الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 11:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل مصطفى عكر(مصطفى عكر&WadAker)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-21-2008, 07:17 PM

WadAker

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ (Re: WadAker)

    Quote: تعرف يا أستاذ... اهم حاجه الزول ما يخون ذاكرتو... النسيات عمرو ما كان فضيله لمن يتعلق الامر بمصائر الشعوب وتاريخها... ارجو انك تواصل لانو مقالك مهم جدا.... لسه في حاجت كتيره ممكن يقولوها الناس!!!

    مدثر عمر لك الشكر نيابة عن الاخ طارق .. وحتى مانخون او تخونا زاكرتنا .. ادناه ما كتبه الاستاذ طارق كاملا..

    الانتهازية في الصحافة السودانية
    د. طارق الشيخ
    قرأت قبل أيام على موقع ( سودانيز اون لاين ) في مايسمونه ( البوست ) لاحظ أن اللغة العربية لاتزال بعيدا خلف التكنولوجيا ومصطلحاتها حديثا وشدا وجذبا حول المرحوم الاستاذ حسن ساتي . ومن بين حنيا الجدل وجدت مقالا كتبه الصديق صديق محيسي وقرأته باهتمام لأنه على ما اعرف قريبا أكثر من غيره بالمرحوم . لكن لفت نظري تعبير مثير للجدل حول ( حسن ساتي نصف الصحافة .. ) . وهنا تشكلت أمامي صورة قديمة تجددت وتذكرت حينما قلت لصديق محيسي ذات يوم على خلفية مقالات كتنبها في صحيفة الفجر التي كان يصدرها مع الاستاذ يحي العوض هناك شخوص ومواقف كثيرة كان هو طرفا فيها وكنت متابعا لها . قال هذه اهمية ان يكتب الجميع وفق رؤاهم وتسجيلا لتاريخ هذه المهنة ودور الأفراد من صحفيين وغيرهم فيها . وقال أن هناك الكثير الذي ينبغي أن يكتب ويدون للتاريخ وللأجيال القادمة التي من حقنا عليهم أن نسجل لهم صفحات تاريخ الصحافة السودانية .
    وأذكر انني قلت لأستاذنا الصحفي والعلامة الفارقة في مسار تاريخ الصحافة السودانية محجوب محمد صالح متى سنرى الجزء الثاني من كتابه القيم ( الصحافة السودانية في ربع قرن ) وكان ذلك عام 1980 تحديدا . فقال أنه كتاب جاهز منذ سنوات لكنه يفضل التأني في بعض المسائل ثم هناك المشاغل وما أكثرها في بلد مثل السودان . كان ذلك السؤال مبعثه اهتمامي بالطريقة والمنهج الذي سيعرض ويعالج به الاستاذ محجوب قضايا الصحافة السودانية تلك التي عاصرها وكان جزءا منها . وتمر السنوات ثم أجد نفسي أمام ذات النقطة واواجه ذات السؤال من ممثلي أجيال أحدث منا في عالم الصحافة السودانية ( لماذا لاتكتبوا لنا عن تلك الصحافة وأؤلئك الصحافيين في الحقبة المايوية حتى نستبين ؟ ) . سمعت هذا السؤال مجددا على خلفية ما أثاره ذلك ( البوست ) حول الاستاذ حسن ساتي . قلت أنني سوف أكتب وفي الواقع معظم مافعلته خلال تلك الفترة التي عملت فيها في بداية مشواري الصحفي بجريدة الصحافة ( نوفمبر 1976 – وحتى نوفمبر 1979 ) وحتى تركتها للدراسة الجامعية في كلية الصحافة بجامعة صوفيا جل مارصدته مكتوب ومسجل في أوراقي التي توزعت بفعل المنافي والقلق السياسي الذي وسم السودان ولايزال .
