امير تاج السر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 07:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة شوقى بدرى(shawgi badri)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-14-2004, 03:59 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: امير تاج السر (Re: shawgi badri)

    الأستاذ شوقى بدرى

    تحية واحترام
    بصراحة لم أقرأ للأستاذ امير تاج السر من قبل. وليس ثمّة عذر. ولكننى بحثت فى الانترنيت عمّا كتبه آخرون عمّا كتبه أمير تاج السر فوجدت المعلومات والمقالات التالية. أرجو ان يتسع مقالكم لها. والشكر لك من قبل ومن بعد.
    ________________________


    مرايا ساحلية : سيرة مبكرة / تأليف امير تاج السر. - ط. 1. - بيروت، لبنان : المركز الثقافي العربي، 2000. - 126 ص. (المركز الثقافي العربي - بيروت {120 ل.س})
    _____________________________________



    مستويات الخطاب الروائي عند أمير تاج السر ، نشر بالعدد التذكاري للدكتور محمود فهمي حجازي ، الصادر عن مركز الدراسات الشرقية بجامعة القاهرة , عدد ديسمبر 2000


    د. مراد عبد الرحمن مبروك

    كلية الإنسانيات
    بجامعة قطر
    _________________________________

    معرض القاهرة الدولي للكتاب


    في جناح دولة السودان كانت كتب الدراسات في الفلكور السوداني، والأدب السوداني والشعر هما الأكثر مبيعًا للمتخصصين في دراسة الأدب وفي المكتبات الجامعية، ولفتت روايات الراوئي الشاب السوداني أمير تاج السر الأنظار، مثل "امرأة في حديقة البلابل"، "عواء المهاجر"، "مرايا ساحلية"، ويعرف القراء صلة القرابة التي تجمع بينه وبين الأديب السوداني الكبير الطيب صالح. كما يوجد بالجناح كتاب نقدي جديد بعنوان "الطيب صالح.. سيرة ونص"، وكتاب آخر طريف "الجامع المسبوك بين الساسة والديوك" وهو كتاب يتناول أطرف مفارقات الساسة.
    ________________________


