الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: السناتور الامريكي: السودان يقف على شفا - حرب أهلية جديدة (Re: احمد محمد بشير)
|
الانقسام العرقي والثقافي
إذا كان البعض يطرح أهمية العوامل الاقتصادية لتفسير النزاع حول منطقة أبيي فإن التحكيم الدولي عام 2009 بشأن حدود المنطقة، قد جعل معظم حقول النفط تابعة للشمال. ومع ذلك فإن العوامل الاجتماعية والثقافية تبدو أكثر أهمية لفهم حقيقة ما يجري في أبيي. فقبائل المسيرية العربية التي تمتهن حرفة الرعي اعتادت منذ مئات السنين على التنقل والترحال سعياً وراء الماء والكلأ وهو ما يأخذها إلى أعماق الأراضي التابعة لجنوب السودان. ويرى هؤلاء أنه قد تم تهميشهم في مفاوضات اتفاق السلام الشامل، وتقرير مصير منطقة أبيي. وعلى الطرف المقابل فإن قبائل الدينكا نقوك، التي انخرط معظم أبنائها في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان، حتى أن بعضهم يتبوأ مراكز قيادية اليوم في حكومة جنوب السودان، ترى أن من حقها الانضمام إلى جنوب السودان لأنه الأقرب إليهم ثقافيا وعرقياً.
ويشير بعض الكتاب إلى أن اتفاق أديس أبابا عام 1972 الذي أنهى المرحلة الأولى من الحرب الأهلية في جنوب السودان، قد أشار في مادته الثالثة إلى أن'' ولايات جنوب السودان تشمل بحر الغزال والاستوائية وأعالي النيل طبقاً لحدود الأول من يناير عام 1956. إضافة إلى أي مناطق أخرى كانت تعتبر من الناحية الجغرافية والثقافية جزءاً من الإقليم الجنوبي وربما يتم تحديدها بواسطة استفتاء شعبي''. وقد يمثل ذلك من وجهة نظر البعض إشارة غير مباشرة إلى تبعية منطقة أبيي ثقافيا إلى الجنوب.
على أن هذا النص وإن عبر على استحياء عن إمكانية تبعية منطقة أبيي لجنوب السودان، فإن الأمر اتخذ بعداً أكثر وضوحاً في اتفاقية السلام الشامل. ففي الفصل الرابع حول الصراع في أبيي نجد أن المادة الثامنة تشير إلى أن سكان أبيي من حقهم التصويت في استفتاء مستقل حول مستقبل التبعية الإدارية للإقليم.
ويبدو أن حكومة جنوب السودان حاولت فرض سياسة الأمر الواقع، وتكريس الانطباع بأن أبيي جنوبية الهوى والانتماء. ففي الكتاب الإحصائي السنوي لجنوب السودان الصادر عام 2010 إقرار بأن أبيي تعد مقاطعة في ولاية واراب الجنوبية. فضلا عن ذلك فإن في الدستور الانتقالي لدولة جنوب السودان الذي تم إقراره هذا العام إشارة غير مباشرة في مادته الأولى إلى أن أبيي تنتمي إلى جنوب السودان.
لقد كان رد فعل الحكومة السودانية في الخرطوم على هذه الإجراءات من قبل جنوب السودان متمثلا في التهديد بعدم الاعتراف باستقلال الجنوب. ولعل ما يثير التعجب هو أن حكومة الحركة الشعبية في الجنوب تتصرف وكأن أبيي هي جنوبية حتى قبل إجراء الاستفتاء الشعبي فيها. وأحسب أن غياب الرؤية المشتركة بين طرفي النزاع، وعدم الاستعداد لقبول حل توافقي، قد تجعل مسألة التسوية السياسية لأزمة أبيي أمرا بعيد المنال.
|
|
|
|
|
|
|
|
|