكنكم الرجوع إليها ومنها تقرير البروفسر جنجر الذي جاء وبقي هنا مدة طويلة وبعد دراسة في هذا الأمر وبعد اتصالات ومقابلات وضع تقريره الذي يعلم عنه السيد زيادة أرباب جيداً وهنا دار البحث مرةً أخرى حول استمداد الدستور من واقع البلاد واتفق الرأي أنه يمكن الاستفادة برأي الخبراء ولا رغبة لنا في تطبيق تجارب مصر أو الباكستان أو خلافهما وإنما فقط الاستفادة بتجاربهم بصفة عامة وقال السيد مقبول أن مشروع الحكومات المحلية ما هو إلا تمهيد لوضع دستور شامل وفقط يهدف هذا المشروع إلى البداية من القاعدة والسير به إلى أن يكتمل عند القمة وأن التعيين فيه ينطبق على النصف فقط (لم يتضح إذا كان النصف الآخر بالانتخاب) وهناك دراسات كاملة لتكملة هذا المشروع وقد قامت الحكومة بالتشاور مع الآخرين واستمدتها من واقع بلادنا وهنا سأل الإمام أين كان هذا التشاور؟ فكان رد السيد مقبول أن هذا تم بلجنة أبو رنات وعقب الإمام أن هذه اللجنة من الموظفين الحكوميين لا لجنة شورى عامة واستطرد السيد مقبول يقول أن هذا مشروع يمكن أن يسفر عن النتائج المنشودة إذا ما تعاون المواطنون على نجاحه وأن الذين يتم تعيينهم ليسوا إلا من المواطنين الصالحين فإذا ما تعاون الجميع أمكن الوصول به إلى الغاية المطلوبة وأن هدفنا جميعاً هدف واحد إلا أن الطرق التي نطلب السير بها ربما تختلف، ونحن واثقون من أن ليس للإمام إلا المصلحة العامة ويهدف إلى ما نهدف إليه نحن وربما اختلفت طريقتنا للتنفيذ ولكن كما يقولون كل الطرق تؤدي إلى روما، وإني عندما يدور الحديث في هذا المضمار تدور بخلدي ثلاثة أسئلة أولها: هل حافظت هذه الحكومة على استقلال البلاد واستقرارها؟ والثاني هل فقدت هذه الحكومة ما جاءت من أجله؟ والثالث هل تقدمت هذه الحكومة بالبلاد من حيث التطور الاقتصادي والاجتماعي والإجابة على هذه أنه قد حافظنا على استقلال البلاد واستقرارها وقد أطحنا بالنظام الحزبي الذي قد ساء، أي نظام الحكم ووضعنا حداً للمهاترات والخلافات القائمة آنذاك، نعم أن الأحزاب لا يخفى علينا تزاول نشاطها بطريق آخر فرجالها يجتمعون وينفضون والسياسة ما زالت مدار بحثهم، ولكنا لم نشأ أن نقمعها بالطريقة التي قمعت بها في البلاد الأخرى فهذا ينافي تقاليدنا وطبائعنا فمثلاُ عندما تعود سيادتك من اجتماعنا هذا تجد رجال السياسة من الذين وقعوا على المذكرة في انتظارك لبحث ما دار بيننا وتدعوهم للعشاء من أجل ذلك، وهنا رد السيد الإمام أن هذا أن هذا لم يكن بتدبير خاص إنما فقط يتطلع الجميع إلى هذه المقابلات ولم يكن بدعوة خاصة لبحث موضوع مفاوضاتنا مجيباً على آخر الأسئلة الثلاثة أنهم قد تقدموا تقدماً ملحوظاً بالبلاد من حيث التطور الاقتصادي.

    ورد على ما جاء في حديث سابق للسيد الإمام عن أهمية المضي قدماً بإرساء قواعد الحكم الدائم لما يواجه البلاد من أزمات منها مشكلة الجنوب التي لا يخفى عليكم أنها قد ازدادت سوء حديثاً ثم مشاكل السياسة الخارجية سواء إن كانت بالنسبة لما حدث في الكنغو أو بالنسبة للعلاقات مع مصر ولما تقدم نحوه البلاد من أزمة اقتصادية بسبب انخفاض محصول القطن رد المقبول قائلاً أن الجنوب على أحسن مما كان عليه أيام الأحزاب وبالإشارة لتسرب بعض الجنوبيين من أعضاء البرلمان السابقين والإداريين وربما بعض الآخرين، فإن هذا تم ونحن في ظل نظام عسكري فما بالنا إذا كان الأمر ونحن في ظل نظام برلماني كالسابق، وهم في الخرطوم يطالبون بالفدريشن ويجوبون بقاع الجنوب، ولعلي محقاً إذا ما قلت أنها ربما كانت أزمة أشد عنفاً. ثم فيما يخص مسألة الكنغو إننا ننهج سياسة مستقلة مستمدة من واقعنا، ولعل سيادتك تذكر عندما حدثناك في المقابلة الأخيرة عن الموقف في الكنغو وأننا نعمل من داخل الأمم المتحدة لم تكفل لجنودنا الأوضاع المناسبة مما أدى إلى التفكير في سحب هذه الجنود الذي حدثنا سيادتك عنه وتوصلت إلى نفس الرأي الذي توصلنا إليه على غير ما يطالبنا الأمريكان بفعله، وهناك مصر فإنها قد بدأت مطاعنتنا وقال السيد طلعت نعم هنا وهناك، وقد أخبرنا الصحفيين أن يتجنبوا الرد عليهم واستمر السيد المقبول موضحاً أن هذه سياسة خارجية مستقلة لا تعطي الاعتبار للتيارات المختلفة التي تعمل على توجيهها. أما فيما يخص ما ذكرتم من أن حالة البلاد الاقتصادية تنذر بالتدهور لهبوط محصول القطن فإن هذا ما قد يحصل من حين إلى آخر وقد تتخذ الإجراءات اللازمة لتجنبه ولكن حالة البلاد الاقتصادية مركزة وسوف لا تتأثر بهذا، وفي حديث من قبل للسيد طلعت عندما دار البحث في موضوع الأحزاب والسياسيين تأسف للطريقة التي يتبعها البعض الذين لا يتسمون بالوضوح ولا يبدون آرائهم واضحة وكثيراً ما طلب من بعضهم أن يتقدموا لهم بآرائهم ولكنهم يذهبون إلى غير رجعة وعند طلبهم للمداولة يتهربون ويتجنبون المقابلة، فهذا النوع من الذين وقعوا على المذكرة ( يشوشرون) عليهم ويا حبذا إذا تقدم لنا السيد الإمام برأيه فإننا على استعداد لبحثه معه كما هو الحال الآن, ولكن عندما تقدمت المذكرة بهذه الطريقة لم يسع الحكومة إلا إهمال الرد عليها في ذلك الوقت، وفي حديث سابق أيضاً للسيد الإمام عندما دار البحث عند هذا الأمر أيضاً أكد السيد الإمام أنه ليس سياسياً بالمعنى المقصود بل إنه مواطن يضع مسئولية عل عنقه، فإننا لسنا بسياسيين ولم نكن في يوم من الأيام هكذا وفقط أمليت علينا الظروف العمل على ذلك النهج كما أننا لسنا بطائفة كما يقصد بهذا المعني فلنا تراث وتاريخ يملي علينا أن نضع مصلحة البلاد في المرتبة الأولى وقد عمل والدي من أجل الإستقلال وافتقد ماله وجهده واستدان لذلك وفي مرة قال أنه يسأل نفسه لماذا هذا العناء والمشقة أفلا يمكنه المعيشة مثل سائر السودانيين ويجد نفسه يجيب أن هذا واجب على عنقه وأملاه إياه التاريخ فعندما هب والده من أجل حرية هذه البلاد بادر السودانيين بتأييده وقد استشهد الألوف من هؤلاء المواطنين من أجل غايته وهدفه وكان لهم ما أرادوا بتحقيق الإستقلال الذي قد سلب مرة أخرى ووجد والدي نفسه مسئولاً لوفائه لذكرى هؤلاء الشهداء أن يبذل كل طاقته من أجل إعادة ما استشهدوا لتحقيقه وأنا الآن بالمثل أجد لنفسي ملزماً بأن أعمل جاداً لما ألقاه من تأييد من مواطني أن أعمل من أجل مصلحة البلاد، فلست بسياسي ولعلكم تعلمون قولة والدي المأثورة من أنه لا شيع ولا طوائف ولا أحزاب ديننا الإسلام ووطننا السودان.