    استراحة البيان ـ مرايا من السودان ـ يكتبها اليوم: محمد الخولي


    أريد أن أحدثك الساعة عن عمل فني فرغت الآن من قراءته ومازالت متعة الفن كحلوى الشهد تسرى في الاعطاف وتخفف ـ علم الله ـ مما علق بالنفس من أشجان وهموم.
    هذا كاتب نقرأ له شخصيا للمرة الأولى اسمه أمير تاج السر وطبعا واضح من الاسم أنه من السودان فمن غير أهل السودان يتعامل في تلك الأسماء ذات المذاق الخاص والإيقاع الفريد. تاج السر. سر الختم. بابكر. واضح أيضا أن الكاتب يحكي سيرة حياة وقد اختار لعمله عنوانا رئيسيا هو : «مرايا ساحلية» وعنوانا فرعيا هو «سيرة مبكرة ».
    ويعلم الله أيضا أن شدنا إلى هذا العمل نفحة عروبية كما قد نسميها. فالمبدع من السودان والكتاب مطبوع في المغرب «الدار البيضاء » والكلمات التي تحمست للكاتب حماسا فنيا واحتفلت به كإضافة لها بريق الماس إلى عمود الإبداع العربي جاءت من صديقنا الروائي الكبير جمال الغيطاني الذي قال ان أمير تاج السر يمكن أن نسلكه في زمرة الكتاب العالميين. كما جاءت أيضا من الناقد العراقي فاروق يوسف الذي وصف تاج السر بأنه ساحر يعبئ قبعته بالوقائع وسحره لا يخطئ هدفه أبدا.
    وهكذا كان. روائي يكتب عن السودان وينشر إبداعه في المغرب وتتحمس له القاهرة وتصفه بغداد بالساحر الذي لا تفرغ جعبته من كل مبهر وعجيب. هذا إذن وطن العرب ـ رغم خيبات السياسة وهوان الساسة وتهديدات الطغاة. مازال يبدع ومازال إبداعه يسري بين جنوبه المنفتح على أفريقيا إلى مغربه المنفتح على أوروبا إلى مشرقه البغدادي المنفتح على آسيا. دع عنك واسطة عقده في القاهرة التي يأتيها المدد من كل هذه الروافد ليروي نهرها ويجدد ثقتها، وثقتنا أيضا في أن شمسا عربية لابد وأن تطلع يوما على الآفاق وأنا لا أعرف أي لمحات شخصية عن أمير تاج السر. ولكنه يروي قصته بضمير الأنا المتكلم ويتضح من سطور الحكاية أن الراوي طبيب متخصص في علاج العيون. وهو يجدل ضفيرة وضاحة ممتعة بين الذاتي ـ حياة البطل وأسرته وبين الموضوعي ـ إطار الحياة العريض الأوسع في ميناء. مدينة ساحلية لعلها بور سودان.
    الضفيرة نابضة بالحياة. بالشخوص ـ بالمشاعر تعزف سطورها أوتار التطور ـ بالأدق،التغيرات التي اعترت حياة الناس في الميناء الساحلي ربما منذ منتصف القرن الماضي وحتى قرب نهاياته. الكاتب يتعامل مع شخوصه بروح مفعم بالإنسانية، التعاطف، التواصل والحدب الممزوج بالفهم والموشى بالمحبة. لكن الاهم هو أسلوب القص في سطور الكتاب تلك القدرة الفذة على اجتراح اللفظ وصوغ العبارة مشحونة بالمشاعر والرؤى، فإذ بك تطالع سبيكة تعكس ما قد نسميه دراما الحياة التي لا ينفرد فيها أحد ببطولة خارقة أو دور متفرد أو مخصوص. الكل أبطال لأنهم ـ كما أشار يوما أناتول فرانس ـ يولدون ويعيشون ويكابدون المعاناة إلى أن تأتيهم النهاية وتعالي إلى سوق المدينة.
