مال منعم الجزولي لا ياتينا ويذهب الى القرية التي تلينا (يوجد ابداع)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 05:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-10-2011, 04:34 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زقاق نسوان (Re: د.نجاة محمود)

    (3)

    جوزفينا أولينق مدينق.


    وكعادة أهل المدن الكبيرة، كانوا، استسهالا، ينادونها شول.

    إمرأة سبعينية، يابسة، كعود جراز محترق. سوادها تخالطه غبشة، تجعل لونها أقرب إلى الجير المتسخ.

    زحفت ذات مساء الى الزقاق، تطلب الراحة، واتخذت لها مرقدا بجوار بالوعة الجزارة الكبيرة. ثم قليلا، قليلا، ألفت المكان، وألفها، فصارت من علاماته.

    كانت صامتة طوال الوقت. وإن تكلمت لاتستهلك سوى كلمات قليلات. تتدثر بثوب داكن الزرقة، ممزق فى أكثر من موضع، ومتسخ جدا. تحته فستان، لاتستطيع تحديد لونه بالضبط. ولها من المتاع حقيبة حديدية صغيرة، لا تفتحها إلا نادراً وتتخذها وسادة تضع عليها رأسها حين تنام.

    أعطيتها جنيها، فانفرجت أساريرها، وهرولت تشترى لنفسها رغيفا، وطعمية، من بائعة تجلس الى طبلية فى الجوار. وعادت تجلس فى مكانها تقضم طعامها فى صمت، فتركتها الى حال سبيلى.

    جئتها بعد أيام وفى يدى بطانية حكومية سوداء، جديدة. أبدت فرحة عارمة، ومرة أخرى منحتها جنيهاً ، خطفته وهرعت الى ذات البائعة على الطبلية واشترت طعاما، وعادت الى مرقدها، تأكل، فى صمتها المعتاد، وأنا جالس بجوارها على البطانية، بعد أن فرشَتْها، وهيَّأتْها مرقدا. ثم فجأة التفتت إلىَّ وسألتى من أى المدن أنا.

    إستغربت لسؤالها، وإن كنت قد استبشرت خيراً، بسنوح فرصة للأُنس معها. وقلت لها إننى من هنا، من نفس هذه المدينة، فهزت رأسها وسكتت. فسألتها من أين هى. فلم ترد. وأردت الذهاب فى حال سبيلى حين سمعتها تنادينى:

    - هى.. إنت..

    فالتفت اليها وعدت أجلس بجوارها. فتحت حقيبتها، فرأيت بداخلها فستانا أخضرا صغيرا، وحذاء من المطاط الأبيض، صغير جدا هو الآخر، يبدو أنهما يعودان لطفلة ما. وأخرجت صوراً فوتوغرافية بالأبيض وأسود، ناولتنى إحداها، فنظرت رجلا فى ملابس العسكريين، قميص على أكمامه شريط واحد، وسروال قصير تنحدر منه ساقان نحيلتان مغروزتان داخل حذاء عسكرى ضخم، وفى رأسه برنيطة عليها ريشات الى الجانب، ويمسك ببندقية ابوعشرة. يقف، كان أمام قطية من القش، وفى خلفية الصورة كثير من الأشجار. ثم ناولتنى صورة أخرة لذات الرجل، وبنفس ملبسه، يقف بجانب فتاة، تامة النضج الأُنثوى، حلوة التقاطيع، تقف مبتسمة، وادعة. وإلى يسار الصورة يبدو جانب من نفس القطية فى الصورة الأُولى، وبضع دجاجات سمينات الى الخلف قليلا.

    نظرت إليها مستفهما، فقالت:

    - زوجى.

    صمتت فترة ليست بالقليلة، فناديت بائعا للعصير يحمل جردلا، ويحوم بين زقاقات السوق، واشتريت لها ولنفسى كوبين. شربت كوبها دفعة واحدة ونظرت إلى، فطلبت لها كوبا آخر، شربته على ثلاث دفعات، ثم مسحت فمها بطرف ثوبها.

    صمتت قليلا، ثم تداعت تحكى قصتها.

    تزوَّجَتْ فى بور من الوكيل عريف جعفر الفحل، من أهالى شندى، وكان قائدا لجماعة، ضمن فصيلة عسكرية ترابط بالجوار، وتتبع الفرقة الأولى. كانت قد دخلت توها لمرحلة النضج، فانتقل بها الى أويل، ومنها الى مريدى، فيامبيو وجوبا، وأخيرا نقلوه الى القيادة الشمالية فى شندى، فأسكنها عند أهله فى المسيكتاب.