    وهنا استطرد طلعت قائلاً معززاً لرأي الإمام نعم أن الأنصار لهم تاريخ مجيد في هذه البلاد وفي الواقع إذا أردنا أن ندرس تاريخهم لا يمكننا أن نغض النظر عن هذه الحقيقة ومن الأضرار التي لحقت بنا نتيجة لمزاولة الحزبية أن قامت أحزاب أخرى وفصلت تاريخ المهدية وألحقته لحزب الأمة ثم نبذته وهذا ليس من المصلحة في شئ وأننا جميعاً لنا ماض في المهدية فأنا كثيراً ما أقول أنني أنتمي إلى هذا التراث وفي حديث طلعت في هذا الصدد قال أن السياسيين الذين امتهنوا هذه الحرفة أصبحوا قادرين على الدعاية وأنهم في الواقع أقدر منا لأننا بيض القلوب، صريحون في أعمالنا وأقوالنا لا نتفوه بشيء ونضمر شئ آخر ويصدر عنا كل ما بداخلنا وهكذا تتسم كل مداولاتنا وإلى درجة أن تعلم منا أخوتنا المدنيون في الحكومة هذا النهج. والسياسيون المحترفون يتفاوضون بغرض معين وبخطة محددة ويبذلون كل جهودهم لنيل هذه الغاية بصرف النظر عن العواقب واعتبار الغير. ثم إن قانون الطوارئ الذي تقول عنه سيادتك فإنه في الواقع غير مطبق بالحرف وإن ما لحق بعض الجرائد من إيقاف قد جاء نتيجة لدم مسئولية محرريها ونعم أن الحرية عنصر أساسي للحياة وضروري كالأكل والشرب ولكن ربما لزم لما لحق هذه الحرية من سوء استعمال من فرض قيود على ممارستها لفترة ترويض حتى تتعلم من دروس الماضي فمثل المريض الذي يمنع من الأكل أو الشرب لعدم صلاحيته لمرضه بغرض شفائه ثم يسمح له فيما بعد. وهنا قال السيد الإمام: ولكن كيف يكون الأمر إذا كانت فترة المنع هذه طويلة؟ وعاد الحديث إلى رأي الإمام فيما يخص الفترة الإنتقالية للحكم وجاء مرةً أخرى من السيد مقبول أنهم سبعة رجال يتولون الحكم وليس للمجتمعين حق النظر في هذه المقترحات وهنا قال السيد الإمام نعم ولكن على ما علمت أنكما منتدبان في المجلس الأعلى للبحث فيها وعليكم أن ترجعا له بها وقد دونت مقترحاتي هذه وما جاء حول بحثي لها وما قلت لكما في بداية حديثي قد دونتها في مذكرة أقدمها لكما لترفعانها إلى المجلس الأعلى أو تحجزاها منه وذلك كما شئتما وسلمت المذكرة للسيد طلعت الذي سلمها بدوره للسيد مقبول واحتفظ بها الأخير.

    وقال الإمام إنني لجد مسرور لهذه الفرصة التي أتيحت لنا في هذا البحث الجيد الذي اتسم بروح عالية وصراحة كاملة أزالت كثيراُ من سوء التفاهم وما علق بالحالة العامة من شكوك وشائعات ونأمل أن نوفق جميعاً إلى خير هذه البلاد.

    وتعرض السيد مقبول للاجتماعات الدينية فقال أنه بالطبع لا اعتراض عليها ولكن تشذ في بعض الأحيان وتتحول بطريقة غير مباشرة لأمور سياسية، وأن النشاط الذي يقوم به السادة أحمد والصادق في الغرب نشاط حميد لتنظيم نشاط الأنصار وتقوية الروح الدينية إلا أننا لا نريد أن نفهم من ذلك معارضة الحكومة على طريقة ما جاء بالأمس (يوم بدر) في الخطب التي ألقيت ورد بعض المطاعنات غير المرغوبة. وسأل السيد الإمام مثلاُ لهذه وهل كان ذلك فيما جاء عن الشورى، وبالطبع هذا من شعائر الإسلام ولم يتعرض السيد مقبول إلى ما جاء عن الشورى وقال مثلاً ما يقال (إننا طلاب حق) مما نفهم منه مطاعنة الحكومة وكأنما لم نكن طلاب حق أيضاَ.

    وهنا قال طلعت أرجو من سيادتك أن تتصل بنا في أي وقت وحسبما شئت وفي رحلتك هذه وإذا رغبت أن ترسل خطاب في أي أمر ونحن على أتم استعداد لتقبله وأجاب السيد الإمام بشكره وتقديره لذلك وفيما سبق ذكر السيد طلعت أنهم سوف يقيمون احتفالاً بمناسبة ليلة القدر، وذلك بناءاً على رغبة بعض الأخوان وقد أشار بإرسال بعض الدعوات لكم ويأمل أن يتكلم الجميع في هذه المناسبة وأن تحضروها وقال السيد الإمام أن هذه فكرة طيبة ولا مانع لدينا من حضور احتفال روحي كهذا وعند الخروج تعرض السيد طلعت مرةً أخرى للأمر ودعا السيد يحي المهدي للحضور آملاً أن يتمكن من ذلك وقد رد عليه السيد يحي بالإيجاب.










    خطاب الإمام الصديق في الاحتفال بالعام الهجري 1381هـ/ يونيو 1961م

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الخطاب التاريخي الذي ألقاه مولانا الإمام الصديق المهدي في احتفال الأنصار بعيد الهجرة 1381هـ

    ( يا أيها المدثر* قم فأنذر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر ) (سورة المدثر الآيات 1-7) فكتب بذلك على الرسول البلاغ المبين، فشرع مبدداً بنور الرسالة الجاهلية، ضاحداً شبهات الشرك فهرع الجاهليون يتباحثون في أمر هذا الذي جعل الآلهة إلهاً واحداً.

    قال بعضهم نذهب إلى عمه ينصفنا منه فدخلوا على أبي طالب وقالوا يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأمر ابن أخيك أن يكف عن شتم ألهتنا وندعه وإلهه، فبعث أبو طالب لابن أخيه فلما دخل عليهم الرسول قال له: يا بن أخي هؤلاء مشيخة قومك وساداتهم وقد سألوك أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك. قال الرسـول: أي عمي أولا أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم. فقال أبو جهل من بين القوم: وما هي؟ وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها. قال: تقول "لا إله إلا الله" فنفروا وقالوا ما سألتكم غيرها ( لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها ) فغضبوا وقاموا من عنده غضاباً وقالوا لنشتمك وإلهك الذي يأمرك بهذا.

    مضت قريش تبث كراهية محمد وتنفر منه الناس وتضيق الخناق على من اتبعه حتى أمر الرسول المستضعفين من المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة لأن فيها ملك صالح لا يظلم أحد بأرضه. كان الرسول شخصياً في منعة من حماية عمه واحتالت قريش لتجد إليه سبيلاً يذله ويسئ إليه فرمته بالسحر والكهانة والجنون وبأنه شاعر، ولكن هذا لم يشف ما بهم من غيظ فاجتمعوا يوماً بالحجر يتلاومون على احتمالهم سب آلهتهم وتسفيه أحلامهم فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم النبي فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون أنت الذي تقول كذا فيقول النبي نعم أنا الذي أقول ذلك فأخذ رجل منهم بردائه حتى قام الصديق نحوه يقول وهو يبكي ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ثم انصرفوا عنه. قويت شوكة محمد صلى الله عليه وسلم بإسلام رجلين من أشداء قريش حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب فرأى الكفار أن يحاولوا الإتفاق مع الرسول لعل آلهتهم تحتفظ بما لهل من احترام، وتقاليدهم تحفظ ما بقي لها من سلطان فوعدوا الرسول أن يعطوه مالاً كثيراً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء فقالوا هذا لك عندنا يا محمد وكف عن شتم آلهتنا وإن لم تفعل فأنا نعرض لك خصلة واحدة فهي لك ولنا فيها صلاح قال ما هي؟ قالوا تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة. قال حتى أنظر ما يأتيني من عند ربي .. فجاء الوحي قال: يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون.

    ومضى النبي بمكة يدعو أهلها سراً وجهراً صابراً على آذاهم وتكذيبهم واستهزائهم حتى نكب بموت عمه أبى طالب فضعفت بذلك حمايته. ثم ذهب إلى الطائف داعياً فلم يجد سوى الأعراض والإهانة فالتمس القوة من مصدرها قائلاً .. اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل على سخطـك، لك العتبى حتى ترضى لا حول ولا قوة إلا بك.

    مضت موجة الكآبة ومضت المواسم تباعاً وكان الرسول يعرض أمره على القبائل الوافدة وكأنما على قلوب أقفالها حتى عرضه ذات يوم على جماعة من المدينة كانوا جيران يهود وكانوا يستمعون منهم أحاديث التوحيد ومبادئ أديان السماء وخبر نبي قد أطل وقته ودنا عهده، سمع وفد المدينة القرآن ودعوة الإسلام فقالوا للنبي أنا قد تركنا قومنا وبينهم من العداوة والشر ما بينهم وعسى الله أن يجمعهم بك وسندعوك إلى أمرك فإن جمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك .. ثم انصرفوا. فلما قدموا على أهلهم ذكروا لهم الرسول ودعوهم إلى الإسلام فصادف منهم قبولاً حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثني عشر رجلاً فلقوا الرسول بالعقبة فبايعوه على ألا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، قويت بذلك شوكة الإسلام وأخذ سكان المدينة يتوافدون على مكة لمبايعة الرسول وأعطوا عهدهم على أنا منك وأنت منا وعلى أنه، وعلى أنه من جاء من أصحابك أو جئتنا فإنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا فاشتدت قريش على المسلمين عند ذلك. فأمر الرسول أصحابه بالهجرة إلى المدينة حيث الأنصار.

    عظم على قريش الأمر وأخذت بأعينها فناء دولتها فأتمرت ماذا تصنع فرأت أن تنفذ ما أشار به أبو جهل بن هشام فاختارت شاباً من كل قبيلة وحملته سيفاً وكلفت أؤلئك الشبان أن يحيطوا بمحمد في مرقده، وأن يضربوه ضربة رجل واحد فيموت وتتفرق دماؤه على القبائل ويرضى أهله بالدية فأوحى إلى عبده ما أوحى فترك الرسول علياً ليبيت في فراشه تلك الليلة واصطحب أبا بكر الصديق في الهجرة إلي المدينة.

    كانت تلك الهجرة التي نحتفل اليوم بعام جديد من أعوامها فاتحة فرج للإسلام وبداية عهد لتاريخ المسلمين.

    إن في حياة النبي الكريم عامة وقصة هجرته خاصة بياناً لعظمة إنسانية كبرى تؤكد أن الله قد جعل نجاح الإنسان في مجهوده وجعل يسر الإنسان في عسره وجعل ما يبلغه من قيمة مرتبطاً بما يبذله من تضحية.

