سعد مدني..صفحات سوداء من تاريخ السودان

Quote: -24 أبو بكر محى الدين راسخ الشهيد: مهندس/ أبوبكر محى الدين حسين راسخ 1992 م. مكان وتاريخ الميلاد : بربر /10/ مكان و تاريخ الاستشهاد: الحاج يوسف (المايقوما) ليلة الخميس الموافق 29 1953 م المراحل التعليمية: الابتدائي و الوسطى/بربر ، الثانوي / عطبرة الثانوية، الجامعة/ موسكو-هندسة طيران.عمل مدرسا بالمدارس الابتدائية و المتوسطة و الثانوية. كان يحضر مشروع مصنع البان قبل اسشهاده. افادة الصادق البوصيري :الشهيد ابوبكر احد ابناء مدينتي الخالدة و قريبي دما بالنسب ، يوم حادثة اغتياله كنت في .I السودان و حضرت العزاء الذي لم يكتمل حتى اليوم فلن ترقد روح هذا الشهيد ابدا حتى النيل من كل الطغاة الجباة، ساسرد بعض التفاصيل التي اذكرها من حادثة اغتيال الشهيد ابوبكر ، كنت اياميها اعمل في السودان حيث جاءني الخبر كالصاعقة حين علمت بمقتل الشعيد من الطبيعي ان نسال كيف حدث ذلك ، و قبل الخوض في هذه التفاصيل المؤلم 93 ان تم ابلاغ والده بالخبر عن طريق ضابط بدرجة لواء و بعض الشرزمة من العساكر و طلبوا منه ان ياتي في نفر قليل ليستلم جثمان ابنه و يدفن في سرية تامه و ان الدولة لا تريد اثارت اي ازعاج بلغنا ان والده رفض تماما هذا الاجراء و قال ( لو كنتم عاوزين تدفنوه ادفنوه براكم لكن و لدي لازم يحضر الناس جنازته) سجل هذا الوالد المكلوم في ابنه هذا الموقف الشجاع و كانت جنازة الشهيد تظاهرة بل و اتخذت السلطة اجراءات امنية مشدده لمنع التظاهر لانه بالفعل العدد الذي حضر كان ممكن يقلب الحكومة، حسب ما روي لي يوم العزاء في بعض من اهله الكرام ، ان ابوبكر ذاهب ليقضي ليلة الخميس مع اخته في الحاج يوسف و كان قبلها ينتظر ان تاتي اخته الاخرى بالسيارة حتى يتسنى له الذهاب الى الحاج يوسف حيث لاقى مصرعه الاليم ، ابوبكر شمعلة اخرى في درب الحرية ، بعد ان اوقفه القاتل الذي علمت فقط اسمه من هذا البوست و ضع المسدس كما ذكر الاخوة و قتله ، فعندما اتوا لابلاغ اهله اخترعوا اي رجال الامن روايات باطلة اولها : هي ان ابوبكر كان يقود السيارة اثناء ساعات حظر التجوال اي بعد الساعة الثانية عشر ليلا و الذي ضحد صحته هذا الافتراء اولا تقرير الطب الشرعي و ثانيا شاهد كان يقف بالقرب من عمود للكهرباء حيث راى الحادثة من الالف الى الياء و كان ذلك بعد الساعة الثامنة مساءا بقليل.. افادة عادل علي: القاتل الذي اقترف هذه الجريمة هو ضابط أمن الجبهة الإسلامية عبد الحفيظ أحمد البشير. كان ارم .II يعمل استاذاً باليمن وعاد إلى السودان غداة إنقلاب الجبهة في 30 يونيو 1989 وانخرط في واحد من أجهزة أمنها . أوقف ارم عبد الحفيظ أحمد البشير الشهيد أبو بكر محي الدين الراسخ، الذي كان يقود سيارته في أحد شوارع الحاج يوسف ببحري، مساءالخميس 29 اكتوبر 1992 وأطلق عليه رصاصة من مسدس كان يضع فوهته على صدر الشهيد. وطبقاً لتقرير الطبيب الشرعي اخترقت الرصاصة صدره وخرجت من الظهر . مَثَل ارم أمام واحدة من محاكم نظام الجبهة الفاشي واحضرت له شهادة طبية مزورة تزعم أن ارم مختل العقل لكي يفلت من العقاب وهذا ما حدث. وفيما بعد كافأ نظام الجبهة ارم القاتل عبد الحفيظ أحمد البشير وألحقه بالسلك الدبلوماسي وعيّنه قنصلاً في ليبيا . الحكم في قضية مقتله .III القاضي : عبد الرحمن شرفي: 1995 م /3 / التاريخ : 11 بتاريخ العاشر من مارس سنة 1994 م أدانت محكمة الخرطوم بحري شرق المتهم عبد الحفيظ أحمد البشير تحت المادة 94 130 