    وفي الواقع فإن الصحافة السودانية تعاني تماما كما يعاني الوطن نفسه . وهي مصابة بجملة امراض تماما كما هي الأحزاب السياسية والحياة الاجتماعية في السودان . ويصعب الفصل بين ماجرى ويجري للصحافة السودانية عما يجرى في البلاد بشكل عام إنه ترابط تنعكس في كل مفاصله أزمة الحكم في السودان وصعود وهبوط المسار السياسي . وكما عاشت الأحزاب مواقفها وتباينت مواقفها واختلفت رؤاها فقد عاشت الصحافة ذات المواقف صعودا وهبوطا . وكما كانت الأحزاب والقوى الاجتماعية متأرجحة في الولاء ومنقسمة إزاء الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية كانت الصحافة . وكما كانت كثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية السودانية سقيمة في رؤاها وفي تقييمها وانتهازية في مواقفها ومسطحة في أفكارها وتابعة منقادة وعميلة ومرتهنة للغريب فقد كانت الصحافة السودانية تعج بأمثال هؤلاء وأكثر من ذلك مليئة بالعملاء للأجهزة الأمنية وكثر الواشون في الصحافة السودانية وبدرجة محبطة . وكثيرة هي الاسماء التي دخلت الصحافة من بوابة الأجهزة الأمنية ولاتزال تعمل .
    ضمن هذا الإطار فإن وكثيرة هي الاسماء التي أصبحت الان في موقع الصدارة في نقابة الصحفيين التي لاتملك المسوغات لكي تنال شرف شغل هذه المواقع . بينهم من سخر صحيفته للأجهزة الأمنية وبينهم من حفى قدمه بحثا عن تمويل لصحيفته من هنا وهناك وبينهم أسماء كثيرة كانت موضع سخرية متداولة بين السفارات الأجنبية لشيوعهم بين السفارات الأجنبية في قوائم شهيرة من المتعاونين وللأسف من بينهم أسماء كبيرة في عالم الصحافة السودانية التي تجعل من بعضهم في حسبة نصف الصحافة . وبينهم أيضا شخصيات مشرفة ولذلك آثرت التواضع والبعد عن دوائر الضوء وعفت بيدها ولسانها وعملت في تجرد من أجل الصحافة وطالتها يد البطش الظالمة وخرجت من المسيرة الصحفية بأسباب متعلقة بحبها للوطن والمهنة وصفات الانسان السوداني من وضوح واستقامة . هؤلاء لم يعمروا كثيرا في مسيرة الصحافة وأبعدتهم الوشاية والكيد وانصاف المتعلمين الذين حفلت بهم الصحافة السودانية ، وأرغموا لأسباب عديدة للهجرة والبعد عن الوطن حيث برزوا في بلدان أخرى كصحفيين يعتد بهم .
    بالطبع الكتابة تحتاج الى أمانة ودقة وعدم اطلاق القول جزافا لكن في وسط ذلك الكم من الهوان الذي عاشه بعض أدعياء الصحافة تبدو الحقائق تجنيا لأن الكثير من الناس قد لايصدق تلك الحقائق .
    ولذلك فالمرحوم حسن ساتي وغيره كثر قد سقطوا في امتحان الصلابة والمواقف وأساءوا الاختيار وذهبوا ضمن زمرة الانتهازيين الذين كانت فترة الحكم المايوي أعظم فترات تجلياتهم في تاريخ السودان السياسي المعاصر بعضهم ولج الاتحاد الاشتراكي آخرون أختاروها وزارات ومناصب وبعضهم قادته الانتهازية وتركزه حول ذاته الى عالم الصحافة . وحينما نحكم على الصحافة في العهد المايوي فالشيء البارز والوحيد الذي يمكن قوله انها كانت صحافة ارتبطت بالأجهزة أمنية وحكومية وعبرت عنها ودارت عن سوءاتها وسياساتها وشخصياتها التي ولغت في الانحطاط والفساد وتخفى بعضها عن الأعين ثم ظهر محمولا بموجة الديمقراطية ويمارس دوره حتى اليوم مرة كسياسيين ومرات كخبراء . كانت صحافة سلطة ومخبرين ومتسلقين ساعين للشهرة . ولذا كانت الصحافة المايوية أحد المعاول الكبرى لدفن المآثر السودانية العظيمة لكل ماهو جميل في المجتمع السوداني وإحلال ثقافة الفساد الحكومي وتسلط الأجهزة الأمنية وغضت الطرف عن الحريات وخاصة الحريات الصحفية التي أصبحت أكبر الأمراض التي تعاني منها الصحافة السودانية .
    على أنني في هذا الجزء أتوقف عند موقفين أولهما يتعلق ببرنامج شهير عرفه الناس ولم أشاهده شخصيا لأنه كان وقتها فكرة متداولة وحينما اكتملت حلقاتها كنت قد سافرت لمواصلة تعليمي الجامعي . البرنامج هو برنامج الكرسي الساخن والذي أشهد انه فكرة وسيناريو كان من اوله الى آخره من اعداد مولانا دفع الله الحاج يوسف وكان وقتها يشغل منصبه كوزير للتربية والتعليم .
    الكرسي الساخن :
    كثيرون لايعرفون الخفايا والأسرار التي أبرزت للوجدود ذلك البرنامج الشهير الذي برز من خلاله حسن ساتي وأحمد البلال الطيب ولايزال الى وقت قريب يقدمه من على شاشة التلفزيون السوداني . وقتها في الربع الأول من عام 1979 كان مولانا دفع الله الحاج يوسف وزيرا للتربية والتعليم . وكنت أقوم ببعض التغطيات الخاصة بوزارة التربية والتعليم ومنها كان مؤتمر وزراء التربية العرب والذي عقد في الخرطوم في ربيع عام 79 . وقد ربطتني علاقة مودة خاصة بدفع الله عن طريق صديقي العزيز مولانا ميرغني النصري عضو مجلس رأس الدولة ونقيب المحامين الأسبق أيام كانت نقابة المحامين تلعب دورها التاريخي في منافحة الطغمة المايوية . فقد التقيته أكثر من مرة في منزل النصري الذي تربطه به صلة قرب وفي اكثر من مناسبة . وفي أحدى تلك المرات عرفني بأنه يريد أن يطلعني على فكرة ما . وقتها كانت المصالحة الوطنية تدخل حيز التنفيذ واكنت رموزها يبحثون عن سبيل لاختبار السلطة ومصداقيتها في الحريات والشراكة السياسية . ولم يشأ أن يخبرني وقتها في حينه فقد كان منشغلا بمؤتمر وزراء التربية العرب . وفي اليوم الذي اختتم المؤتمر طلب مني أن أصطحبه داخل سيارته المرسيدس البيضاء الوزارية المعروفة آنذاك والتي جلبت خصيصا للرؤساء المشاركين في القمة الافريقية عام 1978 . وكان مصادفة أن ميرغني النصري يمتلك واحدة شبيهة لها وكان من حين لاخر إما أن يصطحبني بها الى منزله العامر أو يوصلني الى مقر جريدة الصحافة في شارع على عبداللطيف وسط الخرطوم الأمر الذي جعل المرحوم عم دفع الله الذي كان يعمل سائقا بالصحيفة و كنت اكن احترما كبيرا في أحد الأيام يقول لي مندهشا ( والله ياطارق بقيت راجل ماهين شنو حكاية الوزراء الذين يوصولوك لغاية باب الجريدة ) . قلت له هي عربية مولانا ميرغني النصري المحامي ولاعلاقة لي بناس العربات الحكومية . لكن في ذلك اليوم وكان الوقت بعد الثالثة عصرا يقلني السيد دفع الله الى قريب من مقر الصحيفة عند الناصية حيث كان مقر اتحاد أصحاب العمل . عندها فقط فاتحني بما يريد . حدثني ان الجو السياسي المتغير في السودان والتحولات السياسية والحريات التي لابد من اغتنامها . كنت استمع اليه وهو يشرح عن الجو العام في البلاد . وكان في ذهني أنه بصدد مفاتحتي بأمر سياسي وكنت دوما وخلال مناقشاتنا السابقة ونقاشه مع آخرين بمنزل ميرغني النصري أشعر بتعاطفه مع الحركة الاسلامية . وانتبهت وزاد تركيزي معه حينما قال أنت واحد من الصحفيين الذين يعتمد عليهم في الدفع بالحريات والتحول الذي ( نريد ترسيخه في البلاد ) . وهنا بلغ مقصده بأنه يفكر في برنامج يريد مني ان أفكر في تقديمه بتلفزيون السودان . وشرح لي أنه سيوفر الدعم وأن ( أشيل هم الموافقة ) مشيرا الى انه قد بحث الأمر مع الاستاذ علي شمو . وشرح البرنامج بأسمه ( الكرسي الساخن ) ويراد له ان يتطرق الى القضايا الساخنة سياسية أو اقتصادية الخ .. وكان يقول ( فكر في الموضوع لأنه يتعلق بمواجهة القوى التي تحارب تحارب الحرية والديمقراطية ) وكان واضحا أن المر يتعلق بالصراع الذي بدا واضحا بين تيارين داخل الاتحاد الاشتراكي أحدهم بقيادة التيار القوي في الاتحاد الاشتراكي بقيادة مجموعة أبوالقاسم محمد ابراهيم و آمال عباس وعبد الباسط سبدرات وغيرهم والتيار الاخر وتمثله مجموعة الأحزاب السياسية التي دخلت في هياكل الاتحاد الاشتراكي والحكومة عقب المصالحة الوطنية . وعلى كل وعدته بأنني سوف أدرس الموضوع وأوافيه برأي .