    لئن أراد الله لغايات الناس الساميات أن تحقق وهم في سكون الراحة لاستمتع بذلك الأنبياء والمرسلون لكن الأنبياء دعاة الحق في محيط الباطل وأشعة النور في دهمة الظلام وألسنة العدل في وجه التكبر والطغيان وهم بسبب ذلك رواد الكفاح ######## الجهاد وأهل التضحية والفداء.

    قال تعالى مؤكداً ذلك لعبده ورسوله محمد (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) (سورة البقرة الآيات 155-156).

    ليست تلك القصص روايات لنستأنس بها أو حكايات لنتندر بها ولكنها عبر خالدات تكشف الطبائع التي أودعها الله هذا الكون أجرى عليها حياة الإنسان (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً) (سورة الأحزاب الآية 62).

    ونحن في السودان نسمع ونقرأ كيف كان السبيل الذي سلكه الأولون الذين اخرجوا سكان هذه البلاد من ظلام الوثنية المتوحشة والمسيحية التي انقطع عنها مدد العلم والعرفان إلى نور الإسلام سبيلاً شاقاً . لقد لقوا عنت السلاطين والملوك وزعماء القبائل ولقوا سيطرة العقائد المتحجرة وواجهوا سلطة الحاكم وقد أخذته العزة بالإثم فما خانوا وما وهنوا وواصلوا جهادهم حتى كتب الله لهم النصر أصبحت العزة لله ورسوله والمؤمنين.

    ونقرأ فيما نقرأ كيف علقت بالدين أوهام وأوشاب فانبري لها المصلحون مستلهمين معاني التضحية والجهاد لتأييد الحق وهزيمة الباطل.



    جهاد السودان:



    ونعلم فيما نعلم كيف اجتمع أبناء هذه الأمة في وعي صحيح على الخلاص من الحكم التركي ومفاسده فلما أصر حكامها واستكبروا استكباراً واستخفوا بمقتضيات الحياة الكريمة واستمرأوا الظلم واعملوا يد البطش بالناس هب الناس مع الإمام المهدى فردوا لدينهم مكانه ولأنفسهم كرامتها ولبلادهم عزتها واستقلالها.

    ومرة أخرى عندما انتشر الوعي وصحت عزيمة هذه الأمة على الخلاص من نير الحكم الأجنبي ووضع حد لمظالمه وعبثه بمقدرات البلاد أجمع السودانيون علي نيل عزتهم واستخلاص حريتهم وكان أسلوبهم الواعي وخططهم المنظمة المدروسة مفخرة لهم في القرن العشرين دلل بأوضح عبارة على نضجهم واستعدادهم لحكم بلادهم وادارة شئونها واستحقاقهم لتحمل تبعاتهم الداخلية ومسئولياتهم المالية بالنسبة للأسرة الإنسانية وبتلك العقلية الديمقراطية خاض السودانيون معركة التحرير حتى نالوا الإستقلال ورفعوا علمهم المثلث وانتقلت السلطة في هدوء ونظام من أيدي الأجانب إلى الأيدي الوطنية الخالصة.

    وواجه الحكم الوطني في بداية عهده المشاكل التي تواجه كل عهد جديد والتي ترسبت من عهود الاستعمار في فترة أنافت عن الستين عاماً وكان الشعور السائد أن هذه المشاكل إنما بوتقة تصهر الوطنية وتبرز فضائل الرجال وتقوى شوكة المواطنين. ولكن شاءت الأقدار أن يرى البعض اخذ طريق آخر لحلها فاستلم بعض ضباط الجيش مقاليد الحكم في 17نوفمبر1958م.

    لماذا أيدنا حركة الانقلاب في بدايتها؟

    وبدافع من المصلحة الوطنية والحرص علي تجنب البلاد أي هزة تصيب كيانها أو تهدد سمعتها ولعلمنا أن الجيش هو قطاع من الأمة يمثل كافة اتجاهاتها وقد يكون في وضعه ما يمكنه من حل المشاكل المترسبة في سرعة وبت. هذا بجانب اطمئناننا آنذاك إلى الوعود التي أعطاها رئيس المجلس الأعلى في أن دخولهم ميدان الحكم مؤقت سرعان ما تعود القوات إلى واجبها الأول في حماية البلاد وحفظ الأمن وتقوم حياة ديمقراطية طبيعية بالتعاون مع المواطنين في ظل دستور تتركز فيه تجارب البلاد السابقة وتنعكس فيه آمالها وأمانيها في حكم سليم وعدالة شاملة على كل تلك الأسباب بنينا تأييدنا لحركة الانقلاب.

    وشرع أعضاء الحكومة الجديدة يتحدثون عن الفساد والتطهير فألفوا لجاناً زالت هي قبل أن تزيل فساداً وتحدثوا عن استقرار فإذا بكل صباح جديد يشهد محاولة انقلاب وتسابقاً جديداً على الحكم لذلك بدأنا نفكر في إصلاح الحال وبذلنا محاولات عديدة للنصح وسلكنا طرقاً كثيرة للتفاهم من غير جدوى وقد تقدمت شخصياً بمذكرة ضمنتها الإصلاحات المطلوبة ولم أتلقي عليها رداً كما تقدم السيد إسماعيل الأزهري بمذكرة مماثلة ثم أرسلت مذكرة أخرى وقعها معي عدد من المواطنين من أصحاب الماضي في خدمة الوطن أن يبحثوا المقترحات التي قدمناها بشأن مستقبل الحكم في البلاد – وأخيراً منذ أربعة اشهر اتصل بي عضوان من المجلس الأعلى بغرض التفاوض حول المذكرة والمبادئ التي جاءت فيها وهى:

    1- أن يتفرغ الجيش لمهمته الوطنية الكبرى في حماية البلاد.

    2- أن تتولى الحكم هيئة قومية انتقالية يقع على عاتقها وضع التخطيط السليم للحكم الديمقراطي على ضوء تجارب الماضي حتى يتم انتخاب الهيئة التي تمثل باسمكم أيها الأخوان رأيت أن تشاركوني معرفة النتائج لتلك المحادثات.

    لقد بدأت المحادثات بالروح الودي والنهج الصريح الذي انطبع عليه السودانيون فأكدت للمندوبين حرصي على أن التقى معهما على أسس المبادئ التي جاءت بمذكرتنا والتي اعتقد أن فيها خير البلاد وسردت لهما حركة الانقلاب العسكري في بدايتها وتحدثت عن طابعها المؤقت. ثم قلت أما الآن فإننا نرى كل التصرفات تهدف لإقرار الوضع المؤقت واستدامته وهذا ما لا نوافق عليه وما لا نراه في مصلحة البلاد وأوضحت لهما أن المبادئ التي ننادي بها خاصة بنظام الحكم في البلاد بصرف النظر عن الذين يتولون الحكم وأننا لا نرمي من وراء ذلك الطعن في رجال الحكومة الحالية أو في وطنيتهم.

    واستمرت جلستنا في روح ودية حتى بدا لي أن أحسم الأحاديث بتقديم رأي مفصل ومقترحات محددة لمندوبي المجلس الأعلى للإسراع بالاتفاق على حل قلت فيها:

    أولاً: قال أحد المفاوضين إننا تسلمنا السلطة بالقوة ولن نعود إلا بالقوة وإذا صح أن هذا رأي الحكومة الآن فإن أي محادثات من هذا النوع لا يمكن أن تنتهي إلى النتيجة التي نهدف إليها من ورائها.

    ثانياً: وقال أيضاً إن الحكومة ستمضي في طريق ما قررته بشأن قانون المجالس المحلية ولأهمية هاتين النقطتين رأيت أن لا بد لي من إضافة ما يأتي منهم تعليق:

    أولاً: ليس صحيحاً أنكم جئتم بالقوة وهذه حقيقة لا تقبل الجدل فإنكم لم تحملوا سلاحاً ضد الحكومة السابقة أو المواطنين وفي فجر اليوم الأول لتحرككم التمستم تأييد السيدين ومباركتهما.وقد بنى الإمام الراحل تأييده على أسس واضحة استمدها من بيانكم أقوالكم وعهدكم بأن هذه فترة مؤقتة لإصلاح بعض الأوضاع وأنكم لن تخلوا الجيش من مهمته الأصلية ليلج باب السياسة والحكم بصفة مستديمة الشيء الذي يؤكده ما جاء في النقطة الأولى التي أشرت إليها.

    ثانياً: إن المواطنين اعتماداً على هذا الوعد لم يعارضوا التغيير الذي حدث أملاً منهم في تحسين الأحوال وإعطائكم الفرصة المعقولة لتحقيق ما وعدتم.

    ولا يفوتني أن أذكر في الوقت الذي بدأنا البحث للاتفاق حول مصير البلاد نجد الحكومة من جانبها وحدها تسير في تقرير أوضاع جديدة وأعنى بذلك قانون المجالس المحلية الأمر الذي لا يوحي بجدية البحث ولا يبعث على الاطمئنان بصدق النية في الوصول إلى أي حل أو تفاهم. لذلك اقدم المقترحات الآتية:

    1- أن يقرر فيما بيننا ثم يعلن في بيان رسمي قبولكم لمبدأ قيام الجيش بمهمته الأساسية في الدفاع عن البلاد.

    2- تنظيم فترة الانتقال بالصورة الآتية:

    أولاً: إعادة الدستور المؤقت ريثما يتم وضع دستور دائم بالطريقة المقترحة فيما بعد.

    ثانياً: يتم تعديل الدستور المؤقت بصورة تتمشى مع الوضع الجديد الانتقالي وتعلق بعض بنوده التي تلائم هذا الوضع.