    في ذلك السوق يقول الكاتب كان لجعفر ألوان «هذا هو اسمه »الذي تصخمت جنيهاته فيما بعد وأكل عدة نشاطات تجارية في السوق الكبير، بدايات عرجاء شهدنا عرجها في بيع الحلي الفالصو وأدوات البلاستيك، ومشابك الغسيل وكشاكشين الأطفال وعطور باريس القديمة. كان نوبيا متوسط العمر، والطول والشطارة لا يحمل فكاهة ولا ظرفا ولا يبشر بأي شيخوخة رأسمالية. وكان باعة السوق والمشترون وصعاليك التنزه والغزل ينادونه بالصول «مساعد الضباط» ويسخرون من زيه الكاكي الذي لا يعرف أحد لماذا اختص به جسده دون سائر الأزياء، فهو لم يشارك في عسكرة ولا حرب ولا يفرق بين الرصاصة والنبق : كان يرطن بمتعة ويبيع بصبر ويأكل سندويتشات مغلفة بورق الجرائد.
    ثم صورة ثانية من داخل سور مستشفى المدينة الوحيد. إنها شخصية «آدم كذب » اسمه هكذا «ابن السبيل الدائم. الذي ظل ثلاثين عاما يشوه حكمة الصدقات بقصة مرتبكة عن حضوره إلى الساحل من إحدى الجهات يقصد تجارة. وعن سرقة أمواله وأمتعته، ثم حاجته إلى مبلغ صغير من المال من اجل تذكرة القطار حتى يعود إلى أهله. لقد حصد آدم من تلك القصة المرتبكة ثروة تكفي لشراء قطار بركابه وربما هيئة السكة الحديد كلها. لم يكن يتخفى ولا يغير معالمه ولا يرتبك بقصته في مسرح آخر سوى المستشفى كان هو آدم المعروف أكثر من جوع البطن، يكبر مع الناس، يمرض معهم. وبرغم ذلك كانوا يعطونه. لعلها الطرافة هي التي كانت تنحشر بين المنح والمنع وترجح كفة المنح. أو لعله الغباء لا أدري. وفي اليوم الذي أتيح لي أن أخاطبه فيه. خاطبته بالفعل. كنت أعمل بالمستشفى وكان أحد مرضاي سيئ التغذية قلت له : يا آدم لقد أعطاك جيل آبائنا ثمن التذكرة منذ ثلاثين عاما. وأعطاك جيلنا منذ عشرة أعوام. ويعطيك جيل جديد في هذه الأيام. تغيرت خطط السفر، وابيض رأسك. حدثت ثورات وانقلابات، واندلعت حروب وخمدت، وتشرد الجنيه أمام غزو الدولار واصبحت أنت اشهر من رئيس الوزراء. هل مازلت تبحث عن ثمن التذكرة ؟
    تسلقني بعينين خمسينيتين، بدتا لي تبصران بمشقة. كان جلده يابسا ـ أسنانه لونها السقوط بلون أرض بور. ورئتاه تقيدان تنفسا مهتاجا يوشك أن ينفلت قال:
    نعم. وأنتظر اليوم الذي يعطني فيه جيل أبنائكم ثمن التذكرة.
    ومازال السودان يتحف أمة العرب بآيات الإبداع. منذ جيل مضى طلع على روابينا الطيب صالح وكانت أعماله، ومازالت إضافة بل نقلة نوعية متألقة بجمال الفن ـ إلى عمود الرواية العربية ـ لاقيته يوما حين زارنا منذ سنوات في الأمم المتحدة فقلت له: حين كتب صديقنا الناقد الكبير «رجاء النقاش » يقدم إلى الناس أعمال الطيب صالح كان «النقاش» كمن يعيد أمجاد التقاليد العربية حين كانت القبيلة تعيش أعيادها وتولم لضيوفها، إذ ينبغ بين صفوفها شاعر جديد.
    وقبل الطيب صالح قدم السودان مواكب في طليعة مبدعي الشعر العربي الحديث. من الفيتوري «الليبي أيضا » إلى جيلي عبد الرحمن إلى سيد أحمد الحردلو، وها نحن نطل من خلال المرايا الساحلية على إبداع طازج، مبشر وجميل، عند صاحبنا أمير تاج السر الذي توصف أعماله كما يضيف الناقد العراقي «فاروق يوسف » بأنها: صندوق سحري مأهول بالاسرار، أسرار شقائه وهو يقتنص الماضي بشبكة الكلمات.
    ________________________________________


