الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل خالد الحاج الحسن(خالد الحاج&aba)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-25-2003, 07:32 PM

aba
<aaba
تاريخ التسجيل: 03-06-2002
مجموع المشاركات: 1993

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية (Re: aba)

    الليلة النفس امســـــــت حزينة وعامــــــدة

    وما بتســـــــلى بي برقع* حميـــــدة وحامدة*

    فارقنــــــا الرباعــــــة* أبّان* قلوبا جامــدة*

    ناس طــــــه اللحو* ضوء القبيلة الهامـــــدة*

    عامدة : من عمد اشتد حزنه ، برقع : غطاء الوجه المعروف والزبيدية اكثر القبائل استعمالاً له . ، حميدة وحامدة : اعلام نساء ، الرباعة : الزملاء والاصدقاء ، ابان : اصحاب .

    هم يعتزون برفاقهم ويعجبون بشجاعتهم وشدة مراسهم وقوة

    عزيمتهم واقدامهم



    أمـــــــْرار في الكَدُوس* وأمْرار سجارة اعلِّبْ

    أمـــــــْرار في خلاء وأمْرار بهيمــــــــة أسلّبْ

    كـــــــــم اربع جنين فوق الدّرق بِتّلــــــــــــبْ*

    لي الياجينــــــي* راسي* ؤمنو ماني مجلــِّب*ْ

    الكدوس : الغليون ، تلب : قفز ، الياجيني : الذي يجيئني ، راسي : ثابت ، حلّب : خاف وفزع

    والحديث عن الرفيق يتخذ اشكالا مختلفة بدءاً بالفخر بثباته ومضاء إرادته ، والحزن على فقده حتى ولو كان الفقد مؤقتاً وانتهاء بالوقوف معه وشد أزره والقيام بواجبه عنه والتعفف عن محارمه :

    مانــــــــــي* الفاسد* ال بي الكِضبْ بِتنبّــــى

    سارح* بى العــــُروض* لي جارتي ما بدبّى*

    ياستــــــــــار من نضم الخشوم والسِبـــــــــــّة

    انا اخــــــــو الزينة عند حل الرفيق والضّبـــّة*

    ماني : لست ، الفاسد : الذي ساءت اخلاقه ، تنبأ : اخبر، وهى هنا بمعنى المفاخرة ، سرحت المواشى : ذهبت للمرعى ، العروض : جمع عرض وهو ما يصونه الانسان من نفسه او يلزمه امره . تدبى : جاء متلصص ، الضبة : ضب شد قبضته عليه

    آراؤهم في غيرهم :

    رسم شعراء الهمباتة صورة مشرقة لحياتهم التي يعيشونها فهم يفتخرون بـ " الهمبتة" ويمجدونها ، وكانوا يحتقرون الضعفاء الذين لا يسلكون مسلكهم ، ولونوا حياتهم بالوان قاتمة وخلعوا عليهم الالفاظ الدالة على الضعف وصغر الشأن " ناس قدر الله " و " المنفوخ جراب الصوف " و " الديوك " وما اليها وجاءت في شعرهم كثير من المقارنات بينهم وأولئك :

    اكــــــــان شُفْتينا في ساعـــــــة الدَرَك*ْ والخـــوف

    ما بِتْسلـــــــي بي المنفـــــوخ جُراب* الصــــــــوف

    نحن ألبِنْكــــاور* أم قُوفــــــة* ونَسُوقــــــــا رَدُوف

    نحـــــــــــن ألنّدخُل* الحــارّة* العِصيهــا* ظْرُوف*

    الدرك : الخطر ، الجراب ، وعاء من الجلد ، نكاور : نسوقها مجتمعة ، أم قوفة : الناقة ، الندخل : أي الذين نخوض ، الحارة : الحرب ، العصيها : مفردها عصا ، الظروف : الوعاء يقصد به هنا ظرف الذخيرة .



    وكانوا يعتبرون حياتهم هي الحياة المثالية وما عداها وضيع حقير :

    واحــــــــدين أمّلُوا البـــــــرازة* والحشّاشــــــــــة

    وحدين أمّلـــــــــوا فوق سيـــــــــِرة الحواشـــــة *

    واحــــــــــدين أمّلُوا الرّكْبــــــــة المعاها جعاصــة*

    ود النــــــــور حِليــــــــــل بهما*ً مَنَامُو* حَنَاســــة*

    البرازة : تقاة لدق القمح ، الحواشة : قطعة من الارض محوشة ، جعاصة : التباهي ، البهم : في البادية يقصد بها الصيدة الصغيرة ، منامو: منامه ، حناسة : من حنّس : اغرى وارضى .



    تحدث الهمباتة ايضاً عن فئة اخرى من الناس ، وكانوا يطلقون عليهم " البلايس " ومفردها " بلاسى " وهو الجاسوس والمخبر الاجير . وقد كان هؤلاء يشكلون هاجسا للهمباتة لانهم يشون بهم لدى اصحاب الإبل والسلطة ، لذلك فقد عاب عليهم الهمباتة هذا المسلك وهجوهم في شعرهم :

    ألبِل جَفَلـــــــــــــن* على ابو فـــــــــــــــــــــــاس*

    مابجيبهــــــــِن* وَدْ يُمــــــــّة وما بجيبهِن البلاسْ

    حِسْ رصاصهـــــن بَكَى زي صبّة أم هَرْمـــــــاس*ْ

    مابْترضالنــــــــــا* بي جيبة الســــــــــــُّروج يُبّاسْ

    جفل : نفر وشرد ، ابو فاس : مكان بعينه في كردفان ، جاب الشئ : اتى به ، صب الماء : سكبه ، أم هرماس : في غرب كردفان تعني الامطار الغزيرة ، مابترضالنا : لن ترضى لنا .