    ثالثاً: يتكون مجلس سيادة من عسكريين ومدنيين يتفق على عددهم.

    رابعاً: يكون مجلس السيادة هذا رأس الدولة الدستوري .

    1- تشكل هيئة قومية مدنية لفترة الانتقال يكون اختصاصها:

    أولاً: القيام بأعباء الحكومة.

    ثانياً: تتكون الحكومة من الأشخاص المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة.

    ثالثاً: تقر هذه الهيئة قانوناً جديداً للانتخابات لانتخاب الهيئة التي تصوغ وتقر الدستور الدائم.

    رابعاً: تلغي قانون الطوارئ.

    2- تتولى الهيئة التأسيسية المنتخبة صياغة وإقرار الدستور الدائم.

    3- يتم كل ذلك في فترة يتفق عليها.

    قدمت لهم تلك المقترحات وسافرت لصلاة عيد الفطر بالجزيرة أبا وكانت العلاقة حتى سفري في مستوى عالي من الود فلما عدت من أبا وجدت الحكومة قد بدلت حالاً بحال وأطلقت التصريحات في الصحف بأنها باقية كما هي وأنها أغلبية 85 في المائة وأن السيد الصديق يقود معارضة ضعيفة.

    قيل هذا كأنما لم يكن بيننا شئ ولم يدر بيننا حديث بل لم تشأ الحكومة أن ترسل مندوباً يوضح رأيها في المحادثات فأعادت الحكومة العلاقات بينها وبيننا إلى ما كانت عليه من سوء دون ما سبب.

    كنت أرسلت السيدين أحمد والصادق المهدي إلى غرب السودان لمعرفة أحوال الأنصار وإرشادهم ولتوضيح الحقائق لهم ولدحض الإشاعات المغرضة التي انتشرت والتي ربما ترتب عليها الإخلال بالأمن، وشرعا في مأموريتهما ولم أسمع من الحكومة أثناء غيابهما إلا تعليق السيد وزير الداخلية الذي قال في آخر جلسة عقدناها أن النشاط الذي يقوم به السادة أحمد والصادق في الغرب نشاط حميد لتنظيم الأنصار وتقوية الروح الدينية، وقد بدا لي بعد أن قضى أحمد والصادق أربعة أشهر في الرحلة أن أستدعيهما ليستجما ويستعيدا نشاطهما ثم يستأنفا النشاط.

    لقد نفى أحمد والصادق لمن اتصل بهما أنهما قاما بأي شئ يضر بالأمن بل إن ما أدياه يخدم الأمن في ربط الناس بولاء ديني كبير يخرج بهم عن الروابط القبلية الضيقة ويهذب الأخلاق فيقضي على الجريمة ونزعات الحرام وقالا أنهما كانا على تعاون تام مع الحكام المحليين في كل المديرية وأن رجال الأمن هناك كانوا على علم تام بتحركاتهما ونشاطهما وعلى رضى تام عليهما. وما دام الأمر كذلك فما الذي جد وهل وجودهما بمحض الصدفة في العاصمة فرصة لاتهامهما؟؟

    ولم تقف الحكومة عند ذلك الحد بل عندما أرسلت أحمد لنعيمة والصادق لرفاعة للعزاء نيابة عنى في فقيدي البلاد عبد القادر هبانى وعلي أبوسن، حققت الحكومة معهما وحاولت اعتقالهما مما جعلني أحس بوقع تلك المظالم مرة واحدة فأرسلت لرئيس الحكومة التلغراف الذي تعلمونه جميعاً.

    هذا ما كان من أمر الحكومة بيننا وما كان له أسوأ الأثر على الأنصار وعلى أبناء هذا الشعب وما كادت تلك الحادثة تنطوي حتى لاح خلاف بين الحكومة ونقابة السكة حديد فعولج بنفس المستوى من اللامبالاة وعدم تقدير رأي الناس والخلاف، حتى قرر عمال السكة حديد أن يضربوا ومع حداثة عهد النقابة وخضوعها لقوانين العمل الجديد ارتفعت الحكومة بحرارة الأزمة عندما أمرت بحل النقابة فحدث الإضراب وزاد الإشكال وتفاقم الحال وما هذا إلا نتيجة لاتجاهات هذا الوضع الغير طبيعي في معاملة الناس وتصريف شئون البلاد ولم يخطر ببال أحد من المسئولين أن في جميع تلك الأحوال مظالم واجب إزالتها بل استمر تكميم الأفواه الناصحة وأصمتت الصحافة الحرة وترك المجال واسعاً لصحف وزارة الاستعلامات للسب والشتم والنيل من حريات الناس متردية بذلك في نهج ما عفت عنه إذاعة البلاد الرسمية فابتذلت كرامة الأفراد والجماعات وهم مساقون إلى مصير لا يعلمه إلا اله.

    إخواني أبناء الأمة السودانية:

    إنني أتلو عليكم ما أتلو لأوضح لكم أننا حاولنا المستحيل في مدى عامين أو اكثر لكي نصل إلى حل سليم أو تفاهم واضح وبذلنا جهد الجبابرة لكي نجعل الحكومة تدرك حقيقة الموقف وترى حقيقة نوايانا وتعلم أننا لا نطلب لأنفسنا شيئاً وأننا لن نيأس من حقوق بلادنا وسوف نسعى بكل السبل متجنبين ما استطعنا تعريض البلاد لقلاقل وإبعادها من الفتن لتحقيق الحكم الصالح الذي تتوفر فيه الضمانات الدستورية ويعتمد على التمثيل الشعبي ويستمد إرادته من إرادة المواطنين الأمر الذي بدونه لا يطمئن مواطن ولا يستقر حكم ولا يسير التطور الطبيعي.

    لكل هذا أهيب بالمواطنين جميعاً أن يواجهوا الموقف بالإيمان والواجب والصلابة الواعية وأدعو الأمة السودانية جمعاء ألا تكتئب بسوء الحالة الراهنة وأن ترتبط بميثاق وطني تبني به حياتها في المستقبل وتحقق به المعاملة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاستقامة الخلقية والمكانة السامية في موكب التحرر العالمي وأننا لنحقق للبلاد الاستقرار اللازم لتطويرها وإسعاد أهلها ولضمان ذلك ندعو:

    1- لقيام حكم ديمقراطي منبثق من مبادئ الإسلام والواقع السوداني مستمد من تجارب الماضي ما يضمن للمواطنين حقوقهم في ظل قضاء نظيف مستقل يسيره تشريع عادل.للأفراد حقوقهم في التعبير النشر والتنظيم.

    2- تنظيم الاقتصاد السوداني علي أساس خطة واقعية تضمن تطوير قطاعاته العامة والتعاونية والخاصة بعيداً عن السيطرة الأجنبية حتى يتوفر الرخاء والعدالة للفرد السوداني وتصبح سيادته في بلاده حقيقة واقعية.

    3- وضع خطة واعية للتطوير الإجتماعي بشكل خاص على المناطق الأكثر تخلفاً حتى تنهض البلاد في كيان سوداني موحد متقدم مستمد من مثلنا العليا وروح عصرنا الحديث.

    4- انتهاج سياسة خارجية مستمدة معالمها من مصلحتنا الوطنية المرتكزة على مناهضة الاستعمار في صوره المختلفة والحياد في النزاع القائم بين الشرق والغرب والتعاون مع كل الدول معاملة الند لتحقيق المصالح المشتركة مع إعداد السودان لدوره الطبيعي كرابط بين أفريقيا والعالم العربي.

    تلك المبادئ هي منظارنا للحوادث وليكن ارتباطنا بها بعيداً عن الأشخاص ميممين بها شطر المصلحة.

    هذا الوطن لنا جميعاً

    إن هذا البلد ليس ملكاً لي ولا لنفر آخر وإنما هو يجمعنا كلنا في أبوة عاطفة ويربطنا كلنا بإخاء رحيم ويحتضننا كلنا في مصلحة مشتركة وكلنا في مجال الوطنية أصدقاء وفي مجال الحقوق شركاء وفي مجال الواجبات أعوان ورصفاء وما أنا إلا مواطن مثلكم ألقت عليه إرادة الله وثقة المواطنين واجباً خاصاً ومسئولية تاريخية يتحتم على القيام بها. ولكنكم جميعاً مسئولون عن بلدكم وكلكم عليكم بأن سبيل الحق شاق وإهمال الحقوق مضيعة لها وما منكم إلا من هو كفيل بتحديد موقفه من حقوقه وحقوق أمته وقد قصصت عليكم الحقائق كلها لتعلموا أن المذكرات والمفاوضات لم تجد فأنا وأنتم وكل بوسائله السلمية نعمل دائماً وأبداً حتى نحقق حريتنا وكرامتنا وعزتنا وإنني أدعوكم للارتباط جميعاً بالميثاق الوطني. قد بلغت اللهم فأشهد.

    إن إجماع الأمم سر نجاحها وتوفيقها وإن مراعاتها مواقف الحق عربون مرضاة الله عليها قال تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) (سورة هود الآية 117) وقال: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) (سورة آل عمران الآية 104).

    ربنا أحفظ سوداننا أرض جدودنا ومنبت رزقنا.

