اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 09:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-01-2011, 08:10 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37143

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية (Re: adil amin)

    حق تقرير جنوب السودان واستفتاء 2011م

    توطئة:
    أن الاستفتاء المزمع انعقاده في 9 يناير 2011م، سيقرر مصير الجنوب بين الوحدة والانفصال.. إلخ، بينما الاستفتاء سيجري لتقرير مصير السودان كله بأيدي بعض المواطنين السودانيين في الجنوب، دون غيرهم من مواطني الجنوب ومن باقي مواطني السودان؛ إذ السودان سينقسم دولة وجغرافيا ومجتمعاً، ولأن هذا الفصل للجنوب سيكون بمثابة المفجر البادىء لحالة انفجار شاملة للمجتمع والدولة السودانية، وسيكون بداية لأعمال تفجير مشابهة في إفريقيا وفي الدول الإسلامية الأخرى.
    يتقرر مصير جنوب السودان، وكأنه محتل ومستعمَر من بلد آخر، تنطبق عليه قواعد حق تقرير المصير التي استقرت خلال المرحلة التالية للحرب العالمية الثانية بشأن الدول المستعمَرة، بينما الجنوب ليس إلا جزءاً من «دولة» مرَّ على استقلالها موحَّدة ومنضـوية تحت راية الأمم المتحـدة ما يزيد على نصف قرن.
    هكذا يظهر تقرير المصير هذا وكأنه يجري في فراغ، وليس فعلاً انفصالياً وتقسيماً لدولة ومجتمع متكامل، لن تتأثر جراءه أوضاع الجنوب فحَسب؛ بل ستتغير من خلاله أحوال السودان في الأعم الأغلب؛ ذلك أن انفصال الجنوب ليس فعلاً ينتج عنه تأسيس دولة جديدة، بل هو طلقة البداية، لإطلاق عملية تفكيك للسودان كله، وقد ظهرت أُولَى المؤشرات بالفعل من خلال المطالبة بجعله حقاً ينطبق على بقية أقاليم السودان؛ إذ أعلنت حركة العدل والمساواة الانفصالية في دارفور، عن بدء سعيها لنيل حق تقرير المصير لكلٍّ من إقليمي (دارفور وكردفان)، وهو ما يعني نهاية السودان الحالي فعلياً.
    و كلمات الرئيس التشادي (إدريس دبي) بأن انفصال جنوب السودان سيكون بمثابة كارثة لكل إفريقيا، مجرد كلمات مجاملة للرافضين للانفصال، بل هي وصفٌ لمخاطر هذا التقسيم للسودان على قارة تعيش حالة واسعة من التفكك في مجتمعاتها وتعاني دولها من ضعف المشروعية وضعف القدرات على الحفاظ على تماسك المجتمعات واستقرارها.
    وعلى الجانب العربي والإسلامي يبدو واضحاً أن فعل تقسيم السودان سيكون السابقة التي ينتظرها كثير من الانفصاليين في الدول العربية والإسلامية؛ إذ قطع مخطط تقسيم وتفكيك كثير من الدول والمجتمعات شوطاً كبيراً بالفعل.
    والسؤال المطروح : هل الحكومة السودانية والشعب السوداني، سيقبلان إتمام المخطط المرسوم للسودان بالتقسيم والتبدد أم أن اتضاح المخاطر على نحو لا يقبل الجدل، صار دافعاً للأخذ بخطط أخرى لمواجهة هذا الخطر؟ وكيف سيتحرك السودان في مواجهة تركيز الضغوط المكثفة عليه في الفترة الراهنة لإنجاز هدف تفتيته؟ وما هي الخيارات المتاحة للخروج من المأزق؟
    أولاً: إن المرحلة التي يمر بها السودان مرحلة خيار مصيري. والخيار المصيري هو ذاك الوضع الذي تواجه فيه دولة أو مجتمع تحدياً أو تحديات يترتب على طريقة التعامل معها حدوث تغييرات في هوية المجتمع والدولة والحدود الجغرافية ومناطق السيادة الأساسية... إلخ. وفي مثل تلك الحال تتعلق النتائج بطبيعة الاستجابة لهذا التحدي؛ فهناك دول ومجتمعات قررت الرفض والمواجهة وانتصرت على التحدي، وهناك دول ومجتمعات أخرى قابلته بالضعف والتردد، فتحولت من حال موحدة إلى حالٍ أخرى.