    ذكر الاسلحة :

    يعتمد الهمباتي في حياته على قوته النفسية والجسدية وقوة السلاح ، فإذا تحدث عن العنصر الاول في نجاحه فلابد أن يذكر الثاني وهو السلاح ، حيث أن القوة والشجاعة لا تكفيان لتحقيق النصر . اما سلاحهم فهو سلاح عرب البادية واهل السودان عموماً المكون من السيوف والفؤوس والدرق وبعض انواع الاسلحة النارية ، اما السيف فهم يكنون عنه بالفاظ منها " القداد " ، " الهاري " ، " الحاد " ، ويكنون عن الدرقة بـ " الصايمة " اما انواع الاسلحة النارية فقد ورد منها " أب جقرة " ، " القربين " ، " أب خمسة " ، " أب ستة " ، " أب عشرة " . وقد جمع أحد شعرائهم كل هذه الانواع من السلاح في قوله :

    بعد أب جقـــــــــرة والهاري البياكل الصايمــة

    حققناهــــــا ياخوي العبـــــوس مي دايمــــــــة

    علاقتهم بالسلطة :

    تنوع الحديث عن السلطة في شعر الهمباتة . فهي احياناً رجل الأمن الذي يكلف بالقبض عليهم واحياناً اخرى العمد والنظار الذين يمثلون امامهم للمحاكمة ، وهي اخيراً مآمير السجون الذين يتولون امرهم في السجن . وقد صور الهمباتة كل ذلك في شعرهم ، والصفة السائدة في شعرهم الذي يتحدث عن علاقتهم بالسلطة هى الاستخفاف والتحدي واللا مبالاة في حالة المواجهة حين تصبح واقعاً لا مفر منه . لذلك جاء شعرهم مصوراً لمواقفهم مع كل فئة من هذه الفئات التي تمثل السلطة :

    البلد اللبَـــــــوك* عُمدو* وجفوك* نظـــــــــــــــارو*

    ليــــــه المتلنا* يقدل* ويحــــــــــــوم* في ديـــــارو

    النلوى حكارى في العند مشيهو حاكى عصارو

    منو البانينا غير المولى واسعــــــة ديـــــــارو ؟

    اللبوك : ابى : نبذ الشئ اباك : رفضك ، عمدو : عمده : مفردها عمدة ، نظارو : نظاره : مفردها ناظر ، المتلنا : المثلنا ، مثلنا ، يقدل يمشي ويتبختر ، يحوم : يتجول . ديارو : دياره

    الحياة المضطربة :

    كان القلق وعدم الاسقرار هي السمات المميزة لحياة الهمباتة ، وكان ذلك نتيجة لحياة الترحال الدائمة وكثرة ما يواجههم من مصاعب . وقد عكس شعرهم ذلك :

    يومـــــــاً في بسط عنــــــد المقسِّم نومنـــــــــــــا

    ويوم نضـــــــــارى من لفـــح السموم بي هدومنا

    في بعض الاحيان تقتلهم الحيرة وتشتد بهم الحاجة إلى بعير يسافرون عليه ، ثم ينهمر الخير عليهم فجأة فيعودون للهوهم وطربهم ويغرقون في بحور النعيم ، لكنه نعيم سرعان ما ينقضي فيعودون إلى سيرتهم الاولى :

    يوم فـــــــــــي سُولا * متحيــــــــّر ركوبتي حمـــار

    ؤيُوم مِتعلـــــــى فوق كيك* المدا* أب فَقــــــــــــّار*

    ليلــــــــة بَدير* أم برطُــــــــوم* يمين ؤيســــــــار

    ليلــــــــة ببسط الزينـــــــات* بنات الـــــــــــــــــدار*

    سولا : اسم مكان ، كيك : الجمل القوي ، المدا : لعلها من مد أي سار ومشى ، أب فقار : الفقرة قفا الرقبة وجمعها فقار او فقارات ، بدير : من دار وادار ، أم برطوم : البراطم الشفاة ، وأم برطوم هي المرأة ، الزينات : النساء الجميلات .

    ليس في حياتهم يوم كالذي مضى ولا ليلة كالتي إنقضت ، ومذاق هذا اليوم غير مذاق الامس والغد ، تناقض في الحياة بين اليوم والامس تنعكس آثاره على النفس ، لكنها الحياة التي ارتضوها لأنفسهم :

    يُـــــــــوم مجنِّبين* ماسكيـــــــن نَقيب* الهـــــوْ

    يُوم في ليلــــــة يابْسين فُـــــوق سُروجن كــوْ *

    مبـــــــرومة الحَشـــــا* الميهـــــا التخيِنة أم بَوْ*

    يوم بنجيهـــــــا نازلين زي صقـــــــور الجـــــو*

    جنب : صعب المراس ، نقيب : الطريق في الجبل ، الهو : الخلاء ، كو : كلمة صوتية تدل على القوة والشدة والصلابة ، مبرومة الحشا : كناية عن ضمور الخصر ، أم بو : السمينة المفاضة

    هذه الحياة المضطربة التي يشوبها القلق ، جعلت الهمباتة يشعرون بأن حياتهم قصيرة ، وأن الموت يترصدهم ويتعقبهم في كل لحظة وحين . ولكنهم كانوا يخففون وطأة هذا الشعور بايمانهم بأن لكل إنسان أجل مكتوب ، وأن الله وحده هو التحكم في المصائر . ونتيجة لهذا الشعور الذي سيطر عليهم , فقد كثر الحديث عن الموت في شعرهم :

    الرِّيح ليــــها خالــــــــــــق بابا مُو مَكْتـــــــــــُوم*

    الرُوْح ما بْتفـــــــــــارق الجِتّـــــــة* غير اليـــــوم

    مكتوم : الكتمة شدة الحر . الجتة : الجتة هي جسم الانسان .



    ومن شعراء الهمباته الطيب ود ضحوية :

    اسمه الطيب عبد القادر سليمان ود ضحوية " وضحوية جدته لابيه " ينتمي إلى قبيلة الجعليين ولد بقرية الضيقة بجبل أم علي وهو مسندابي عاليابي والعالياب هم فرع من فروع قبيلة الجعليين .