    قد بلغت اللهم فأشهد









    !.برقية الجبهة الوطنية 7/7/1961م
    .by .نص البرقية التي بعثت بها الجبهة الوطنية المتحدة إثر حوادث الأبيض إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة:

    تحتج الجبهة الوطنية المتحدة أشد الاحتجاج وتستنكر أبلغ الاستنكار هذا الإرهاب الذي تفرضه حكومتكم على البلاد والذي بلغ حداً لم يعرفه تاريخ السودان ولم يحدث في أحلك عهود الاستعمار نفسها لأنه يتنافى مع أبسط مبادئ الخلق والدين ويتنافى مع أبسط قواعد العدالة والقانون وإن تعذيب المواطنين بالضرب والكي والنفخ كما حدث في الأبيض ومثل حادث المواطن خريف آدم قيدوم الذي أطلقوا عليه النار بلا مبرر وبلا سبب واستمرار حملات التفتيش والاعتقال ضد المواطنين الأبرياء كل هذا قد أصبح طابعاً لهذا العهد الأسود انفرد به دون سائر العهود ودفع البلاد إلى هاوية سحيقة من البربرية والاستبداد وهذا بلا شك نتيجة منطقية لفساد أداة الحكم ووضع السلطات في أيدي ليست أهلاً لها وهو بالتالي أثر حتمي لفرض قانون الطوارئ سنوات عديدة بغير مبرر غير إشباع شهوة التشفي والتسلط على المواطنين الأحرار الذين ضحوا في سبيل الوطن وحملوا مشعل الحرية وحققوا استقلال السودان في الوقت الذي كان يحمى فيه غيرهم ظهر الاستعمار ويوطد أقدامه ويتقلب في خيره ونعمائه.

    إن كل ضمير حي ليثور من أعماقه لهذه الأعمال الوحشية التي لن يسكت عليها الشعب الذي اصطكت مسامعه واهتز وجدانه لهذه الأنباء وهو قادر لأن يضع حداً لهذا العهد البغيض الذي قام على إرادة حفنة صغيرة تدفعها الضغائن وتحركها الأحقاد ونحن بوصفنا ممثلين لهذا الشعب ننذركم بأننا سنكشف كلما يدور للرأي العام العالمي والمحلي ونحملكم قضية هذه الأعمال التي أرجعتم بها البلاد إلى عهود الظلام والبدائية المتوحشة.

    التاريخ 7/7/1961م

    الإمضاء

    إسماعيل الأزهري

    عبد الله خليل

    عن / الجبهة الوطنية المتحدة







    . .خطاب من السلطات العسكرية بمنع شعارات الأنصار وشعائرهم وأزيائهم وأعلامهم وهتافاتهم أرسل في نفس اليوم الذي اعتقلوا فيه الزعماء السياسيين:



    رئاسة القوات المسلحة السودانية

    سري وخاص

    التاريخ: 11يوليو سنة 1961م

    سيادة السيد الصديق المهدي

    لقد قامت الثورة في يوم 17/11/1958م بناء علي إرادة الشعب الذي نادى بها سراً وعلانية، واجتمعت على تأييدها الجماهير لأسباب ورد أكثرها في بيان التأييد الذي أصدره والدكم العظيم.

    وكان من ثمار هذا الإجماع والوحدة أن اتجهت الثورة إلى المستقبل تصلح ما فسد وتبنى ما تهدم وتقوم ما اعوج من شئون البلاد متقيدة ومهتدية بمصالح السودان في برنامجها السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما حافظت على التقاليد الكريمة تلك التي دفعتها لإخراج جنازة والدكم طيب الله ثراه في موكب تاريخي امتازت به المفاهيم السودانية على ما عداها من النظم والأساليب.

    ولقد كان تقديرنا أنكم بدافع من الوطنية السودانية ترجعون كل خطواتنا إلى مقياس من مصلحة الوطن وصالح المجموعة دون سواها فتشاركون في إرساء دعائم مجد البلاد وإعلاء شأنها بين الأمم مسهمين بالقول والقدوة في توجيه المواطنين إلى ما يحقق مصالحهم المادية والمعنوية.

    على أننا مع الأسف لاحظنا جنوحكم للعودة إلى الماضي الذي هجره الشعب واستنكره والدكم العظيم وقبولكم للإشاعات الخاطئة والمغرضة.

    لقد تقدمتم بمذكرة في 1959م أضفناها في هدوء إلى مجموعة الشكاوي والاقتراحات التي يتقدم بها المواطنون كل يوم ثم أخذتم تضفون على المراسيم الدينية صبغة لا تتصل بها ثم تقدمتم مع آخرين في نوفمبر 1960م بمذكرة تعلمون حكم الشعب سلفاً فيها ثم أرسلت إلى معالي الرئيس برقية تتجافى مع أبسط التقاليد السودانية وأخيراً حشدتم مجموعة من المواطنين للاحتفال بالهجرة ودلفتم فيها إلى الحديث عن السياسة.

    وكان من نتائج كل تلك الخطوات تعبئة عقلية لمجموعة من المواطنين تعلمون يقيناً أنها ستؤدى إلى ما أدت إليه من حوادث مخلة بالأمن والنظام كادت أن تؤدى بحياة بعض الأبرياء.

    ولقد كانت الثورة التزاماً منها لتقاليدنا الموروثة وتقديراً لمواقعنا دون محاكاة للأساليب المعروفة عند غيرنا ترجح جانب الخير في تأويل كل خطوة وتغلب حسن النية في كل عمل ولكن يؤسفنا أنكم احتضنتم مجموعة من المخربين وجدوا في سلوككم تحريضاً بالقدوة.

    لذلك أوجه إليك كتابي هذا لأعلنك أن الثورة لا تراك تقدر مكانتك كزعيم ديني طبقاً للأسس والتقاليد التي تعامل بها جميع الزعماء الآخرين من غير أن نسمح أن تكون المظاهر والطقوس الدينية قناعاً للعمل السياسي.

    وتقديراً منا لمصالح الوطن العليا التي تعلو على الأفراد والذوات نلفت نظرك إلى عدم القيام بما يخالف القانون مستقبلاً.

    إمضاء

    المقبول الأمين الحاج

    أميرالاى أ.ح.

    سكرتير المجلس الأعلى للقوات المسلحة

    ( المقبول الأمين الحاج)
    .







    .خطاب الإمام الصديق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة 11/7/1961م
    .أيها الأخوان

    رئيس المجلس الأعلى للقوات السودانية

    السلام عليكم:

    لقد أوقعت على عاتقكم ظروف بلادنا وتطورات الأحداث فيها مسئولية تاريخية جسيمة نحو الشعب السوداني والجيش وإنني جد حريص على استشعاركم بهذه المسئولية ومقدر لخطورتها وبهذه الروح التي تنبع من صميم وطنيتي السودانية ومسئوليتي كقائد وموجه للأنصار الذين بايع آباؤهم الإمام المهدي عليه السلام وعاهدوه فصدقوا العهد، وكأمين لذلك التراث ودعوته السامية والمثل والتقاليد المجيدة التي خلفها أولئك المجاهدون الأبطال والتي أراد الله لها أن تكون من أبرز دعائم العظمة للسودان وللإسلام والمسلمين عامة طاب لي استلام خطابكم بتاريخ 11/7/1961م.

    لقد جاء ذلك الخطاب في ذيل فترة من المقاطعة الرسمية والصمت الذي لا تبرره الأحداث التي اكتنفت بلادنا فانحطت بمستوى النظام والأمن والعدالة وعرضت أرواح الأبرياء لخطر ماثل.

    إنني إذ أشكركم على العواطف التي أبديتموها نحو والدي الإمام الراحل ونحوي بتقديركم لمكانتي الدينية أود أن أنبهكم إلى أن الدين الذي جاء به القرآن وبينه الرسول محمد وأحياه وجدده الإمام المهدي ليس ألقابا تمنح أو مكانات تحظر وإنما هو سعي دائب وعمل مستمر لإزالة الشر في كافة مظاهره ولتحقيق الخير في كافة ميادين الحياة. إن هذا هو الفهم الإسلامي للدين والبيان الصحيح لعقيدة الأنصار وإنه ليؤسفني أنكم تعتبرون الحديث عن الوطن وشئونه في مناسبات الجهاد الإسلامية كالهجرة وغيرها من أعياد السيرة استغلال لتلك المناسبات ولو أنكم تدبرتم الأمر لأدركتم أن قصص الأنبياء وسيرهم ليست حكايات مفصولة عن واقع الناس وإنما هي عبر يتحتم على المؤمن أن يتخذ منها قدوته في ترجيح كفة الخير وإصلاح حال الدنيا والآخرة.

    إن حشود الناس وحوادث الإخلال بالأمن وتلغرافي الأخير لكم وغيرها مما ذكرتم ليست إلا نتائج لمسلك غير عادل اتخذته الحكومة في تصريف الأمور.

    ولم تشأ الحكومة أن تصحح وضعاً أو تزيل مظلمة بل غضت الطرف عما يجري كأن الأمر لا يعنيها.

    إن تقديرنا لحالة البلاد وموقفنا الوطني المترتب عليه أمر أوضحته لكم في مذكراتنا المتكررة وقد أصبتم عندما وضعتم ذلك الرأي مكان بحث رسمي عندما فوضتم اثنين منكم للمفاوضة فيه قاصدين تحقيق العلاقة الشورية في الحكم والتعاون العام بين المواطنين في نظام يلائم ظروف بلادنا ومع أن تلك المحادثات لم تسفر عن شئ ملموس إلا أنها أوضحت لكم بالتفصيل ما نراه في شأن البلاد وأعتقد فيما سمعتم بيان كاف لنفي ما ذهبتم إليه من أنني أدعو للعودة بالأمور إلى ما كانت عليه.

    أنني أعتقد أن المبدأ الذي أوضحناه لكم يجد تأييداً كبيراً من مواطنينا ويطيب لي في هذا المنحى من تاريخ بلادنا أن تنكروا الأفراد والذوات وأن تدركوا أن الإهمال لا يعالج الأمور كما أن اعتقال الناس والتنكيل بهم وتعذيبهم لا يجدي فتيلاً سوى أنه يضيف إلى حياة بلادنا مزيداً من الأحقاد والضغائن يلوث حاضرها ومستقبلها.