    أمير تاج السر في مرايا ساحلية
    بمـادة طفولتـه ينشىء تأريخا مجاورا

    فاروق يوسف


    حين صدر كتاب مرايا ساحلية للروائي السوداني، وأحد كتاب الوطن أمير تاج السر في بيروت قبل أشهر، اختلفت الآراء النقدية حول جنس الكتاب الأدبي، بالرغم من ان تاج السر قد ذيل عنوان الكتاب بمفتتح توضيحي هو عبارة عن جملة بكلمتين سيرة مبكرة أي ان الروائي قد قرر وبشكل واع ومدرك ان كتابه هذا انما ينتمي الى أدب السيرة. الأمر الذي يعني بالتأكيد انه لا ينتمي الى النوع الروائي الذي أبدع فيه تاج السر كتبه الثلاثة السابقة، ومع ذلك، ولأن تاج السر كاتب خلافي، فقد دفع ذلك المفتتح الكثيرين الى مناقشة امكانية ولادة نوع أدبي جديد هو مزج بين نوعين ادبيين مكرسين هما: الرواية والسيرة الذاتية، فتكون الحصيلة جنسا أدبيا أطلق عليه احد النقاد تسمية رواية السيرة الذاتية. هنا نقدم قراءة تذوقية لهذا الكتاب.
    حين قرأت، صدفة رواية نار الزغاريد للروائي السوداني أمير تاج السر انتقل إليّ وبسرعة جنونية ومثل عدوى ذعرها الاستفهامي، من الصفحة الأولى، بل من السطر الأول، سيطر عليّ شعور بأن هناك قوة خفية هي التي ترتب المشهد وتؤثثه بأنفاسها وما الكاتب الا متلق، يشبهني، لكنه يسمع ما لا اسمعه من أصوات فالاحداث التي تقع في الرواية كانت تقع فعلا ولا يمكنني انكار وقوعها والابطال الذين كانوا يتجولون بحرية بين دفتي الكتاب لم يفارقوا الحقيقة، كانوا بشرا مثلنا وان اختلفوا عنا بدرجة حساسيتهم، ولكن، لا الأحداث ولا الابطال يمكن ان يجتمعوا على سطح واحد، حتى لو كان السطح هذا بحجم الكرة الأرضية. لقد قرر روائي ضال عن خط الرواية العربية ان يجد تفسيرا لحياته من خلال جدل هذه التلاقيات المضطربة. وقد يدعي امير تاج السر الواقعية. وهو واقعي فعلا. ولكن واقعيته ليست فوتوغرافية كما لدى نجيب محفوظ وليست سحرية كما لدى ماركيز، وليست وسطا بين الاثنتين، وكما ارى فإن هذا الروائي يمثل جيلا انفتحت عيناه على واقع مسموم تتقاسمه الاضداد. فهو متأصل واستعماري في الوقت نفسه. متهالك ومتراص، تجري به توقعاته الى المفاجأة دائما، كانت نار الزغاريد هي روايته الثالثة، بعدها قرأت روايته الثانية سماء بلون الياقوت فأدركت ان هذا الروائي لا يحاد وهو ينتقي المرآة التي تعكس وقائعه المنتقاة هي الأخرى بخبرة. فمراياه متعددة، ولذلك فإنه لا يجد نفسه مضطرا للنظر في مرآة واحدة مرتين، وهنا يكمن سر تنوعه الشكلي، هناك مسافة واضحة بين شكلي الروايتين. ولا يجمع بينهما إلا ذلك الاستعمال السحري للغة، فلغة تاج السر تظهر تعففها عن الوصول الى هدف ما ذلك لانها لا تنشىء كيانات تراكمية تجر السرد وراءها من مكان الى آخر، بقدر ما تسعى الى استيعاب حقيقة الحيرة التي اشتبكت بها، لغته فريسة تسعى الى انجاز قرارها لغة فالتة، لا تؤكد شيئا وهي تلاحق نفيها، لا تحتمي وراء شكلها مع انها لا تخفي تهكمها من أية امكانية مستترة لاقتراح يقين، أمير تاج السر يمحو بلغته كل ما يعوق عالمه عن النمو في منطقة افتراضية ينظف الوقائع التي تتسلل من بين أصابعه من منطق تماسكها الواقعي انه يدرأ عنها خطر جنوحها الى العادي ويمنع عنها استسلامها للعيش المنضبط اجتماعيا او ثقافيا. كالشاعر يستولي