    الهمبتة في حياة الشاعر:

    لما بلغ الشاعر العشرين من عمره اجتذبته حياة الهمبتة لما كان يشاع عنها من أساطير وقصص وبطولات تحكى في المجالس مقرونة بإشعارهم الحماسية وأخبارهم مع محبوباتهم ، استرعت هذه الحياة انتباه الشاعر فانضم إلى جماعة القديات والهواوير من البدوالهمباتة ، ليس بدافع الفقر وانما طلباً للبطولة والمتعة . صحب الطيب ود ضحوية في غاراته اعتى رجال الهمباتة كطه الضرير ورحمة التركاوي واحمد عمران وود فكاك وصار زعيماً للهمباتة لتفوقه عليهم في هذا الميدان .

    حياة الهمباتة من خلال شعره :

    يعتبر شعر الطيب ود ضحوية مرآة لحياة رفاقه من الهمباتة لانه وليد تجربه وليس وليد الخيال وحده وفي ما يلي بعض الصور التي سجلها عن حياته ورفاقه :

    الليـــــــــل امسى والنعسان* جرايــده يرحن*

    كبــــــــــس الهم علي الســـــــط* قلوبن وحن

    كضــــــــــم* الجرة سحـــــّار الغروب اتمحن*

    نعـــــــــود سلمانه ياعمــــر الظنون إن صحن

    النعسان : يعني الجمل ، يرحن : يتألمن ، السلط : الشجعان ، كضم : كظم ، اتمحن : احتار

    في هذه الابيات يصور لنا الشاعر صورة الهمباتي الذي يستتر بالليل ويخب المسير على جمله الذي أصابه النعاس أنهكه السير حتى صارت اقدامه تؤلمه " جرايده يرحن " وكيف أن رفاقه الهمباتة الشجعان " السلط بمعنى الشجعان " قد ساورهم الهم والوساوس حتى أسرعت دقات قلوبهم فتجاوب " الساحر " وهو اسم احدهم مع هذا الموقف المتحفز " فكضم الجرة " أي لزم الصمت استعداداً للضربة القاضية التي يريد أن يكيلها الرجال لخصمهم في تلك اللحظات ، واثناء ذلك يعلل الطيب نفسه ويشجعها ويمنيها بالظفر والعودة للمحبوبة " سلمانة " برفقة صديقه عمر .



    امــــــلالنـــا الكــــــــــدوس تمبكنـــــا ياعبـــــاس

    مابـــــــترضى أم خدود جيبـــــــة الزمل يبـــــاس

    دا الجابر على الحـــــــــــارة أم ضـــــرب رصاص

    نحــــــن نــــــــدركا وعقـــــــب الكـــــــريم خلّاص

    وفي موقف آخر يبدو أن رجال الطيب قد اختلفوا في ما بينهم بين الإقدام والإحجام ، وذلك لان الغارة التي ينتوونها محفوفة بالمخاطر وفرص النجاح فيها قليلة ، لكن الطيب يضرب صفحاً عن لجاجتهم واختلافهم ويأمر رفيقه أن يقدم " التمباك " انصرافاً عن الجدل العقيم لان هذا الذي يتجادلون حوله امرمفروغ منه في رأيه ، فما دامت محبوبته لن ترضى بعودته دون غنيمة فما عليهم والامر كذلك إلا أن يخوضوا تلك الغارة و" الكريم

    خلاص " والله هو المنجي

    الفخر عند الهمباتة :

    الهمباتي فخور بشجاعته وإقدامه ، صامد عند الشدائد والملمات حريص ألا يصدر عنه ما يكون وصمة عليه وعلى رفاقه وبناته ومحبوبته وهو دائماً " يطرا " يتذكر محبوبته في مثل هذه المواقف ، فخور بمصاحبة جمله ، معتز بمضاء سيفه وبندقيته .

    يحكي لنا الطيب قصة تتبعه لقطيع من الإبل بمنطقة وادي أبو سلم لا راع ولا رقيب لهن" صياب "يريد اقتناصها وطريقه دائماً وعرة المسالك خطيرة " زلقيب " لا يمكن أن يلحق به الجبناء ولا الشجعان ولا يجبن مهما واجه من تحدي :

    بــــــــاري لي بكـــــــــاراً بي اب ســــــــــلم صياب

    مطلقـــــــــات همل بين الدليـــــــــج والكــــــــــــاب

    زلقيب دربي أنـــــــــا المنـــــــــــــو الرجال بتهــاب

    ينقطـــــــــــع اللسان يافاطمـــــــة ابوك إن عــــــاب

    وفي ابيات اخرى يتحدث عن غزواتهم ويفخر بشجاعته وذيوع صيته في انحاء البلاد كما يفخر بسباته عند اللقاء:

    نـــــــــــــــــاس أب آمنة شدوهن مع الاوكــــــــات

    عقدو الشـــــــــورة من تقلي وعقيدن فـــــــــــــــات

    ابوك ياالزينة الخجــــــــــــــــّا المديريــــــــــــــــــات

    ابوك ياالزينة عكـــــــــــاز التقيلــــــــــــــة إن جـــات

    وفي الابيات التالية يفتخر بشجاعته واعتماده على بندقيته وحدها :

