|
Re: مقالي الذي لم ينشر في صحيفة السوداني نسبة لوقوعه في المحظور بابكر (Re: Awad Elkarim Babiker)
|
ومثلما قصدت فتوى الشيخ القرضاوي الى نزع المشروعية عن نظام العقيد الليبي, بل وذهبت لأبعد من ذلك بالدعوة للتصفية الجسدية للقذافي, فأنّ فتوى المؤسسة الوهابية تعمد الى اضفاء الشرعية على أنظمة سياسية حاكمة وذلك بوضعها لشروط تعجيزية للتغيير والثورة مثل أن " يكفر" الحاكم أو " يمنع الصلاة" وهو ما لن يحدث من قبل أنظمة تجيد اللعب على العواطف الدينية وتوظف شيوخ الدين لأصدار الفتاوى التي تثبّت أركانها الفاسدة. أما الأستاذ فهمي هويدي الذي يحلو للكثيرين وصفه "بالأسلامي العقلاني", فهو كذلك لا يختلف كثيرا عن الشيخ القرضاوي في التوظيف الانتهازي للمبادىء - وليس الفتوى, فهويدي لا يصدر فتاوى دينية بالمعنى الدقيق للكلمة - التي لا تحتمل التجزئة والتعامل الأنتقائي. فبينما كتب الرجل كثيرا عن مساوىء النظام المصري السابق, وعن ضرورة التغيير, وتحدث كثيرا عن الديموقراطية وحقوق الأنسان في مصر, فأنه يتعامل مع الحالة السودانية بتحّيز ايديولوجي وبخفة لا تليق بأهل الفكر والرأي. زار الأستاذ هويدي السودان مرارا في ظل حكم الأنقاذ, وكان بعد كل زيارة يكتب ليكيل المدح للنظام الأنقلابي, حتى بلغ درجة أن وصف المجلس الأنقلابي العسكري الأنقاذي ب " مجلس الصحابة الذي يحكم السودان". وعندما يكتب عن الوضع السوداني فهو لا يتناول القضايا التي يتناولها عند كتابته عن النظام المصري السابق, فلن تجده يتحدث عن الفقر و الفساد والمحسوبية والتفاوت الطبقي الحاد, وكبت الحريات, والرشوة والتدهور الأخلاقي الذي حدث في السودان, بل يفاجئك بالكتابة عن الرئيس البشير والقول : " كنت أعلم أنه حافظ للقرآن وله خلفيته الدينية التي حصلها منذ صغره حين كان حفظ القرآن أول ما يتعلمه أبناء جيله (من مواليد عام 1944). ولما صار رئيسا، فإنه ظل يواظب على أداء الفرائض الخمس من الفجر إلى العشاء في مسجد صغير مقام إلى جوار بيته الرئاسي". ويعلم الأستاذ هويدي أنّ كبت الحريات و الفساد المتفشي لن تحد منه صلاة الرئيس للأوقات الخمسة في المسجد, وأنّ الفقر والتفاوت الطبقي لن يزيله حفظ الرئيس للقران. وأنّ التديّن الشخصي للرئيس هو أمر يخصه وحده في علاقته برّبه, أما ما يخص الناس فيتمثل في تنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم من خلال عقد ينبني على الدستور الذي يكفل الحكم الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة. فلماذا – على سبيل المثال - لم يستنكر الأستاذ هويدي في أحدى مقالاته أستمرار الرئيس البشير في الحكم لأثنين وعشرين سنة مثلما استنكر بقاء مبارك لثلاثين ؟ ولماذا لم يكتب عن ممارسات حزب المؤتمر الوطني في الأنتخابات الماضية, وهى لا تختلف عن ممارسات الحزب الوطني في مصر, وكافة الأحزاب المهيمنة في الأنظمة العربية الفاسدة ؟
|
|
|
|
|
|