|
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) (Re: عماد البليك)
|
(3)
يقصر الكتاب اهتمامه على المرحلة النشطة الدعوية إلى الحركة الجماهيرية. وتتميز هذه المرحلة، أساساً، بسيطرة المؤمن الصادق، الرجل صاحب الإيمان المتطرف المستعد للتضحية بنفسه في سبيل القضية المقدسة، ويحاول الكتاب تحليل البذور والجذور التي تغذي طبيعة هذا الرجل، مستعيناً في تحليله بفرضية محددة، انطلاقاً من الحقيقة التي تقول: إن المحبطين يشكلون غالبية الأتباع الجدد في الحركات الجماهيرية، وإنهم ينضمون بإرادتهم الحرة. فيفترض هوفر بأن الإحباط في حد ذاته، ومن دون دعوة أو محاولة للاستقطاب من الخارج، يكفي لتوليد معظم خصائص المؤمن الصادق. والأسلوب الفاعل في استقطاب الأتباع للحركة يعتمد أساساً على تشجيع النزاعات والاتجاهات التي تملأ عقل المحبط. ويعتبر هوفر أن أول ما يجذب المنضمين الجدد إلى حركات ثورية صاعدة هو رغبتهم في التغيير المفاجئ لأوضاعهم المعيشية. أي أن الحركات الثورية بالنسبة إليهم هي أداة واضحة من أدوات التغيير، والحركات الدينية والقومية قد تكون هي الأخرى وسائل للتغيير. وكي يندفع الرجال في مغامرة تستهدف تغييراً شاملاً من توافر شروط عدة، فلا بد من أن يشعروا بالتذمّر من غير أن يكونوا فقراء فقراً مدقعاً مثلاً. ويجب أن يكون لديهم الشعور بأنهم عبر اعتناق العقيدة الصحيحة أو اتباع الزعيم الملهم، أو اعتناق أساليب جديدة في العمل الثوري، سيصبحون قوة لا تُقهر. بالإضافة إلى ذلك كلّه، يجب أن تكون لديهم تطلعات جامحة إلى المنجزات التي ستجيء مع المستقبل. كذلك، يجب أن يكون هؤلاء جاهلين جهلاً تاماً بالعقبات التي ستعترض طريقهم، فالرجال الذين أشعلوا الثورة الفرنسية لم يكن لديهم أي قدر من الخبرة السياسية. والأمر نفسه يصدق على البلاشفة والنازيين والثوار في آسيا. أما الرجال المجربون ذوو الخبرة فيأتي دورهم في مرحلة لاحقة، إذ إن هؤلاء لا ينضمون إلى الحركة إلا بعد التحقّق من نجاحها، فخبرة المواطنين الإنكليز السياسية مثلاً، هي التي تجعلهم بمنأى عن الحركات الثورية. ويؤكد المؤلف أنه عندما يصبح الناس جاهزين للانضمام إلى حركة جماهيرية، فإنهم عادة، يصبحون جاهزين للالتحاق بأي حركة فاعلة، وليس بالضرورة إلى حركة بعقيدة معينة أو برنامج معين. في المدة التي سبقت صعود هتلر إلى الحكم كان من المستحيل أن يتوقع أحد ما إذا كان سينضم الشباب المتوترون إلى الشيوعيين إو إلى النازيين. وفي أثناء غليان روسيا القيصرية كان اليهود والروس مستعدين للثورة على القيصر، وللانضمام إلى الصهيونية في الوقت نفسه، فكان أحد أبناء العائلة الواحدة ينضم إلى الثوار والآخر ينضم إلى الصهاينة. ويقتبس الكاتب هنا كلام والدة حاييم وايزمن: «كل ما قد يحدث سوف يكون ساراً. إذا كان صموئيل (الإبن الثوري) على حق، فسنكون سعداء في روسيا، وإذا كان حاييم (الإبن الصهيوني) عل حق، فسنذهب إلى العيش في فلسطين». هذا الاستعداد للتحوّل، لا ينتهي بالضرورة، عند اعتناق المؤمن الصادق حركة ما. فعندما تكون هناك حركات جماهيرية متنافسة نجد حالات كثيرة من نقل الولاء من حركة إلى أخرى. وبما أن الحركات الجماهيرية تستمد أتباعها من الأنماط البشرية نفسها وتجذب النوعية نفسها من العقول، يستنتج هوفر بأن جميع الحركات الجماهيرية متنافسة في ما بينها ومغنم واحدة منها لا بد من أن يكون مغنم الأخرى. كذلك جميع الحركات الجماهيرية تبادلية، بوسع أي حركة منها أن تحول نفسها، بسهولة، إلى حركة أخرى. فقد تتحوّل الحركة الدينية إلى ثورة اجتماعية أو حركة قومية، والثورة الاجتماعية إلى حركة قومية متطرفة أو إلى حركة دينية، والحركة القومية قد تصبح ثورة اجتماعية، أو حركة دينية. يشير الكاتب إلى أن المنبوذين والمهمّشين هم المادة الخام التي يُصنع منها مستقبل الأمة، أي أن الحجر المطروح في الشارع يصبح حجر الزاوية في بناء عالم جديد. فالأمة التي تخلو من الغوغاء هي التي تتمتع بالنظام والسلام والاطمئنان، إلا أنها أمة تفتقر إلى خميرة التغيير. فلم تكن سخرية من السخريات، أن المنبوذين في أوروبا هم الذين عبروا المحيط لبناء مجتمع جديد في القارة الأميركية، بل كان هذا هو الشيء الطبيعي. أما السبب الذي يجعل هؤلاء الغوغاء يؤدون دوراً مهماً في مسيرة الأمة هو أنهم لا يكنون أي احترام للأوضاع القائمة. إنهم يعدون حياتهم فاسدة بلا أمل في العلاج، ويحملون النظرة نفسها إلى الأوضاع القائمة. ومن هنا فإنهم على استعداد، دوماً لتحطيم كل شيء ونشر الفوضى والقلاقل. فالغوغاء يتوقون إلى صهر أنفسهم التي يعدونها بلا معنى في مجهود جماعي خارق وإلى الانخراط في عمل جماعي موحد. الغوغاء دائماً في مقدمة الاتباع، سواء كنا بصدد ثورة أو هجرة جماعية أو حركات عرقية، وهم من ثم يطبعون الحركات التي تغير طبيعة الأمم ومسار التاريخ.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-02-11, 07:40 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-02-11, 07:58 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-02-11, 08:04 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-02-11, 08:31 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-02-11, 08:51 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | صلاح عباس فقير | 03-02-11, 10:17 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | مهيرة | 03-02-11, 11:14 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-02-11, 11:18 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | كمال علي الزين | 03-02-11, 04:25 PM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | صلاح عباس فقير | 03-02-11, 08:03 PM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | بدر الدين الأمير | 03-02-11, 09:11 PM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-04-11, 00:35 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | Osman M Salih | 03-04-11, 10:53 AM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-04-11, 02:28 PM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | Osman M Salih | 03-04-11, 03:55 PM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | بدر الدين الأمير | 03-05-11, 12:49 PM |
Re: المؤمن الصادق - أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية (كتاب قديم ومؤثر) | عماد البليك | 03-07-11, 01:43 AM |
|
|
|