|
|
 Re: آخر تصريحات الانقاذ: الحل النهائي هو في الجلوس على مائدة التفاوض (Re: نزار يوسف محمد)
|
علاج أزمتين بـ «عقار» واحد
ليس السودان غريباً على ربيع الثورات العربية، فقد عرف السودان الثورات الشعبية، ونذكر أكتوبر وأبريل، ولكن هذا زمان آخر يتوجب على السودان فيه أن يقدم تجربته للتوافق مع محيطه العربي، وليثبت أنه ذو ماض عريق وسجل حافل في هذا المجال، وأن ذخيرته السياسية مازالت ثرية وإن تكالبت عليها الإحن والمحن.
وفي اعتقادي أن أفضل ما يمكن أن يقدمه السودان لنفسه ولمحيطه وللعالم أجمع، هو أن يسعى إلى ايقاف الحروب الدائرة الآن أو تلك التي بدت نذرها واضحة في الأفق حسبما يتشكل حالياً في النيل الأزرق، فمثل هذا الأمر لو حدث سيعتبر نقلة حقيقية وجوهرية في أوضاع السودان، وإذا كانت الثورة تعني فيما تعني تغييراً نحو الأفضل، فإن سلاماً يعم دارفور وكردفان ويستبق انفجاراً في النيل الأزرق سيمثل الثورة في أبهى صورها.
إن إنجازاً يسجل لصالح وقف المعارك سيحسب بلا شك للسودان عامة، لكن هناك من لا يريد إلا أن يكون له دور خاص في هذا المقام وبطريقته الخاصة، فالحكومة تريد أن توقف هذه المعارك لكن بطريقتها العسكرية الفجة.. ولهذا فإن فعلاً سياسياً خلاقاً مطلوب بشدة من الأطراف السياسية الأخرى لإثبات وجودها ولانتشال البلاد من الهوة السحيقة التي تتردى فيها، وسيكون ذلك هو الفعل الغائب لاستعادة دورها الفاعل في الساحة السياسية السودانية.
وعندما لاح قبل بضعة أسابيع ما يفيد بإمكانية وقف الحرب في جنوب كردفان، وكان ذلك من خلال الاتفاق الإطاري بين نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع ووالي النيل الأزرق مالك عقار، فإن هناك في المؤتمر الوطني من رأى في الاتفاق الذي تم ابرامه في اديس ابا با انتقاصا من هيبة الحكومة، بل إن الرئيس أمر، والاتفاق لم يجف حبره بعد، الجيش بمواصلة المعارك ضد الحركة الشعبية في جنوب كردفان.
ولكن بعد فترة من هذه الهزة المتمثلة في إلغاء الاتفاق وما كشف عنه من وجود خلافات عميقة تعصف بالمؤتمر الوطني، فقد بدت ساحة المبادرات خاوية منها، وفترت الهمم خصوصا بعد اجهاض أمل السلام الذي مثلته الاتفاقية الاطارية، وبدا التردد سيد الموقف خاصة مع امكانية وقف المبادرة بكلمة واحدة من هذه الجهة أو تلك، ولم يكن هناك سوى صوت الرصاص يملأ آفاق ووديان وسهول وجبال جنوب كردفان، التي كان يفترض أن ينكب سكانها وأهلها على فلاحة الأرض في موسم الخريف.
ولكن أيضا ها هو مالك عقار يظهر في ساحة الفعل السياسي مجدداً، وهو ظهور يأتي بعد فترة اختفاء راجت معها شائعات بأن الرجل قد عاد إلى مربع التمرد، خصوصاً أنه كان طوال تلك الفترة في جوبا عاصمة دولة الجنوب المتهمة من قبل المؤتمر الوطني بإيواء المعارضين من دارفور مروراً بكردفان وصولاً إلى النيل الأزرق.
إذن فالمكان ــ جوبا ــ أسبغ على ذلك الاختفاء أبعاداً شتى، وجعل الرجل نهباً لكل أنواع التنبؤات والتوقعات، وجاء هذا الظهور وكأنه يكشف ما دار في فترة الاختفاء، فقد جاءت تصريحات عقار قوية، ومن جانب آخر ناعية للاتفاق الاطاري، وركز على الدفع برؤى جديدة تلخص موقفه من استجلاء وتلمس سبل السلام، حيث نادى بجيش واحد وبشرطة واحدة، في اشارة إلى استعداد الحركة الشعبية لنزع سلاحها وترتيب أوضاعها وفقاً لما تنص عليه اتفاقية السلام، فيما قصد بالشرطة الواحدة، حل التنظيمات مثل الشرطة الشعبية والدفاع والشعبي.
ويدور من زمن طويل جدل حول وضع الحركة الشعبية قطاع الشمال، وهو قطاع يحظى بتأييد واسع في مناطق جغرافية شاسعة، وينصب بعض هذا الجدل على ضرورة أن يستبق الالتزام بالترتيبات الأمنية، ومن ثم نزع سلاح جيش الحركة الشعبية أية خطوات أخرى، بينما يرى عقار تحديداً أهمية حل كل المليشيات الأخرى شبه العسكرية.
ومن الواضح أن هناك حاجة ملحة للوصول إلى اتفاق، ولن يكون ذلك إلا بجلوس المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتناول هذه الموضوعات بطريقة هادئة، غير أن ذلك يتطلب أن يعترف المؤتمر الوطني بقطاع الشمال في الحركة الشعبية، ويرى البعض ضرورة أن يسبق هذا الاعتراف أي أمر آخر، وأن مثل هذا الاعتراف يهيئ البيئة المثلى لتناول مختلف الأمور، كما أن الندية التي تتحقق من خلال الاعتراف المتبادل هي أدعى لخلق الثقة التي يمكن أن تصبح عاملاً مساعداً للوصول إلى الهدف المنشود.
ويبدو عقار من خلال أحداث الشهور الأخيرة تماماً في مركز الضوء، كما يبدو أنه أقدر من غيره على تسيير دفة الأمور في المناطق التي تنشط فيها الحركة الشعبية من جبال النوبة إلى منطقة الأم النيل الأزرق، ولهذا فإن إعطاء الاعتبار لما يقوله سيفيد ليس في تهدئة الأوضاع في النيل الأزرق وإنما في جنوب كردفان أيضاً.. هكذا بضربة واحدة، وباختيار الشخص الأنسب لهذا اللعبة التي يمكن أن تدفع بايجابياتها إلى ما يتجاوز المنطقتين إلى الجنوب وإلى دارفور، وبذلك يكون السودان قد أسهم فعلاً في ربيع الثورات العربية.. لكن من المؤكد أن كل ذلك لن يتحقق إلا بإحداث تعديلات جوهرية في الفكر السياسي الذي يحكم حركة البلاد الآن.. ومن خلال ضغوط سياسية من قبل الأحزاب الأخرى على كافة الأطراف كي تراعي مصلحة السودان في المقام، ولو حدث مثل هذا الأمر فإننا بلا شك سنكون أمام ثورة حقيقية تنفض فيها الأحزاب عثار الزمن وتتقدم بثقة نحو ساحة الفعل السياسي، ولتعلم هذه الأحزاب أن وقوفها بل ابتدارها أسس التسوية الحقيقية في كردفان ودارفور وامتصاص أية مهددات في النيل الأزرق، والإصرار على مواقفها، هي السبيل الوحيد والصحيح لعودتها معافاة إلى ساحة الفعل السياسي.. فهل تفعلها الأحزاب؟؟
http://www.alsahafa.sd/details.php?articleid=32183&ispermanent=0
|
|
  
|
|
|
|
|
| |
نزار يوسف محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست