|
Re: (قصّة موسى والعبد الصالح)(الحقيقة والأوهام) (Re: صلاح عباس فقير)
|
الدّرس الأساسيُّ في قصّة موسى والخضر
لقد مررنا مع موسى عليه السلام، في حضرة العبد الصَّالح، بثلاثة أحداث: الحدث الأول: خرق السّفينة الّتي أقلّتهما إلى حيث يُريدان، بدون سببٍ (ظاهر)! الحدث الثاني: قتل غلامٍ حدثٍ لم يبلغ الحلم! بدون ذنبٍ (ظاهر)! الحدث الثَّالث: إقامة الجدار بلا مقابلٍ (ظاهر)! ونحن مع موسى عليه السلام، لا نملك إلا أن نستنكر هذه الأفعال، وذلك بحسب منطق السّببيّة، في أبعاده العلمية والشّرعيّة، وبحسب مقتضى العدل والرّحمة! والعبد الصالح لما أزاح ستار الغموض عن هذه الأحداث، لم يدَّعِ أنّه قد هتك حجاب السببيَّة، ولا أنه قد خالف مقتضى العدل والرَّحمة! فقط كان عنده علمٌ غيبيٌّ بما وراء تلكم الحقائق الظاهرة، وكان مكلّفاً بأن يتصرّف بحسب ذلك العلم. فخرقُ السّفينة كان إضراراً بها، ولكن من أجل اتّقاء ضررٍ أكبر (غير ظاهر). وذلك الغلام، "قد كُشف سترُ الغيب عن حقيقته للعبد الصالح، فإذا هو في طبيعته كافرٌ طاغٍ، تكمن في نفسه بذورُ الكفر والطغيان، وتزيد على الزمن بروزاً وتحقُّقاً، فلو عاشَ لأرهق والديه المؤمنين بكفره وطغيانه" (1). والجدار كان ستاراً لحقيقةٍ، أبصرها العبد الصالح من وراء ستر الغيب! ففي كلّ موقفٍ من المواقف الثلاثة، يكشف العبد الصالح عن حكمة الله العليا المستترة، خلف دائرة القضاء والقدر، والتي لو اطّلع عليها أهل السَّفينة، ووالدا الغلام المقتول؛ للهَجوا بشكر الله عزّ وجلَّ على جزيل نعمائه وخَفيِّ لطفه، ولو اطّلع عليها اليتيمان عند كبرهما؛ لرأيا عناية الله المباشرة بهما وهما غلامان يتيمان لا قبل لهما بحفظ مصالحهما! ثمّ يختم العبد الصالح درسه بخلاصةٍ دالّةٍ عليه، فيقول: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} "أي: هذا الذي فعلتُه في هذه الأحوال الثَّلاثة، إنما هو من رحمة الله بمن ذكرنا من أصحاب السَّفينة، ووالدَي الغلام، وولدي الرجل الصالح" (2) ثمّ يؤكد في شأن هذه المواقف الثلاثة حقيقةً كبيرةً: {وما فعلتُهُ عن أمري}! أي: إنّما كنت ممثّلاً للحكمة الإلهية العليا! (1) في ظلال القرآن: 5/ 74. (2) تفسير ابن كثير: 5/ 187. تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع تابع
|
|
|
|
|
|
|
|
|