|
Re: الصاوي : مايو كانت عقاب التاريخ لليسار... (Re: احمد ضحية)
|
الجاهزة لهؤلاء القدامي، كان باقيا كما تركه الماضي السحيق لاتستنزفه بضع عشرات من الدوائر المخصصة للخريجين. من هنا كانت جاذبية مخرج الانقلاب والانقلابيين داخل الحزب الشيوعي والجيش وفي اجواء القطاع العريض من اليسار بألوانه المختلفه لاسيما القومي، ماجّرأ شخصية شيوعية قيادية وقتها مثل احمد سليمان لتدعو علنا تقريبا الي تدخل الجيش في سلسلة مقالات بجريدة الايام فتنشب مساجلة صحفية علنية بينه وبين زعيم الحزب عبدالخاق محجوب. بعد وقوع الانقلاب ايضا كان ارتباك اليسار ممثلا في الشيوعيين واضحا فهم معه بشق وضده بالشق الاخر كما هو حال الشق البعثي الناشئ حينذاك من اليسار القومي. فبيان الحزب الشيوعي اعتبر 25 مايو " انقلابا عسكريا وليس عملا شعبيا مسلحا .. ولكنه انتزع السلطة من الثورة المضاده " واللجنة المركزيه توافق علي تحليل عبد الخالق للانقلاب وترفض علي وجه اخر اقتراحه بعدم المشاركة في السلطه الجديده. مايو كان من جهه فرصة اليسار لسلطة دانية القطوف ولكن اليد التي امتدت بها اليه لم تكن مضمونة تماما فمعظم اعضاء " مجلس قيادة الثوره " كانوا أقرباء لليسار ولكن من الدرجة الثالثه وليس الاولي. ففيماعدا فاروق حمد الله المستقل كان بقية اعضاء المجلس واغلبيته اقرب للناصريه بينما دخله الشيوعيان هاشم العطا وبابكر سوار الدهب ضد رغبة الحزب وربما رغبتهما ايضا وكان وضع الوزراء الشيوعيين المدنيين ( جوزيف قرنق، محجوب عثمان، فاروق ابو عيسي الخ.. الخ..) مشابها لان احدا منهم لم يستقل او يرفض ولكنهم أكيدا لم يكونوا مرتاحين لانهم اصحاب تكوين ثقافي مختلف اقله انهم ابناء حركة حزبيه بينما ينظر العسكريون الي الاحزاب بشئ من الشك ان لم يكن العداء بحكم تكوينهم المهني وتأثرهم بالنموذج الناصري ضد- الحزبي لدرجة او اخري. هذه كانت نقطة بداية الازمة الوطنية الشاملة التي تزداد تأزما وشمولا بأضطراد وصل الي تفتيت عظم البلاد نفسها كوجود مجرد. الاحزاب التقليديه كانت عاجزة عن الاستجابة لامال وطموحات مابعد الاستقلال التغييريه وانقلاب 25 مايو 1969 كان في جوهره الموضوعي إعلانا لانقسام وحيرة القوي الحديثه، مناط التغيير. فالأنحياز الكلي لقسم من هذه القوي للانقلاب كان بمثابة اعلان عن تنكبها للطريق الديموقراطي نحو إنجاز التغيير بينما القسم الاخر الرافض للتغيير الفوقي لايجد سبيلا لاختراق سقف شعبية اليسار الي مستودع الاصوات الانتخابية ولا الي تقديم بديل يحتفظ في الوقت نفسه بالمواصفات الديموقراطيه. القسم المنحاز لسلطه التغيير المايوي الفوقي انحدر بسرعه الي النقيض ليغدو بعد سنوات قلائل حليفا للتقليدية التي حاربها بكل اسلحته خلال 69-71 ، وبعد سنوات اخري انحدر الي درك تقليدية قصوي ممثلة بتشريعات وتفسيرات للدين أعادت للحياه عهد الحاكم بأمر الله
|
|
|
|
|
|
|
|
|