    فمثلاً لقد واجهت الولايات المتحدة تحدي انقسامها بين شمالٍ وجنوبٍ في بداية تشكُّلها، ونجحت عبر الحرب الأهلية في توحيد ولاياتها والقضاء على المحاولة الانفصالية. والشعب الفلسطيني كذلك واجه تحدي تغيير الهوية والاستيلاء على أرضه وطرد السكان واختار المقاومة، وهو لا يزال على مدار قرن من الزمان يرفض الاستسلام للتحدي المفروض عليه؛ وذلك على الرغم من نجاح القوى الغربية في إجلاء بعضٍ من السكان وتغيير هوية مساحة كبيرة من فلسطين وإعلان دولة الصهاينة.
    وهكذا الحال في أفغانستان والعراق؛ إذ يواصل الشعبان (الأفغاني والعراقي) تحديَ الاحتلال الذي فُرِض على بلديهما عبر الغزو الأمريكي المباشر.
    وفي مقابل ذلك فإن ثمة مجتمعات أخرى واجهت تحديات مشابهة بالاستكانة والخنوع وعدم مواجهة الخطر فانتهت وتغيرت أوضاعها، كما هو حال حضارة الهنود الحمر، وكذلك عملية تقسيم إندونيسيا بظهور دولة (تيمور الشرقية) النصرانية داخل جغرافيتها ومجتمعها، وإثيوبيا التي تحقَّق تقسيمُها بظهور دولة إريتريا... إلخ.
    والآن يدخل السودان حالة من حالات الخيارات المصيرية؛ فإذا قَبِل التحدي المفروض عليه انتهى إلى وضع آخر، وإذا واجه التحدي يكون قد حسم خياره، وعاد إلى حالة المواجهة. ففي مواجهة التحدي المصيري يكون عامل الإرادة هو العامل المحدِّد لتطورات الأحداث؛ فماذا لو رفض السودان هذا التحدي؟
    ثانياً: في الوضع الراهن يبدو المجتمع والدولة السودانية في وضع حرج؛ إذ يبدو أن السودان مقيَّد بضرورة إنفاذ اتفاق نيفاشا الذي تعهد نظام الحكم بمقتضاه بإعطاء الجنوبيين حق تقرير المصير، وهو يدرك أن عدم إنفاذ الاتفاق سيجلب عليه ضغوطاً أشد مما يعانيه، وقد يصل الأمر حدّاً أكثر من اشتعال الحرب الأهلية؛ إذ ثمة سيناريوهات تتحدث عن احتمال إعلان الجنوب انفصالَه من طرف واحد بالاستفتاء أو غيره، وطَلَبِ دعم عسكري من عدة دول وهو ما قد ينجم عنه تعرُّض السودان إلى هجوم عسكري أمريكي بريطاني صهيوني، بشكل غير مباشر على رأي بعض المحللين ومباشر عند بعضهم الآخر.
