|
Re: معركة بدر... ليست إسلامية خالصة! //غالب حسن الشابندر (Re: Sabri Elshareef)
|
إشكالية نقد الصحابة (رض) نقرأ في سيرة إبن أسحق (حدَّثني عبد الواحد بن أبي عون، عن سعد بن إبراهيم،عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي أُمية بن خلف، وأنا بينه وبين إبنه، آخذ بأيديهما: يا عبد الإله /، من الرجل منكم ا لمُعلم بريشة نعامة في صدره ؟ قال: قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل، قال عبد الرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي ــ وكان هو الذي يعذٍّب بلالاً بمكة على ترك الإسلام، فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حَميت، فيضجعه على ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد، فيقول بلال: أحد أحد ــ فلما رأه قال: رأس الكفر أُميَّة بن خلف، لا نجوت إن نجا، قال: قلت: أي بلال أبأسيريّ، قال: لا نجوتُ إنْ نجا. قال: قلتُ: أتسمع يابن السوداء، قال: لا نجوتُ إن نجا. قال: ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله، رأس الكفر أُمية بن خلف، لا نجوتُ إنْ نجى. قال: فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المُسكة، وأنا أذب عنه. قال: فأخلف رجل السيف، فضرب رجل إبنه فوقع، وصاح أُمية صيحة ما سمعت مثلها قط. قال: فقلتُ: أنج بنفسك، ولا نجاء بك فوالله ما أغني عنك شيئا. قال: فهبروهما بأسيافهم، حتى فرغوا منهما. قال: فكان عبد الرحمن يقول: رحم الله بلالا، ذهبت أدْراعي وفجعني بأسيريّ) / السيرة ص 373 / لقد كان أُمية بن خلف وأبنه غنائم بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف، غنائم جسديَّة، تدر عليه غنائم مادية ضخمة، ولم يكن مرتاحا لموقف بلال ليس من زاوية دينية بحتة، بل لأن موقف بلال سبب لعبد الرحمن بن عوف خسارة ماديِّة فادحة، فقد أفقده غنيمته، تلك الغنيمة ذات القيمة الكبيرة. ولكن لماذا لا نُخضِع موقف بلال هو الآخر إلى النظرة الدقيقة، فالرجل حال لقائه بأُميَّة هذا هاجت آلامه، لقد كان أُميَّة سيده، يعذِّبه عذابا شديدا، فهل تمضي تلك الذكريات بلا حساب ؟ حتى وإن كان بلال قد إمتلا إيمانا من أخمص قدميه إلى قمة رأسه ؟ من المستحيل تجريد النفس البشرية بهذه الطريقة الطهورية السماوية الخيالية. لقد كان بلال يقول (لا نجوتً إن نجا)، هل هي ذات العبارة تتكرر على لسان بلال لو لم يكن أمية الذي كان يطرحه على الرمل الحار، ويثقل صدره بتلك الصخرة الحارة الثقيلة ؟ لم تكن المقتلة بين قريش والمسلمين خالصة الهوية، فلم يكن (هم) ا قريش الأساسي القضاء على دين محمد وهي تجهز تلك الحملة الكبيرة، بل كان همها تحرير قافلتها في البداية ، ومن ثم تطورت إلى موقف جوهري، فإن محمد صلى الله عليه وآله وسلم في معركة بدر يكون رسم بداية خطرة بالنسبة لقريش، تهديد طريقها التجاري الحيوي إلى الشام، فإذا استطاعت قريش اليوم تحرير قافلتها، فمن يضمن لها أن محمداًلا يعيد الكرة، فيفسد عليها تجارتها إلى الأبد ؟ كان هناك سبب عميق يعتمل في تفكير صناديد قريش وقادتها الكبار، ذلك هو مصيرها التجاري، وتاليا، مصيرها برمته، ولم تكن ضربات المسلمين وإصرارهم على القتال بهذه البسالة والإندفاعة بعيدة عمّا لقوه من تعذيب وتشريد وتهجير وتحقير وتسليب على يد قريش، لم تكن المعركة بين توحيدٍ خالص وصنميَّةٍ خالصة، بل كانت بين قريش والمسلمين، والأفكار جزء من تكوين كل جماعة، ولكنها ليست هي كل الجماعة بطبيعة الحال. كان للماضي صداه، وللغريزة صداها، وللعقل صداه، وللشعور صداه، وللعقيدة صداها... وبهذه اللغة نفهم التاريخ، ونستفيد منه.
|
|
|
|
|
|