الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: خواطر حول الحبّ والإيمان و(الغناء) والقرآن ... [مزيد ومنقح] (Re: عماد حسين)
|
الإخوة الأعزاء السلام عليكم، وكل عام وأنتم بخير، أعود مجدّداً لمتابعة مسيرة هذا البوست، ابتداءً من الرّدّ على مداخلة الأخ عماد، والتي أرجأتها إلى حين وداع شهر رمضان، ربّما تجنُّباً للجدال في الشهر الكريم، وكنت قد قلت في مداخلتي الأولى عن موضوع هذه الخواطر: أنه تعبير عن الاستنكار للتدخل (الدعوي الشرعي) (الفج) في الأمور المتعلقة بأذواق الناس وأمورهم الخاصة، والإشارة هنا إلى ما قرأته سريعاً من توجيه رسمي بتأجيل بث برنامج (أغاني) خلال فترة شهر رمضان. فانبرى لي الأخ عماد مستنكراً:
[[[[[التدخل الشرعي في أذواق الناس؟؟!!! والله يا صلاح عباراتك دي فيها تمييع للحقائق!!!]]]]]
لم أستنكر (التّدخّل الشرعيّ في أذواق الناس) يا عماد، وإنما استنكرتُ (التدخل الشرعي الفجّ)، أي غير الناضج! ولست في ذلك إلا مقيماً لمعاني الآية الكريمة: {ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} ثمّ قلت لي:
[[[[[[يا اخي أذواق الناس دي متعلقة بـ: ماذا تاكل وماذا تشرب وأين تسكن]]]]]
لا يا عمدة، أسمَى أذواق الناس ما يتعلّق بإشباح (حاجاتهم الرّوحيّة)! وأنا أتفق معك في أنَّ الموسيقى والغناء ليستا غذاءً صحيّاً للرّوح، بيدَ أنّ كثيراً من هؤلاء لا يعرفون أنّ القرآن الكريم، هو الغذاء الصّحيّ الطّبيعيّ! فكيف يمكن الانتقال بوعي الإنسان وذوقه إلى تلك الدرجة السّامية؟ ليس يتمّ ذلك يا عمدة باختراق جدار الذات، وإنما عبر الاستئناس بها والاستئذان منها! وأنت تعلمُ أنّ دواوين السنة لم تسجل موقفاً واحداً، أُثيرت فيه بلبلةٌ أو مشكلةٌ بسبب الغناء والموسيقى، وإنما تلقائيّاً عبر المعاملة الحسنة والتّلطُّف، انتقل الناس من سماع الغناء إلى سماع القرآن! بل، وعبر مِرقاة التّذوّق، شيئاً فشيئاً كذلك! ولعلّ هذا الاستطراد يقودني إلى تسجيل ملحوظة أخرى فيما يتعلق بالعلاقة بين تذوّق الغناء والموسيقى وتذوّق القرآن: مع تذوّق القرآن أنت تعيش في قلب واقعك، تواجهُ مسؤولياتك الفردية والاجتماعية والإنسانية! وتعيش مع النغمات القرآنية، وأنت في حال انسجامٍ وتفاعل مع الكون العريض! أمّا مع تذوّق الموسيقى فأنت تبقى داخلَ دائرة الوهم، تقودك النغمة الجميلة إلى نغمة جميلة، وتنتقل بك الموسيقا إلى موسيقا! بيد أنّي لا أُنكر العلاقة الوثيقة والعميقة بين تذوّق الغناء والموسيقا وتذوق نغمات القرآن! فمحلُّ التّلقِي في الحالتين هو القلب، وكلاهما (الموسيقى والقرآن) عبارةٌ عن أصواتٍ فائقة الانسجام، مع الاحتفاظ لكلٍّ منهما بمقامه! ومن هنا: فإنّ الانتقال من سماع الغناء إلى سماع القرآن، قد يكون ارتقاءً عبر مرقاة التّذوّق، في حالٍ يستجيش فيها الإنسان كلّ قوى الإبداع من فكرٍ وذكرٍ وعملٍ صالح! ثمّ: ماذا عن تجربتك مع السّماع والتّذوّق يا عمدة؟ ألم تطرب يوماً لأغنيةٍ؟ هذا وأستغفر الله العظيم ممَّا يكون قد بدر عني من خلل أو خطل أو زلل!
|
|
|
|
|
|
|
|
|