    وفي الجانب الآخر، فإن مخاطر انفصال الجنوب وإنفاذ الاتفاقية باتت تظهر على نحو مجسَّد، وهو ما ذهب بكل الحجج والمبررات التي جرى تداولها كثيراً خلال مرحلة إقرار اتفاق نيفاشا كأساس لقبول تقسيم السودان. وكان ثمة تصـور أن توقيع الاتفاق سيوقف الضغوط الغربية على السودان، لكن ما حصل أنها تكثفت؛ إذ لم تكتفِ الولايات المتحدة باستمرار حصارها السياسي والاقتصادي للسودان، ولا باستمرار إدراجه على قائمة الدول الراعية للإرهاب، بل دفعت المحكمةَ الجنائية الدولية عبر مجلس الأمن الدولي، لتشويه سمعة الرئيس السوداني عمر البشير ومطاردته باتهامات الإبادة والتطهير العرقي. وكان متصوراً أنَّ توقيع هذا الاتفاق سيمنح السودان (مجتمعاً ودولة) مدة خمس سنوات من الهدوء والاستقرار، لكن تحركت الشياطين الأمريكية والصهيونية والغربية وحركة الجنوب الانفصالية لتفتح معركة في إقليم دارفور بهدف إنهاك المجتمع والدولة وإدارتهما بأزمة أشد خطراً حتى يأتي موعد انفصال الجنوب، فتكون في حالة من الضعف والاستسلام. وكان متصوراً أن طمأنة الجنوبيين إلى مستقبلهم وإدماجهم في الحكم وإعطائهم نصيباً من الثروة النفطية أكبر من وزن الجنوب السكاني، قد يوقف دورهم التخريبي في الحياة السياسية، فحدث العكس وصاروا ناصرين في كل مواقفهم وتحركاتهم للغرب وضغوطه ومؤامراته على السودان من جهة، وداعمين لكل الحركات الانفصالية والتفتيتية في عموم السودان. وكان ثمة تقدير بأن مدة السنوات الخمس كافية لتغيير التوجهات الانفصالية بين النخب الجنوبية فظهر العكس؛ إذ صار الشغل الشاغل لتلك النخب هو تعميق حالة الانفصال على الصعيدين (الرسمي والشعبي) وكسب أنصار جدد لها في الإقليم وعلى الصعيد الدولي. وكان ثمة رؤية أن الأمور إذا وصلت حدَّ الاستفتاء والانفصال، فإن الشمال سيكسب الراحة والبناء المستقر، في ما بقي من جغرافيةِ السودان ومجتمعِه، فتأكد الآن أن الانفصال سيأتي بدولة معادية على الحدود، تماثل الكيان الصهيوني في دوره وأهدافه؛ سواء في المذابح التي ستجري للمسلمين في الجنوب أو في الدور التفكيكي للسودان الباقي.
    وفي الوضع الإقليمي لم يكن التأثير الأمريكي قوياً فقط في ضغطه على قرارات دول الإقليم، بل كان الوضع الإقليمي نفسه في حالة تعبئة ضد الحكم في السودان؛ إذ كانت العلاقات السودانية مع مختلف الدول في وضع كان الأسوأ فعلياً.
    أما الأوضاع الداخلية السودانية، فكانت في وضع الخطر، بسبب انتقالية الحكم في السودان بعد انشقاق الحركة الإسلامية الحاكمة وخروج الترابي من الحكم وتشكيله حزب المؤتمر الشعبي المعارض لحزب المؤتمر الوطني الذي مثَّل الحكم في الحركة السياسية. وكذا لأن أطراف المعادلة السياسية في مركز الحكم (أو الأحزاب الشمالية حسب وصف كثير من المحللين) كانت في بداية العودة لمباشرة حقوقها السياسية بعد مرحلة كانت قد تحالفت فيها مع حركة التمرد الانفصالية في الجنوب. وعلى الصعيد الاقتصادي والتنموي كان السودان في بداية الخروج من حالة الارتباك الاقتصادي التي كان يعيشها بفعل الحصار الدولي عليه، إلى حالة التنمية، استناداً إلى عائدات البترول.
    في ظل تلك المعطيات، قَبِل الحكم في السودان التوقيع على اتفاقية نيفاشا، وَفْقَ آمالٍ تبددت جميعها بفعل استمرار الضغط الأمريكي والغربي، وعمق الفكرة الانفصالية داخل النخب الجنوبية، وحالة الاضطراب في داخل مركز الدولة.
