|
Re: صامولة تكتيكاته محلوجة . (Re: shaheen shaheen)
|
الصامولة الاولى
10 ش م ع أ من القسم السياسى الى الادارة العليا سرى للغاية الله أكبر .. النصر لنا .. والعزة للسودان سقط فى قبضتنا .. بعد كل هذه الرحلة الطويلة , وبعد العذاب من اجل الوطن (راس نميرى مطلب شعبى) هذا هو الشعار الأخير الذى كتبه وسقط بعده فى قبضتنا , وكان لابد من ان يسقط , وهذه هى نهاية القصة لكننا يجب ان نحكى عن البدايات والتفاصيل فى القاء القبض دون أسهاب مُمل - أحتراماً لوقتكم الغالى - نقول اننا قد احكمنا الحصار سيدى , غريزتنا الأمنية وحاستنا السادسة هى التى قادتنا اليه , نصبناً له كمين مُحكم ببساطة شديدة لعبنا معه لعبة نفسية , وضعنا أنفسنا فى مكانه , على اى أساس يختار الحى الشعبى ؟ , نعتقد انه يختار الحى الذى تقل فيه الحركة بعد الساعة التاسعة مساءً , اذاً لماذا لا نخلق له حى شعبى هادئ ؟ , بمعنى ان نصنع له المسرح المناسب وكانت هناك ملاحظة هامة , هو يختار الاعمدة الأسمنتية النظيفة , فى كل كتابته كان يترك الاعمدة المتسخة بالكتابات الآخرى او المشوهة ببقايا اوراق (البوسترات) .. اذاً نحن أمام شخص يُحافظ على نظافة مدينته , يحترم ما يكتب , ويُقدر قيمة الشعار , طيب , لماذا لا نوفر له حى هادئ فيه أعمدة كهرباء اسمنتية نظيفة ؟ .. - طبقنا هنا حرفياً نظرية المصيدة وقطعة الجبن والفأر - كل الأحياء التى كتب فيها هى أحياء شعبية تسكنها الطبقات الوسطى , هو بهذا يُريد تحريك ذاكرة هذه الطبقة , اذاً هو شخص يتحرك بعيداً عن الأحياء البرجوازية الراقية - يبدو انه فاقد الأمل فى هذه الشريحة - هو لا يتحرك بتسلسل جغرافى ثابت , لديه حس أمنى ممتاز وعالى , بمعنى مثلاً انه لو كتب فى واحدة من أحياء (امدرمان) , فان المنطقة الآخرى تكون فى واحدة من مناطق (الخرطوم) الشرقية .. طيب الشعار الاخير كان فى أقصى جنوب (الخرطوم) فى منطقة (جبل الاولياء) , بهذا المنطق هو يعرف ان التواجد الأمنى سوف يتكثف فى هذه الرقعة الجغرافية من (ابو حمامة) حتى (طيبة الحسناب) , ليبتعد عن هذه المنطقة , لكن اين يتجه لكتابة الشعار الجديد فى دورته الشهرية الراتبة ؟ .. لو كنا مكانه لتوجهنا الى منطقة (الخرطوم بحرى) , والسبب ببساطة انه لم يستهدف هذه المنطقة من العاصمة المثلثة من قبل , لم يستهدف اى حى من احيائها التى تقطنها طبقة وسطى اعتزلت السياسة وتفرغت لأشياء أهم فى الدنيا الفانية , ورغم ذلك تعرف قيمة الشعارات التاريخية القديمة الجيدة الصياغة كل ما كان علينا عمله هو القيام بحملة نظافة فى (المزاد) و (الصافية) , هنا كان تجهيز الكمين , أعداد المصيدة وأنتظار (الفأر) فى صبر .. قمنا بتنظيف اى عمود بالماء والصابون , أصبحت أعمدة كهرباء لامعة أسعدت سكان هذه الأحياء وطالبوا بانشاء مراكز صحية أكثر , فى أستغلال بشع لاهتمامنا بهم فقط كان علينا توفير الهدواء – وهو عامل الجذب الثانى - .. أشاعة صغيرة عن (كلاب) ضخمة متوحشة تظهر فى أحياء (المزاد) و (الصافية) بعد السابعة مساءً , اخرجنا جثة طفل صغير من ثلاجة المشرحة , طفل دهسته شاحنة ضخمة , وجعلنا الصحف تكتب عن ان (الكلاب) مزقته فى المناطق المذكورة , ولاحباك السيناريو , اطلقنا عدد من (الكلاب) البوليسية الضخمة عند خروج المصلين من صلاة المغرب مما جعلهم لا يخرجون من المسجد الا عند الصباح , وزعنا ملابس مُمزقة ومُلوثة بالدماء فى بعض الشوراع , وهذا اعطى الانطباع ان أصحاب هذه الملابس قد تم التهامهم