من القانون الجنائي لسنة 1991 م، وقضت عليه بالإعدام شنقاً قصاص اً . بناء على استئنافين أحدهما من المستشار القانوني لجهاز الأمن العام والآخر من الأستاذ محمد آدم عيسي - المحامي - 2 من / عن المتهم، أصدرت محكمة استئناف ولاية الخرطوم قرارها في الحكم المطعون فيه، بتعديل الإدانة إلى المادة 132 القانون الجنائي لسنة 1991 م والحكم على المدان المذكور بالدية الكاملة وقدرها مائتي ألف جنيه على أن يبقي بالسجن 1993 م. صدر هذا /6/ لحين السداد أو العفو كما حكمت عليه بالسجن لمدة سنة اعتبارا من تاريخ القبض عليه في 5 1994 م /4 / القرار الاستئنافي في يوم 27 قالت محكمة الاستئناف في قرارها، ما ملخصه : أن الاام لم يفلح في تقديم أية بينة مباشرة، أو غير مباشرة، لإسناد الركن المعنوي لجريمة القتل للمتهم، بحيث يتطابق الركنان المادي والمعنوي، بما يجعل القتل قتلاً عمداً، بالمعني الوارد في المادة 130 من القانون الجنائي لسنة 1991 م، إذ أنه ليس هناك شاهد عيان للحادث وأن البينة الوحيدة التي اعتمدت عليها المحكمة هي أقوال المتهم، سواء كانت هذه الأقوال في يومية التحري، أو كانت أمام المحكمة، وما عدا ذلك من أقوال، سواء كانت بينة طبية أو بينة خبرة فنية، فإا لا تفيد الوصول إلى استنتاج أن المتهم قصد موت المرحوم، أو كان يعلم أن الموت هو النتيجة الراجحة، وليس مجرد النتيجة المحتملة لفعله، ذلك أن المتهم يقول في جميع مراحل المحاكمة بأن الطلقة خرجت مصادفة من مسدسه، وهو يقول : أنه لو كان يقصد إطلاق النار على جسم المرحوم، فقد كان ذلك متاحاً له خلال المطاردة، وكان ذلك متاحاً له فور توقف عربة المرحوم، وهو بداخل العربة، بل كان ذلك هو الطريق الأسهل لإطلاق النار على المرحوم، ولا سيما وهي الطريقة التي تنتفي معها احتمالات الحركة ويتقي ا أية مقاومة من قبل المرحوم. وقد ثبت أن المتهم قد طلب المرحوم، الخروج من العربة، ورفع يديه، وقد كان المتهم يؤدي عمله الرسمي عندما اشتبه في المرحوم، بما يجوز له إلقاء القبض عليه . وقد استرسلت محكمة الاستئناف قائلة بأنه عندما تكون البينة المتاحة هي فقط اعتراف المتهم - في غياب أية بينة ظرفية أو مباشرة - فإن على المحكمة، أما الأخذ باعتراف المتهم كلياً، أو استبعاده كلياً.... ونحن إذا استبعدنا أقوال المتهم هنا فإننا لا نجد أية بينة قد تقدم ا الاام، وبالتالي فإنه ليس أمامنا سوي الأخذ بأقوال المتهم بأنه لم يقصد موت المرحوم، وأن الاستنتاج المنطقي الوحيد هو أن المتهم لم يتخذ الحيطة والحذر عند إمساكه بالمسدس مما أدي إلى تسرب إحدى طلقاته التي أصابت المرحوم وأودت بحياته، وفي ذلك صورة من صور القتل الخطأ، باعتبار أن هناك إهمالاً من جانب المتهم . أما من حيث الموضوع، فنعرض في المبتدأ خلاصة الوقائع، ثم نناقش أركان الجريمة موضوع الاام، والأدلة التي توافرت فيها، وبيان قيمتها الاستدلالية، ثم نتناول بالمناقشة تلك الدفوع التي ينعى ا الطاعنون على الحكم المطعون فيه. 95 1992 م خرج /10/ تتلخص الوقائع التي اعتقدت محكمة الموضوع صحتها، أنه في الحادية عشر والربع من مساء يوم 29 المتهم عبد الحفيظ أحمد البشير، من مكاتب جهاز الأمن العام، بحي المطار بالخرطوم، عائداً إلى منزله الكائن بالحاج يوسف. يعمل المتهم المذكور ضابطاً بجهاز الأمن العام، وكان وقتئذ مكلفاً بمتابعة بعض عناصر النشاط المعادي، وبعض العربات المشبوهة التي تستغل لذلك، عند وصول المتهم إلى منطقة السفارات، وعلى القنطرة الأولي المتعارضة