    لقد تغير الوضع الآن لمصلحة السودان، إذا قارناه بما كان عليه وقت توقيع اتفاقية نيفاشا؛ فالولايات المتحدة والغرب لم تعد لهم درجة الهيمنة ذاتها علــى القــرار الــدولي - على الأقل - بسبب الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الغربي، كما أن الولايات المتحدة قد تعمقت حالة تدهورِ أوضاعها السياسية والعسكرية بسبب تورطها في حربَي أفغانستان والعراق، وفي عشرات الأزمات المتفاعلة في المنطقة والعالم، ومعظمها صراعات تهدد باندلاع حروب. كما أن دولاً أخرى ظهرت بتأثيرها على ساحة القرار الدولي، وهو ما يضعف القدرة الأمريكية والغربية والصهيونية عن حالة التصرف الانفرادي السابقة.
    أما في الوضع الإقليمي، فقد تغيرت أوضاع الحكم في السودان ولم يعد على حالة الحصار السابقة؛ فإريتريا تغيرت مواقفها من السودان وانقلبت من عداءٍ للحكم في السودان إلى موقف الداعم، وإثيوبيا في حالة اشتباك في الصومال وفي الداخل ومع إريتريا، وكذا أوغندا باتت تشعر بتهديد بعد التفجيرات في داخلها، وتشاد صارت حليفاً للسودان بفعل تبادل طرد الحركات المتمردة من كِلا البلدين وكان كلاهما مصدر تعزيز لحركات التمرد ضد الآخر. والعلاقات المصرية مختلفة عن أوضاع ما بعد محاولة اغتيال الرئيس مبارك في العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا).
    وأما على الصعيد الداخلي في السودان فقد تغيرت الأوضاع الاقتصادية خلال السنوات الخمس وتحسنت أوضاع تسليح الجيش السوداني بعد دخول السودان مجال إنتاج الأسلحه. والأوضاع في دارفور تغيرت على الأرض فعلياً لمصلحة الحكم في السودان، بسبب قطع الدعم التشادي عن المتمردين وطردهم من الأراضي التشادية، ولإجراء انتخابات تشريعية عينت ممثلين لأهالي دارفور في مؤسسات الحكومة، وهو ما نزع الشرعية عن حركات التمرد، وبسبب توقيع بعض الاتفاقيات مع بعض الحركات أيضاً، وهو ما أدى إلى عزل الأخريات وأضعف نفوذها ودورها. والأهم من ذلك أن الوضع الشعبي صار رافضاً بشكل كبير لقضية التقسيم، وتفكيك السودان، ويشعر بالخطر الجدي على مستقبل السودان.
    لقد تغير كثير من المعطيات التي فرضت التوقيع على اتفاقية نيفاشا، وإن كان طرف الحركة الشعبية الانفصالية قد حصل بالمقابل على دعم تسليحي بفعل موارد النفط، كما حققت الانتخابات لها شرعية في الحكم وتمثيلَ مواطني الجنوب، إلا أن الأوضاع في الجنوب شهدت تنامياً في حالات الصراع القبلي والسياسي ضد هذه الحركة، وصلت حدَّ الأعمال العسكرية على نحو مؤثر.
    والقصد أن ثمة ضرورة لخطة تحرُّك عاجلٍ، ينتقل بالسودان من الموقف الدفاعي الذي ساد لمرحلة طويلة مضت إلى الموقف الهجومي؛ فلم يعد هناك وقت.