    اتوجهنـــــــــــــــــــا من دار دتــــــــــي* والبقـــــــارة

    وامسى يتاتــــــــي* بالقلعـــــة ام قرود لايســـــــــــارا

    واحدين يا أم عــــــــــروض مثل التيــــــــــوس تتبارا

    وواحدين فـــــــــــــازوا بالقصبــــــــة* البتوقد نــــــارا

    داردتي : غرب السودان ، يتاتي : يسير محاولا الاسراع ، القصبة : البندقية



    الليلــــــــة أم هلال امســــــــت سراتك تـــــــــــــــــــارا

    واسيـــــادك جواميــــــس الردف* والـــــــــــــــــــــدارة*

    إن حرت صنـــــــــاديداً تقابــــــــــــــــل الحـــــــــــــــارة

    وإن بردن نكـــــــــــــافيبن سوالــــــــــــف الســــــــــارة

    نكافيبن : أي نكافئ بهن

    هم حين يتجشمون المصاعب يفعلون ذلك عن مقدرة وبسالة ، واقيم النوق عندهم الردوف أي التي يتبعها ثَقبها" الثقب هو بلد الناقة " والدارة " الحامل " التي اوشكت أن تضع حملها ، ومن اجل هذه النياق يخوضون المعارك الضارية ، فاذا ظفروا بها كان ذلك من نصيب محبوباتهم حيث المتعة واللهو والانفاق بسخاء ، اما إذا استرجعها اصحابها فلا يعني ذلك انهم ليسوا شجعان .

    وعلى طريق ابوحمد حيث تمر القوافل إلى مصر يترصدون القافلة التي تمر عابرة حتى إذا ما التقوا بأصحابها اخذوها عنوة واقتدار:

    الولد البجــــــــــيب كمـــــــــــش النقــــــو* مُوهيـــــــن

    سايم دمــــــــو في وقت الحــــــــديث مـــــــــــــــــطيّن

    غصبـــــــــــاً عنو يـــــــــا الساحـــــــــر نســــوقن بيّن

    النقو : النوق ومفردها ناقة

    فما أن يفوزوا بغنيمة من الإبل حتى يقتادونها إلى السوق بعيداً عن موطنها الاصلي ، بعيداً عن انظار الانجليز " الحُكّام " وهنالك يبادر تجار الجمال من عرب العليقات " اسم قبيلة " بالشراء ، اما غيرهم من الفقراء فوسيلتهم إلى ارضاء محبوباتهم أن يذبحوا لهن الديكة :

    واحديـــــــن في البيـــــــــوت بي ديك جداد رضـــــــــــوهن

    واحديـــــــــــــــن بالخلا والفيـــــــافي نفـــــــــــــــــــوهن

    بلد الانجليــــــــــز عقبنـــــــــو ماشــــــــافــــــــــــــــــوهن

    وقفن زومـــــــــــــة ياطــــــــــه العليقـــــــــات جوهـــــــن

    سخريتهم من العاطلين :

    كثيراً ما يسخر الشاعر من المتبطلين الراضين بحياة الذل والفقر، مفاخراً اياهم برفاقه الشجعان واصفاً الهباتي بأنه " الولد " الذي يسري الليالي واضعاً ساقيه واحدة فوق الاخرى على ظهر جمله " ابو قوائم " ، وهو يحمل قربته " وعاء يوضع فيه الماء يصنع من الجلد المدبوغ " ، كما يحمل ذلك النوع الفاتك من السلاح " أب كسرة " فشتان ما بينه وبين الخاملين " ناس يمه " الذين لاهم لهم غير أن يطالبوا امهاتهم بالمزيد من الطعام :

    ولداً بطبـــــــق المســـــــــــــــرى فوق المســــــــــــــرى

    يخلف ساقــــــــــو فــــــوق ضهــــــر ابوقوائم ويســـرى

    حقــــــــــب قربينـــــــو فوق جربانـــــو خت ابكســـــــرة

    فرقــــــــــــاً شتـــــــى من ناس يمــــــــه زيدي الكســـرة



    كما يسخر من المتأنقين الذين لا فخر لهم غير نظافة ملابسهم ولف عمائمهم ، وتسخر منهم الفتاة الجميلة ذات "الشلوخ العوارض" هيهات لمثل هؤلاء أن يكون شأنهم كشأن الصناديد من امثال الشاعر و الهمباتة الذين عادوا ظافرين إلى محبوباتهم اللائي ليس لهن شغل غير احصاء الايام التي تغيبوا فيها عنهن شغفاً وكلفاً بهم :

    ناس قدّر الله بـــــي الحلة مكبريـــــن عمامـــــــــــــــــــــن

    عدمـــــو الصيبــــــة والزول ابعــــــــوارض لامــــــــــــــن

    اندرجو الصنـــــــــاديد والضـــــــــــــرير قدامـــــــــــــــــن

    نوو العــــــــــــودة لي المسكــــــــن عواد ايامـــــــــــــــــن

    الصيبة : الصواب والعقل



    ومقارنة اخري بين هؤلاء واولئك يسوقها الطيب ليبين الفارق الكبير بينهم فبينما هؤلاء لا شغل لهم غير البطالة والسعي بالنميمة نجد اولئك يقطعون المسافات في اسفارهم إلى غرب السودان والمناطق النائية ، وهم لشجاعتهم وحسن بلائهم يبقون الساعات الطوال على ظهور الجمال ، ثم انهم لا يتهيبون قتل خصمهم إذا أصر على تحديهم ::

    واحديـــــــن في البيــــــــــــوت متل الكلاب الشـــــــــــــول*

    قاعدين لـــــــــــي مشاركــــــــــة الحديث والقـــــــــــــــــول

    وحديــــــــــن في الغـــــــــــــروب يا شمـــــة تامين حــــــول

    كســـــــــــــر فــــــــــــوق دبابيكـــــــــــن يكتلـــــــــو الزول

    الشول : الوالدة

    تجوالهم في انحاء البلاد :

    الهمباتة لا يتقيدون بحدود فكل الارض قاصيها ودانيها عندهم مورد مباح ، فمرة نجدهم في كثبان كردفان وتارة في جبال التاكا أو صحراء العتمور واخرى في غابات الدندر أوعلى نجاد البطانة ووديانها بحثاً عن الإبل اينما حلت سواء في الشرق والهوج " الغرب " وفي ذلك يقول الشاعر :