مع شارع الحاج يوسف، أثارت انتباه المتهم سيارة كريسيدا موديل 1988 م برقم اللوحات خ ز 8844 ، كان المتهم مسرعاً آنئذٍ ولكنه فور مشاهدة هذا الرقم تذكر أن تلك السيارة تعتبر من إحدى السيارات المشبوهة، الموكل إليه مراقبتها، لمشاركتها في بعض الأنشطة المعادية للنظام الحاكم . حاول المتهم إيقاف العربة بالرقم الآنف الذكر دون جدوى فاستبقها إلى نقطة الارتكاز - أي نقطة التفتيش المقامة على ذات الشارع - وذلك في محاولة منه للاستنجاد بأفراد الوحدة القائمين بأمر تلك النقطة، عقب وصول المتهم إلى نقطة الارتكاز، وأثناء شرحه للموقف، الذي لم يتجاوز الدقيقة الواحدة ونصف، جاءت السيارة موضوع المطاردة، فتجاوزت المحل، وعلى أثر ذلك سارع المتهم بالتحرك بعربته وراء تلك السيارة، وهو يحاول إيقافها باستعمال آلة التنبيه تارة وتبديل الأنوار تارة أخرى - دون جدوى وفي منطقة حلة كوكو عرجت السيارة موضوع المطاردة إلى شارع الترعة بالحاج يوسف، ثم توغلت داخل الحي، ومن ورائها المتهم بسيارته... واستمرت المطاردة بين أزقة المرابيع الضيقة، والمتهم يحاول إيقاف تلك السيارة - ولا مجيب رغم إصراره وإكثاره من استعمال آلة التنبيه وتسليط الأنوار وتبديلها، استغرقت المطاردة حوالي الساعة تقريباً وخلالها تضاعفت شكوك المتهم حول السيارة وقائدها، وبعد طول عناء استطاع المتهم من إغلاق الطريق أمام السيارة المطاردة، وتوقفا، نزل المتهم وهو يطلب من قائد العربة أن يظل في مكانه، ورغم طلبه المتكرر فإن قائد العربة قد نزل بسرعة، مغلقا الباب وراءه بعنف، محركاً يديه نحو جيوبه العليا ثم السفلي - جيوب البنطلون، وتحرك نحو المتهم رافعاً يده، حتى ضاقت المسافة بينهما لمتر واحد أو أقل تقريباً، فما كان من المتهم إلا أن عمر مسدسه العراقي الصنع ورفعه إلى أعلى وهو يردد : " ثابت ثابت "... وعندها انطلقت إحدى الطلقات الثمانية من مسدس المتهم، حسب المتهم وقتئذ أن الطلقة في الهواء، غير أنه ما لبث أن تبين تقهقر الرجل إلى الخلف مترنحاً، كما بان له ظهور دماء نازفة من صدره، فتحرك على الفور لإبلاغ الشرطة المختصة وبدأت الإجراءات في حوالي الساعة الواحدة من صباح يوم 1992/10/30 م ووفقاً للمادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 م تسارعت الشرطة إلى مسرح الحادث، ولحق ا تيم المعامل الجنائية، وتم تصوير مكان الحادث ومعاينة وتصوير جثة اني عليه، وأخذ عينة من دمائه لإجراء الفحوصات المعملية، وحصرت المعروضات . 96 لم تتمكن الشرطة من التعرف على هوية القتيل منذ أول وهلة، وبعد جهد مقدر، عثرت الشرطة على ذوي القتيل، بالاستعانة بالعناوين التي وجدت في مفكرة ضمن المعروضات، كان ذلك في حوالي الساعة التاسعة من مساء 1992/10/30 م - ومن ثم كان التعرف على عربة المرحوم ( أبو بكر محي الدين حسين .( 1992 م أجري تشريح جثة المرحوم المذكور، بعد اثنتين وعشرين /10/ في حوالي الساعة العاشرة والنصف من أمسية 30 ساعة من لحظة وقوع الحادث . 