    عانت عند أهله معاناة شديدة، ونادوها منذ اليوم الأول بالخادم، وبالغلفاء، وبنعوت أُخر. وجافوها، لايزورها أحد ولاتزور. فعاشت عزلة شديدة حتى أنها كانت تخشى أن تسير الى الكنتين فتتعرض للسخرية. وأخيرا إنتقلت إلى الإشلاق بعد أن أخلى أحدهم بيته بسبب النقل الى جهة ما.

    وضعت ابنتها الوحيدة فى بيت الإشلاق وسمَّوها ليلى، ويوم ان أكملت عامها الأول، مات أبوها!! إنقلبت بهم عربة جهات الميجة، فمات مع ثلاثة آخرين.

    نازعها أهل زوجها فى المكافئة، وفى المعاش، قالوا إن الشرع يوجب تعصيم الطفلة!! فذهبت تتشكى الى اليوزباشى صمويل، الذى أنصفها وقال لهم إذهبوا للمحكمة. ثم استعجل صرف مكافئتها، وكانت ثلاث وتسعون جنيها وأربعين قرشا وخمسة ملاليم، صرفتها كاملة، ثم حجز لها فى القطار المتجه الى الخرطوم، هى وطفلتها، فى الطريق الى أهلها فى قريتها خارج بور. وسلمها خطابا إلى قائد الحامية هناك، لتدبير أمر أن يصلها معاشها شهريا.

    فى رحلة بين القطار، والوابور من كوستى، ثم العربات من ملكال، وتعطلات فى الطريق أكثر من مرة، بسبب الخريف. وأخيرا... لم تجد من قريتها إلا بعض حطام، وآثار حريق كبير. ولاتعرف إلى أين تفرق أهلها. وذهبت الى الحامية تحمل خطاب اليوزباشى، فقابلها ضابط شاب بنجمتين على كتفه، وشتمها وشتم أهلها ومزق الخطاب وطردها.

    فى ملكال، حيث عادت بنفس الدرب، لتشتكى، لم تجد معاملة أحسن من الأولى..
    وفى كوستى مرضت طفلتها وماتت. وكان مالها قد تناقص بشكل مريع.
    عادت الى شندى تبحث عن اليوزباشى صمويل، فقيل لها أنه انتقل الى القيادة العامة.
    وفى الخرطوم منعوها حتى من دخول القيادة، ولم تجد من تشتكى له، ولا من لديه الإستعداد أصلا ليقف ويسمعها.

    فتدحرجت قليلا ..قليلا حتى وجدت لها مرقدا فى الزقاق، فسكنته.

    جئت فرحا ذات صباح لأبشرها بان العميد بيومى فى الشؤون المالية بالجيش يرغب وبشدة فى مساعدتها لكى تحصل على معاش زوجها. كان مرقدها خاليا من أى أثر لها. سألت هيكلا متآكلا ترقد فى الجوار، فلم تعرف عمن أتكلم، ثم استدركت أخيرا:

    آآآه...تقصد الخادم؟!! ماتت.
                  

العنوان الكاتب Date
مال منعم الجزولي لا ياتينا ويذهب الى القرية التي تلينا (يوجد ابداع) د.نجاة محمود09-10-11, 04:29 AM
  زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:32 AM
    Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:33 AM
      Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:34 AM
        Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:35 AM
          Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:36 AM
            Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:37 AM
              Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-10-11, 04:48 AM
                Re: زقاق نسوان محجوب البيلي09-10-11, 06:24 AM
                  Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-14-11, 00:49 AM
                    Re: زقاق نسوان Huda AbdelMoniem09-14-11, 09:12 PM
                      Re: زقاق نسوان Huda AbdelMoniem09-14-11, 09:16 PM
                        Re: زقاق نسوان Al-Shaygi09-14-11, 09:42 PM
                        Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-16-11, 09:19 AM
                          Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-17-11, 04:14 AM
                            Re: زقاق نسوان Mohamed Abdelgaleel09-17-11, 09:30 AM
                              Re: زقاق نسوان Abd-Elrhman sorkati09-17-11, 02:09 PM
                                Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-18-11, 06:22 AM
                                  Re: زقاق نسوان عبدالله الشقليني09-18-11, 12:58 PM
                                    Re: زقاق نسوان Elkhawad09-18-11, 01:23 PM
                                  Re: زقاق نسوان Abd-Elrhman sorkati09-18-11, 04:58 PM
                                    Re: زقاق نسوان د.نجاة محمود09-18-11, 05:09 PM
                                      Re: زقاق نسوان بله محمد الفاضل09-24-11, 12:09 PM
                                        Re: زقاق نسوان Rasha Swaraldahab09-24-11, 12:57 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de