بالكامل أثناء الليل ولم يتبقى منهم سوى هذه الخرق نجحت الخطة لدرجة مذهلة , فمنذ الرابعة عصراً وخلال أسبوع كامل لم يتواجد بشكل علنى على الطرقات الا اعضاء هيئة الطوارئ يوم أمس الأربعاء فى تمام السادسة مساءً رصدناه , شاب اسمر اللون , طويل القامة , وسيم , يمشى بخطوات ثابتة , يرتدى حذاء رياضى مقاس 36 , يحمل على كتفه الايمن حقيبة صغيرة داكنة اللون , فى المحطة الأخيرة لموقف (المزاد بحرى) , شعرنا انه تردد فى البداية عندما وجد (الدار خلاء) , خلقنا على الفور حركة بشرية ضعيفة محدودة حتى نُبعد عنه الشك , تنكرنا فى أشكال وازياء متسولين وطلاب جامعة وعشاق مولهين وباحثين عن الخمور البلدية , نذهب ونمر من امامه , حتى ان خبير الخطوط الفنلندنى القى عليه التحية باللغة العربية الركيكة وقدم تفسير لعدم أتقانه للغة بانه طالب من افريقيا , من (بوركينا فاسو) تحديداً وجاء لدراسة اللغة العربية فى جامعة (افريقيا العالمية) لاحظنا نظرات الاندهاش فى عينيه وهو ينظر للاعمدة الأسمنتية النظيفة البراقة , أخذ يمشى حتى التاسعة مساءً فى شوارع (المزاد) , وفى هذا التوقيت فقط توقف امام احد الأعمدة , وتوقفت عندها قلوبنا جميعاً - كنا نراقب الموقف عن طريق مناظير الرؤية الليلية - , أمرنا الكومبارس بالابتعاد انزل الحقيبة من كتفه بكل رشاقة , فتحها , واخرج قطعة من الفحم النباتى , طويلة ومستديرة لها شكل قلم , مسح على ظهر العمود بكف يده بحنان غريب , ثم انطلق يكتب الكلمة الاولى (راس) , توقف عن الكتابة , وتوقفت قلوبنا للمرة الثانية , ما الذى يحدث ؟ اخرج هاتفه المحمول , جعله فى وضع (صامت) - مثل أى موظف يحترم عمله - , وواصل الكتابة بخطه الجميل المعروف لدينا مثل جوع بطوننا (راس نميرى مطلب شعبى) يا الله يا سيدى .. يا الله دقة غريبة , وسرعة , وانضباط عجيب , فقط اى عمود يستغرق منه 50 ثانية بالتمام والكمال , لا أكثر ولا اقل , 50 ثانية فقط ! , فى داخله ساعة بيولوجية مدهشة قادرة على ضبط الزمن تركناه يكتب , فى العمود الاول , الثانى , الثالث , الرابع .. عند العاشر كانت ساعة الصفر , سطعت اضواء الكشافات القوية , وتمركز (القناصة) فى مواقعهم , واندلع مُكبر الصوت يهُز ليل (المزاد بحرى) - سلم نفسك يا مواطن , اى محاولة للهروب ح نضرب فى المليان . تخيل حتى انه لم يلتفت لنا , واصل الكتابة بثبات غير أنسانى او طبيعى على العمود العاشر , فقط كان كل ما قاله - دقيقة واحدة بس يا شباب انتهى من العمود ده , وبعد داك أسلم نفسى . وقد كان , رفع يديها بعدها والتفت نحونا .. يا الله كم هو وسيم , وكم هو صغير السن , ربما فى بدايات عشرينيات عمره , تحرك فى اتجاهنا وهو يهتف فى قوة واصرار - مليون شهيد لعهد جديد . فشلت كل محاولات الأستجواب , كلها فشلت , قال انه يطلب اوراق و (قلم رصاص) , فقط لا غير , قال أنه لن يتكلم باى حرف مهما حدث له من تعذيب او تهديد , لن يُفصح حتى عن أسمه , فقط اوراق و (قلم رصاص) واضاف اليهم (أستيكة) , عندها فقط سيكتب قصته كاملة نفذنا طلبه , وضعناه فى حجرة صغيرة عليها حراسة مُشددة وبها طاولة ومصباح أنارة , وننتظر منذ الثانية عشر مساءً حتى الان ان ينتهى , حيث ان اى محاولة منا لأستعجاله تنتهى بان يتوقف عن الكتابة ويبدأ فى الهتاف بشكل مُزعج - مليون شهيد لعهد جديد . سوف نوافيكم بالاوراق الخاصة به فور الانتهاء منها الله أكبر الله أكبر وعاش شعبنا السودانى البطل . (انتهى التقرير)
شاهين
|
|
|
|
|
|