تاج السر على الوقائع لا لكي يشيع تداولها ملخصة ومسرعة في اتجاه عبرتها، بل لكي يضنيها، يستفهمها، يحلمها، يغذيها، يغتصبها، يرققها، يصدمها، لتكون بعد ذلك خلقا جديدا لا يذكر بماضيه، بل يقلّب بارتباك نظراته في المسافة التي تفصل او تصل بينه وبين العالم. كل هذه الغرائبية لا تقودنا الى اكتشاف افتعال ما القارىء فينا يجد ان كل ما يحدث في الرواية يدفع الى الرضا المغلف بقدر من الدهشة، غير انها دهشة ارضية وليست اقتراحا فضائيا، فأمير تاج السر بكل عوالمه الافتراضية هو ابن هذه اللحظة الوجودية القلقة. وهو لا يكتب ليغرينا بعدمه وقد وصل اليه وهو المواطن السوداني المحموم بالأسى، بل لكي يعلم الوجود بخفته، يفاجىء اللحظة التي تمر مسرعة بضحاياها، وكأنه يستعرض تاريخا مجاورا لما عشناه وما يقع قريبا منا.
    وحين ذهب أمير تاج السر الى بيروت محملا بخيلاء الفاتحين وبذعر الحالمين توهمت انه ذاهب الى البحث عن ناشر لروايته الصيدة الحضرمية وكنت قد قرأتها مخطوطة، وتأكد لي من خلال قراءتها حدسي أن هذا الروائي ساحر يعبىء مراياه بسحره، وهو يجد لكل واقعة مرآتها الخاصة، وحين عاد من بيروت فوجئت بكتابه مرايا ساحلية مطبوعا وقد ذيل العنوان بتوضيح تعريفــي سيرة مبكرة .
    هذا الكتاب يقرأ بيسر، من غير أي عناء، وقد يتوقعه قراء تاج السر ، فمن ادمنوا قراءة عموده الاسبوعي سيرة الوجع الذي تنشره الوطن القطرية فهو اشبه بمعجم توضيحي. مجموعة من الهوامش التي يقرأها القارىء وهو يسعى وراء وهم امتلاكه مفاتيح القراءة الثانية لروايات تاج السر السابقة منها واللاحقة، ولكن هذا الظن ليس في محله. فـ تاج السر بكتابه مرايا ساحلية الصادر مؤخرا عن المركز الثقافي العربي في بيروت انما ينشىء تأريخا مجاورا لتأريخه روائيا ليست مرايا ساحلية تتمة لما مضى، فهو بداية لسيرة ذاتية كان بإمكان تاج السر ان يهبها نوعا من اللمعان لو انه اخفاها الى ان تعم شهرته عربيا، ولكنه كما يبدو لي يرغب في ان يتحرر من ذاكرته وان لا يغص بتفاصيلها. فعمد الى استحضار مادة طفولته المشهدية ليتخلص منها في كتاب واحد، لذلك كان هذا الكتاب مشهديا، انه يرينا الوقائع والمصائر مجتمعة يدخلنا في قلب الحياة ليخرجنا منه بالسرعة نفسها، وهو ينظر مثلنا الى مساحة تأمله بحياد بارد.
    أبطاله، هذه المرة، يستجيبون لاقدارهم وكأنهم يمارسون لعبة مرحة يخرجون من عتمة الذاكرة ليتمتعوا بحياتهم مرة أخرى ولكن على ضوء شموع الروائي الذي اختار هذه المرة حياته المباشرة موضوعا. فهو عن طريق هذه العاطفة اسقط عن ذاته دفاعاتها، ولم تعد أية خيانة مجدية. لا خيانات الكاتب ولا خيانات الحالم، يستسلم تاج السر هذه المرة لذكرياته المباشرة راغبا في الوصول الى لحظة صلح مؤقت تكون طفولته خلالها في منأى عن اي تأويل. هو ذا يقدم طفولته صريحة، ولكن من خلال ما تراه. الروائي فيه لا يكف عن النظر. وهو لا يرى الا بتأثير هاجس إدراكي، وكأنه يرغب في ان يضعنا في قلب احتمالية ممكنة. هذه الاحتمالية التي ينطوي عليها مصير كل فرد. نساؤه ورجاله. صغاره وشيوخه، عقلاؤه ومتهوروه، يتوقعون دائما ان يعيشوا شكلا آخر لحياتهم شكلا يمهد لبقائهم الوهمي: أبطال روايات.
    __________________________________