    وأشهد أنني صرت أقلب الرأي في الأمر من زاوية الدوافع التي أملت عليه طرح هذه الفكرة علي التي نسيتها تماما في غمرة هدفي الكبير في تلك الأيام بحسم أمر الدراسة الجامعية في الخارج . على أنني فوجئت في ذات يوم بصديقي الزميل حسن أبو عرفات الذي أكن له تقديرا كبيرا وكنا نتزامل في كثير من الاحيان في التغطيات الصحفية وحتى مكابدة عناء المواصلات في العودة الى أمدرمان حيث كان حسن يسكن بالقرب من منزلنا في حي العباسية بأمدرمان ، فوجئت به وكعادته ( يفضفض ) معي حول نفس الفكرة . قلت على الفور إذن فتح معك الوزير الموضوع . قال أي موضوع . قلت له برنامج الكرسي الساخن . بل كان أبوعرفات متحمسا للفكرة خاصة وان صوته كان على عكس حالتي مجازا من قبل الإذاعة السودانية . تناقشنا في الأمر وقلت له أن الموضوع ليس فقط برنامج وإنما هو موضوع سياسي ويحتاج منك لدراسته جيدا وإن كنت أنا ميالا لعدم الموافقة . ثم فاتحني بعدها بأيام بأنه قد عدل عن قبول الفكرة وهذا ماكان بالفعل .
    وبعد سفري للدراسة صرت اتابع الاخبار التي يحملها القادمون من السودان ومنها ان هناك برنامجا يقدمه الاستاذان حسن ساتي واحمد البلال يحمل نفس الإسم والفكرة ( الكرسي الساخن) .
    الأمر الاخر وهو موقف معبر ويعكس قدرا من الانتهازية التي كانت أمرا شائعا مدفوعا بالاغراءات التي كانت توفرها فرص المشاركة في النظام المايوي . وفي هذه أجزم بأن حسن ساتي لم يكن بحال نسيج وحده . كنا مجموعة من الصحفيين تحتفل بنتيجة رائعة واكتساح للقوى المناهضة للنظام المايوي في الصحافة السودانية انتخابات نقابة الصحفيين السودانيين التي جرت عام 1977 بعد معركة قوية مع مؤيدي وداعمي السلطة ، كان ذلك اللقاء في منزل الصديق العزيز عبدالواحد كمبال بالصحافة . مجموعة كبيرة ضمت من الاسماء التي أذكرها صديق محيسي ، والمرحوم محمود مدني ، ومحجوب الشعراني والذي كان تلك الأيام يعود للسودان بعد غيبة امتدت لسنوات ، وعلى يسن وكان وقتها رئيسا لقسم الاخبار في الأيام ، كنت أجلس الى جانب المرحوم حسن ساتي ومحجوب شعراني ومحمود مدني والفاتح المرضي وبحضور مراسلين لوكالة الأنباء العراقية خيون ومراسل وكالة الأنباء السورية خضور . وقتها كان هناك من يقوم بتجهيزات الجلسة فيما دخل محمود مدني وشعراني في جدال عن الوضع السياسي في السودان مستخدمين لغة خاصة بهما . وكنت أتابع وقد غلبني الضحك من المصطلحات المستخدمة من الصديقين ومن ذلك قول الشعراني متحدثا للمرحوم عبدالقادر حافظ ( عامللي أسد ) وهنا ينتفض المراسل السوري . ثم يمضيان في الحديث عن أسباب مقنعة ساقها الشعراني لرفضه عرضا من صديقه الاستاذ عوض احمد خليفة بالعمل في صحيفة ( نايل ميرور ) وكانت تصدر من الأيام بالانجليزية وقال الشعراني ( نعم غبت من السودان لسنوات لكنه لم يجد شيئا تغير مما قاله صديقه أبوآمنة حامد .. الجوعى في الشرق والعطشى في الغرب والعراة في الجنوب والحزانى في الشمال ..) واصل حديثه قائلا ( ليس هناك مايدعوه للكتابة عن مايو فلاتنمية حصلت ولايمكنه مجاراة النفاق المستشري ) . ضحكنا .. ثم فجاة قال مدني متحدثا للشعراني في شأن ما ليقول ( أعملك صدام حسين ) وهنا يقفز المراسل العراقي من مقعده ليستبين القصة . ويتولى الشرح محمود بنفسه (هذه لغة خاصة بيننا ) .