    ابوك يـــــــــــــاالزينــــــــــــة عكاهن* قبض في روســـــن

    الهوج* والشـــــرق فوق العواتـــــــي* بكــــــــــــــــــوسن

    سروجنـــــــــــا الغلّبن صايـــــــــــح القماري حسوســــــــن

    نوو العودة لـــــــــــي الغالـــــــــي ورفيع ملبوســـــــــــــــن

    عكاهن : استشارهن ، الهوج : الغرب ، العواتي : القوية

    ويحكي الكثير من هؤلاء الهمباتة مغامرات لهم بين مختلف القبائل ، فهم مرة يغزون قبائل الهدندوة والبشاريين في شرق السودان ومرة يتجهون إلى الدندر والرهد :

    الدنــــــدر* كـــــــــــــــَرَب*ْ كيــــــــــــــف القُعاد والراحة

    ابقِــــــــــي لَزُمــــــــة يا بكيرة البـــــــدو السرّاحـــــــــــة

    ومرة اخرى في اقصى الغرب :

    إتــــــــــــــــوجّهنا من دار دتّـــــــــــــي* والبقــــــــــــــارة

    وامســـــــــــى بتاتي* في القلْعـــــــة أم قُرود* لا يســــارة

    دار دتي : غرب السودان ، يتاتي : يسير مسرعاً

    يصف الشاعر تجوالهم في منطقة غرب السودان " داردتي " ورحلاتهم فيها وكيف تسير ابلهم مسرعة لبلوغ تلك المناطق " القلعة أم قرود " .

    ومرة ثالثة في منطقة الفونج :

    شقّينــــــــــــا البلد لـــــــــــي الدالــــــــــــي والمزمــــــوم*

    واخيراً يطيب المقام عند الزبيدية " الرشايدة " في شرق السودان :

    مايقســــــــــــــن* دروب نـــــــاس عايدة بت عوّاد*

    يتمنى الشاعر أن تكون رحلاتهم إلى شرق السودان حيث تقطن قبيلة الرشايدة خالية من الاخطار " مايقسن " ودرب هو الطريق وقد اشتهرت تلك القبيلة بحيازة الإبل .

    مواجهاتهم مع رجال الحكومة :

    لعل اكثر ما كان يغض مضاجع الهمباتة هو ملاحقة رجال الحكومة من الهجانة الذين لا يفتئون يتعقبونهم ويتربصون بهم الدوائر حتى إذا ما التقوا دارت بينهم معارك حامية كانت الغلبة فيها للاصدق عزما الحريص على النصر ، وكانت الغلبة دوماً للهمباتة . وتستمر المطاردة والملاحقة من قبل " الشرطة " حتى رسخت كراهية الهمباتة لهؤلاء الرجال فاسموهم " كلاب الحر " سخرية منهم لانهم لا يصمدون عند لقائهم ، فهم حالما يشعرون بالخطر يقفلون راجعين متعللين بشتى الأعذار ، فهم لذلك اشبه لديهم بالكلاب التي لا تستطيع أن تعدو خلف فريستها في النهار الغائظ ، فسرعان مايدركها العطش فتتفيأ اقرب ظل وتظل تلهث حتى تنجو الفريسة :

    الليــــل امســـــــى كلب الحـــــــــر بجض* بارينــــــــــــــا

    عقبـــــــان* السمــــــــــائم عكــــــــرن صافينــــــــــــــــــا

    نَتِلّ القــــــــــــــود* على الزول الخليقتـــــــه حسينــــــــــا

    ياليــــــــــــــــل غادي في بلـــــــــــد أم فلـــــــــج ما جينـــا

    بجض : يدأب ، عقبان : ثم أن ، نتل القود : نحمس الجمال

    وهم في مواجهتهم لرجال الشرطة من ناحية وزعماء العشائر من نظار وعمد من ناحية اخرى يقفون في صمود غير مبالين بهؤلاء وأولئك ، بل تذهب بهم الجرأة والتحدي إلى الاغارة على إبل النظار والعمد انفسهم :

    حكــــــــــــم القبطــــــــي* والعمد العلينــــــا غـــــــــوادر

    مـــــــــــابنتـــــــــوب بلا حكــــــــــم الإله القــــــــــــــــادر

    ناقـــــــــــة العمــــــــــدة ود كرار بــــــــــــــراه* النــــاظر

    الحـــــــــي مننــــــــــا يكـــــــــربت* قرانــــن* ســــــــادر

    القبطي : الانجليزي ، براه : ذاته ، يكربت : يسرع بهن ، قرانن ، الإبل المربوطة إلى بعضها البعض .

    وحين تصل بهم الجرأة مداها يتحدون المدير الانجليزي فيقول له الطيب ود ضحوية اني انا القائد :

    ابـــــــــــــوك ياالزينــــــــــة بي درب الدراهم هافـــــــــــي*

    أنا يا المستر ابو فاطنة العقيد* الشافي

    مســــــــك القايـــــــــدة تمســـــــاح الدناقلــــــــــة مقافـــي*

    نــــــــــــــوو العودة لــــــــــــي زولاً حنيـــــــــن مو جافـي .

    هافي : جشع ، العقيد : القائد ، مقافي : مولي

    قيمهم وتقاليدهم :

    على أن لهؤلاء الرجال مهما اشتطوا في تمردهم على القانون والعرف والتقاليد السائدة ، لهم ايضاً قيم وخلائق حميدة ، فهم يرعون حق الجوار ويتعففون عن الخوض في الاعراض ويهبون لنجدة المستغيث ، وحتى في ممارستهم للنهب يتقيدون بتقاليد لا يجوز خرقها أو تجاوزها ، وهم رحماء بينهم ،يشفقون إذا اصاب احدهم مكروه كل ذلك مسجل في اشعارهم ، يقول الطيب ود ضحوية :

