الترابي يعتزل السياسة!

Quote: في الاسبوعين الماضيين رأينا التحول الديمقراطى يسعى على قدميه من العمارات الى نمرة 2 الى منتزه المقرن العائلى. شهدت خلال هذه الفترة ثلاثة موتمرات . الأول يخص الحزب الحاكم والثانى للحزب الشيوعى (صحفى) والأخير للمؤتمر الشعبى. هكذا تتنفس الساحة السياسية هواءً نقياً وتعود اليها عافيتها وحيويتها. ومن هذه الزاوية نرى التحول الديمقراطى يسعى بيننا عياناً بياناً، ولكنكم لاتصدقون . فى مؤتمر الشورى الذى عقده حزب المؤتمر الشعبى يوم الاربعاء الماضى، جلست مع ثلة من الصحفيين نراقب انطلاقة فعاليات المؤتمر . بدأ المؤتمر بخطاب فى غاية الشفافية للدكتور الترابى. حرصت ان اجلس فى الصف الأول وبدأت اجول ببصرى فى ارجاء القاعة البائسة التى جرى فيها المؤتمر. امتلأت القاعة عن آخرها بالمؤتمرين الذين جاءوا من اصقاع شتى . كان دكتور الترابى يتحدث بصوت مرهق حتى خفت عليه من قراءة اكثر من اربعين صفحة متتالية . لماذا تتعبون الشيخ بهذا الخطاب المتطاول، الم يك من الأوفق ان يقوم احد الشباب بهذه القراءه المنهكة؟ . تابعت التجول ولاحظت ان شيوخ الحركة الاسلامية ( سابقا) الذين آثروا ان يلتحقوا بحزب الشيخ احتلوا المقاعد الامامية . عثمان عبد الوهاب ،ابراهيم السنوسى ، ياسين عمر الامام، عبد الله حسن احمد ، بدر الدين طه . بينما جلس على المنصة عبد الله دينق وابرهيم يوسف هبانى . رأيت ايضا بشير ادم رحمة ، هؤلاء هم كل من عرفتهم من غير الصحفيين المنتمين للمؤتمر الشعبى . يالهذا الزمان ؟ اين تللك الآلاف من الكوادر التى رباهاالشيخ عبر اربعين عاما ؟ صحيح انهم اختلفوا معه وتفرقت بهم السبل، ولكن فى مثل هذا اليوم والشيخ فى مثل هذا العمر ما احوجه ان يرى تلاميذه فى الصفوف الامامية لمجرد المجاملة !!!! اين هم وما منعهم ؟. من المؤكد ان السلطة لم تصدر امراً بأن يقاطع كل من انحاز اليها ( شيخه) . الحقيقة ان حالة من الأسى انتابتنى ، وتذكرت اياما خوالىَ حينما كنا نصوب نقدنا للشيخ، فتهب علينا عاصفة (شتائمهم) وكأنا كفرنا، يتحلقون حوله كالدراويش المريدين حتى اصبح الشيخ بالنسبة لنا منطقة ممنوعة الاقتراب والتصوير. فى مثل هذه الاوقات، لايحتاج الشيخ من هذه الدنيا الزائلة التى ملأها طولاً وعرضاً الا لمحة وفاء ممن علمهم ورباهم واحبهم واحبوه، قبل ان ينكسر مرق هذا الحركة ويذهب كل الى غايته. بعد انتهاء الخطاب ذهبت لاصافح دكتور الترابى، وقلت له لقد ارهقوك . فقال ماذا افعل هم رأوا ذلك!!!. سألنى عن رأيي فى الخطاب ؟ قلت لقد كان شفافا . قال رأينا ان نخاطب الناس بالحق . ثم مضى يشكو من ممارسات كثيرة للسلطة تجاه حزبه . فابتسمت وقلت له ياشيخنا انت من علمهم نظم القوافى !!! . قال لا، لقد فتنوا !! قلت لا اوافق على هذا، ليس ممكنا ان يكون الآلاف من اعضاء الحركة قد فتنوا بالسلطة، من الأوفق ان نقول الرؤى اختلفت وهذه ليست المرة الأولى فى التاريخ التى يختلف فيها صحابة اورفاق اواخوان فى الله .. هى الدنيا . فى خارج قاعة المؤتمر قلت للشيخ هل تقبل ترشيحا لرئاسة الحزب مرة اخرى . قال سأوافق مؤقتا حتى يقبل الناس فكرة ابتعادى تدريجيا. لم ترق لى الفكرة ولكن تلك خياراته. اعود الآن للمؤتمر نفسه . الخطاب الذى ارهقنا وارهق دكتور الترابى كان تقريرا عن الاداء فى الفترة السابقة . بالفعل كان خطابا شفافا، سرد فيه د. الترابى كل اشكالات العمل خلال الفترة السابقة . أعجبتنى هذه الفكرة ، فكرة تقديم تقارير الاداء كما هى بدون ادعاء لانجازات هى محض وهم. الذى لم يعجبنى ان الخطاب ارجع كل اخفاق لعرقلة السلطة واستهدافها للمؤتمر، ولم يرَ المؤتمر تقصير كوادره او عجزها عن التصدى لمسؤوليتها، واعتمادها على رمزية الترابى الذى اذا حضر ، حضر الحزب، واذا غاب ، غاب الحزب . صحيح ان السلطة قد عرقلت واستهدفت المؤتمر الشعبى، والمؤتمر الشعبى استهدف السلطة وعكر دمها ومزاجها، فهما في المكايدات سواء. افضل ماقدمه المؤتمر تلك الرؤى الواضحة لكثير من القضايا التى تدور فى الساحة السياسية. اختلفت او اتفقت معها لاتملك الا ان تحترمها، واهم من هذا وذلك، اننا الآن نعرف اين يختلف الشعبى مع الوطنى مع الامة، وعلى ماذا يتصارعون وفيما هذه الضجة ؟ . لتكن السلطة هى الهدف، ولكن بدلا من الطريقة الديماجوجية التى كانت تتبعها الاحزاب مع اعضائها وناخبيها، وتسعى بها للوصول للسلطة، ها هى الآن تطرح رؤاها وهذا ما نحتفى به. الصحافة 4 ديسمبر 2005