    وفي غمرة الحديث عن مايمكن ان يتعرض له الصحفيين من ضغوط ومواصلة لما ذكره الشعراني قال حسن ساتي في تحد ( ينكسر قلمي ده لو أكتب عن مايو ) مهما حصل .
    لكن جاء وقت حدثت فيه الضغوط وكانت قوية ومتنوعة لحقت بالعديد من الصحفيين وكان واضحا منها أنها رسالة تهديد صريح . ومن هنا بدأت مرحلة استمرت في المواجهة بين الصحفيين الوطنيين الذين عارضوا بصورة او اخرى سياسات النظام المايوي في قوة واستقامة وبسببها فقد من فقد وظيفته وانقطع رزقه ، ومنهم من فضل الخروج من السودان تجاه دول الخليج والعمل بالصحافة الخليجية . ومن هؤلاء الذين طالهم الضغط كان المرحوم حسن ساتي . لم ارتبط حقيقة بعلاقة مباشرة معه لكن كان لنا أصدقاء مشتركين من الاصدقاء بوكالة السودان للأنباء ومنهم صديق محيسي ومحود مدني والمرضي . لقد تبدل الحال في الأيام وصحونا ذات يوم على خبر مثير بتعيين حسن ساتي نائبا لرئيس التحرير حينما شغر موقع رئاسة التحرير بعد إقالة ابراهيم عبدالقيوم . وكانت الخبر صادما لعدد من اصدقائه لأنهم أحسوا وقتها بأن شيئا ما قد جرى وان هذا التعيين المفاجيء يحمل مدلولات عديدة أقلها ان حسن ساتي قد أرغم لسبب ما على الدخول في مساومة . وأن هذا الخيار لم يكن واردا عنده وإن أراد من قبل لفعل تؤهله لذلك قدراته الشخصية كصحفي . ومن ذلك التاريخ بدأت مسيرة جديدة تماما في مسيرة حسن ساتي الصحفية وتحولات أهمها التضخم في الذات الذي لم يكن ينقصه أصلا .. ثم إنكفاءته عن حلقة الاصدقاء القريبين منه والذين أدهشهم التحول الجديد . ثم تقمص حسن الدور الجديد والذي بنى عليه حياته التالية بكاملها . ويبدو ان الأمر لم يأخذ معه الكثير لكي يبدل جلده من منافح مكافح ضد نظام مايو الى أحد اهم الصحفيين في العصر المايوي بكل مابه من سوءات الصحافة والتي شهدت صحافة مختلفة تزيد من عدائها للمناوئين للنظام وتعبيء الشرع ضدهم وتهاجم باسم النظام كل معارضيه وبغلظة تباري بها جريدة الصحافة التي ارتاح فيها رئيس تحريرها فضل الله محمد فقد أراحه شخصين من عبء منافحة النقابات التي اشتد عودها ومعارضة النظام التي باتت تمشي بين الناس كما لم يحدث من قبل . كفاه شر الكتابة بنفسه مجموعة من الاشخاص أهمهم المرحومين جمال عبدالملك بن خلدون وشريف طمبل الذي دهشت شخصيا من التحول الذي طرأ على شخصه فقد عاد للصحافة مرفوع الرأس كأحد الذين أبعدتهم مايو لمواقفه منها ثم عاد ليكتب بعض اسوأ الافتتاحيات التي كتبت في ذلك العصر المايوي . كنت معجبا بمواقفه المهنية ومواقفه المبدأية لكنني لم أفهم التحول الذي طرأ عليه وأسبابه وخاصة بعد المرحلة التي غادرت فيها السودان للدراسة وظللت أتابع فيها مايدور في الصحافة بالخرطوم .