    في أدب أمير تاج السر
    الخروج على الأيديولوجي برؤية غنائية

    عماد الدين البليك


    ان مفهوم انجاز الاختلاف والذي نباشر به معالجة اعمال أمير تاج السر الروائية، يقوم على دراسة التقنيات الجديدة في البناء الشكلي، والمضموني للرواية، بالرجوع الى قاعدة مشكلة أساسية للوعي النصي في سيادة سلطة اللاأيديولوجي كمحور أساسي في بلورة العمل الروائي التسعيني في السودان.
    وسوف تحاول هذه الدراسة مقاربة امير تاج السر بمجمل الوعي الروائي السائد في الرواية السودانية الجديدة، للخروج بنتائج في اطار قراءة التشكل الرؤية المناخ الاستراتيجي للأعمال التصاعد لصناعة خط التماس الرواية الجديدة، القادرة على بناء مستقبل الرواية في السودان بتجربة ووعي جيل جديد، مصادم للموروث بقانون الاحترام، متفاعل مع الرؤى الكلية لمتشكل الوجود الآتي، محاولة لبعث النظام الحديث والسابق في صنع أعمال متميزة وذات فعالية في التواصل والاستمرارية بقوة وحقيقة للمستقبل.
    ينتمي أمير تاج السر للجيل الجديد الصاعد في السودان، ممن غامروا بكتابة الرواية بتقنية ولغة جديدتين، خارجتين عن المألوف والموروث، لكنه في ذات الوقت يمثل امتدادا لا قطيعة لمسيرة الرواية السودانية، عبر تجربتها وتراكمها لدى ملكة الدار وأبو بكر خالد والطيب صالح، الى ديومة، الراوي واحمد حمد الملك.
    ويعبر الكاتب امير تاج السر عن اللوحة الفسيفسائية لمركب الثقافة الافريقية، لون العربي، ولون الزنجي، فهو يمثل تيارا يعكس اسلوب التداخل الثقافي، جيولوجيا الأرض الملونة من الغابة الى الصحراء. وتعبر تجربته عن عمق الانتماء للجذور والأرض، وعن رغبة التمرد والقطيعة عن الواقع في خلق واقع جديد، يحاول ان يتلمس طريقة بابداع أبطال وشخصيات تتحرك في فضاء النص بحرية مزاحمة الجغرافيا والتاريخ، قالبة موازين الوعي المعروف.
    فمنذ ان كتب امير تاج السر روايته الأولى كرمكول والتي ترتبط عبر استراتيجية العنوان فيها بمفهوم الأرض والمكان، أشعر قارئه بمحاولة تفكيك لغز المكان عبر الإنسان كفاعل في ادارة محور التاريخ، خلق الكينونة والوجود، ورسم مسار الواقع، ومحاولات استنطاقه ونفيه وتعديله.
    ان تجربة الوعي الجديد في الرواية السودانية تنبني على محور هام وارتكازي معادل للخروج عن السلطة في عصر ما بعد سيطرة الاستعمار، وخروج الإنسان السوداني الى المؤسسات المدنية كفاعل ومحرك ومدير لا بستمولوجيا الوعي الاجتماعي، وقواعد تركيب المجتمعات الجديدة في الأطراف والمراكز السودانية.
    وتنطلق الرواية عند تاج السر من تجربة الوعي المبكر او الطفولة، كمرحلة لها جاذبيتها في دينمة الصراع وتكثيف بؤر الانتماء والفاعلية لابداع الكون المحلي المحاول لخلق جسور التطلع للعالم من خلال نافذة الموروث، والثقافة المحلية، وقد يبدو للقارىء ان هذه التجربة بهذا التنظير والفهم هي امتداد طبيعي لما قدمه الطيب صالح في حفر مركبات الزمكان السوداني في فترة الاستعمار والسنوات العشر الأولى للحكومات الوطنية، لكن منظار الوعي النقدي يجب ان ينظر الى هذه الروايات أعني ــ روايات الطيب صالح ــ في كونها عبرت عن هم الجيل الثاني من المثقفين السودانيين الذين خرجوا خاسرين عن استنطاق مفهوم السودانوية بوعي مبكر وحقيقي.
    وما يشعرك به انتماء ابطال أمير تاج السر هو قدرة الشخصيات على التلون مع فاعلية الوافد والمتغير في المجتمع السوداني، وهي الحقيقة التي ربما لم تحرك بنية الوعي الانتقائي لبناء رواية حديثة قائمة على وعي المركبات المختلفة للزمكان السوداني في الروايات التي سبقته او كان تاج السر امتدادا لها في محاولاته لبناء رؤيا استراتيجية للوعي الروائي الجديد في السودان.
