|
Re: مهرجان الديكة ! (Re: راشد مصطفي بخيت)
|
شوامخ وعمالقة.. وتيار! راشد مصطفي بخيت.
الحوار الذي أجراه الزميل بال(صحافة) الغراء التقي محمد عثمان، مع سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد، حواراً يدفعك دفعاً لتناول ما يكتنفه من غموض ودلالات خفية! ففضلاً عن أن لنقد طريقته المائزة في الحديث للصحفيين وفي تناوله للقضايا العامة ذات الصلة بالشأن السوداني، تلك الطريقة التي يستمدها من محاولته الدؤوبة لتبسيط وجهة نظره، أو وضعها مقابل وجهة نظر أخرى يرمى من ورائها لحث جميع الأطراف علي تحمل المسئولية المنوطة بها، نجد نقد في هذا الحوار، يقدم إجاباته بذات أنفة الرجل (القرفان) تلك والتي من الواضح أن الزعيم نقد استمرأها في فتراته الأخيرة بشدة وهي مبررة علي أية حال، ففي بلاد العجائب هذه ليس هنالك ما يدعو لعدم (القرف) ! الغموض مصدره أن نقد في هذا الحوار لا يجيبك علي أسئلة بقدر ما يعيدها إليك ! فهو يستبدل موقعه القيادي مع الصحفي الذي يجري الحوار، وكأنه يقول له عليك أن تجاوب أنت علي هذه الأسئلة قبل أن تسألها للغير! ومع أن هذه الطريقة تتعارض كلياً مع (مهنية) الصحفي الذي يُفترض فيه أنه مجرد وسيط محايد في معادلة الصراع السياسي، إلا أنها توضح بجلاء شديد أن نقد قصد بها ضرورة توفر الناشط السياسي الذي يستند الصحفي علي وجهة نظره كما في حالة التقي هنا، علي بديل مناسب لما ينتقده، أو علي الأقل أن لا يصبح عدمياً جراء أي فعل سياسي عام و(ينقط) الآخرين بسكاته ! فالسياسة وفقاً لهذا الموقف، ليست حرب (رفض) معلنة لكل ماهو قائم من اعوجاج، بقدر ما هي امكانيات متصلة لتصحيحه. وهي أيضاً فن صناعة (البديل) المناسب والممكن لما هو قائم من عرج، حتى لا تستحيل إلي مجرد حرب طواحين هواء دونكيشوتية لا طائل من وراءها. ما يستغرب له المرء فعلاً في هذا الحوار أن نقد بكل تجربته السياسية الطويلة وتمرحل مواقف حزبه إزاء قضية الديمقراطية بصورة عامة إلي إقرارها التام كبديل لا حيدة عنه البتة لتجاوز أزمات البلاد، أنه يرى أن ثورات الشباب التي أطاحت بنظامي بن علي ومبارك، أحدثت من التغيير ما قلَّ حجمه بالمقارنة مع نظام كنظام جمال عبد الناصر العسكري! ووصف أولائك بالشوامخ والعمالقة وهؤلاء بالتيار! رغم أن هذا التيار قاد ثورات اجتماعية لم تشهد المنطقة العربية مثيلاً لها وبالذات في مصر! صحيح أن عبد الناصر وتنظيم الضباط الأحرار أحدث تغييرات كبيرة في مصر وفي المنطقة العربية قاطبة، لكنه ومن وجهة النظر (الديمقراطية) تغيير مؤقت مثلما أثبت التاريخ ذلك لأنه لم ينهض علي قناعة بإرساء السلوك الديمقراطي وممارسته عملياً، ولذلك انتكس أولاً ثم سقط! يتميز تغيير الشباب الراهن هذا بأنه شمل قطاعات أوسع من تلك التي شملها التغيير السابق، واستخدم أدوات الديمقراطية نفسها ولا يزال، في المنافحة عن ثورته الظافرة، لكنه ضَعُف من حيث أنه لم يتحول بعد إلي ممارسة (منظمة) لطلائع هذه الثورة إلا من محض حركات شبابية هشة تفتقر إلي التجربة ويسهل خداعها! وهنا بالتحديد ينبغي على من هُم في خبرة وقامة نقد، أن يفطنوا لأن هذه الفريضة الغائبة عن ثورات المنطقة العربية – نقصد التنظيم – غابت لأن الأحزاب السياسية الموجودة لم تقُم بما أوكل إليها كاملاً وتقاعست عن أداء أدوارها المنوطة بها فتجاوزتها حركة الجماهير! ليس هذا عيب في صميم حركة الشباب إذن، بقدر ما هو عجز ناجم عن تقصير المؤسسة الحزبية في الاضطلاع بدورها المفقود، ولذلك حقَّ لشباب مصر وتونس أن يفرحوا بثورتهم الظافرة حتى ولو سُرِقت، طالما أحزابهم السياسية تجلس علي قارعة التظاهر تشير إلي عيب التغيير ولا تجرؤ علي فعله البتة، فهل هكذا يكون الشموخ سيدي نقد؟!
|
|
|
|
|
|