    أؤكد لكم في هذا الخطاب أننا لا نقبل أي تعد على كيان الأنصار بمفهوماته وشعائره المعروفة.

    إن الجيش الثنائي الذي انبري لكيان الأنصار بقوته وجبروته فأعمل فيه الضرب والهدم والتحريق ما لبث أن وجد أشلاء ذلك الكيان تتجمع مستمدة قوتها من عقيدتها الثورية التي تنطح كل عائق فرأى رجال الحكم الثنائي نشأة الكيان الشهيد مرة أخرى بقيادة الإمام عبد الرحمن الذي دفع بالحكمة والتي هي أحسن حتى أصبحت تلك القوة المعنوية الكامنة سبب الدفع نحو استقلال البلاد والذود عنه.

    إنني لا أذكر هذا للمفاخرة وإنما أذكره للتأسف على الظروف التي جعلت حكماً وطنياً يعالج الأمور بأساليب الجيش الثنائي، إن نشاط الأنصار وحريتهم لأداء شعائرهم الدينية حقوق وليست منح وأنا ومن معي أمناؤها وحراسها بالمال والنفس والولد.

    أختم خطابي هذا بتكرار رجائي لكم باسم ما بقي من علاقة أخوة في هذا الوطن بيننا أن تنظروا في عواقب أعمالكم وأن تعلموا أن العدل بها أساس الحكم وأن السلطان لا يدوم وأن لا تدرجوا على وزن الأمور بالأشخاص.

    انك لا تعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف أهله.

    البقعة في يوم 28 محرم سنة 1381هـ

    الموافق 11يوليو سنة 1961م

    المفتقر إلى ربه

    الصديق عبد الرحمن




    برقية استنكار من الإمام الصديق المهدي 28/5/1961م
    ..(أركويت)

    صاحب المعالي السيد الفريق إبراهيم عبود

    بسم الله وباسم هذا الوطن أحييكم:

    وبوصفكم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبالتالي رئيساً لهذه الحكومة يؤسفني أن يضطرني تتابع الحوادث والتصرفات التي تدل على انحراف الحكم عن الاتجاه القومي وعن العدالة والإنصاف بل تؤكد تحيزه لفئات معينة من المواطنين وحقده وخصومته لآخرين منهم على أساس غير سليم الأمر الذي لا يتمشى مع مسئولية الحكومة إزاء الناس أجمعين وعلى قدم المساواة.

    أكرر يؤسفني أن أضطر لأحتج لديكم على الضغط والعنت الذي تلقاه مجموعة الأنصار وحدها فإنهم منعوا مثلاً من رفع أعلامهم التقليدية في دارفور وحددت إقامة السادة أبناء المهدي أحمد والصادق بغير حق، وقد أوفدا مني لمديريتي كردفان ودارفور في زيارات تقليدية ومهام دينية اجتماعية تختص بالأنصار وحدهم في الغرب وأن في هذا ما فيه من التعدي على الحريات الشخصية والمقدسات والعقائد الدينية والعلاقات والمساواة الاجتماعية، حتى لقد وصل الأمر أن تعتبر التعزية في الفقيدين الناظر عبد القادر هباني والسيد علي أبو سن خروجاً على القانون.

    إنني أنتهز هذه الفرصة لأذكركم برأيي الذي صارحتكم به بشتى الطرق وفي شتى المناسبات وأيدني فيه كثير من المواطنين وهو أن نظام الحكم الحالي المنطوي على احترام آراء ورغبات المواطنين والذي يفقد عنصر الشورى والتعاون مع من يعنيهم أمر هذا البلد نظام لا يتفق مع واقعنا وتقاليدنا وأخلاقنا ونظمنا الموروثة.

    وفي اعتقادي أن هذه التصرفات المؤسفة نتيجة لهذا الوضع غير الطبيعي الذي لا يمكن أن يتحقق معه الاستقرار والوحدة القومية اللازمة لحفظ كيان هذا البلد وتطويره.

    لذلك فإنني أود أن أذكركم بالأماني والمطالب القومية العامة التي اشتملت عليها مذكراتي المتكررة لسيادتكم وأن أهيب بكم أن تستجيبوا لها صيانةً لوحدة البلاد وحريتها وسلامة بنيها ومقدراتها.

    كما أنني لا أجد بداً من تحميلكم مسئولية ما قد يترتب على تصرفات الحكومة الاستفزازية المتحدية ضد الأنصــار وغير الأنصار من فئات الشعب وبالله التوفيق.

    صديق المهدي




    مكرر للسيد وزير الداخلية

    سراي المهدي الخرطوم في 28/5/1961م






    منشور من الإمام الصديق المهدي للأنصار 11/7/ 1961م
    .. بسم الله الرحمن الرحيم

    وبعد إلى الحبيب المكرم ... والأحباب

    أحبابي السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    إن مجهوداً لا يبذل في الخير ضائع وإن حياة لا تبذل في صالح الأعمال فانية وإنما عقيدة المسلم تجبره على التشمير لطرق العمل الصالح في نواحي الحياة قال تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أولئك هم المفلحون) (سورة آل عمران الآية 104).

    عندما انحرف المسلمون عن جوهر عقيدتهم فصاروا لا يتناهون عن منكر فعلوه ولا يتواصون بالحق هبت وسطهم دعوة الإمام المهدي تنادى بإحياء ما أندثر من إرشادات الكتاب والسنة.

    لقد استجابت القبائل والجهات لدعوة الإمام المهدي فقام معه آباؤكم وأجدادكم وبايعوه بأموالهم وأنفسهم وأولادهم مستخفين بما أعترضهم من سلاح حكومة التركية معتمدين على سلاح الإيمان وسند الحق فصدقوا ما عاهدوا الله عليه حتى نصرهم الله فرفعوا راية الدين وحرروا البلاد من الدخلاء الظالمين.

    إن عقيدة الأنصار التي دفعت بهم إلى بناء ذلك التاريخ العظيم هي القوة التي أدرك المستعمرون بأنه لا يستقر سلطانهم ولا يستمر استبدادهم إلا إذا محوها من الوجود وقد قال كتشنر: إنني قد حفرت للمهدي ولراتب المهدي ولخليفة المهدي حفرة عميقة ودفنتهم فيها وسأدفن معهم كل من تحدثه نفسه بالبحث عنهم.

    وقال ونجت: إن حكومتنا لا يمكن أن تستمر إلا إذا قضينا على الرجال الذين تربوا بروح المهدية وعرفوا تعاليمها.

    وتحقيقاً لتلك الأغراض فقد منعوا الأنصار من الإجتماع ومن قراءة منشورات الإمام المهدي ومن ذكر تاريخهم المجيد.

    ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون. فقد أراد الله أن يجتمع شمل الأنصار وأن تعود لهم الحياة فاجتمعت القبائل والتقت الجهات مرة أخرى فصار الأنصار ملء السمع والبصر يشيدون المساجد والخلاوي ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحاربون التفرقة القبلية والعنصرية داعين الناس ليتركوا القبائل ليكونوا سودانيين ويتركوا الطرق ليكونوا مسلمين ويجتمعوا حول الإستقلال وينادوا بالسودان للسودانيين. وقد صدقوا في بيعتهم مع الإمام عبد الرحمن الصادق حتى نصرهم الله فنشروا إرشادات الدين وحققوا للبلاد حريتها واستقلالها.

    إنكم تعلمون أيها الأحباب أن علاقتي بكم طابعها الإرشاد الصريح لما يحقق خير الدنيا ونعيم الآخرة.

    إن هذه البلاد ملك لكم ولغيركم من المواطنين وإن الإلمام بأحوالها والسعي لصالحها أمانة على أعناقنا جميعاً، إنكم تسمعون إشاعات كثيرة وأخبار مختلفة فلا تلقوا لها بالاً وأعلموا أن هذه الإشكاليات والمنازعات مردها إلى اختلاف بين أبناء هذه البلاد حول نظام الحكم في البلاد وما دامت هذه البلاد ملكاً لجميع أبنائها فإننا نسعى ونسأل الله أن يرجح العقل على الغضب وأن ينفرج النزاع عن طريق الشورى لا عن طريق الفتنة.

    وإننا ندعو لأن يكون نظام الحكم على أساس شوري ومستمد من مبادئ الإسلام فيرضى عنه الله وتستقر بذلك الأمور وينقطع وجه الفتنة.

    إنني أوضح لكم هذا كما حدثتكم عنه في مناسبات عديدة حتى تكونوا على بصيرة من الأمر وتشتركوا في معرفة مصير بلادكم.

    أيها الأحباب:

    إن في قراءتكم لراتب الإمام المهدي وفى اجتماعاتكم وفي مجالسكم وفي تنظيماتكم وفي شعائركم وأناشيدكم حفظ لروح الأنصارية وتنبيه لعقيدتكم وإيمانكم وابتعادكم عما في الحياة من مفاسد فاحرصوا عليها اجتهدوا فيها مستمسكين بصلواتكم وصيامكم مؤدين فرائض الإسلام بعيدين عن موبقات السرقة والزنى والبهتان طاهرين متطهرين.

    واعلموا أيها الأحباب أن خير نداء ينادي به المسلم هو قوله الله أكبر ولله الحمد وأنكم سميتم الأنصار لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله) (سورة الصف الآية 14) وأن الراية ترمز لرايات المهدية الثلاث – الراية الزرقاء والراية الصفراء والراية الخضراء فصونوها وقدروها احتراماً لتاريخكم وتقديرا لجهاد آبائكم.