    ويبتدع أمير تاج السر فكرة اللغة كمحاولة لحضور سلطة العمل الروائي في اطار خلق التمييز بين الأشكال المختلفة للوعي فهنالك دائما نزوح نحو انجاز الاختلاف كضرورة في الابداع الروائي الحديث القائم على التداعي الحر، بعيدا عن القوانين الارثوذكسية للرواية، ونجد ان نفس المنهج في الكتابة مستخدم عند عيسى الحلو في روايته الصادرة عن دار الخرطوم للنشر عام 1998 تحت عنوان صباح الخير أيها الوجه اللامرئي الجميل ، لكن الاختلاف بين اعمال امير تاج السر وعيسى الحلو يكمن في طريقة التعامل مع الفضاء المكاني ومسرح العمل الروائي.
    ان انجاز الاختلاف عند تاج السر ينبع من المركب العرقي، الثقافي، البعد الديني، فاعلية الإنسان والأرض، بينما هو عند عيسى الحلو يقوم على مسرح اللامكان، واللامعقول، وهذا جاء كانعكاس لتجربة عيسى الحلو في الستينيات، وتأثره في ابداعه بالمدرسة الوجودية عند سارتر، وسيمون دي بوفوار، لكن أمير تاج السر وان كان يستخدم اللامعقول الا انه يقوم في انجاز سلطة اللامعقول عبر اللاايديولوجيات، وهذه واحدة من مميزات العمل الروائي الجديد في السودان حيث نجد هذا المنهج مستخدما عند مجموعة من الروائيين السودانيين الجدد مثل عثمان شنقر في عمل غير منشور تحت عنوان ابر الحنين التي تعبر عن الرغبة الجديدة في تلوين الحاضر برغبة بناء المستقبل الأفضل على قواعد الماضي بألواحه المذهبة على طريقة الشرافة في الخلوة السودانية.
    اما احمد حمد الملك، فيقوم العمل الروائي عنده في سلطة اللا ايديولوجيا كما في روايته عصافير آخر أيام الخريف على فكرة سيادة الغريب في المجتمع السوداني وفاعليته، دون ان يواجه او يحارب كمتسلط، بل يندمج كفاعل ومؤسس ورافد في الثقافة السودانية.
    وتنبع قضية الخروج عن الايديولوجي، كانعكاس لفشل الانظمة السياسية المتباينة في السودان بعد نصف قرن من التجريب، ويأتي الجيل الجديد من كتاب الرواية، والصاعد بمحور يقوم على تحريك البناء الروائي لاستقطاب وتحفيز المجتمع السوداني، لاعادة قراءة العديد من المفاهيم والرؤى السائدة، وليس نفيها، وهي محاولة جديرة بالوقوف عندها، لانها تعبر عن التعديل برؤية الانتماء، والرغبة في استكشاف مجهول الماضي وسيرة الجد.
    ان فعل المغامرة عند الجيل الجديد، كما عند امير تاج السر هو محاولة جريئة للخروج بالرواية السودانية الى طور جديد يتفاعل مع المتحول والمتغير في الثقافة السودانية، وهي حاجة أصيلة لا بد منها في اطار الصعود الى الأفضل لتعلن عن موت الرواية القديمة، ونظمها، لكن فكرة الموت قد تخلق من ورائها الاستمرار والفاعلية والحيوية والشفافية والابداعية الآتية من بعدها وهذا ما تحاول الرواية الجديدة السودانية ان تتفاعل معه، تستنطقه، تجد القوالب له بشكل غير تقليدي، لتبني سلطتها وقوتها في الوصول الى القارىء والتفاعل معه واقعية وحياة متجددة، ولتواسيه عن الفشل والاحباط والإحساس بالخيبة والهزيمة المتكررة في حياته كردة فعل للعوامل السياسية والاقتصادية، في قوة من السرد القادر على الانتقال بالوعي من مدارج المباشرة الى العمق الملتزم بضرورة الكتابة الجادة والنشطة في عصر التحولات. 
                  

العنوان الكاتب Date
امير تاج السر shawgi badri05-14-04, 02:19 PM
  Re: امير تاج السر Elmosley05-14-04, 02:44 PM
  Re: امير تاج السر THE RAIN05-14-04, 03:04 PM
  Re: امير تاج السر Adil Osman05-14-04, 03:59 PM
  Re: امير تاج السر nada ali05-14-04, 04:06 PM
    Re: امير تاج السر Ali Alhalawi05-14-04, 04:45 PM
  Re: امير تاج السر Imad El amin05-14-04, 05:28 PM
  Re: امير تاج السر Imad El amin05-14-04, 06:05 PM
    Re: امير تاج السر خالد الحاج05-14-04, 06:14 PM
  Re: امير تاج السر أمير تاج السر05-14-04, 06:24 PM
    Re: امير تاج السر shawgi badri05-17-04, 09:38 PM
      Re: امير تاج السر Adrob wad Elkhatib05-17-04, 09:56 PM
  Re: امير تاج السر عدلان أحمد عبدالعزيز05-17-04, 10:43 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de