    نـــــــــــــاس قدر الله قاعــــــــــــدين في الفريق ما بخترو*

    من كبــــــى وكشف حـــــــــال الحريــــــــــــم مـــــــــابفترو

    أنـــــــــــا البختــــــــــــــر براي اسد الرضيمـــــــــة* بنترو

    صاحبـــــــــــي إن ضلا ما بفشـــــــــاه ديمه بســــــــــــترو

    ما بخترو : لا يغتربون ، الرضيمة : الغابة الوعرة

    يقول الشاعر : التبطل والبقاء في المنازل دون عمل وتتبع اخبار النساء والاطلاع على احوالهن ليس ديدنهم ، فقد اتخذوا لانفسهم سبلاً اخرى وهي سلوك الطرق الوعرة المحفوفة بالمخاطر ، إن احدهم ليسافر منفرداً إذا دعت الحال ولا يغير طريقته مخافة الاسد الرابض في " الرضيمة " بل ينازله ويقضي عليه ، كما انه حافظ لاسرار اصدقائه غافر لزلاتهم ، وقد يدفعه وفاءه هذا أن يتجشم المصاعب ويعرّض حياته للهلاك وما ذلك الا التزماً بمبدأ الهمباتي الذي لا يعرف الغدر والخيانة لاصحابه :

    الخبـــــــــر البجيـــــــك الصديق مقفـــــــــــــــــــــــــل جوة

    حالــــــــــــف ما افوتو حتـــــــــى إن وقــــــــع فـــــي هوة

    عنــــــد حالــــــــــــة الدرك* مابنســـــــــــى شرط الخـــوة

    كبّـــــــــــاس للدهم* فوق البــــــــــقول يا مـــــــــــــــــروة

    الدرك : الخطر ، الدهم : المصائب

    والهمباتي حريص على عرضه وعرض جاراته عفيف بعيد عن الدنايا ولا " يعقب يحل الصرة " أي انه لا يسرق المال زد على ذلك أنه كريم لا يخفي زاده أو ماله عمن يسأله وفي هذه المعاني يقول الطيب ود ضحوية :

    ما بتبــــــــــن* الجـــــــــــارات اخــــــــــــون الحُــــــــــــرة

    مانـــــــــــــــــي دغـــــــــــــور* بيوت بعقب احل الصـــــرة

    ساوي ضــــــراعي للفــــــــارس العنود* ومشـــــــــــــــرا*

    بازل مـــــــــــــالي لي القاصــــــدني قـــــــــــــــاعد بـــــرا

    مابتبن : لااتجسس ، دغور : ولوف ، العنود : العنيد ، مشرا : الشرير

    ويقول ايضاً :

    مابتــــــــــبن الجــــــــــــــارات اخونــــــــا وليتــــــــــــــــي*

    مانـــــــــــي دغـــــــــــور بيــــــــــوت الناس بتكره جيتــــي

    ساوي ضراعــــــــــي للفارس البقـــــــــول ضميتـــــــــــــــي

    بازل مالــــــــــــــي للاخوان بعرفــــــــــــو حنيتـــــــــــــــــي

    وليتي : جمعها ولايا ويقصد بها المرأة أو الزوجة



    ومن تقاليدهم في الاغارة والغزو الا يعتدوا على القبائل التي تربطهم بها علاقات حسنة ، كما لا يجوز لاحدهم أن يقتنص " الهاملة " من الإبل التي ضلت عن قطيعها فليس في هذا الفعل أي بسالة أو مجهود وهو يعد عندهم سرقة صريحة وعلى الهمباتي أن يأخذ المحصنة المحمية من الإبل ، وجاء في هذه المعاني :

    الزول البـــــــــدور مـــــــــن البــــــوادي ضريبـــــــــة

    يبقــــــــــــى موارك الغربــــــــة ويبعد الريبــــــــــــــة

    مـــــــــــــايتدنى لي الهاملــــــــة البشوفــــــــا غريبــة

    الا السيــــــــــدا في الدنــــــــــدر مسيـــــــــــلا زريبـة

    كما أن الهمباتي سريع الاستجابة للتحديات يخف إلى نجدة المستغيث ونسوق هذه القصة التي تبرز تلك المعاني بجلاء :

    قتل احد افراد قبيلة الخواوير " الكرار " اخ "الطيب" غدراً وخيانة ولم يعلم احد بالحادث ، ولكن " بت ريا " احدي نساء الخواوير راحت تفخر بالقاتل وتتغنى وتهجو الطيب وتعيّره بعدم اخذ ثأر اخيه قائلة :

    الجنيـــــــــــــات جميــــــــع مفقودكــــــــــــــم الكـرار

    ضُـــــــــلعو يطقطقــــــــــن تحت الهشيم والنـــــــــــار

    وينــــــــــــو الطيب القلتـــــــو بجيب التــــــــــــــــــار

    يسلــــــــــم لـــــــــي علـــــــى العدمكــــــــــــــم الدوار

    وتبلغ الابيات مسامع الطيب فيعرف أن قاتل اخيه هو هذا المدعو "على" ويستشيط غضباً ويهيئ نفسه للاخذ بثأر اخيه ويرد على استفزاز المغنية بالابيات التالية حيث يعلن فيها عن استعداده للاخذ بالثأر مضاعفا :

    أكل الخلفــــــــــة وعقـّــــــــب علـــــــــى البكريــــــــة

    وشمــــــــــخ الحوري لــــــــــي بعصت عـريب بت ريا

    كان مـــــــــــا وجّب الباكيــــــــــات وخلف الكيـــــــــــة

    قولت ابو فاطنـــــــــــة يا الصادق خســـــــــــارة علي

    ولعل خير مثال لتعاطفهم وتراحمهم في مابينهم مايحكى عن أن احدهم قد مات وترك زوجته واطفاله وليس لهم عائل ، فزارهم الطيب في يوم من الايام فوجد حال المنزل بائسة وسروج الجمال مبعثرة والمنزل مهمل وقد تضعضعت اركانه وانحلت اطنابه فتألم وبكى لهذه الحال و انشد :