    شتان ما بين الاهتمام الأميركي غير المسبوق بالقاطرة السودانية المسرعة نحو الانفصال والتقسيم، وبين الغياب العربي شبه الكامل عن أزمة ستكون لها تداعياتها الكبيرة على هذا البلد العربي الأفريقي وعلى المنطقة. فلا يكاد يمر يوم في الآونة الأخيرة من دون زيارة مسؤول أميركي إلى الخرطوم أو جوبا، أو صدور تصريح من واشنطن عن تطورات الأزمة السودانية. في مقابل ذلك، لا ترى سوى تحركات عربية محدودة، ومتأخرة بالطبع، تتمثل في تصريحات متفرقة، أو زيارات متباعدة، أو في بيانات إنشائية على غرار بيان القمة العربية الأخيرة. حتى مصر المعنية أكثر من غيرها بقضية الوحدة والانفصال في جنوب السودان، على الأقل بسبب قضية مياه النيل المرشحة لكثير من التعقيدات، لم تنشط بشكل كاف إلا في الوقت الضائع، ولم تستثمر بشكل قوي حقيقة كونها استضافت أعدادا هائلة من اللاجئين من جنوب السودان.
    ولم تتحرك واشنطن نحو تأييد الانفصال إلا بعد أن قطع السودانيون أنفسهم شوطا بعيدا في هذا الاتجاه. فمنذ تسعينات القرن الماضي وقعت حكومة البشير اتفاقا مع قادة جنوبيين لتشجيع انشقاقهم عن قرنق، أعطت فيه أول موافقة على حق تقرير المصير للجنوب. بعدها تعاقبت الأحزاب المعارضة في توقيع اتفاقات مع «الحركة الشعبية» وافقت فيها أيضا على حق تقرير المصير الذي أصبح لاحقا نقطة الارتكاز لدعاة الانفصال، الذين رأوا أيضا في رفع الحكومة لشعار «الجهاد» في حربها بالجنوب عاملا آخر لتشجيع ميلهم للابتعاد عن الشمال. من هنا، لا بد من الإقرار بأن توجه الجنوب نحو الانفصال في استفتاء يناير (كانون الثاني) المقبل، هو ترجمة لعجز النخب السياسية السودانية عن تحقيق مفهوم المواطنة وبناء هوية الدولة الحديثة، وحل أزمة لازمت البلد منذ استقلاله. فغالبية الجنوبيين ما زالوا يشعرون أنهم عاشوا مواطنين من الدرجة الثانية، وأن الشمال تعامل معهم دائما بفوقية، إن لم يكن بطريقة عنصرية. وهذه مسألة لا بد فيها من مواجهة ومحاسبة الذات، بدلا من الهروب من الواقع بحثا عن شماعة أميركية أو بريطانية.
    لقد أضاعت الحكومة السودانية الحالية فرصة أخيرة لإنقاذ الوحدة، لأنها لم تستثمر السنوات الخمس الماضية منذ توقيع اتفاقية السلام لجعل الوحدة خيارا جاذبا، بل إنها من خلال المماحكات جعلت الأمور تأخذ المنحى الذي سيجعل نتيجة الاستفتاء المقبل هي الانفصال. صحيح أن هناك ضغوطا خارجية الآن على الحكومة لكي يجري استفتاء تقرير المصير في موعده المقرر في التاسع من يناير المقبل، لكن هذه الضغوط هي محاولة لمنع الأمور من الانزلاق نحو الحرب التي يلوح بها الجنوبيون إذا منعوا من الاستفتاء، وتلمح إليها الحكومة إن لم يتم حسم القضايا الخلافية خصوصا في ما يتعلق بمنطقة أبيي، وترسيم الحدود، والنفط، والمياه. المشكلة أن إجراء الاستفتاء من دون حل القضايا الخلافية سيكون أسوأ السيناريوهات، لأنه سيترك بؤرا قابلة للاشتعال في أية لحظة، بين طرفين تسلحا جيدا لمثل هذا الاحتمال، وقد تجر حرب جديدة بينهما أطرافا إقليمية أخرى. وربما يفسر هذا الأمر كلام المسؤولين الأميركيين أن أوباما يتلقى الآن تقريرا يوميا عن تطورات الوضع السوداني.
