|
Re: معنى الإتحاد عند الشيخ محيى الدين بن العربى (Re: Balla Musa)
|
ويقول فى كتاب الألف: إن الأعداد تكون عن الواحد لايكون الواحد عنها, فلهذا تظهر به ولايعدم بعدمها, وهكذا أيضا فيما تناله من المراتب, إن لم يكن هو فى المرتبة المعقولة, لم تظهرا معا, فتفطن لهذا الواحد والتوحيد, واحذر من الإتحاد فى هذا الموضع, فإن الإتحاد لايصح, فإن الذاتين لاتكونا واحدة, وإنما هو واحدان, فهو الواحد فى مرتبتين. ويقول فى كتاب الفناء: العدد واحد لكن له سير فى المراتب, فيظهر بسيره أعيان الأعداد, ومن هذا المقام زل القائل بالإتحاد, فإنه رأى مشى الواحد المراتب الوهمية, فتختلف عليه الأسماء باختلاف المراتب, فلم ير العدد سوى الأحد فقال بالإتحاد. ويقول الشيخ الأكبر: وقد يطلق الإتحاد فى طريقنا لتداخل الحق فى الأوصاف والخلق, فوصفنا بأوصاف الكمال, من الحياة والعلم والقدرة والإرادة وجميع الأسماء كلها , وهى له, ووصف نفسه بأوصاف ماهو لنا, من الصورة والعين واليد والرجل والذراع والضحك والنسيان والتعجب والتبشيش, وأمثال ذلك مما هو لنا, فلما ظهر تداخل هذه الأوصاف بيننا وبينه, سمينا ذلك اتحادا, لظهورنا به وظهوره بنا. ويقول: إن أريت أن الشريك ماهو ثم وأن أمره عدم, وفرقت بين مايستحقه الحدوث والقدم, كنت من أهل الكرم والهمم. ويقول: إن العبودية لاتشرك الربوبية فى الحقائق التى بها يكون إلها, كما أن بحقائقه يكون العبد مألوها, فلو وقع الإشتراك فى الحقائق لكان إلها واحدا أو عبدا واحدا, أعنى عينا واحدة, وهذا لايصح, فلابد أن تكون الحقائق متباينة ولو نسبت لعين واحدة, ولهذا باينهم بقدمه, كما باينوه بحدوثهم, ولم نقل باينهم بعلمه, كما باينوه بعلمهم, فإن فلك العلم واحد, قديم فى القديم, محدث فى المحدث. ومن معانى الإتحاد عند الشيخ الأكبر ماورد فى قول الله تعالى: ( ومارميت إذ رميت ولكن الله رمى) فإن قلت محمد صلى الله عليه وسلم رمى صدقت, وإن قلت أن الله هو الرامى صدقت, فاتحدا فى لفظة الرمى, وصحت النسبة الى محمد صلى الله عليه وسلم والى الحق تعالى. وأيضا كما قال تعالى: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم) فصحت نسبة القتل الى المجاهد فى سبيل الله, وصحت نسبة القتل الى الله تعالى, فاتحدا فى إطلاق لفظة القتل. وأما فى السنة فقد ورد فى الحديث الصحيح: (كنت سمعه وبصره) الحديث, فإن قلت المحبوب لله هو السامع صح قولك, وإن قلت أن الله هو السامع صح قولك, فاتحدا فى نسبة السمع, مع تميز كل واحد عن الآخر فى عين الإتحاد فى السمع.
|
|
|
|
|
|