    الــــــــــــولد البرضــــــــي النيــــــــــــــــــــه مو نوام

    حقب قربينـــــــــــــه فوق ضهــــــــــر المسري* وقام

    اندمــــــــــــــــرن سروجــــــــــــــــو وكملــــــــن الايام

    وتشلـــــــــــــع ستـــــــــــــار القبلـــــــــــــــــة من قِدّام

    المسري : سنامه عال

    صفاتهم النفسية والجسدية :

    يتميز الهمباتة بصفات نفسية وجسدية ، ففي الناحية النفسية نجد انهم جميعاً يستهينون بالحياة في سبيل تحقيق اهدافهم ، والموت عندهم امر لا مفر منه ، ومن شعرهم في هذه المعاني :



    الولـــــد البِدور فـــــــُوق القبيلــــــــــــــــة يشَكـر

    بخلــــــــف ساقـــــو فوق بلد العدو ؤيتْـــــــوكّر*

    أمّن جـــــــاب رُضْوَة* البَهَم* اللهيّجـــو* مسَكّر*

    وآمـــــــا اب صلعة* فُوق ضلّاعو تيتل* ؤكَرْكَرْ*

    الوكرة : المكان الموحش ، رضوة : رضى ، البهم : يعني بها الصيدة الصغيرة ، اللهيجو : اللهيج تصغير لهجة ويعني الحديث ، مسكر : حلوٌ عذب ، أب صلعة : كناية عن الصقر ، تيتل : مشى في كبرياء ، كركر : احدث صوت .

    ومنه :

    الولــــــد البدور في قفاهـــــــو* ما يتشَنــّف*

    اللحجـــــم* قُجة* اللشَق* الطويل ومقنّـــفْ*

    أما يجيب رُضــــى السمتانة* ما بتخنّـــــــف*

    ولا أم رُبـــــة لا حولين* تَكوفتُوْ* مَصَنّـــف ْ*

    القفاء : مؤخرة العنق ، شنف : اعاب ، يحجم : من حجم يعني يربطه عن مؤخرة الرأس ، قجة الإبل ذروة سنامها اللشق : من لشق طافة الجمل أي رفع الخشبة التي يوضع عليها السرج فوق سنام البعير لتستقر ، قنف وأقنف : مرفوع الرأس ، السمتانة : المرأة الطيبة السوية ، حنف : لام ووبخ ، حولين : عامين ، كوفت الشعر : ضفره ضفراً غير متقن .

    فهذا هو المبدأ ، نيل شكر القبيلة وثنائها ورضاء المرأة أو الموت ، فليس هنالك مجال للحلول الوسط في حياتهم .



    ومن مظاهر قوتهم النفسية عزوفهم عن الاعمال التي يرون فيها صعفاً وهواناً ، وقد عبروا عن هذا في شعرهم ، واكثر الاعمال التي تعرضوا لها بالتحقير والإستهجان الزراعة ، ذلك لانها البديل المباشر لحياة الرعي سيما منهم من عمل بها :

    يقول الطيب ود ضحوية :

    الليلـــــــــة التِّغمِّد* ياحســــــــــن* مفقــــــود

    كِتـــــر قلِّيبي فوق لوُزْ التّبس* والعـــــــــُود*

    كان مـــــــــي قسمة* يا الدِّقة الوضيبه* يقود

    ما خَسّنـــــا* بي زراعة وِديْ مسعـــــــــــود*

    التغمد : النوم ، حسن : رفيق الشاعر ، التبس : القطعة من الزرع ذي الساق حين يقطع ويجفف ، العود : الغصن

    ويقول ايضاً :

    كم عتمــــــــــرتبن* فوق قُجـــــــــــة العَبّادي*

    وكم غَوّصْتلـــــــن* من الدنـــــــــــادر وغادي*

    كان مي قسمـــــــة يا الدِّيقة أم قريناً نــــــــاديْ*

    ما خسّانــــــــــا بي زراعــــة الفَشَقْ* والوادي

    عتمر : ضرب في الصحراء ، العبادي : الجمل ، غوص من غاص في الماء ويقصد البُعد ، غادي : بعيد ، قرين : تصغير قرن وهو الشعر ونادي من الندى ، الفشق : لعلها من الفاشوق وهو جزء من الساقية .

    ويقول احد همباتة قبيلة الحمر :

    من جِرنبــــــــــــــان* قُمنـــــــــــــــــا جماعــــة

    عقدنــــــا الشورة صدر القُوز قُصــــــاد القاعة*

    البَكرة العليهــــــــــــا الطَقّة والطُبّاعـــــــــــــــة*

    أنا بعيش فيهــــا سيبك* من هموم وزراعــــــة

    جرنبان : بلدة في منطقة الحمر بكردفان ، القاعة : مكان بعينه ، الطقة والطباعة : وسم لقبيلة معينة فلكل قبيلة وسم معين تضعه على حيواناتها من إبل واغنام وغيرها . سيبك : دعك .

    ولم يقف الأمر على حرفة الزراعة وحدها ، بل حظيت اعمال اخرى بهذا النوع من التحقير . يقول الطيب ود ضحوية :

    أنا ماني* التنبل* أل في البيت صنعتي حليب*

    بدور الشــــــــَّدة فوق إبلاً شوافـــــي* ؤنيب*

    إن حضــــــــرّن نخُت الشكــــــــــرة ما بنعيب

    وإن بردن نكافيبــــــــن* سوالف* أم طيـــب*

    ماني : لست ، التنبل : القصير القامة البليد الكسول ، الحليب : من حلب الشاة إذا اخرج ما في ضرعها من لبن ، الشوافي : قويات ، نيب : جمع ناب وهي الناقة المسنة ، كافى : جازى ، سوالف : جمع سالف وهو ماتقدم من عروف واحسان ، أم طيب : المرأة المتعطرة .





