|
Re: الجانب الآخر لقاتل الشخصية الجميل (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أخذني الفزع دفعة واحدة، توالى نبض قلبي وتصاعد صوت دقاته كأصداء طبل بعيد، لحظة أن بدأت العجوز تقترب نحوي بمقعدها المتحرك، وأمالت رأسها بتلقائية على كتفي. تأكدتُ عبر يدي هذه المرة أن شعرها لا يزال بالفعل يحتفظ بجاذبية ونعومة شعر فتاة في العشرين حتى وهي تقف على بعد خطوات قليلة من سن التقاعد. كانت في تلك المرحلة العمرية نفسها التي يأخذ فيها أمثالها في بلادي في تجهيز قوارب الإبحار صوب عالم الفناء أوالعدم. ولم ينسوا أن يضعوا عليها القِرب المليئة بماء الإستغفار، السلال المكتظة بزاد الصوم والصلاة، مجذافي الإيمان، بعض فواكه الحج إلى بيت الله الحرام إن أمكن، وقليل منهم كان يملأ حقائب الإسعافات الأولية بالزكاة وطلب المغفرة ممن آذوهم في لحظات ضعفهم الكثيرة، ولا ريب. وددتُ لو أنني أستمر في تمرير يدي على شعرها الذهبيّ بلا توقف أو نهاية وحتى قيام الساعة الكبرى. لكنها انفصلت عني ببطء. تشاغلتْ بالنظر إلى شاشات المراقبة الماثلة قبالتنا كشيء يُذكِّرك فجأة أن الحياة قد تتسرب في أحيان كثيرة بلا معنى. عندها فقط أدركت أن كفّ الزمن قد أخذت منذ وقت بعيد في حياكة تلك الغضون الدقيقة حول شفتيها الرفيعتين. لعلها أحسَّت بعاري الخفي. وقد بدأت كوامن الرغبة الوحشية تتحرك ما بين ساقيّ بغتة.
لكأن بي نزعة دفينة لإشتهاء الموت.
كانت تواصل التطلع إلى تلك الشاشات في وجوم. وجهها اعتكر خطفا. لا أثر هناك بعد يدل على حضور ابنتها. كان هاتف دوريان المحمول لا يزال مغلقا والملل أخذ يجتاحها قربي إلى الدرجة التي بدا معها وجودها وسط ذلك الخجل المتفاقم في نفسي مثل شيء ثقيل باعث على الغثيان. لم يعد ثمة ما يقال وقد أخبرتني منذ حضوري تقريبا بكل ما هو جديد عن ابنتها وحفيدتها. لم يغب عنها أن تحدثني بشيء من الحزن عن خسارتها الكبيرة أثناء لعب القمار في عطلة نهاية الأسبوع الماضية. أخيرا أخيرا، خرج هكذا من جوفي، كما لو أنني أبدد هناك بقايا حريق لا منطق له في عرف الطبيعة بحريق من نوع نشاز آخر؛ ذلك السؤال الذي ظلّ يغلي في داخلي كمرجل لفترة طويلة "كم مرة مارستْ "عزيزتي ليليان" الجنس على مدار حياتها"؟!.
يتبع:
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|