    ثم جاءت لحظة دشنت معالم كاملة في شخصية حسن ساتي بعد طول صمت فبإستثناء اسمه الذي كان يصدر كل يوم على ترويسة الأيام لم يكتب مايكشف عن طبيعة التحول الكبير في شخصيته . لقد تم اختياره بعناية لمرافقة ( الرئيس القائد جعفر نميري ) في رحلته الكارثية التي بدأت بزيارة سرية خاصة قام بها وحده من باريس الى بروكسل للاعتذار شخصيا لشركة لونرو التي شيدت مصنع سكر عسلاية . كان ذلك أحد مطالب الشركة لتسوية الخلاف الذي نشب مع حكومة السودان بشأن مستحقاتها في المصنع والذي هددت بموجبه بمقاضاة حكومة السودان في لاهاي . وهذه قصة لاتعنينا هنا كثيرا . المهم ان اختياره لهذه الرحلة التاريخية لواشنطن كان محسوبا وهي الرحلة التي كان لها مابعدها من تأثيرات عميقة على السياسة السودانية وخاصة لناحية تمدد العلاقة السياسية والاقتصادية والأمنية بين السودان والحكومة الأمريكية من جهة وشركة شيفرون التي سبقت الزيارة بالاعلان عن كشوفاتها النفطية الكبرى في السودان ، ثم دخول عدد من الشركات الكبرى في أمريكا وكندا عبر قنوات مريبة للقيام بالتنقيب عن اليورانيوم في جبال النوبة . الغريب أن هذه الرحلة التي حرص من دفعوا بحسن ساتي لهذه الرحلة التاريخية هم أنفسهم من ثابروا على استبعاد مدير إدارة الأمريكتين في وزارة الخارجية السودانية آنذاك المرحوم كمال مصطفى المكي الذي ربطتني به علاقة وثيقة في تلك الفترة . وقد سجل الرجل وبدقة كل ماجرى في تلك الرحلة وبتفاصيلها من مكاتبات تابعتها معه كما تابعت معه الاشخاص الذين تم احلالهم مكانه ومن بينهم شخصيات لاعلاقة لهم بالدبلوماسية منهم ( الدكتور م . ح ) الذي حامت حوله شبهات كبيرة ورشحته جهات خارجية بل و فرضته على حكومة نميري حتى رحيلها عقب الانتفاضة ، ثم بزغ نجمه مجددا عقب الانتفاضة كمرشح في أحد أكبر الاحزاب السودانية كمرشح بدوائر الخريجين . أعود وأقول كانت تلك الرحلة الاختبار الحقيقي الأول لحسن الاخر ( حسن ذاتي ) كما بات يروج في الأوساط الصحفية . وكانت الدهشة كبيرة من مستوى الجرأة بل والوقاحة التي جعلته يكتب مقالا شهيرا قال فيه ( حينما أصبحت المسافة بيني وبين النميري – على متن الطائرة التي أقلته الى أمريكا – اكتشفت أن نميري شخصا آخر غير ذلك الذي حدثوني عنه وعرفته ) . ثم كال ماكال من مديح لنميري في ذلك المقال وزادت جرعات التزمير للنظام المايوي . والثابت أن قلمه لم ينكسر كما وعد يومها فأصبح أبرز الوجوه المايوية الصحفية . ونال المكافأة على ذلك وعين رئيسا لتحرير صحيفة الأيام ثم رئيسا لمجلس إدارتها .