    وأعلموا أن شباب الأنصار مجموعة نظمها الإمام الراحل للابتعاد بالشبان عن اللهو والفساد وعن المزاج الضار وعن العادات المحرمة وهدفها تقوية الروح بتقوى الله وتهذيب النفس بالاستقامة وخلق القدوة الحسنة وتثقيف العقل وتقوية الجسم بالتمرين.

    فاحرصوا على نشاطها ولتشغلوا أبنائكم عن الفعل الضار فإن الشباب والفراغ مفسدة للإنسان.

    لقد قال الإمام المهدي أن الراتب قد اشتمل على جميع الأدعية المستجابة الواردة في كتاب الله وحديث رسوله فاحرصوا عليه واقرءوا معه ما تيسر من القرآن في الصباح والمساء قال تعالى: (فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) ( سورة ق الآية 39).

    أوصيكم باتباع تلك الإرشادات وبالسمع والطاعة فيما يرضي الله ورسوله وبالصبر فإن وعد الله حق.

    قال تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (سورة محمد الآية 7).

    حفظكم الله وحفظ بكم دينه والسلام عليكم ورحمة الله.

    المفتقر إليه تعالى

    صديق المهدي







    بيان بعد حوادث المولد أغسطس 1961م
    ..الحمد لله الوالي الكريم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه مع التسليم وبعد

    أحبابي في الدين والوطن السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    إن الله قد أمر عباده بالشورى لحقن الدماء كي لا تسوقهم خلافاتهم للاحتكام إلى النار والدمار كما أن البشر بثاقب بصيرتهم أدركوا أن اختلاف الرأي سنة لا تتحول وأنهم لا شك معرضون للتناحر والخراب إذا استكبر فريق علي فريق وتجنباً لذلك الخطر تعارفوا على إشاعة الاحترام والتقدير بينهم وتعارفوا على حسم النزاع بينهم سلمياً عن طريق الشورى ورأي الجماعة.

    لقد أمر الله الناس بالعدل والإحسان وحذرهم من عاقبة الظلم والعدوان فقال: (ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون) (سورة إبراهيم الآية 42).

    فالظلم والعدوان وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق وسب الناس وشتم أعراضهم والتحقير منهم ومن كرامتهم يدخل بالجاني في وعيده تعالى إذ قال:(طسم* تلك آيات الكتاب المبين تتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون * إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين. ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) (سورة القصص الآيات 1-6).

    وأن المؤمن من اتعظ بغيره وحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الناس.

    إنكم تعلمون أيها الأحباب أن نظمنا وشعاراتنا وراتبنا أعمال لا يقصد بها التعدي على أحد ولا الإساءة لأحد وإنما يقصد بها التربية الإسلامية الصحيحة القائمة على ترسيخ الإيمان بتقوى الله وتهذيب النفس بالاستقامة وخلق القدوة الحسنة والبيئة الحسنة وإنقاذ الأنفس من الانحلال والتفكك بتأكيد التضامن والأخوة وتوطيد الحزم والعزم.

    إن تاريخ الأنصار حافل بالنشاط الديني والوطني في مناسبات الدين والوطنية ولا يستطيع أحد في ذلك التاريخ العريض أن ينسب إلى الأنصار تعدياً أو عدواناً ولا يستطيع أحد أن يقول صادقاً أن مجموعتنا مهما تكاثر عددها أدت إلى فوضى أو إخلال بالأمن والنظام بل كان الأنصار وما زالوا وسوف يظلون بإذن الله حديث السمار ومضرب الأمثال في نظامهم وحسن طاعتهم.

    وأن التربية الخلقية التي اقتبسناها من إمامنا الراحل طيب الله ثراه جعلت دستورنا أن ندفع بالتي هي أحسن وأن نؤاخي الناس جميعاً وأن ننبذ فوارق الطرق لنكون مسلمين وفوارق القبائل لنكون سودانيين. نصبر عند المحنة وأن نعفوا عند المقدرة.

    هذا هو سبيلي وسبيل من اتبعني ونسأل الله أن يوفقنا على السير فيه.

    أيها الأحباب:

    إنني أخاطبكم اليوم وقد سالت دماء عزيزة علينا ووقع حادث تنكره أخوة الدين وزمالة الوطن وواجبات المروءة.

    إن احتفال السودانيين بمولد النبي أخذ طابعاً تقليدياً والمجموعات تحتفل به بأساليبها الخاصة منذ عشرات السنين وقد كان رجال الطرق وما زالوا حتى عامنا هذا يحضرون من دورهم إلى ساحة المولد في تجمع وهم في سيرهم يدقون نوباتهم ويرددون أذكارهم.

    أما الأنصار فلم يحدث أن حضروا إلى ساحة المولد في تجمع بل كان احتفالهم دائماً داخل خيمتهم.

    إنكم تعلمون أيها الأحباب أننا نستضيف هذه الأيام بعض الأنصار الذين حضروا إلى البقعة بحسب الأخبار المزعجة التي وصلتهم عن منع نشاط الأنصار الديني وتحديد إقامة ابني المهدي الذين أوفدتهما للاتصال بالأنصار في جهاتهم المختلفة وإبلاغهم ما يحتمه واجبي نحوهم من الإرشاد والتوجيه وأزعجهم ما أعقب ذلك من أحداث.

    وتعلمون أيضاً أيها الأحباب أنني بعد مقابلتي أولئك الأنصار الذين حضروا براً بعقيدتهم ورغبة في الوقوف معي في أي محنة أتعرض لها تحدثت إليهم بما يطمئنهم وشكرتهم على علو همتهم وطلبت منهم أن يرجعوا إلى مزارعهم وأعمالهم، ومع أنهم أبلغوني بأنه ليس هناك ما يطمئنهم على ما أفزعهم إلا أنهم جزاهم الله خيراً أطاعوا أمري ورجع منهم ثلاثة أرباع، وقد كان الربع الباقي يستعد للسفر وبينما هم يستعدون كانوا يحضرون مع إخوانهم احتفالات المولد بخيمة الأنصار في أم درمان وقد كان العشاء يحضر لهم كل يوم في بيت المهدي وقد كانوا يذهبون لتناول العشاء بعد حضور الراتب المسائي ثم يعودون إلى الخيمة وحفاظاً على النظام كانوا يرجعون من مكان العشاء في بيت المهدي في هيئة منظمة في مسافة لا تزيد عن ثلاثين متراً وهى المسافة الواقعة بين الباب الغربي من بيت المهدي (دار القرآن) وبين خيمة الأنصار والمعلوم عندكم أن تلك المساحة قد أقفلت بمناسبة احتفالات المولد من الجهتين الشمالية والجنوبية فلم تعد كما كانت طريقاً عاماً، وتعلمون أيضاً أيها الأحباب أن ذلك النفر من ضيوفنا الأنصار كانوا عندما حضروا كعادتهم يحملون العصي والسكاكين وخلافها مما يدافع به الرجل عن نفسه فأمرتهم ألا يحملوا من ذلك شيئاً فأطاعوا الأمر وأصبحوا مجردين من كل سلاح.

    وعندما علمت أن بقية الضيوف الذين يحضرون احتفالات المولد يرجعون للخيمة بعد العشاء في هيئة منظمة وأن ذلك الأمر منتقد أمرت أن لا يفعلوا ذلك وأن يرجعوا للخيمة في هيئة عادية ليس فيها تنظيم معين وأطاعوا ذلك الأمر ومن الغريب أنهم في ذلك اليوم ذاته تعرضت قوة مسلحة قفلت كل الطرق الخارجة من الساحة الواقعة بين قبة الإمامين وبين الجامع الكبير ثم أمرتهم بأن يتفرقوا رغم أنهم كانوا سائرين سيراً عادياً ليس فيه طابور في اتجاه واحد من بيت المهدي إلى خيمة الأنصار ولم يكن أمامهم غير مخرج واحد هو المؤدي للخيمة وقد تجاوزوا الساحة الخارجية وأصبحوا في الطريق الضيق الواقع بين خيمة الأنصار وخيمة الحكومة فكيف يتفرقون وهم في طريق أضيق وإلى أي جهة يتفرقون ما دام المخرج أمامهم واحد وهم سائرون نحوه.

    وبعد تلك الأوامر قذفت وسطهم قنابل مسيلة للدموع في الممر الضيق الواقع بين خيمة الأنصار وبين خيمة الحكومة فإذا فرضنا جدلاً أن جماعة الأنصار التي حوصرت كانت سائرة في موكب وأنها لم تتفرق عندما صدرت لها الأوامر فهل هذا مبرر لقصفها بالقنابل والرصاص؟

    إن الأنصار لهم كيان خاص معترف به ومعروف وقد كان المسلك المعروف أنه إذا قابل رجال الأمن إشكالاً مع بعض الأنصار ولم يجدوا له حلاً اتصلوا بأحد المسئولين من كبار الأنصار القريبين ليساعدهم في مهمتهم وذلك كمحاولة أخيرة قبل الشروع في النار والدمار وقد كانت خيمة الأنصار عامرة بعدد كبير من كبار الأنصار على رأسهم السيد عبد الله الفاضل المهدي فلم يتصل بهم أحد بل وقع الإنذار وتتالت القنابل وبدأ الاحتكاك وضرب الرصاص على رجال عزل لهم حرمة الإسلام وحقوق المواطن في أوسع معانيها.

    سالت دماء لا مبرر لأراقتها وفاضت أرواح بريئة ولولا لطف الله وبذل كل مسعى لحصر المعركة لانقلب الاحتفال لمعركة دامية في فتنة تطوي جميع الحاضرين والخراب إذا بدأ ليست له حدود.

    إن ما ذكرت من حوادث هو الواقع وإن العدوان الذي تعرض له الأنصار ماثل لكل عين وإننا إذ نسأل الله أن يلحق الموتى بالذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين نشكر الشعب السوداني أجمع لتضامنه معنا في المحنة وعزائه لنا في المصيبة.

