أمين حسن عمر للتيار : مسجد النور منحة سعودية (ما من بيت أبوك)

Quote: افق بعيد فيصل محمد صالح دليل مكافحة الفساد اكتشف المسؤولون فجأة أن في البلد "بعض وقائع الفساد"، وكثر الحديث عنها هنا وهناك، من أصغر مسؤول وحتى رئيس الجمهورية. ورغم النفي المتكرر لدلالات هذا التذكر المفاجئ، إلا أن له علاقة مباشرة بماحدث في مصر وتونس، وماتكشف من وقائع مذهلة تشيب لها الولدان. ومن أهم عبر التجربتين المصرية والتونسية، أن سوس الفساد يظل ينخر في النظام، الذي يتبادل مع الفساد الحماية، حتى يسقط الاثنان معا. والرغبة في مكافحة الفساد، إن كانت صادقة، لها طريق واضح ومعروف، يبتدئ بالرغبة والإرادة السياسية، فإن توفرت فإن الباقي عبارة عن إجراءات ولوائح وقرارات. لقد شهدت الفترة الماضية تخريبا كاملا ومتعمدا لكل تقاليد الخدمة المدنية التي كانت تسد أبواب الفساد، بدءا من التحديد الواضح لتفويض وصلاحيات كل مسؤول، إلى تحديد طرق تقديم وقبول العطاءات الحكومية، أكبر منابع الفساد، ومنع الإسناد بالأمر المباشر، لطريقة جمع وتحصيل الإيرادات، وقواعد تولي المسؤولين للوظائف ...الخ. ومن أهم أدوات مكافحة الفساد تكوين جسم أو هيئة لمكافحة الفساد بسلطات قضائية وإعطائها تفويضا كاملا، ثم إطلاق يد الإعلام ليؤدي دوره في كشف منابع الفساد، ومتابعة كلما ينشر بالملاحقة والتحقيق، بدلا من التطنيش والإنكار غير المسبب، وعدم التبرير للمفسدين بكونهم من البدريين أو من حافظي كتاب الله، بل أن هؤلاء أولى بالردع كونهم حفظوا كتاب الله ولم يعملوا به. وقد قرأت حوار الدكتور أمين حسن عمر مع إحدى الصحف القطرية، والذي نشرته الزميلة "التيار" أمس، حين اشتط واشتد مع الصحفي الذي أجرى الحوار، والذي سأل عن تكاليف بناء مجمع النور، فأجاب الدكتور أمين مغلظا "دي هدية من السعودية وليست من بيت أبوك". ودعنا نقول للدكتور الفقيه أمين حسن عمر أن هذا ليس شرطا لكي يسأل الصحفي وأن يسأل أي مواطن في البلد أي مسؤول وأسرته عن مصادر ثرواتهم ومنظماتهم، لتحقيق الشفافية ودرء الشك المشروع. ليس بالضرورة أن تكون هذه الثروات من "بيت أبونا"، فنحن من غمار الناس، وكان آباؤنا عمالا ومزارعين ليس لهم غير قوت يومهم. ولو جعل الدكتور أمين وحكومته حق السؤال مربوطا بكون الثروة المنهوبة من بيوتنا، فهو سيصعب الأمر علينا كثيرا، ولن نستطيع أن نسال أي مسؤول ولو جمع مال قارون، ولا اعلم القاعدة الفقهية التي استند إليها الدكتور المفكر الفقيه. وفي الحديث أن الرسول الكريم(ص) أمر أحد ولاة المسلمين الذي قبل هدية من أحد الرعية، أن يعيد الهدية لصاحبها، وقال له "هل جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك". ولنا إذن أن نسأل الدكتور أمين وأكبر رأس في البلاد، متى ماجاءته هدية، هل جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه الهدية، أم أنها جاءته قربانا وزلفى لمنصبه؟ بل وأكثر من ذلك، جعل الدكتور أمين معرفته الشخصية بكبار المسؤولين شهادة كافية لهم بالبراءة أمام المجتمع، على طريقة "مين يشهد للعروسة غير أمها"، وأن أي اتهامات لهم هي نوع من الضلالات. إن الرأي العام، وتمثله الصحافة ومنظمات المجتمع المدني تملك حق المساءلة لأي مسؤول، عملا بقاعدتي حسن النية والشك المشروع، ومن الأولى أخذ ماتنشره بالجدية اللازمة والتحقيق فيه، بدلا من نوع المماحكات التي تكشف الرغبة في التستر على الفساد وحمايته.