    إن الفرصة الوحيدة لإبعاد شبح الحرب ليست في إجراء استفتاء يبقي المشكلات معلقة، بل في تركيز الجهود الداخلية والخارجية على إيجاد حلول للمشكلات المتبقية قبل حلول لحظة الطلاق. فهل نرى تحركا عربيا، أم نترك الملف كله للتحركات الغربية والوساطات الأفريقية؟
    العرب دائما يبكون على غياب دورهم في ملفات إقليمية حساسة وخطيرة على الأمن العربي، من العراق إلى الصومال مرورا بمحطات أخرى عديدة، فهل يتحركون بجدية قبل فوات الأوان في السودان، على أساس أن لهم مصلحة استراتيجية في منع حرب أهلية جديدة بين الشمال والجنوب، أم يبقون متفرجين في انتظار أن تنتقل النيران إلى مناطق أخرى؟

    أولا : حق تقرير المصير قبل عهد الإنقاذ:
    بدأ السودان مسيرته بعد حصوله على الاستقلال فى الأول من يناير 1956، كدولة موحدة سمحت بتوزيع محدود للسلطة التى تم نقلها بموجب قانون الحكم المحلى الى وحدات إدارية ( مجالس محلية) لتمارسها فى ظل حكومة مركزية لها السيادة المطلقة على الأرض والمواطنين. وبالنظر إلى خصوصية وضع الجنوب، وما تعرض له من عزله إبان الحكم البريطانى، طالب الجنوبيون قبل إعلان الاستقلال بالحكم الفيدرالى، والذى وعدوا بأن يتم النظر فيه عند وضع الدستور الدائم للسودان، الا أن اللجنة القومية للدستور التى مارست عملها فى الفترة 1956- 1958، رفضت مطلب " الحكم الفيدرالى" ، وتعللت بتخوفها من أن يشكل ذلك المطلب خطوة نحو انفصال الجنوب عن الشمال.
    وفى مؤتمر المائدة المستديرة الذى عقد فى 16مايو1965، فى أعقاب ثورة أكتوبر 1964، لمناقشة قضية توزيع السلطة فى السودان، وشاركت فيه كل الأحزاب السودانية، لم يتمكن المجتمعون من الوصول الى صيغة محدده يتم بناء عليها صياغة العلاقة الدستورية بين المركز والولايات، لذلك تم تكوين اللجنة التى عرفت بلجنة الأثنى عشر، ومراعاة لأهمية وخصوصية قضية الجنوب، تم تشكيل تلك اللجنة من عدد متساو من الشماليين والجنوبيين (6 أعضاء لكل طرف) .
    استبعد تقرير اللجنة الذى أعلن فى مارس 1966، خيارى الانفصال والكونفدرالية، وأوصى بالأخذ بمبدأ الحكم الأقليمى،وفى الحقيقة فإن توصيات هذه اللجنة شكلت الأسس الرئيسية التى بنيت عليها اتفاقية أديس أبابا عام 1972، التى وضعت حدا للحرب الأهلية التى كانت قد اندلعت منذ عام 1955، ومنحت الاتفاقية الإقليم الجنوبى حكما ذاتيا واسع الصلاحيات، الأمر الذى خلق استقرار نسبيا فى الجنوب وساهم فى إعادة بناء جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد، الا أن الحرب الأهلية اندلعت من جديد فى مايو 1983، بعد قرار الرئيس نميرى بتقسيم الإقليم الجنوبى إلى ثلاثة أقاليم، ثم بدأت الحرب تكتسب أبعاداً إضافية تعمقت مع مرور الوقت بعد إعلان نميرى تطبيق الشريعة الإسلامية فى السودان فى سبتمبر 1983، وهو ما عرف " بقوانين سبتمبر " وهكذا فإن التمرد أو بدء الحرب الأهلية مرة ثانية، كان سابقا على " قوانين سبتمبر" ، إلا أن هذه الأخيرة ألقت وقودا إضافياً على الحرب، حيث أصبحت هذه القوانين التى تطورت فى عهد نظام الإنقاذ الى ما عرف باسم " المشروع الحضارى" تلعب دورا محورياً وجوهرياً فى تشكيل تفاعلات مشكلة الجنوب ومساراتها، ومواقف القوى السياسية منها، كما أدت الى فشل كل المحاولات والاتفاقات المختلفة للوصول إلى حلول بشأنها فى عهد الديمقراطية الثانية 1985-1989، وكانت أيضا المحرك الأساسى لوقوع انقلاب 30 يونيو 1989 والذى وصل بمقتضاه نظام الإنقاذ الحالى الى الحكم، لاستباق الموافقة على اتفاقية الميرغنى – قرنق، التى وقعت فى نوفمبر 1988، والتى كان مفترضا أن يتم إقرارها فى 4 يوليو 1989، وكانت هذه الاتفاقية قد نصت فى أهم بنودها على تجميد قوانين سبتمبر، وعقد مؤتمر دستورى شامل فى 18 سبتمبر 1989، لوضع صيغة سياسية ودستورية جديدة لحكم السودان.
    وتجدر الإشارة هنا إلى أن حق تقرير المصير لم يكن جزءا من اتفاق كوكا دام بين الحركة الشعبية والتجمع الحزبى النقابى كما أنه لم يطرح فى اتفاق الميرغنى / قرنق ، وكانت الفكرة الأساسية فى ذلك الوقت هى محاولة الاصطلاح والتوافق على نموذج جديد لحكم السودان من خلال مؤتمر قومى دستورى يتم عقده بعد استيفاء مجموعة من الشروط تتلخص فى تجميد قوانين سبتمبر، وإلغاء كل الاتفاقيات العسكرية بين السودان والأقطار الأخرى، بالإضافة الى رفع حالة الطوارئ والاتفاق على وقف إطلاق النار.
                  

العنوان الكاتب Date
اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-01-11, 08:08 AM
  Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-01-11, 08:10 AM
    Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-01-11, 08:11 AM
      Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-01-11, 08:12 AM
        Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-01-11, 08:13 AM
          Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-01-11, 08:17 AM
            Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 10:52 AM
              Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 10:54 AM
                Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 10:59 AM
                  Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:05 AM
