اطلقوا سراح الزميل طارق عبد المجيد وكافة المعتقلين السياسين

Quote: احتفاءٌ بذكرى الاستقلال Updated On Jan 16th, 2011 الميدان العدد: 2316 أثمة طريق للحل السياسي ؟ أم إزالة النظام لتفكيك أزمات الوطن طارق عبد المجيد في ذلك الصباح البهيج من 1/ 1/1956م كلل شعبنا نضالاته العظيمة بالاستقلال السياسي. المعركة التي خاض غمارها بدءً بكرري وثورات الدينكا، والحلاوين، والسلطان عجبنا، وسلطنة الفور، ثم ثورة 1924، ومؤتمر الخريجين، وحتى بزوغ الحركة الوطنية بشقيها الحزبي والفئوي وهكذا تشكّل مسار الثورة السودانية في الحقبة الحديثة دون إغفال لتلك الصفحات المجيدة منذ بعانخي وحتى المهدي. وللحقيقة لم يتم ذلك التطور التكويني للثورة السودانية بمعزل عن تطور البنى التحتية للإدارة البريطانية في السودان(السكة حديد، مشروع الجزيرة، خزان سنار، كلية غردون … الخ.) عشية الاستقلال أشرعت كل نوافذ الأمل لبناء الدولة الفتية فالزهو والعيشة الرخيه وكذا العالم من حولنا يمور لصالح الشعوب. لكن هل استطعنا( بفن – سياسة – علم ) التأطير لدستور أو أفكار تراعي التنوع والتعدد في بلادنا؟ بدءً من الأقاليم المناخية والأعراق والسحنات ثم الأديان والأعراف ومستودع اللغات الثر، السابق للغتين الانجليزية والفرنسية. التنوع الذي انعكس في حياة الناس ثقافةً وسلوكاً وتطبيقاً. بالطبع ليس الهدف من هذا الحديث البكاء على السودان المسكوب أو حداد على الانفصال الذي بات جاذباً، لكن وبقليل من التأمل لكل القضايا التي تمّ التفاوض حولها في العقد المنصرم بالعواصم والمنتجعات الإقليمية والدولية هي قضايا الاستقلال وعشية تكوين الدولة السودانية ( علاقة المركز والأطراف، اقتسام الثروة والسلطة، الأديان أم المواطنة أساس للحقوق والواجبات, …الخ). هل تطلّبَ الأمر خمسة وخمسين عاماً حتى نفهم الدرس؟ وهل جميعاً ادركناه الآن؟ أم ما تزال بقايا أصولية عرقية ودينية ولغوية في أرحام نسلنا، تمكّن بعض أبناء جلدتنا من استغلالها والتحكم بها والصراخ بها علينا / عليهم. صحيح أنّ البعض قد تنبه لذلك ونادى بربط الاستقلال السياسي بالاستقلال الاقتصادي والثقافي والاعتراف بالتنوع، والعمل على ذلك الأساس وأقصد الحزب الشيوعي تحديداً. ودونكم خطاب المرحوم حسن الطاهر زروق، في البرلمان الأول ومنشورات الجبهة المعادية للاستعمار وتصريحات قادتها. مقابل تفضيل المصالح الضيّقة على المصالح الوطنية والمماحكات الغير مفيدة للبعض وأيضاً ليس من أهداف هذا الجرد الانتقائي محاكمة البعض، فليس موقف الحزب الشيوعي المبدئي يفي بما حاق ونذر ما هو آتٍ أن لم نتدارك جميعاً الموقف الآن وغداً. فقد ذكرت الإحصائيات الرسمية إن (55) ألف سوداني جنوبي عادوا للجنوب من الشمال وهذا يعني إن كل (1000) جنوبي سوداني ينتقدون كل سنة من سنين استقلالنا كونها لم تخاطب أوضاعهم الحقوقية والمعيشية. ترى ما موقف الجنوبيين القابعين أصلاً في الجنوب منذ استقلال السودان؟ وبالتالي يمكن ربط ذلك بالموقف من وحدة السودان فهو رهين حصاد استقلالنا ناهيك ما تلى انقلاب 30/ يونيو1989، وتلك قصة أخرى. كم من الوقت والسنين سننتظر حتى يكون حق تقرير المصير ممكنناً باتفاق أو عنوة لدارفور، والشرق والغرب والشمال لأنّ حصاد ما تبع الاستقلال السياسي لا يفي ما يسد الرمق ناهيك عن العقد الإجتماعي / السياسي/ الاقتصادي. وهل فشل الدولة السودانية سيؤدي لزوالها؟ لا أخفي عليكم الهدف من هذا التمهيد الثقيل والمنفعل هو ابتدار لمراجعة ما حدث وما يحدث وهو الإفادة الشخصية على سؤال من أين أتى هؤلاء؟ فالأمر جد واضح هم سلالة مماحكاتنا وتنطعنا الاخمج في بلاد السعة ورحابة التجريب، هم تسرّبوا من فصائص غفواتنا وما أكثرها، هم الخمارة المبكترة لازدراء الآخر المغاير عرقاً وديناً ولغة، الانكأ من ذلك هم الظان الحق المطلق في ذاته شكلاً واحتواءً، هم شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، هم الزفرات الخاثرة من صدر شعبنا، هم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، تسلقوا دبابة في ليل بغطاءٍ المشروع الإسلامي، ليعلنوا تحالف الرأسماليين الجدد في بلادنا وينصّبوا من أنفسهم الوريث والآمر والناهي والمصفي القانوني والأخلاقي، لكل مدخرات ومصائر شعبنا، الحافظون لقيمه وأخلاقه، العاطون والمانعون لأرزاقه، القابضون على ثرواته ما ظهر منها وما بطن، الواعدون والمتوعدون، الساهرون على حماية ترابه، المرابطون لأعدائه، وكذا في تشظي لا نهائي منذ أن خرج ذلك القمقم من القدر، وفي سدور منتظم يحسدوا عليه. بات التوصيف والتشخيص لما فعله الإنقاذيون لبلادنا معلوم للقاصي والداني بسعة الدنيا. لكن فلنتتبع لما فعلوه بالاستقلال السياسي: تحكمنا الآن (4) اتفاقيات نيفاشا, ابوجا, اسمرا والمرحومة القاهرة، يسعى النظام وآخرون لإضافة الدوحة هذا غير الوضع المجهول لآبيي، والمشورة الشعبية لجنوب كردفان والنيل الأزرق. إضافة لذلك وجود أكثر من (20) ألف جندي أجنبي بالسودان، ووجود أكثر من (6) مبعوثين دوليين للسودان. ودورية إيراد السودان في جدول أعمال المنظمات الدولية بمختلف مسمياتها واختصاصاتها. ثم قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تطال السيد رئيس الجمهورية. ومجموعة القرارات الصادرة في حق السودان من مجلس الأمن والمنظمة الدولية، وقائمة من المراقبين و المتوسطين والناصحين، هذا غير الخبراء والمهنيين الأجانب الكثر. وبقليل من النظر كل المؤشرات تُنبئ بمزيد من التدخل الأجنبي تحت فصول أخرى من ميثاق الأمم المتحدة، طالما نظرية(لحس الكوع) هي أيقونة النظام. لعمري أنّ السودان تحت الوصاية الدولية أكثر من اتفاقية الحكم الثنائي !!! وكما تتحمل الإنقاذ التفريط في السيادة الوطنية، هاهي تستدعي أفكارها منذ ستينيات القرن الماضي والقاضية بفصل الجنوب، إن وقف حاجزا نحو بلوغهم للسلطة وتطبيق أطروحاتهم الفكرية، الأمر الذي لم يتوانوا في تنفيذه منذ(30يونيو)، بتصعيد وتائر الحرب كماً وكيفاً، وإعطائها الصيغة الدينية المقدسة، وبالتالي زيادة الاستقطاب الداخلي والخارجي لحرب تتحدث بعض الجهات عن رقم مهول في الأرواح فاق الأثنين مليون من السودانيين. حرب ملأ النظام فضائها بكل ما هو محظور في المواثيق والأعراف الإنسانية طالت ظلالها المجتمع حتى بعد وقف الحرب وباتت مالآتها معلومة قبل إجراء الاستفتاء. انفصال رقعة من البلاد المعترف بها في 1/ 1/1956م والموسومة بالسودان. كل الدلائل تشير سيما خطاب السيد رئيس الجمهورية الاستباقي للانفصال، والداعي لتكريس الأحادية والرافض للتنوع الديني والاثني والداعي لفرض اللغة العربية، كلها دلائل تعلي من عامل الزمن فقط لنتآكل وننمحي من الأطراف أنه جذام المحقة وخواء الروح. النتيجة الواقعية الأن فقدان الاستقلال السياسي، وتفتييت البلاد وفق متوليات زمنية. ماذا عن البشر ومدخراتهم. القتل والتنكيل، الفصل والتشريد، الاعتقال والتعذيب، التهجير، والنزوح، تصفية مشروع الجزيرة السكة حديد، الأشغال، النقل الميكانيكي، البريد والبرق، الاتصالات السلكية، بخت الرضا، معاهد تدريب المعلمين، والقائمة تطول وتطول. الهجرة والفاقة، الجهل والمرض، المخدرات، والسلاح معدل وفيات الأمومة والطفولة، الجريمة والفساد، المحسوبية و المحاباة، الخواء الفكري، والثقافي والرياضي، التلوث البيئي. اذا وضع كهذا ما العمل؟ التقييم الهادف والعميق لتاريخ السودان الحديث، تناولته القوى السياسية مجتمعة لأول مرة في اعتقادي في اسمرا 1995م ( مؤتمر القضايا المصيرية ) ودون شك استلهم أولئك المشاركون أطروحات القوى الديمقراطية ومحادثات المائدة المستديرة وأوراق المؤتمر الدستوري التمهيدية بعد انتفاضة ابريل 1985م، وورش امبو وكوكدام ونشاط التجمع الوطني الديمقراطي وغيرها مما ينفع الناس . وغض النظر عما ألت إليه اسمرا 1995م، إلا أن ظلالها وآثارها وضع حلقة أرقى في مسار الثورة السودانية، بنفوذه لجوهر المسألة. بعد اتفاقية نيفاشا والدستور الحالي، انخرط الشعب السوداني ممثلا في أحزابه ومنظماته في عمل دءوب، بهدف وقف الحرب وإجراء التحول الديمقراطي، والعمل لجعل الوحدة جاذبة. الأمر الذي وقف النظام كعقبة كؤدة أمامه، وظلت القوى السياسية تبادر باستشعار درء الكوارث بداية بمنبر دارفور، الذي قدّم الحلول قبل المحكمة الجنائية الدولية، وقبل القرارات الدولية . ثم كوّنت الأحزاب والمنظمات لجنة الانتخابات، وقدمت المذكرات تلو المذكرات لضمان انتخابات حرة ونزيهة، ثم مع النكوص عن الحريات كوّنت الأحزاب والمنظمات الهيئة الشعبية من أجل الحريات كرقيب وراصد للتحول الديمقراطي. وبعد أن أدركت الأحزاب خطأ تجزئة القضايا، كوّنت تحالف القوى السياسية الذي لملم وجمع جدلية القضايا السودانية الوحدة/ الانتخابات/ دارفور/ والقضايا الاقتصادية، وكُلل ذلك النجاح بمؤتمر جوبا في أكتوبر 2009م، والذي تمت دعوة المؤتمر الوطني للمشاركة فيه، بل وتم تأجيله من أجله،إلا أنه……….. وأخيرا سمي بقوى الإجماع الوطني حتى يتسنى للجميع العمل تحت مظلته، واستشعاراً منهم بالمسؤوليات الوطنية أعادوا الكرة بفكرة انعقاد المؤتمر السوداني الشامل للخروج بالبلاد من وهدتها، وقدمت الدعوة للمؤتمر الوطني من جديد، ومن جديد أخرج لسانه الأصفر. عملت قوى الإجماع على نشر ثقافة التعايش السلمي ومحاولة التوسط بين المسيرية ودينكا نقوك، وقابلت مفوضية الاستفتاء، انتقدت الميزانية وقدمت الحلول، قابلت المبعوثون الدوليون شارحةً قضايا السودان. عقدت المؤتمرات الصحافية، وناشدت النظام، ساهمت بالتظاهر في ديسمبر الماضي، وشاركت في التجمعات الاحتجاجية…الخ. كل ذلك والمؤتمر الوطني يرفض وبإصرار إشراك القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني كذا. كل ذلك والمؤتمر الوطني يراوغ علي شركائه بموجب الاتفاقيات ويتملص من بنودها و يراهن علي عامل الزمن. يواصل النظام ازدرائه للمرأة ولا يتوانى في التنكيل بها ضاربا بكل القيم السودانية عرض الحائط، ويواصل التدخل السافر في الحركة الرياضية غافلاً أهليتها وديمقراطيتها. ومازال ينصب نفسه المعمدان الثقافي والجمالي، ويغير الزمن كما يشاء واتجاهات الطرق والمداخل لحركة السير. أيها الشعب السوداني العظيم: لم يترك المؤتمر الوطني شاردة ضوء للخروج بالبلاد ومعايشنا ومصائرنا، أو مستقبل أبنائنا مساحة للمشاركة، وقررـ بمحض أرادته ـ الإنفراد الكامل وبالتسلط القسري التحكم في مستقبل بلادنا. ماذا نحن فاعلون ؟ الاعتقاد الجازم عندي أن زوال النظام شرط جوهري للخروج بالبلاد من الهاوية والاندثار، بزواله ينفتح الباب أمام السودان الديمقراطي المدني، وسنرفع صوتنا عالياً أمام وحدة حتى وإن بعد انفصال، وحدة على أسس جديدة، تنطلق من المواطنة أساس للحقوق والواجبات، تسوسها التنمية المتوازنة وتراعي كل المناطق المهمشة لتبني وطناً تصدح فيه جميع الديانات واللغات والأعراق والثقافات على قدم المساواة. والتحية لكل شهداء الاستقلال ورواده الكرام. طارق عبد المجيد