    على أن الأمر لم يخرج عندي عن كونه حسبة بسيطة تحتاج الى قدر هائل من الانتهازية والجرأة على مد اللسان طويلا للشعب السوداني . جراة قوامها معادلة بسيطة اؤكد ان حسن ساتي لم يكن نسيج وحده فيها ( أفعل ماتراه مفيد لمصلحتك الشخصية والشعب الطيب لايملك الا ان يصفح عنك بعد تحقيق المرام ) . في القوات المسلحة وقتها كان هناك شعارا مماثل لهذا بل ورائج ( رتبة العقيد ثم الخليج ) .
    هذه واحدة من تفاصيل حكاياتي ومشاهداتي في دروب الصحافة السودانية في واحدة من أهم منعطفاتها التي كرست لممارسات مهدت الأرض لصحافة خانعة ماتزال تبحث عن حرية ضائعة في العهد الذي يفوق العهد المايوي في كل شيء ونتائجه بادية للعيان . والغريب أن اللاعبين السياسيين في العصر الانقاذي هم أنفسهم مع تبدل الأوضاع والغريب أن كل القيادات الصحفية في الحقبة المايوية عادت الى الواجهة بمسميات تقتضيها طبيعة المرحلة دون يبدل في الرسالة وفي استغباء الشعب الطيب ولكن في حالة فوضى عارمة وفساد قادر على خلط الأدوار وتمويهها وإن ظل الجوهر هو هو .
                  

العنوان الكاتب Date
الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-19-08, 07:33 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-19-08, 07:48 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-19-08, 08:00 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-19-08, 08:17 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ القلب النابض12-19-08, 09:24 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ القلب النابض12-19-08, 09:29 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ حسن البشاري12-19-08, 09:40 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ سلمى الشيخ سلامة12-19-08, 09:45 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-20-08, 03:48 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-20-08, 04:06 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-20-08, 05:57 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-20-08, 07:07 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-20-08, 07:30 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ مدثر محمد عمر12-20-08, 08:57 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-24-08, 03:03 AM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Elbagir Osman12-20-08, 10:33 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-21-08, 07:17 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-21-08, 07:53 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-21-08, 08:21 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-21-08, 08:08 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ abubakr salih12-21-08, 10:28 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-22-08, 02:55 AM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-21-08, 10:44 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ محمد عثمان ابراهيم12-22-08, 00:39 AM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-22-08, 03:03 AM
        Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Hisham Osman12-22-08, 08:06 AM
          Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-24-08, 02:59 AM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Elbagir Osman12-22-08, 09:03 AM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Faisal Al Zubeir12-22-08, 05:56 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-22-08, 08:01 PM
        Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Faisal Al Zubeir12-22-08, 08:31 PM
        Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ القلب النابض12-22-08, 08:39 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-23-08, 02:27 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Faisal Al Zubeir12-23-08, 04:06 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-23-08, 05:25 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-23-08, 05:35 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Elbagir Osman12-23-08, 03:53 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ القلب النابض12-23-08, 04:32 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ د.عبد المطلب صديق12-23-08, 08:36 PM
        Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Hisham Osman12-24-08, 02:06 AM
          Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-24-08, 02:42 AM
          Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-24-08, 03:55 AM
        Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-24-08, 02:32 AM
          Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ Hisham Osman12-24-08, 03:43 AM
          Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ عبدالأله زمراوي12-24-08, 03:46 AM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-24-08, 02:36 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-24-08, 06:42 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-25-08, 10:29 AM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-26-08, 04:18 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-27-08, 02:24 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-27-08, 09:06 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 06:06 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 07:29 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 07:36 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 07:42 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 07:56 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 08:07 PM
  Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ WadAker12-28-08, 08:24 PM
    Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-28-08, 09:27 PM
      Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ القلب النابض12-28-08, 11:17 PM
        Re: الانتهازية فى الصحافة السودانية - بقلم د. طارق الشيخ كمال علي الزين12-30-08, 01:39 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de