والقال ليهو منو فاروق ما عندو قبيلة ؟ !!!

Quote: د. محمد ابراهيم الشوش علامات استفهام القبلية والجهوية وبئس الحل ! بيني والأخ راشد عبد الرحيم ود قديم لا يفسده اختلاف. وقد ربطت بيننا مؤخراً مفاهيم مشتركة ظلت تقترب حتى أوشكت أن تصدر عن عقليتين يكتبان بقلم واحد ويصدران عن رأي واحد. وفي عدد (الرأي العام) الأخير وعبر مقاله الرائع أسلوباً والناصع بياناً كما عهدناه، بحثت عنه فلم أجده، وفتشت عنه عبثاً في ثنايا الأسطر والحروف والكلمات فلم أعثر له على أثر. الصحيفة هي نفس الصحيفة، والكاتب هو نفس الكاتب والمقالة في مكانها المعهود تتصدر منتصف الصفحة الأخيرة ولكن المسافة بين فكرينا تتسع. تأملت العنوان جيداً «حكومة مواكبة لا قومية». الأستاذ راشد هنا يدعو إلى حكومة مواكبة ويرفض فكرة الحكومة القومية. وفي الجانب الأخير من معادلته نتفق تماماً، فالذي تطلبه المعارضة التي فشلت في الوصول إلى الحكم عسكرياً وتعاملاً مع الأجنبي وتذللاً للحركة الشعبية منحها جرأة على ممارسة أكبر خدعة في التاريخ، ثم دخولاً في الانتخابات ثم تشكيكاً فيها وانسحاباً منها بأمل سقوط البناء كله والآن تمرداً لا تملك له قدرة ولا استعداداً. وتريد الآن أن تحمل المؤتمر الوطني لحل حكومته ليستبدلها بحكومة قومية لا سلطان له عليها ولا يعرف أحد كيف يتم تكوينها. وليس في مطلبها فكر موحد ولا استراتيجية غير حنينها لسلطة لم تحسن المحافظة عليها، وتراخت قبضتها حتى كان رئيسها هو الوحيد في السودان كله الذي لم يكن يعرف أن هناك إنقلاباً وشيكاً لا يختلف الناس إلا في وجهته وميقاته. ولقد قرأت وشاهدت وتابعت فلم أسمع عن معارضة تطلب من حكومة في بداية فترتها التنازل وتكوين حكومة قومية هكذا من أجل عيون المعارضة، وإنما تتنازل الحكومات لعدم حصولها على الأغلبية أو بسبب فقدان الثقة في البرلمان أو نتيجة إنقلاب عسكري ناجح أو انتفاضة شعبية تطيح بها. وما سمعنا بحكومة سقطت لأن معارضاً توعد باسقاط النظام وهو لا يملك لذلك سبيلاً أو يهدد بإعتزال السياسة. فالأستاذ راشد حين يرفض فكرة القومية فإنما يقرر حقيقة واقعة، أما حكاية حكومة مواكبة، فلم افهمها لا من العنوان ولا من السياق. وعلينا أن نقبل تفسير الكاتب الذي يذكرنا بأن الإنفصال سيفضي إلى شواغر في مواقع السلطة. وهو يرى أن يستفاد من هذه الشواغر في إرضاء كافة العنصريات والقبائل والجهويات المختلفة (وذلك مستحيل). وهنا نختلف أشد ما يكون الاختلاف. أولاً ليس هنالك ولا ينبغي أن يكون هناك أي شواغر في إطار سياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة والتي سقط العبء الأكبر منها على الشعب المنهك أصلاً، بل تشمل الخطة تخفيض عدد الدستوريين ومرتباتهم وامتيازاتهم ويعني ذلك الحاجة إلى مزيد من التخفيض. وإنما يكون هنالك شواغر إذا وجد حد معين يمليه الدستور أو القانون أو الحاجة والناس يتحدثون عن فائض يزيد عن الحاجة في بلد انتقلت فيه كثير من الأعباء إلى الحكومات الولائية. ويزيد من شقة الخلاف أن الأخ راشد يريد أن تملأ هذه الشواغر بأفراد تزكيهم للوظيفة انتماءاتهم القبلية والجهوية. واختيار الوزراء وفق انتمائهم القبلي والجهوي يعني عملياً نهاية الدولة وسيادتها، إذا يصبح كل مسئول خاضعاً لسلطة الجهة التي اختارته أو اختير لإرضائها ولا يخضع لسلطان البرلمان أو رئيس الدولة، وقد رأينا كيف أن وزراء الحركة الشعبية كانوا يمارسون سياسة مستقلة عن الحكومة ورأس الدولة. وعندما يفيق الناس من هول الصدمة سيدركون أن المشكلة الكبرى التي خلقتها اتفاقية السلام ليس تقرير المصير الذي أدى إلى الانفصال وإنما وضع سابقة خطيرة لإختيار الوزراء على أسس جهوية جغرافية. واختيار الوزراء الجدد من قوى خارج نطاق الحكومة كما يقترح الاستاذ راشد يؤدي إلى حكومة متعددة الولاءات أي لحم رأس بلا رأس.