                    Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:07 AM
                      Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:10 AM
                        Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:13 AM
                          Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:15 AM
                            Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:16 AM
                              Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:18 AM
                                Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:20 AM
                                  Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:23 AM
                                    Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:24 AM
                                      Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:26 AM
                                        Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:28 AM
                                          Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:30 AM
                                            Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:32 AM
                                              Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:34 AM
                                                Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:37 AM
                                                  Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-04-11, 11:43 AM
                                                    Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-05-11, 11:19 AM
                                                      Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-05-11, 11:24 AM
                                                        Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-06-11, 03:47 PM
                                                          Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-06-11, 03:51 PM
                                                            Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-06-11, 03:58 PM
                                                              Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-06-11, 04:06 PM
                                                                Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-12-11, 12:29 PM
                                                                  Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin01-18-11, 01:42 PM
                                                                    Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin02-01-11, 08:28 AM
                                                                      Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin02-15-11, 09:49 AM
                                                                        Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى الختمية adil amin02-15-11, 09:52 AM
                                                                          Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-02-11, 08:34 AM
                                                                            Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-02-11, 08:48 AM
                                                                              Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-03-11, 08:26 AM
                                                                                Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-03-11, 08:42 AM
                                                                                  Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-04-11, 08:55 AM
                                                                                    Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-09-11, 09:59 AM
                                                                                      Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-24-11, 10:29 AM
                                                                                        Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin07-31-11, 10:55 AM
                                                                                          Re: اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان يناير 2011 ....صنعاء/منتدى adil amin08-10-11, 12:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de