1993 م أصدر رئيس جهاز الأمن العام الإذن رقم ( 5)، لسنة 1993 م برفع الحصانة القانونية عن الرائد /2/ بتاريخ 13 أمن عبد الحفيظ أحمد البشير والموافقة باتخاذ الإجراءات الجنائية في مواجهته، ومن ثم كانت إجراءات التحري والمحاكمة في مرحلتيهما الابتدائية والاستئنافية - التي خلصت إلى الإدانة والعقوبة الآنفتين . إننا نتفق تماماً مع المحاكم الأدنى على ثبوت الركن المادي للجريمة، فالمتهم قد أقر قائلاً : ".... أنا عم رت المسدس على أساس احتمال المرحوم يطلع حاجة من جيبه.... عندما نزل المرحوم أنا كنت على بعد متر أو متر ونصف.... أثناء التحرك على بعض وأنا بنادي في المرحوم ( ثابت ثابت ) وعندما شعرت بأنه في طلقه قامت من المسدس بتاعي، واعتقدت بأن الطلقة في الهواء. وبعد داك شع رت بأن المرحوم رجع إلى الخلف، حتى الباب الخلفي من عربته، وشعرت بأنه في دم بدأ يطلع، طوالي بسرعة ركبت العربة مشيت إلى شارع واحد، ومشيت النقطة عشان ابلغ البوليس " ( راجع صفحة 43 من محضر المحاكمة )، وذات هذه الأقوال - مع اختلافات لفظية - كان قد أدلى ا المتهم في مرحلة التحري وأيدها في مرحلة المحاكمة - عند تلاوا عليه، ومن ثم يكون حدوث الركن المادي بفعل من المتهم، أمراً ثابتاً دون مرحلة الشك المعقول. كما نتفق على أن الوفاة كانت بسبب تلك الطلقة النارية التي انطلقت من مسدس المتهم في صدر المرحوم، ذلك ثابت دون مرحلة الشك المعقول بإقرار المتهم، ونتيجة التقرير الطبي ( مستند اام رقم 1) ومفاده أن هناك جرح دائري في 1سم، حوله حرق / الصدر من الأمام في المنتصف تحت العنق، بحوالي 1 سم ومائل إلى الجانب الأيسر، قطره حوالي 2 واسوداد بارودي، وهنالك أثر دائري يمثل ف وهة السلاح حول الجرح، وهنالك جرح دائري بالظهر، بالجانب الأيمن قطره حوالي 1 سم، حوافه مائلة إلى الخارج يمثل مخرج عيار ناري، والعيار الناري قد هتك القلب والرئة اليمني ويتمثل سبب الوفاة في نزيف داخل الصدر نتيجة تك القلب للإصابة بمقذوف ناري من سلاح ملتصق، ذاك هو مفاد التقرير الطبي، وبما أنه ليست ثمة سبب خارجي متداخل محدث للوفاة، فإنه يكون ثابتاً تعلق السبب وهو الوفاة بسببه وهو الطلق الناري الذي أصاب المرحوم من مسدس المتهم، يبقي لنا معرفة مدى ثبوت الركن المعنوي للجريمة، فهل قصد المتهم تسبيب وفاة المرحوم، أو كان يعلم أن الموت نتيجة راجحة لفعله وليست محتملة ؟. 97 يعتبر القصد حالة ذهنية - نفسية - يتعذر إثباا بالبينات المباشرة، ما لم يكن الجاني مقراً به، أو كانت هنالك دلائل له من قرائن الأحوال، فهل أقر المتهم بقصد، نيته - إثبات الفعل المسبب للموت ؟ وهل كان يقصد تسبيب الموت، أو كان يعلم أن الموت نتيجة راجحة لذلك الفعل ؟ وليست نتيجة محتملة ؟ . وفي هذه اللحظة فتح الباب ··· " : جاء في أقوال المتهم في يومية التحري ( صفحة 4 ) في ذات الحادث ما يلي بسرعة شديدة، وقفله بعد نزوله في الأرض، وكانت المنطقة مظلمة، وشفته دخل يده في جيبه الأمامي، بتاع القميص، وبسرعة أخرج يده من جيبه بتاع القميص، ودخل يديه بسرعة في جيب البنطلون بتاعه، ورفع يديه في وجهي وأصبحت المسافة بينه وبيني متر تقريباً، وقمت في هذه اللحظة بالتعمير، ورفعت الطبنجة لأعلى، وصحت فيه : ( ثابت يازول ) وهو سائر نحوي، وفي هذه اللحظة شعرت مثل قيام طلقة من مسدس، وشعرت بالشخص زي اللي ترنح للوراء، وعليه وركبت عربتي وذهبت لنقطة الحاج يوسف، ··· ووقع الشخص وأنا كنت متوقع رجوعه نحوي ··· قمت بتعطيل عربته وأخبروني بأن هذه المنطقة خارج دائرة اختصاصهم، عليه حضرت لنقطة حلة كوكو وبلغت السيد المقدم." وأضاف المتهم في صفحة ( 5)، من اليومية قائلا : "من الصعب أن أذكر لك اللحظة التي قامت فيها الطلقة فهي غير إرادية " لا لم أقصد إطلاق النار عليه " كانت هذه الأقوال في ذات يوم الحادث، ومن هنا تأتي أهميتها، لأا قد جاءت بعد الحادث بوقت قصير، ولم تزل الواقعة الجنائية نابضة، والمتهم بعيد عن المؤثرات الخارجية، وقد استقر عملنا القضائي على قبول ما يأتي متسقاً مع ظروف