الأستاذ د/ مصطفي إدريس .. إنك كبير جداً .. فهل يستحقونك
ما ذكرته في مقالك الناصح الواضح غير الفاضح هذا حقاً إنه سفر وهدية غالية فإن لم يستجب من أرسلت إليه ولم يقف عندها فإذاً "أسمعت إذ ناديت حياً .. ولكن لا حياة لمن تنادي"
عندما يموت الضمير يتبعه كل أخوته في ذلك العقد الماسي من الصدق والحق والعدل والإعتراف بالذنب والبقية الباقية وبذلك يكون قد مات الإنسان أو ماتت فطرته وحلت محلها في ذلك الجسد روح الشيطان الذي يرى الباطل حقاً والكذب صدقاً والظلم عدلاً
فنقول إنقلبت الموازين ونقول تغير الزمن ولكن الزمن أو الزمان هو في ديناميكيته منذ الأزل والذي تغير هو الإنسان في داخل ذلك الجسد وأصبح شيطاناً
د/ مصطفى إدريس
من خطابك هذا العميق ومع كامل إحترامي لشخصك ومؤهلاتك والدرجات العلمية التي تتمتع بها، إلا أنني وأنا لا أتجاوز أن أكون تلميذ لإنسان في مستواك ومؤهلاتك ودرجاتك العلمية هذه، أرى أنك تضع نفسك في المكان الخطأ، حيث أن ما ذكرته وكأنما مثله لم يحدث إلا هفواً أو عفواً ولقد ثبت على مر السنوات التي فاقت العشرين عاماً أن كل ما يحدث يشبه بعضه بعضا، ترفع شعارات محاربة الفساد والقائمون عليها هم الفساد بعينه، ترفع شعارات الحرية ومساحات للديمقراطية ويبدأ تنفيذ الإعتقالات والتعذيب وتكميم الرأي الآخر والصحافة وحتى التظاهر السلمي
لقد ذكرت في خطابك هذا نقطة طالما ناقشتها كثيراً مع من هم مع النظام ومن هم ضده، ألا وهي خطاب الرئيس (عمر البشير) والذي كثيراً ما تكون به عبارات تحمل تهوراً وسباً وغيرها أو فيما معناه كما ذكرت، ولعلك تعني بها "الخطاب الفج" وهذه كارثة حقيقية وهي الإستعداء بذاته، بمثل الخطاب الفج قد تستعدي القريب قبل البعيد والخطاب الفج يسقط صاحبه من حسابات الكثيرين بأن لا أمل فيه، من يريد أن يخاطب الناس ينزل معهم حيث يقيمون، ولكن مخاطبة الناس من أبراج عاجية، هي العنجهية والتعالي والإستبداد، وصاحبها لا يريد الوصول إلى وفاق بقدر ما يريد أن يقول أنا هنا وحدي من أقول وأنتم فقط تسمعون.
وأيضاً ما أمطت عنه اللثام أيها الدكتور مصطفى إدريس؛ هو أن الحركة الإسلامية إختارت البشير من ضمن كثير من المرشحين لمنصب قائد الثورة في حينها، حيث أن البشير يعرف لغة الناس ويعرف أن يواصلهم في الأفراح والأتراح ويخاطبهم بلغتهم؛ فهل لغة الناس هي تلك اللغة المتحدية والمكابرة والمتمثلة في خطابه الفج هذا، وهذا ما أثبته أنت بقولك: ( وقالوا إن ما رجح كفته لقيادة مجلس الثورة أنه قوي الشخصية عند الشدائد، ولكنه ليّن الجانب وبسيط في الأحوال العادية، ويشارك العوام من أهل السودان أفراحهم وأتراحهم ويتكلم معهم باللغة التي يفهمونها؛ ولا يتنكر لماضيه ونشأته القروية المتواضعة ويقبل النصح ويلتزم برأي الجماعة.... * *فهل صحيح أنك الآن بعد أكثر من عشرين سنة في السلطة يصعب نصحك أو التصريح برأي مخالف أمامك، وهل صحيح أنه يستحيل أن تغير رأياً أو قراراً بعد اتخاذه إذا لم تتم التهيئة لذلك عدة شهور. علمنا يقيناً أن المستشارة القانونية التي طلب منها صياغة القرار (قرار نزع داخليات البركس من جامعة الخرطوم) أشارت إليك بضرورة أخذ رأي الطرف الآخر صاحب الحق قبل صدوره، ولكن ضرب برأيها عرض الحائط وكذلك توسل إليك بعض الرموز في الدولة للرجوع عن القرار بنزع أرض الجامعة فرفضت.... *)
فالرجل الآن ليس هو كما كان! فلماذا؟ أترك الإجابة على هذا السؤال للقاريء!! لهذا وذلك وغيره، أرى أنك يا د/ مصطفى إدريس ليس في المكان الصحيح، إنك تعمل مع جماعة لا تشبهك، ولا تعبر عنك فأنت تبحث عن الحق والصدق والعدل والسماحة وهم سلاطين الظلم والكذب والفظاظة.
وأخيراً ليس لدي إلا أن أقول لكم يا سعادة الدكتور أتلوا قوله تعالي:
(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكّر أولو الألباب) [الزمر9]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة