|
Re: 26 يناير مواجهه مع غردون اخر بقلم خالد عويس (Re: محمد عادل)
|
Quote: سردنا في مقالاتٍ سابقة سِجّل الطاغية في شأن ادعاءاته التدينية، وفي شأن (الفساد) والدماء التي تلطخ ثيابه، وفي شأن جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان، وعرضنا إلى أكاذيب البيان الأول التي كذّبها ويكذبها الواقع، وتطرقنا إلى الوضع الاقتصادي، وإلى فصل الجنوب، وإلى إلغاء مجانية العلاج والتعليم ودعم السلع الضرورية. ولا بأس أبداً أن نعرج في مقالنا اليوم على جانبٍ مظلم آخر يمثّل بعض (تمثيل) الطاغية بنا، هو جانب التعليم الذي دمره الطاغية. الطاغية استهدف أوّل ما استهدف (بناء) الإنسان السوداني والعامل الأوّل في التنمية: الإنسان. ويصبح أيّ حديث عن نهضة أو تقدم هو محض أكاذيب لا تنطلي إلا على السذّج. ولكي نُلمّ بقدر الفاجعة علينا أن نُدرك أن نسبة الأميين للفئة العمرية (15 – 24) هي 22.8%، في ما 4.6% فقط هي نسبة التعليم العالي من الفئة العمرية (18 – 24) في العام 2000 مثلاً بحسب (معهد اليونسكو للإحصاء: الموجز التعليمي العالمي 2003: مقارنة احصائيات التعليم عبر العالم، معهد اليونسكو للاحصاء، مونتريال 2003: http://www.uis.unesco.org/) وهذا مؤشرٌ خطيرٌ للغاية. فالألفية الجديدة كان مفروضاً أن تشهد انعكاساً في النسب، بحيث تصبح نسبة الأميين من الفئة العمرية (18 – 24) هي 4.6%. لكن، علينا أن ندرك أن حجم الإنفاق على التعليم كنسبةٍ مئوية من الميزانية العام كان 12.6% في 1970، وفي 1980 أصبح 9.1%، أما في 1985 فقد قفز إلى 15.0% (وهي أعلى نسبة مئوية يحققها)، في ما تراجع في 1990 إلى 8.0% (كأدنى نسبة مئوية، وبفارق 7.0% عن نسبة 1985) ليرتفع في 1995 إلى 10.0% طبقاً لدراسة بعنوان (التباين في أنظمة التعليم و الشتات وإعادة إنتاج النخبة المثقفة)، للدكتور إبراهيم النور ، الأستاذ المشارك بالجامعة الأمريكية في القاهرة، يوليو/ 2004 وإذا كانت سنوات التسعينيات قد شهدت تراجعاً في حجم الإنفاق على التعليم - مقارنةً بـ 1985 مثلا - فإن الحكومة السودانية ارتكبت "جريمةً" بالمقاييس كلها في حقّ التعليم من زاويته الكيفيّة. فـ" في إطار ما عرف بثورة التعليم العالي تضاعفت معدلات القبول بالجامعات الحكومية خمسة أضعاف إذا أخذنا في الاعتبار تحول طلاب جامعة القاهرة فرع الخرطوم إلي طلاب جامعة حكومية وارتفع القبول بالتعليم الأهلي من 993 في عام 89/1990 الى 7340 طالب وطالبة في عام 95/1996 (أي أن نصيبه النسبي ارتفع من حوالي 16% من الاستيعاب السنوي الى 22%) وفي بحر أربع سنوات فقط 1990 الى 1994 أنشئت 18 جامعة حكومية جديدة وفي الفترة نفسها نشأت 12 مؤسسة تعليم عالي بمبادرة من القطاع الخاص قد تبدو هذه الأرقام- فوق أنها مضجرة- غير ذات دلالة لكن ربما اكتسبت بعداً حقيقياً إذا علمنا أن مضاعفة عدد طلاب الجامعات من 60 ألف في 1989 الى 130 ألف في عام 1995، ثم بلغ 201 ألف في عام 2001 الذى تم في السودان قد استغرق 45 عاماً في بلد مثل بر...يطانيا" هذا على حدّ قول دراسة الدكتور إبراهيم النور ، الأستاذ المشارك بالجامعة الأمريكية في القاهرة، يوليو/ 2004 تجدر الإِشارة هنا مجدداً إلى أن الحكومة السودانية رفعت يدها عن التعليم ملغيةً مجانيته رغم أن نحو 90% من السودانيين يعيشون تحت خطّ الفقر. وإذا كان المجتمع السوداني شأنه شأن المجتمعات النامية الأخرى يمثّل التعليم العالي فيه مجالاً للمباهاة والامتيازات الواسعة، فلنا أن نقدّر حجم الضغوط الإجتماعية الرهيبة، ومقدار التضحيات الجسيمة التي قُدر للأسر السودانية أن تقدمها من أجل تعليم الأبناء والبنات بأموالٍ طائلة ! ونذّكر مرةً أخرى بالحقيقة الموجعة التي طرحها الدكتور إبراهيم النور: (مضاعفة عدد طلاب الجامعات من 60 ألف في 1989 الى 130 ألف في عام 1995، ثم بلغ 201 ألف في عام 2001 الذى تم في السودان قد استغرق 45 عاماً في بلد مثل بريطانيا) !! إذن فإن الطاغية لم يكتف بقتلنا وتشريدنا وتعذيبنا، إنه يفعل الأخطر: قتل أطفالنا !! ما معنى تعليم بائس بهذا الشكل المدعوم بالأرقام بالنسبة لمستقبل أطفالنا؟ هذا يعني ببساطة إننا نسلمهم إلى مستقبل مظلم بالمقاييس كلها. الخريجون الجدد العاملون حالياً بدول الخليج يعرفون ذلك جيدا. يعرفون مقدار الألم الذي سببه لهم نظام الإنقاذ. رواتبهم مقارنةً بنظرائهم الأردنيين أو اللبنانيين مثلا تُعد مضحكة ومؤلمة في آن. ما السبب؟ الإنقاذ كما تشير الأرقام في هذا المقال !! سكوتنا يعني مستقبلاً مظلماً تماماً بالنسبة لأطفالنا الذين يذهبون – اليوم – إلى المدارس طلباً للعلم وندفع نظير ذلك الملايين من الجنيهات، يعودون وهم في غاية الجهل. من السبب؟ لا ليس الإنقاذ هذه المرة، بل (نحن)، وعلى وجه الدقة صمتنا، صمتنا الذي أغرى الطاغية بفعل كلّ شيء لكي نصبح في مستوى جهله وسطحيته. صمتنا الذي جعل الطاغية يعمد إلى تدمير مستقبل أطفالنا. لا تثوروا من أجل أنفسكم. لا تثوروا من أجل سعر رغيف الخبز الذي نضاعف أكثر من 3000 مرة من 1989 ولا سعر الوقود الذي يفوق أيّ سعر في المنطقة، ولا لمتوسط دخل الفرد الذي يقل بـ 6 آلاف دولار عن متوسط دخل الفرد (التونسي)، ولا من أجل الاهانات التي تُوجه لكم كل يوم، ولا من أجل مجانية العلاج والتعليم، ولا من أجل حتى الوطن الذي تبصرونه يتفتت وأنتم صامتون. ثوروا فقط من أجل فلذات أكبادكم، لأنكم سلمتوهم إلى (الغول) والغول سيأكلهم واحداً تلو الآخر. في ظلّ هذا النظام سيتعلمون (الجهل)، ولن ينافسوا في أسواق العمل العالمية، وستفسد أخلاقهم لأنه لا مناص أمامهم من تعلم (الرشوة) و(الفساد) و(الذل) و(تمريغ الكرامة). ثوروا من أجل فلذات أكبادكم لأن هذا فقط هو ما تبقى لنا.
خالد عويس |
شكرا يا استاذ خالد لوضع النقاط فوق الحروف
تحياتى
|
|
|
|
|
|
|
|
|