نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: الدين والاسطورة (Re: Sabri Elshareef)
|
مجمل التعاريف السابقة تشي بالحضور الآيديولوجي في فهم الأسطورة وتفسيرها. وسيلغي هذا الحضور الأيديولوجي عند الباحث سواح كل إمكانية للتفسير والفهم، وسيحكم على جهوده بأن تكون جهودا أولية في تفسير الأسطورة وأبعد عن كونها عملا مؤسسا أو هكذا أراد له صاحبه.
إن القول بأن الأسطورة مغامرة أولى وقفزة أولى قام بها الانسان البدائي/ القديم هذا القول يشي بحضورين أيديولوجيين. الأول على مستوى القول بوجود انسان بدائي، فهذا القول وان كان يفزر حقل النيا سة (الانتوغرافيا) والإناسة (الانتربولوجيا) فهو لا ينم عن حضور معرفي بل عن غياب هذا الحضور والتأكيد بالمقابل على الحضور الأيديولوجي كما بين ستراوس في بحثه عن مقولة الغبور في النياسة " أضف الى ذلك أن الأسطورة ليست مغامرة أولى، فالأبحاث الحديثة تؤكد أن الأسطورة ملكة ثابتة، وهنا يصح تساؤل ستروس: إذا كان محتوى الأسطورة عرضيا أو اعتباطيا لا يخضع لقواعد المنطق أو لقواعد الكلام) فكيف نفسر تشابه الأساطير من أقصى الأرض الى أقصدها وليس هذا فحسب بل الحضور الكبير. للميثولوجيات الكبرى في هذا الزمان (11).
من طرف آخر فالأسطورة ليست نصا أدبيا وضع في أبهي حلة فنية ممكنة، إنها أكثر من نص، بل وأكثر من نص ملقى (12)، ومن هنا تأكيد ستروس على ان اكثر الاساطير لا يمكن في أسلوب صياغتها ولا في نمط سردها ولا في تراكبيها النحوية وانما يتوقف على التاريخ الذي ترويه (13). ومن هنا نفهم اعتراض بعض الاسلاميين المعاصرين على المساواة بين النص القرآني الكريم والنص الأدبي، لا بل أنهم محقون.. دون أن يدركوا ذلك باعتراضهم حتى على كلمة نص وانها لا تنطبق على القرآن الكريم. نعم إن الأسطورة تنتمي الى الكلام، لكن هذا الكلام له خصائصه ليست الجمالية فحسب، بل ما يسميها محللو الأساطير بالوحدات الأسطورية أو الوحدات الدلالية السمينة التي تميز الأسطورة عن الحكي وعن أنماط اللغة الأخرى بكل حضورها الدلالي والبلاغي. من هنا نستطيع أن نفهم لماذا كانت لغة القرآن الكريم في مستوى أعلى بكثير من اللغة العادية، ولماذا كان القصص القرآني في مستوى أعلى من مستوى الحكي الذي كان يرد على لسان كفار قريش والذين كانوا يأتون به من فارس ويروونه في حضرة الرسول ليضايقوه.
إن الوحدات الأسطورية التي ترتكز عليها بنية الأساطير تجعل من الأسطورة بنية تمارس حضورها على الماضي والحاضر والمستقبل في حين أن الحكي ينتمي تماما الى الزمان المبرم وبهذا أيضا كانت الأسطورة تؤكد استقلاليتها عن الحكي والحكاية. ومن هنا تأكيد ستروس في حواره مع ويمون بيللور على أن الأسطورة لا تدرس باعتبارها نصا بل باعتبارها لسانـا آخــر (14).
|
|
|
|
|
|
|
|
|