    ظروفهم في الحبس :

    لقد كان من الطبيعي أن يقع رجال هذا حالهم في قبضة الحكومة وأن يسجن بعضهم ، فلابد أن يخطئ احدهم التقدير فيترك اثراً يدل عليه فيأخذ إلى السجن جزاء ما اقترف .

    جلس الشاعر مرة في الزنزانة يترنم بالدوبيت فقال :

    اللــــــيلة السجـــــــــــــن جاب انكتامــــــة وحــــــــــرا

    نمّـــــــــن جرارقو* حدث لـــــــــــي الجنين* الــــــــبرا

    سحـــــــــــــار الغــــــــــــــروب راجينا كاضم الجـــــرة

    بلحــــــــــــق بيك مــــــــــراح حسب الله وين ما خـــــرا

    لمّن : الى أن ، جرارقو : معاوده ، الجنين : الرجال

    يقول الشاعر أنه لم يكن ليأبه بالسجن مهما لاقى فيه من معاملة غير كريمة وما يكلف به من أعمال شاقة لكسر شوكته وإذلاله ، وكان يقابل ذلك بسخرية وجلد وهو واثق من أن الايام لاتلبث أن تنقضي فيخرج بعدها اشد بأساً واعظم سطوة ليتابع مع رفاقه غزواتهم التي لا يثنيهم عنها غير الموت، وهو يتوعد ذلك الرجل الغني صاحب الإبل بأنه بمجرد خروجه سينهض ليلحق بى ذلك المراح الكبير " مراح حسب الله " والمراح هو المجموعة من الإبل .

    اما في الابيات التالية فيسخر من إجراءات السجن والمحاكمة التي يتعرض لها ، كما يصف الزنزانة ورقاده على "النمرة "، و يفخر بذيوع صيتهم وشهرتهم التي طبّقت الآفاق :

    رقـــــــادي النمــــــــــــرة والباب العلـــــــي مقفــــــول

    واخــــــــذوا البصمــــــة ومقاييس العــــــــــرض والطول

    دي النـــــــــادرة العــــــــلوانة لااستنبــــــــــــــــــــــــول*

    خرب ايدينـــــــــا يا شمـــــــــــــــة وجرايد الغـــــــــــــول*

    استنبول : مدينة بتركيا ، الغول : اسم بعيره

    وحينما يطول به امد الحبس وتضيق به الحال يعلن توكله على الله واذعانه لامره :

    زنزانــــــــــة الرمــــاد قاطعــــــة البصيـــــــص والضوء

    وفيهـــــــــــا مسجنيـــــــن ناســـــــاً اسوداً حـــــــــــــو*

    ارجــــــــــــــا البـــــــاري شـــــــن مايريـــــــد عليك يسو

    وإن وقـــــــــــع القـــــــدر تلقانــــــــا يابسيــــــن كـــــــو*

    حو : خالط سوادهم حمرة ، كو : إشارة لصلابتهم .

    أحيانا يلجأ للسخرية من حياته داخل السجن ومن الأعمال التي يكلف بها :

    رقــــــــــادي بـــــــــــــــلاط وسيـــــــــخ متعـــــــــــارض

    وقــــــــــــافلنو علــــــــــي من النسيـــــــــم البــــــــــارد

    يا عــــــــــــايد البلـــــــــد قول لام وريــــــــدا*ً شــــــارد

    كــــــــــــــل ما يشق حَمــــــــــــار* شايل جرادلي ووارد

    ام وريداً شارد : البضة ، حَمار : الشفق ، شايل : حامل ، وارد : الورود هو جلب الماء من النهر او نحوه .

    وإذا ما أخذ صديقه يتذمر ويشكو حاله في السجن يوبخه ويطالبه بأن يتحلى بالصبر ولا يضعف ، وعليه أن يتذكر محبوبته لانها تنتظر عودته :

    يومــــــــــــــاً في السجن يومــــــــــــاً رقاد متحـــــــــدر

    ويومــــــــــاً بالصفـــائح للبحــــــــر بنبــــــــــــــــــــــــدر

    القيــــــــــد والحبـــــــس قط للقـــــــلب ما بـــــــــــــــودر

    اطـــــــــــــرا اللينــــــــــــة يا طــــــــــه العزيـــــز لا تودر

    بنبدر : مبكرين ، بودّر : يُنسي ، اطرا : اتذكر

    المرأة والناقة في شعره :

    المرأة هي ثاني الموضوعات التي يهتم بها الهمباتي بعد اهتمامه ببعيره ، فالجمل هو رفيق غزواته ومنجيه من المهالك ، وهو صبور يحتمل الظمأ كما يحتمل السير في وقت الهاجرة ، كما انه كاتم سر الهمباتي ، لذا نجده يشركه في احتفاله بالنصر كما يقاسمه الفخر ويعزو إليه أسباب النجاح .

    اما المرأة فهي مصدر عزائه وسلوته ، فهو يعلل النفس بلقياها إذا بعدت به الشقة واغترب ، ويضع بين يديها جميع ما غنم من مال لذلك فالمرأة والجمل صنوان متلازمان في شعره

    منقول
    يتبع .

    (عدل بواسطة aba on 08-25-2003, 07:37 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-24-03, 01:52 PM
  Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 10:05 AM
    Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية ابو يسرا08-25-03, 11:00 AM
      Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 11:21 AM
        Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية ابو يسرا08-25-03, 11:31 AM
  Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية Yasir Elsharif08-25-03, 11:36 AM
    Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 12:18 PM
      Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية Yasir Elsharif08-25-03, 12:25 PM
      Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية ابو يسرا08-25-03, 12:30 PM
        Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 02:00 PM
  Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية ود عقاب08-25-03, 03:39 PM
    Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 03:45 PM
      Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية nazar hussien08-25-03, 04:07 PM
        Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 04:26 PM
  Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية Shinteer08-25-03, 05:30 PM
    Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 07:19 PM
      Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 07:32 PM
        Re: الصراع بين البطاحين والشكرية رواية شعرية صوتية aba08-25-03, 07:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de