    وإننا نتهم من أمر بتلك المجزرة بالقتل العمد ولدينا الشهود والبينات على كل الحوادث التي ذكرناها ولسنا قضاة فنقرر الحكم في الأمر ولكننا مظاليم وسنقدم شكوانا ودلائلنا للقضاء الذي نأمل أن يوفقه الله لمعرفة الحقيقة ولأخذ الحق لأهله ولعقوبة الظالم بذنبه فلولا القضاء النزيه يكون كل فريق خصماً وحكماً ويضيع العدل وتسود الفوضى.

    أيها الأحباب كفكفوا دموعكم وضمضموا جراحكم اصبروا وصابروا وأعلموا أن الظلم زاهق وأن العدل لا شك سائد قال تعالي: (أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) (سورة الرعد الآية 17). وبالله التوفيق.

    الإمام الصديق المهدي







    وصية الإمام الصديق 2 أكتوبر 1961م
    ..بسم الله الرحمن الرحيم

    2/10/1961م



    قال: الإمام الصديق في اللحظات الأخيرة من حياته، موصيا نجله الأكبر سيادة السيد الصادق المهدي.

    مطلبنا مطلب البلد كلها، هو:

    الحريات العامة، الديمقراطية، حكم الشورى.

    بيت المهدي ماله مطلب خاصا، ما عنده عداء مع أي ناس.

    احرصوا على هذه المطالب مهما كلفكم الحرص.

    الأنصار نظام يسير على ما هو عليه بقوة لرفع لواء الدين.

    ابقوا عشرة على الأحباب والأصدقاء.

    يتألف مجلس شورى خماسي من السادة، عبد الله الفاضل المهدي، الهادي المهدي،

    يحيى المهدي، أحمد المهدي، الصادق المهدي.

    ذلك المجلس يرعى أمورنا الدينية والوطنية بكلمة موحدة وعندما تلتفتوا لأمر اختيار الخليفة الذي يكون أماما يكون ذلك عن طريق الشورى بقرار الأنصار، وهنا حاول الأطباء منعه من الكلام



    .

    الكلام فرد عليهم قائلاً: إن حديثي هذا ليس جزعاً من الموت وإنما هو واجب فان علي مسئولية وأن أترك من ورائي وصية فالرسول قال خيركم من مات على وصية ويقول ليس منا من مات إلا ووصيته تحت وسادته.

    قال هذا وتحدث حديثاً مستفيضاً عن أعمال الدائرة وكيفية إدارتها وعن حقوق ورثته وتحسين علاقات الأسرة فأوصى بصيانتها وكان حاضر الذهن مطمئناً. ثم طلب قارئ الراتب فجيء به وشرع يقرأ حتى أكمل الراتب وفي نهاية القراءة رفع الإمام الصديق يديه بالفاتحة وقال لابنه السيد الصادق: أحسن الله عزاءك في أبيك ثم قال الآن دعوني أرتاح ورقد فصعدت روحه إلى باريها حيث النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

    بانتقال الإمام الصديق عليه رحمة الله ورضوانه ، ووصيته بتكوين مجلس خماسي لرعاية شئون البلاد والأنصار آلت المسئولية العظيمة والأمانة الكبرى التي كانت على عاتق الإمام الراحل خليفة الإمام الأكبر عبد الرحمن المهدي ، إلى ذلك المجلس المكون

    من سيادة السيد عبد الله الفاضل المهدي رئيساً والسادة الهادي ويحي وأحمد والصادق المهدي أعضاءً

    عملاً بسنة الإسلام وتمشياً مع عرف البلاد وحرصاً على توحيد الكلمة وإيقافاً لتيار الفتنة والاختلاف والتحزب ، اجتمع المجلس قبل دفن الإمام الصديق في ضريح الإمام المهدي عليه السلام بمنزل السيد الهادي المهدي يوم الثلاثاء 23 ربيع الثاني 1381 هـ الموافق 3 أكتوبر 1961 ، واختار السيد الهادي عبد الرحمن المهدي إماماً للأنصار وخليفة لأخيه الصديق في خلافة الإمام عبد الرحمن المهدي محرر السودان ومحي تراث المهدية

    .بعد أن بايع المجلس الإمام الهادي قرر أن يعلن النبأ على الناس السيدان عبد الله الفاضل المهدي والصادق الصديق المهدي ، وقبل الإعلان على الناس اختير من تواجد من رجال بيت الإمام المهدي وخلفائه وكبار الأنصار وأعلام الأصدقاء فاجتمعوا برئيس وأعضاء مجلس الوصية لدى ضريح الإمام المهدي عليه السلام فأعلن السيد عبد الله رئيس المجلس على الحاضرين نبأ اختيار السيد الهادي إماماً ثم تحدث أعضاء المجلس بالتأييد الإجماعي فوافق الاختيار تأييد الجميع وأعلن النبأ على الجماهير أثناء دفن الإمام الصديق فأقبل الأنصار للبيعة بالمحبة والرضا باقين على العهد متمسكين بالعقيدة







    الامام الصديق والتأثر ظاهر على وجهه حين التقى بعبود بعد حوادث المولد.

    (عدل بواسطة Abdelrahman Elegeil on 07-08-2011, 08:57 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 11:37 AM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 11:40 AM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 11:45 AM
      Re: ارفع راسك انت حزب امة حاتم يوسف قنات07-05-11, 11:50 AM
      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 12:30 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 03:46 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 03:50 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 12:40 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة حمزاوي07-05-11, 12:43 PM
      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 02:06 AM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 03:29 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 12:46 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة نيازي مصطفى07-05-11, 01:06 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:04 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة اكرام الصادق الحسن07-08-11, 10:21 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:06 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة نيازي مصطفى07-05-11, 01:10 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:17 PM
      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:24 PM
        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:37 PM
          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:47 PM
            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 01:56 PM
            Re: ارفع راسك انت حزب امة عبدالعزيز حسين عبدالرحيم07-05-11, 02:04 PM
            Re: ارفع راسك انت حزب امة tabaldy07-05-11, 03:15 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 02:23 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 02:27 PM
      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 02:37 PM
        Re: ارفع راسك انت حزب امة الصادق الزين07-05-11, 02:42 PM
          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 02:49 PM
            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 02:58 PM
              Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 03:04 PM
                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 03:15 PM
                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 03:34 PM
                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 04:04 PM
                      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 04:14 PM
                        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 04:25 PM
                          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 04:30 PM
                            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-05-11, 06:30 PM
                              Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-06-11, 04:50 PM
                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-06-11, 05:00 PM
                                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-06-11, 05:22 PM
                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-06-11, 05:56 PM
                                      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-06-11, 08:17 PM
                                        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-06-11, 09:25 PM
                                          Re: ارفع راسك انت حزب امة معتصم مصطفي الجبلابي07-06-11, 09:50 PM
                                            Re: ارفع راسك انت حزب امة محمد البشرى الخضر07-06-11, 10:24 PM
                                              Re: ارفع راسك انت حزب امة Haytham Mansour07-07-11, 00:15 AM
                                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 01:23 AM
                          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 02:30 AM
                            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 02:52 AM
                              Re: ارفع راسك انت حزب امة Kabar07-07-11, 03:08 AM
                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 04:03 AM
                                  Re: ارفع راسك انت حزب امة الهادي عبدالله احمد08-05-11, 00:05 AM
                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-05-11, 09:06 AM
                                Re: ارفع راسك انت حزب امة محسن عبدالقادر07-07-11, 04:09 AM
                                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 04:34 AM
                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة محسن عبدالقادر07-07-11, 01:33 PM
                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 01:44 PM
                                      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 02:09 PM
                                        Re: ارفع راسك انت حزب امة tabaldy07-07-11, 03:22 PM
  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-07-11, 08:48 PM
    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 00:04 AM
      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 00:24 AM
        Re: ارفع راسك انت حزب امة الصادق الزين07-08-11, 02:55 AM
          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 07:54 AM
            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 08:17 AM
              Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 10:30 AM
                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 10:43 AM
                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 03:55 PM
                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-08-11, 06:14 PM
                      Re: ارفع راسك انت حزب امة اكرام الصادق الحسن07-08-11, 10:29 PM
                        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-10-11, 09:28 PM
                          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-10-11, 09:39 PM
                            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-10-11, 09:45 PM
                              Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-10-11, 09:56 PM
                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-10-11, 10:44 PM
                                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-10-11, 11:29 PM
                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-11-11, 02:56 AM
                                      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-11-11, 03:09 AM
                                        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-12-11, 05:48 AM
                                          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-12-11, 12:08 PM
                                            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdel Aati07-12-11, 01:47 PM
                                              Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-13-11, 06:00 AM
                                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-16-11, 10:27 PM
                                                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-24-11, 05:27 AM
                                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-24-11, 05:31 AM
                                                      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-24-11, 05:34 AM
                                                        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-24-11, 05:37 AM
                                                          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-26-11, 08:09 PM
                                                            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-26-11, 08:11 PM
                                                              Re: ارفع راسك انت حزب امة adil amin07-27-11, 09:22 AM
                                                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-27-11, 11:40 PM
                                                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-30-11, 03:59 AM
                                                                  Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil07-30-11, 04:20 AM
                                                                    Re: ارفع راسك انت حزب امة adil amin07-30-11, 07:59 AM
                                                                      Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-03-11, 07:31 AM
                                                                        Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-04-11, 04:26 AM
                                                                          Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-04-11, 11:36 PM
                                                                            Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-04-11, 11:47 PM
                                                                              Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-05-11, 00:06 AM
                                                                                Re: ارفع راسك انت حزب امة Abdelrahman Elegeil08-05-11, 00:58 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de