لقاء مع وزير الثقافة والإعلام السوداني
By اذاعة هولندا العالمية
Created 12 October 2009 10:54
أمين حسن عمر: نخطط لإقامة مهرجان دولي للموسيقى بمناسبة حضوره مهرجان "السودان الآخر"، الذي تستمر فعالياته هذه الأيام في متحف الدولة للآثار بمدينة لايدن الهولندية، أجرت إذاعة هولندا العالمية لقاء مع وزير الثقافة والإعلام بالسودان، الدكتور أمين حسن عمر
شغل الدكتور أمين حسن عمر العديد من المناصب المرموقة، منذ وصول الحركة الإسلامية إلى السلطة عام 1989، في المجالين السياسي والإعلامي، وبالإضافة إلى منصبه الحالي، فقد شارك في المفاوضات الحكومية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي انتهت باتفاق السلام الشامل الموقع عام 2005، ويعتبر من أبرز المفاوضين مع حركات التمرد في دارفور، وخاصة مع حركة العدل والمساواة.
سؤال : ماذا يعني تعبير "السودان الآخر"، الذي يسمى به هذا المهرجان؟ وهل حضورك لهذا المهرجان يعني موافقة الحكومة السودانية على رؤية سودان آخر؟
أمين حسن عمر: أنا بأحمل للسودان الآخر الجانب الآخر، الجانب الذي يخالف الصورة المشهرة على السودان، وليست الصورة الحقيقية، بالطبع هناك مشكلات كانت في السودان ولا تزال هناك بعض المشكلات في السودان، وهذا أمر طبيعي، ولكن لنا مشاكل خاصة متعلقة بالنزاعات في الجنوب ودارفور، ونحن نتعامل مع هذه النزاعات ونحاول التوصل إلى معالجات لها. لا نريد للسودان أن يعرف بأنه منطقة نزاعات أهلية. نريد له أن يعرف بأنه بلد متنوع، غني بالإمكانيات، تسكن به شعوب ومجموعات سكانية تعيش بسلام في غالب الأحيان، وهي قادرة على تطوير حياتها، وتقديم صورة عن طرائق الحياة في مناطق مختلفة من السودان، والمعرض يعكس هذا، ويعكس كيف أن السودانيين يعيشون ويحتفلون وينتجون إنتاجا ثقافيا وفنيا متنوعا، يختلف من منطقة إلى أخرى، يعبر عن رؤيتهم للحياة، وعن قدرتهم على مواصلة الحياة.
سؤال: ثمة نشاطات في هذا المهرجان مثل حفلات الزار لا تنسجم مع الرؤية الإيديولوجية لحكومة السودان، وأدبيات حزب المؤتمر الوطني، فهل حضورك مثل هذه المناشط موقف يعبر عن التسامح والقبول بالتعددية الثقافية أكثر من السابق؟
أمين حسن عمر: هو لا يعبر عن تسامح وإنما يعبر عن الأمر الواقع، فالسودان لم يصدر أي قانون يمنع مثل هذه الممارسات، فهي معتقدات وروئ متعلقة بجماعات وتمارس على المستوى الأسري، والمستوى الشخصي، وليس هنالك سبب للتدخل في هذه الأمور إلا من خلال التوجيه، ثم إن هذه الممارسات أصبحت تمارس ليس بوصفها معتقدات وإنما أصبحت أشبه بالفولكلور، ولذلك فهي كنوع من أنواع الفولكلور يمكن أن يحتفى بها، ويمكن أن تقدم للناس، نحن نقدم كثير من صور الحياة في السودان ليس بالضرورة أنك توافق على هذه الصور تماما، ولكنها تعكس الواقع وتعكس كيف يحيا الناس حياتهم، وكيف يسعون إلى تطويرها.
سؤال: هل تسمح الحكومة السودانية بتبادل مثل هذه الأنشطة، بمعنى إقامة أسبوع ثقافي هولندي في السودان مثلا؟
أمين حسن عمر: بالطبع نحن نرحب بهذا، ونحن الآن نخطط لإقامة مهرجان دولي للموسيقى، وكان هذا المهرجان ينعقد بصورة مستمرة حتى منتصف التسعينات، وبالطبع نحن نرحب بهذا التبادل. الأسئلة نفسها تعكس الصورة الأولى التي نريد أن نعكس صورة مغايرة لها، فالسودان ظل دائما بلدا متسامحا سوى أكان ذلك على مستوى المجتمع أو حتى على المستوى السياسي، لا أقول هذه الحكومة فقط، بل كل الحكومات السابقة.
سؤال: كثير من المثقفين السودانيين يرون بالفعل إن التعبيرات الثقافية المتنوعة أصبحت تجد قبولا أكثر، وأصبح التنوع الثقافي يجد قبولا أوسع ويعرض في وسائل الإعلام الوطنية، ولكن هذا الاعتراف بالتنوع لا يجد التعبير السياسي عنه؟
أمين حسن عمر: كيف يمكن أن نقول إن هذا التنوع لا يجد التعبير السياسي عنه، وهناك حكومة كانت تسيطر بالكامل على كل شيء، ثم قبلت أن يشارك معها في الحكومة ستة عشر حزبا آخر، فكيف لا يمكن هذا أن يكون تعبيرا سياسيا عن الانفتاح والتفتح السياسي، هنالك حكومة الآن تعلن عن برنامج محدد لإقامة انتخابات...
سؤال: التعبيرات السياسية للجماعات الثقافية المختلفة هي تقريبا بعيدة عن تحالفات الحكومة حتى الآن، بحيث أن المواطنين العاديين لا يرون تمثيلا سياسيا واضحا لهذه الجماعات التي بدأت ترى صورتها في أجهزة الإعلام.
أمين حسن عمر: لسنا مطالبين أن نصنع شعبية لجماعات ليست لها شعبية، الشعب من خلال الانتخابات هو من يعطي الأوزان لهذه الجماعات، أما أن هذه الجماعات لا تجد فرصة في وسائل الإعلام، أو في وسائل التنظيم والتعبير فهذا ليس صحيحا، فكل متابع للإعلام السوداني يلاحظ ذلك.
سؤال: فيه وجود ثقافي وسماح وقبول أفضل مما كان بكثير للتعبيرات الثقافية، ولكن نفس هذه الجماعات الثقافية لا تجد التعبيرات السياسية في صنع السياسة الوطنية.
أمين حسن عمر: ليس بالضرورة هنالك تطابق بين الجماعات الثقافية والجماعات السياسية، يعني هنالك جماعات ثقافية لها نشاطات وتوجهات، ولكنها لا تعمل في المجال السياسي، وهنالك جماعات سياسية لا تركز على الأولوية الثقافية، أما إذا كان الحديث عن السياسات لتشجيع هذه الجماعات فنحن أول حكومة تسعى لمشروع ضخم مع الأمم المتحدة لرسم خارطة ثقافية للسودان، ولدينا مشروع كبير لكيفية إدارة التنوع الثقافي في السودان، وهذه هي المشروعات الرئيسية التي نعمل عليها الآن، وهناك الآن مشروع ماضي لتوثيق الحياة السودانية، فرغنا من العمل فيه في ولايتين من ولايات السودان، صحيح الناس يركزون على الجوانب الاستعراضية من الثقافة، لكن هذه الجوانب العمل فيها صامت.
سنوافيكم ببقية اللقاء حول محاور أخرى في الأيام القادمة.